الشيخ إبراهيم السنوسي يعترف بأنه لم يجرؤ على الجلوس في ذات الكرسي الذي كان يجلس عليه الشيخ حسن الترابي عليه شآبيب الرحمة والمغفرة. والسنوسي من أهل الكسب والإقدام كان قريباً من الترابي لأكثر من خمسين عاماً.. يحفظ القرآن كاملاً ودخل السجون وقاتل في المعارك واصْطَبر على المنافي.. رغم كل ذلك التاريخ جعل الرجل بينه وبين الترابي حاجزاً.. الحقيقة أن الترابي كان قائداً فذاً قلما يجود التاريخ بمثله وهنا تكمن العقدة. في الرابع والعشرين من الشهر الجاري يلتئم شمل المؤتمر العام لحزب المؤتمر الشعبي.. الحقيقة أن هذه المناسبة تأخرت نحو عام دون مبررات كافية .. حسب النظام الأساسي حين خلو مقعد الأمين العام تتم ترتيبات انتقالية ريثما ينعقد المؤتمر العام وذاك لم يحدث.. هنالك منطق تم نثره في الهواء الطلق أن الحزب كان ينتظر مآلات الحوار الوطني.. إلا أن الأحق بالاعتبار أن يكون الحوار الوطني نفسه سبباً في انعقاد المؤتمر العام ولو من باب الاستثناء. هنالك جملة ملاحظات يجب أن تؤخذ في الاعتبار.. الدكتور علي الحاج سيعود للخرطوم يوم الجمعة القادم.. ذلك بالضبط قبيل أسبوع من المناسبة الحاشدة ..نفس هذا الخطأ ارتكبه علي الحاج ولم يعُد للسودان إلا بعد وفاة الشيخ الترابي رغم أن ظروف الهجرة كانت انتهت بدخول الشعبي إلى متاهات حوار قاعة الصداقة.. ابتعاد علي الحاج عن أجوائنا الحارة يفسره خصومه بأن الشيخ آثر الترطيبة، ولن يعود إلا محمولاً على مقعد الأمين العام.. هذه الملاحظة تؤثر على حظوظ الرجل القوي في قيادة الحزب الشعبي. الملاحظة الثانية الشيخ إبراهيم السنوسي أبدى اهتماماً كبيراً بنيل منصب الأمين العام حينما أوضح لبرنامج حال البلد أنه لن يفر يوم الزحف.. الحقيقة أن نيل الأمانة العامة في هذا الظرف يقع في حيّز جمع المغانم.. وذلك لأن الحزب الشعبي مقبل على مشاركة إخوانه السابقين في كل مفاصل السلطة.. بل إن هنالك الآن من يريد تغيير لوائح الحزب التي تلزم الأمين العام أن يكون متفرغاً من كل مسؤولية سوى أمانة الحزب .. الملاحظة الأولى والثانية تؤكد أن تنافساً غير معلن سيحدث بين الشيخين. لكن الأهم من ذلك ماذا يريد الحزب الحاكم.. بمعنى من سيدعم الذين بيدهم السلطة والمال..المؤتمر الوطني يحاول أن يستثمر في الفراغ الذي خلفه الترابي.. إذا خير الحزب الحاكم سيلقي بثقله بجانب الشيخ إبراهيم السنوسي.. تأجيل إعلان الحكومة الجديدة ريثما تنفض معركة الشعبي يعتبر دعماً غير مباشر للأمين العام الحالي.. تفضيل الحزب الحاكم للسنوسي يقع في حيّز الوضوح الذي اتسم به الرجل حتى بات يحسب من نقاط ضعفه.. كما أن الشيخ السنوسي تربطه صلة صداقة مع الرئيس البشير منذ كان إبراهيم مسؤولاً عن الخلايا العسكرية للإسلاميين في الجيش. بعد الشقة بين الرئيس والدكتور علي الحاج لا يحتاج إلى كبير تبيان.. الرئيس البشير حينما شغر منصب النائب الاول باستشهاد الزبير محمد صالح فضل ابن دفعته بالخرطوم القديمة الأستاذ علي عثمان واستبعد الدكتور علي الحاج.. كما أن ابتعاد علي الحاج عن السودان طويلاً يجعل قراءته أمراً شديد الصعوبة.. كما يبدو علي الحاج محتفظاً بكثير من مرارات المفاصلة مقارنة بمنافسه الشيخ السنوسي .. لهذا يصبح الدكتور على الحاج خياراً غير مفضل بالنسبة للحزب الحاكم.. قدرة الحزب الحاكم على ترجيح الكفة أمر يجب أن يوضع في الاعتبار. بصراحة .. تحدي قاعدة الشعبي يكمن في تفعيل المؤسسية عبر التفكير خارج الصندوق .. بإمكان الشعبي أن يصدر السنوسي مساعداً للرئيس بالقصر ويستفيد من إمكانيات علي الحاج في رئاسة هيئة الشورى.. ثم قبل ذلك يقلد زمام الأمانة العامة لوجه جديد من خارج نادي الستينات. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة