|
مهارات المواطنة العالمية بقلم/ نوري حمدون – الابيض – السودان
|
06:42 PM Apr, 27 2015 سودانيز اون لاين نوري حمدون-الابيض-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
= في يوم الاثنين 30 مارس 2015 و في تمام التاسعة صبحا دخل عشرة من المعلمين الى قاعة الاجتماعات بفندق كورال (هيلتون سابقا) قادمين من عطبرة و الخرطوم و مدني و الابيض و بورتسودان ليستمعوا الى ممثل المجلس الثقافي البريطاني بالخرطوم يحدثهم عن النسخة الجديدة لبرنامج ربط الفصول الدراسية . انه البرنامج الذي قبلته وزارة التربية الاتحادية قبل خمس سنوات و وافقت على تمدده في المدن المذكورة اعلاه . خمس سنوات و برنامج ربط الفصول يعبر عن حاجاته في أكثر من مائة مدرسة بمرحلتي الاساس و الثانوي و بمشاركة أكثر من مئتى معلم و أكثر من الف طالب . و بسبب البرنامج سافر أكثر من خمسين معلما الى اثيوبيا و كينيا و جنوب افريقيا و بريطانيا . و وصل من هذه الدول اكثر من عشرين معلما قضوا ما لا يقل عن اسبوع في ضيافة الولايات المعنية . كل ذلك يحدث و الكثير من الناس لم يسمع بعد ببرنامج ربط الفصول الدراسية . = الهدف الاساسي للبرنامج هو نشر المفاهيم التقدمية للعولمة بعيدا عن معناها السياسي المثير للجدل . العولمة التي تتعامل مع الناس .. كل الناس باعتبارهم مواطنين متساوى الحقوق في دولة كبرى اسمها العالم تقوم على الشراكة بين سكان الكرة الارضية و ذلك على اساس المواطنة العالمية . البرنامج يريد لكل طلاب السودان ان يصيروا مواطنين عالميين . و من اجل تحقيق هذا الهدف يعمل البرنامج على غرس مهارات المواطنة العالمية لدي المعلمين و الطلاب على السواء . = و لكن , ما هي هذ المهارات المطلوب غرسها في الطلاب ؟ انها مهارات المواطنة العالمية ذاتها التي طالما عقدنا للتعريف بها العدد الكبير من الورش و مهدنا السبيل للوصول اليها عبر كوراسات التعليم عبر الانترنيت و كتبنا العدد الاكبر من المنشورات عنها أيضا في الاعوام الخمسة الماضية . المهارة الاولى هي التعامل الايجابي مع مفهوم الهوية و الانتماء حيث ان البرنامج لا يسعى باي نحو من الانحاء لالغاء الهويات او انهاء الانتماءات . فعلى سبيل المثال سيظل الافريقي افريقي و العربي عربي و السوداني سوداني . و سيظل الانتماء للقبيلة او الجهة قائما . و ستبقي لكل انسان هويته الدينية او السياسية او الرياضية و غيرها . و عليه فالمطلوب هنا هو اضافة البعد العالمي للانتماء بان يعرف الطالب انه أيضا ينتمي لمكان اوسع اسمه الكرة الارضية و الى مجموعة بشرية أكبر اسمها المجتمع الانساني حيث يجب ان نطبق معهم نفس القاعدة (مثل المجتمع البشري كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .. و مثله كالجسد .. اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر و الحمى) . و المهارة الثانية هي مهارة نشر العدالة و المساواة و الدفاع عنها من أجل كل انسان على ظهر الكوكب . فالكل بدأ يدرك ان موارد العالم محدودة . و لا يمكن الاستفادة من هذه الموارد المحدودة الا عبر المحافظة عليها و احسان توزيعها بالعدالة و المساواة التي تبعد شرور النزاعات كالحروب و الاستعمار و الاسترقاق و غيرها . كما ان العدالة المعنية هي الحالة التي تتوفر فيها لكل انسان احتياجاته الاساسية كالمأكل و المشرب و العلاج و التعليم دون ان يحرمه منها مفسد أو ان يتغول عليها دكتاتور. العدالة يجب ان لا ترضي بالرفاهية للبعض في وجود الفقر للبعض الآخر . و غني عن الذكر ان غياب العدالة و المساواة على مستوى الاسرة و المجتمع المحلى و الدولى هي السبب المباشر للنزاعات و الحروب . و لدى الكثير من الشعوب اقوال ماثورة تدعو لنشر العدالة و المساواة على نحو ما نجد عند المسلمين (( ويل للمططففين . الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون . و اذا كالوهم او وزنوهم يخسرون )) المهارة الثالثة هي مهارة احترام حقوق الانسان و مبادئ الديمقراطية و احترام القوانين المنبثقة منها . و بذلك تضمن الانسانية ان لا يخرج من بينها من يمارس عليها الطغيان و الاستكبار و الوصاية و هي من الامراض المرفوضة على مستوى الاسرة و المجتمع و الدولة و العالم . و بهذا الاحترام يتمكن الانسان من الاستمتاع بحريته الشخصية دون ان بتغول عليه احد او ان يمارس هو التغول على حريات الآخرين . مهارة احترام حقوق الانسان و مبادئ الديمقراطية عبر عنها القول الماثور (( كلكم راع .. و كلكم مسؤول عن رعيته )) . المهارة الرابعة هي مهارة حل النزاعات و اشاعة السلام . معظم النزاعات الكبيرة بين المجموعات البشرية او الدول تبدأ من النزاعات الصفيرة بين اثنين من الناس فقط . عبر اكتساب هذه المهارة نضمن غياب النزاعات الضارة في اوساط الشباب . و بذلك يتمكنوا من مساعدة الاخرين في المجتمع العريض على حل النزاعات و دوام النظر الى اشاعة السلام باعتباره الشرط الاول للحياة الآمنة و الفاضلة في العالم . فالعالم ما زال يعج بالكثير من النزاعات على مستوى الافراد و الاسر و القبائل و كذلك الدول و فقد العالم بسبب ذلك الكثير من الممتلكات و الارواح . و الذين يغذون هذه النزاعات و يؤججون تلك الصراعات هم في الغالب لا يعرفون اهمية السلام و لا يمتلكون مهارات حل النزاعات . المهارة الخامسة و الأخيرة هي مهارة استدامة التنمية . يجب ان يفهم الطالب ان التنمية عملية مستمرة . كما يجب ان يعلم ان ما تم من تنمية يحتاج للرعاية و ذلك بالبعد عن الممارسات المسيئة للبيئة مثل رمي القاذورات و القارورات و الاكياس البلاستيكية في قارعة الطريق مثلا . و يجب توعية الطالب بالقضايا البيئية مثل تغير المناخ و انبعاث الكربون و التصحر و شح المياه . يجب ان يفهم الطالب ان وجود احد هذه المشاكل في مكان ما خارج بيئته المحلية هو بالتاكيد تهديد بنفس الدرجة للبيئات المحلية في كل مكان . يجب ان يعلم الطالب ان حماية البيئة هي ضمان استدامة التنمية و هي مسؤولية تضامنية تقع على عاتق كل انسان من سكان الارض و هي مهارة واجبة التعلم . = اولئك المعلمين و هم رواد العولمة في المدارس قضوا النهار بطوله في فندق كورال يدققون في النسخة الجديدة للبرنامج التي تركز في الاعوام الثلاثة القادمة على ادماج مهارات العولمة في المناهج و التي راس الرمح فيها استخدام التقنية في العملية التعليمية او ما يعرف بالتعليم الرقمي و كذلك التقريب بين ملامح الانظمة التعليمية حول العالم . 4= و عليه خصص العام الاول للعهد الجديد للبرنامج لواضعي السياسات بوزارات التربية للتعرف على اولوياتهم و تمكينهم من ادماج المتفق عليه من مهارات العولمة في المناهج و اتخاذ القرارات المناسبة بالتدريب و التاهيل بما يحقق التغيير المنشود في النظام التعليمي . و يتم ذلك بتعريضهم للابحاث الخاصة بالتعليم العالمي عبر آلية اللقاءات و الزيارات العلمية و عبر انشاء شبكة خاصة تمكن من استدامة الترابط بين واضعي السياسات عبر العالم . و عليه سيكون العام الثاني هو عام التطبيق بواسطة قادة المدارس و المعلمين الذين سيتعرضون بدورهم للتدريب المناسب للتعريف بمهارات العولمة و كيفية غرسها في الطلاب . و اما العام الثالث فهو عام الحصاد برؤية مهارات العولمة واضحة في سلوك الطلاب بغض النظر عن الدولة التي ينتمون اليها حيث ان النظم التعليمية حول العالم حينئذ قد أصبحت تتعامل بنفس الكفاءة مع مجموعة مهارات العولمة . = قد يبدو هذا الطرح بالنسبة للبعض شديد المثالية . و لكن .. اليس هو نفس الطرح الذي اتت به الديانات السماوية و حتى غير السماوية ؟ أليس هو حلم البشرية ممثلا في مصلحيها و مفكريها و كل قادتها العظام ؟ و أليس هو نتاج الدراسات العلمية في المعامل و المختبرات و الجامعات لنفس العلماء الذين غيروا وجه الحياة حين اكتشفوا الكهرباء و السيارة و الطائرة و المبيدات و الاسمدة و علاجات الامراض الفتاكة و حتى وصلنا الى عصر تقنية المعلومات و الاتصالات و الوصول للفضاء ؟ = و على اية حال .. يجب ان نذكر في الختام بان العالم كان في يوم من الايام كالقرية التي يمكن الطواف حولها في بضع دقائق . ثم صار العالم في وقت آخر مثل الحجرة لا تحتاج لان تتحرك من موقعك لتعرف ما يدور في الاركان الاربعة . و اما اليوم .. فقد صار العالم بكامله موجودا في شريحة سيليكون صغيرة لا تزيد على مساحة ظفر الاصبع الصغير . لقد صار من العبث في واقع كهذا التعامل مع العالم بنظرية (المؤامرة) او (الشعب المختار) او (العزلة المجيدة) . مهارات المواطنة العالمية بقلم/ نوري حمدون – الابيض – السودان
فندق كورال
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- اللغة العالمية – بقلم نوري حمدون – السودان - الابيض 02-09-15, 09:03 PM, نوري حمدون
- التقديس الكثيف – بقلم/ نوري حمدون – السودان - الابيض 02-07-15, 04:12 PM, نوري حمدون
- نحن أكثر من حبات رمل الشاطئ – بقلم/ نوري حمدون – السودان – الابيض 02-06-15, 04:58 PM, نوري حمدون
- الاسلام و القتال – بقلم الاستاذ نوري حمدون – السودان – الابيض 01-31-15, 04:54 PM, نوري حمدون
- مُجَمَّعٌ سياسي بلباسٍ فقهي بقلم / نوري حمدون – الأبيض - السودان 11-25-13, 06:33 AM, نوري حمدون
- الهجرة من الخطاب التقليدي الى الخطاب الحداثي بقلم / نوري حمدون – الأبيض - السودان 11-06-13, 08:13 PM, نوري حمدون
- الإسلام و الحداثة بقلم / نوري حمدون – الأبيض – السودان 10-12-13, 08:17 PM, نوري حمدون
|
|
|
|
|
|