كان الإمام ينظر إلى الأمام حينما سمع صوتاً يحييه بلغة عربية ذات ملمح غريب..قبل أن يتمكن الإمام من الاستدارة إلى مصدر الصوت كانت يد شيمون بيريز تداهم الإمام لتنتزع مصافحة تاريخية..بالطبع لم يختار بيريز الإمام صدفة بل كان يبحث عن رجل يصعب ترويضه في ذاك المحفل الحاشد وتشكل مصافحته حدثاً في حد ذاتها..لم يجد المحارب العجوز غير إمام الأنصار في السودان. أمس الأول تحدث مبارك الفاضل، نائب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار، أن التطبيع مع إسرائيل يحقق مصالح السودان..لم يتمسك وزير الاستثمار بما يليه من ملفات اقتصادية لكنه مضى يسوق منطق العوام في ضرورة التطبيع..ذكر الفاضل في تبرير مسعى التطبيع أن الفلسطينيين (يحفروا) لإخوتهم السودانيين في أسواق الخليج العربي..قبل أن يعود ويصدر حكماً غريباً يصف فيه القضية الفلسطينية بأنها قضية عاطفية أخّرت العالم العربي..مجمل اجتهاد حفيد الإمام أنه لا توجد قضية تستحق كل ذلك الاهتمام. تكتسب تصريحات السيد مبارك الفاضل أهمية أنها جاءت من رجل يرتدي ثوب نائب رئيس الوزراء ولو كان التكليف شكلياً..تزداد الخصوصية أن مصدرها حفيد الإمام المهدي قائد واحدة من أشهر ثورات التحرر الوطني على مستوى الإقليم..مصدر الحرج الدبلوماسي أنها لا تعبر عن السياسية الخارجية للحكومة السودانية التي يعتبر الفاضل أحد وزرائها وعليه أن يتقيد بخطوطها العامة. لكن السؤال هل يستطيع البرلمان ومجلس الوزراء محاسبة مبارك الفاضل على هذا الخروج الفاضح على النص؟..من قبل اعتذر الدكتور أحمد عن مجرد تصريحات حول الموقف من فضائية الجزيرة.. لا أتوقع أن تحدث تلك المحاسبة رغم أهميتها..من المفترض أن يلتزم كل الممثلين في الحكومة مع الموجهات العامة..وقد ظلت القضية الفلسطينية ودعمها واحدة من ثوابت السودان رغم تعاقب الحكومات. في تقديري أن مبارك الفاضل ظل يعاني واحدة من الميزات السالبة التي تنقص من قدره كرجل دولة رغم تمتعه بشجاعة سياسية نادرة..مبارك المهدي سياسي ثرثار يمكن أن يتحدث في أي موضوع دون أن يخشى العواقب السياسية..لهذا السبب خرج الرجل من القصر مساعداً للرئيس ليعود مجرد وزير مركزي يرتدي ثوباً فضفاضاً.. وعلى النقيض منه تماماً احتفظ ابن أخيه اللواء عبدالرحمن المهدي بسمت رجل الدولة المنضبط رغم محدودية الصلاحيات السياسية. بصراحة.. على مبارك الفاضل أن يراجع مسيرته السياسية وتقلبه بين التيارات والحكومات والتي تأتي خلاصتها بأنه مجرد رجل برغماتي وتلك ليست صفة تليق بمن يبحث عن إمامة طائفة بحجم أنصار السودان.!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة