إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
وشعبنا قطعاً أراد الحياة ويجدد موعده مع القدر فهذا الداء العضال الذي سمم جسد أمتنا منذ عام 1989، مارس فينا كل تجارب الغباء والطمع، يبيد سجلات كفاحنا وكفاح اجدادنا ليسطر مكانه خيالاته المريضة وجهله بدينه ودنياه، يزرع الفتنة وينكل بالمواطنين الشرفاء ليلعب على مسرح الناقصين خدع المرايا والدخان للذين يتوهمون أنهم جبابرة، وبقية اللاعبين "تحت جزمتهم" "وأنهم دنا عذابهم"، وهم أقرب من الوريد إلى جزمهم حيث اختاروها مكاناً لهم، ولا يصيب إلا أن يٌورِد السخرة والسخرية علينا ويسئ انتماءاتنا ويريق ماء وجهنا في غضبة الشعب عن جريمة قتل الشهيد محمد الصادق لنطقه بالحق ووقفته الشجاعة مع رفاقه البواسل للنداء بصوت الحق، قال الإمام الصادق المهدي أن هذا النظام المريض "شرد المواطنين داخليا في معسكرات نازحين، وخارجيا لاجئين"، هذا أخطر جرائم هذا النظام، فالمال الذي سرقوه، والأراضي التي أضاعوها، وكرامة الدولة التي أهانوها، والتشويه الذي دمغوا به عقيدة الأمة وأخلاقها، كل ذلك يمكن تعويضه وإعادة بنائه بإرادة الشعب صاحب الميراث، وبإرادة الله أولاً بما وعد بإحقاق الحق ونجاح المفلحين. إلا أن إبادة الشعب وحبسهم في معسكرات نزوح، أو طردهم وإرهابهم لمغادرة البلاد يعزل روح البلاد من جثمانها، وهذه الحرابة لا تقوم بها إلا عصابات الفساد والافساد التي تقضي على الحرث ولا تفتقد شيئاً لموت ضميرها إن الإمام الصادق قد نطق صدقاً وحقاً قلّ من يقوم به من الزعماء الذين لا يستعينون بالسلاح لوصول كلمتهم، وهذا هو الشيء الثاني في قضية السودان (وكذلك تجده في كل البلدان التي بها خلافات داخلية)، أي لغة السلاح والعنف – فجيشنا الميمون والذي سما بفدائه بأرواح رجاله ونسائه لحماية الأمة ودماء شرفائها، بدل لصوص يونيو دوره الرفيع ذاك بدورٍ جديدٍ له ليسوم الأمة، رجالها ونساءها، خسفاً وذلاً، وأباح ثرواتها لهم لنهبها، واستهان بالأرض الشريفة لتدنسها أيادي المحتلين في الأقادون الذي احتلته إثيوبيا، وحلايب وشلاتين اللتين احتلتهما مصر رفضت الطرق السلمية والقانونية للحوار فيهما، ومثلث اليمي في جنوب الاستوائية سابقاً والذي احتلته كينيا، هذا بالإضافة إلى مهزلة "دولة شمال السودان" حيث الدبلوماسية فاشلة والجيش غائب ولماذا لا يحدث كل ذلك (وأتوقع الكثير منه أيضاً) وقد رسم حدود السودان العالم عندما كانت قوته الكبرى هي بريطانيا، والتي تكون أهم سندٍ ضد أي افتراء على السودان، مثله مثل اتفاقية مياه النيل التي حظي السودان بنصيبه سليماً حتى فرّطت فيه السلطة العسكرية لعبود، والآن تتوعد مصر بضرب سد النهضة، مما جمّع دول منابع النيل للتوحد ضد مصر والسودان حتى لا ينفردا بثروة مياه النيل، وهنالك إسرائيل التي تجد نجاتها من أزمة العطش في الشام بالنظر إلى مياه النيل الذي تحرسه دولتان واحدة ضعيفة والثانية تعتمد على قوّتها وتفتقر إلى مصداقية ادعاءاتها. في مثل ذلك الحصار الخبيث هل من العقل أن نعادي ذلك العالم الحر الذي منحنا حقنا رغم أنف الطامعين، فنعاديه ونحن أعجز من مواجهة الطامعين؟ وهل رئيسنا وصحبه المطلوبين للعدالة في المحكمة الدولية لأبشع الجرائم، هل نستطيع بوجوده درء تلك المؤامرات لبيع البلاد وتفتيتها؟ كان نداء السيد الصادق واضحاً جلياً في ذاك المضمار، فقد نادى الشعب السوداني بالنضال بالإضراب العام وركّز على تجنب العنف والفوضى ووهم أن "البندقية هي سلاح النضال"، الثقافة التي نشرتها عصابة الانقلاب لتبرير وتعفيف اغتصابهم السلطة، ثم نادى الشرفاء من القوات المسلحة والذين وجدوا أن جيشهم العظيم قد حوّله سحرتهم إلى شيطانٍ أخرس، ناداهم ليسندوا انتفاضة الشعب ويفوّتوا على مافيا السلاح والابتزاز أن يرثوا هذا الصرح الكبير، صرح الأمة السودانية بتراثها ومجيد أخلاقها وعظيم أدوارها هذه الطغمة لن تتوقف ولن تستحي من إراقة آخر قطرة دم لشعبنا الأعزل المسالم وليس المستسلم، وثورة سبتمبر لم تهدأ ولم تنته، والعزة والكرامة لن تفارق همم شعبنا، وكما قال أصدق القائلين في سورة الأنفال "بأن الله لم يك مغيراً نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميعٌ عليم"، وفي قوله عزّ وعلا في سورة الرعد: " له معقّباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله لإنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم ٍ سوءاً فلا مردّ له ما لهم من دونه من والٍ" صدق الله العظيم فليعِش السودان علماً فوق الأمم وعاش كفاح شعبه الباسل وجنوده الأبرار
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة