منذ البارحة بدأت السيدة آن الروسية تعيش أملاً جديداً.. كلما سمعت طرقات على الباب ستزداد دقات قلبها..منذ سنوات تعيش هذه السيدة في حي (أمبدة) الشعبي في انتظار عودة زوجها الأسير ..القصة الانسانية لم تبدأ هنا في الخرطوم.. في روسيا تزوجت آن من سوداني ينشط في مجال الإغاثة.. عصابات روسية قتلت الشاب المحسن لتنهب بعض المال.. بطل آخر يظهر على مسرح الواقع ..الملازم خالد شقيق القتيل يذهب إلى هنالك لتفقد الأحوال..يتخذ الملازم قراراً جريئاً حينما يرى أبناء شقيقه يلهون ويمرحون في براءة ..تزوج من أرملة شقيقه وعادت كل الأسرة للخرطوم.. ذهب ضابط الشرطة في مأمورية الى دارفور، ولكنه لم يعد.. أفضل خبر ستسمعه آن هو أن زوجها الأسير يطرق على الباب. اتخذت حركة العدل والمساواة المسلحة قراراً انسانياً بإفراجها عن جميع الأسرى ..أهمية القرار أنه جاء في ظروف عادية، ولم يواكب مسيرة مفاوضات السلام المتعثرة..كما أنه جاء كمبادرة من طرف واحد، ودون اشتراطات مسبقة..إطلاق سراح أي أسير أو سجين سياسي له آثار إيجابية .. ليس على مستوى الفرح وسط العائلة والأصدقاء وحسب، بل في أنه مؤشر إلى أن بلادنا تنحدر بسرعة نحو أجواء الوفاق والسلام والتسامح. المبادرة الانسانية تعيد إلى السطح حكاية مبادرة أخرى لفها غموض غريب..قبل أشهر توسطت مجموعة (السائحون) لإطلاق سراح بعض الأسرى.. ومن فرط التفاؤل سافر وفد من الوسطاء ليشهد ليلة الفرح الكبرى..تم التقاط الصور التذكارية التي جمعت بين أعداء الأمس.. حتى طائرات الصليب الأحمر ربضت في المطار الأثيوبي ..على وجه غامض انتهى كل شيء وعاد الأسرى إلى محابسهم..ليس من الضروري أن نتحاسب الآن بل من الأفضل أن يتم تنشيط ذات المبادرة حتى ولو اقتضى الأمر الاستعانة بوسطاء جدد في قامة الإمام الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق. الان لا يفصلنا سوى شهر واحد من جلسة إنهاء الحوار الوطني .. حسب المتاح من المعلومات فقد تم الاتفاق على قضايا خلافية كبيرة.. فقد تم حسم مسالة وجود رئيس وزراء محاسب أمام البرلمان.. بجانب أن الدستور الجديد ستجيزه جمعية تأسيسية منتخبة ..كل هذه التطورات لا تعني الحركات المسلحة وقوى نداء السودان في شيء..يَرَوْن ذلك حواراً بين الحكومة وأصدقائها.. كنت أرى أن يتم تجميد الحوار الوطني عند هذه النقطة .. فكرة التجميد ستسمح للحركات والأحزاب المعارضة الإسهام في مخرجات التسوية.. إذا قدمت الحكومة كل التنازلات على طاولة الحوار الوطني الآن، سيكون مطلوباً منها تنازلات جديدة في أديس أبابا ..بما أن مثل صوتي هذا لم يعد مسموعا مطلوب من الحكومة ان تَخَلَّق مصلحة لهذه المجموعات المعارضة. في تقديري .. على الحكومة أن ترد التحية بأحسن منها..مبادرة من رئيس الجمهورية تأتي متزامنة مع جلسات الحوار الوطني.. عفو عام مصحوب بإطلاق سراح أنصار هذه المجموعات..ليس من المهم تصنيف المطلق سراحهم باعتبارهم أسرى أو محكومين في قضايا ذات طبيعة سياسية ..مثل هذه الخطوة سيكون لها مردود إيجابي على مسار الحل السلمي..أغلب الظن أن الحكومة ستجني ثمرات سياسية عديدة بحجر واحد. بصراحة .. في السياسة من الأفضل دائماً أن تمسك بزمام المبادرة..ابتدار الفعل الجيد يجعل خصمك في حالة مدافعة ..إذا لم تتمكن الحكومة من المبادرة فعليها أن ترد الاحسان بمثله..نحن في انتظار قرار من الرئيس. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة