|
من عدل قانون الانتخابات التعديل ايجابياته وسلبياته (1-2)(2-2)/علي احمد السيد
|
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك خلاف حول من قام بتعديل قانون الانتخابات، حيث يقال مرة انها مفوضية الانتخابات ،وتارة اعده النائب العام بتوجيه من رئيس الجمهورية ،حيث انه وبموجب الدستور يستطيع تقديم مشروعات للقوانين او تعديلها ، وتارة يقال انه مقترح من قبل المؤتمر الوطني. السؤال من اعد ذلك التعديل؟ ليس امرا شكليا لان تعديل القانون بهذا الشكل يثير تساؤلات كثيرة ، ويختلف امر التعديل بالنسبة للجهة التي اعدته لانه يترتب علي ذلك التعديل امور كثيرة ، تتعلق بمصلحة البلاد العليا وبالتوافق الوطني والاستقرار السياسي والامني ومصداقية المؤتمر الوطني بشان الحوار وغيره ، لان موضوع الانتخابات باعتباره الوسيلة السلمية للوصول للسلطة ، يجب ان يكون محل توافق سياسي، لهذا لابد من معرفة من قام بذلك التعديل ليتحمل عقبات فعله هذا . وفي هذا نقول اذا كان مشروع التعديل قدمته مفوضية الانتخابات فهذا ليس من اختصاصها ،حيث ان اختصاصات المفوضية تحكمها المادة (10) من قانون الانتخابات وليس من بين تلك الاختصاصات التقدم بمشروع تعديل لقانون الانتخابات ، انما ينحصر دورها في ادارة العملية الانتخابية فقط، ولكي اكون دقيقا فيما اقول فانني مضطر الي ايراد اختصاصات المفوضية كما وردت في القانون بحيث لا تكون هذا محل خلاف فالمادة (10) تنص علي الاتي :- مهام المفوضية وسلطاتها :- ( 1/ تقوم المفوضية بتامين وضمان تمتع المواطنين كافة دون تمييز بمباشرة حقوقهم السياسية في الترشيح وابداء الراي الحر باقتراع سري في انتخابات دورية او ابداء الراي في استفتاء يجري وفقا لاحكام الدستور وهذا القانون . 2/ مع عدم الاخلال بعموم احكام البند (1) تكون المفوضية هي الجهة الوحيدة التي تتولي المهام والاضطلاع بالسلطات الاتية : (أ) تنظيم انتخابات رئيس الجمهورية ورئيس حكومة جنوب السودان والولاية والمجالس التشريعية والإشراف على تلك الانتخابات (ب) تنظيم أي استفتاء وفقاً لأحكام الدستور والإشراف عليه دون المساس بأحكام المادتين 183(3) و 220 من الدستور. (ج) إعداد السجل الانتخابي وحفظه ومراجعته واعتماده (د) تحديد الدوائر الجغرافية وإجراء الانتخابات وفقاً لأحكام هذا القانون (ه) وضع الضوابط العامة للانتخابات والاستفتاء واتخاذ التدابير التنفيذية اللازمة لذلك. (و) وضع الإجراءات الخاصة بتنظيم الحملات الانتخابية للمرشحين وإعداد قوائم الرموز الانتخابية واعتماد الوكلاء والمراقبين. (ز) تحديد التدابير والنظم والجداول الزمنية ومراكز التسجيل والاقتراع وتحديد نظم الانضباط والحرية والعدالة والسرية في إجراء التسجيل والاقتراع والمراقبة الضامنة لذلك. (ح) ضبط إحصاء وفرز وعد أوراق الاقتراع ونظم ضبط النتائج النهائية للانتخابات والاستفتاء وإعلان نتيجة الانتخابات اوالاستفتاء (ط) تأجيل أي إجراء للانتخابات أو الاستفتاء لأي ظرف قاهر وفقاً لأحكام هذا القانون وتحديد مواعيد جديدة لها (ى) إلغاء نتيجة الانتخابات أو الاستفتاء على قرار من المحكمة إذا ثبت وقوع أي فساد في صحة الإجراءات في أي موقع أو دائرة جغرافية على أن تراجع الخلل وتعيد تنظيم الانتخابات أو الاستفتاء بناء على قرار من المحكمة إذا ثبت وقوع أي فساد في صحة الإجراءات في أي موقع أو دائرة جغرافية على أن تراجع الخلل وتعيد تنظيم الانتخابات أو الاستفتاء في تلك المواقع أو الدوائر في مدة أقصاها ستين يوماً وفقاً لأحكام هذا القانون. (ك) تعميم الاستبيانات والاستمارات والنماذج المستخدمة في عملية الانتخابات أو الاستفتاء وتجهيز المستندات اللازمة للانتخابات أو الاستفتاء وتحديد الإجراءات والجداول الزمنية لتزكية المرشحين وتقويمهم واعتمادهم وتحديد إجراءات سحب الترشيحات ونشر القائمة النهائية للمرشحين. (ل) اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي شخص يرتكب أفعالا تعد من قبيل المخالفات الانتخابية أو الممارسات الفاسدة وكذلك اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أي موظف أو عامل في حالة مخالفته لإحكام هذا القانون أو اللوائح أو القواعد الصادرة بموجبه. (م) إقامة تواصل وتعاون مع الأحزاب السياسية (ن) تشكيل اللجان اللازمة لمساعدتها في القيام بمهامها وتحديد اختصاصات وسلطات تلك اللجان وإجراءات عملها (س) إنشاء مكاتب تنفيذية لها في جنوب السودان وكافة ولايات السودان وتحديد اختصاصاتها وسلطاتها (ع) تعيين ضباط وموظفي التسجيل أو الاستفتاء وتحديد مهامهم وسلطاتهم والإشراف عليهم . (ف) إجازة الموازنة السنوية وموازنة العمليات الانتخابية والاستفتاء (ص) إجازة الهيكل التنظيمي للمفوضية والأمانة العامة وتحديد مخصصات الأمين العام وشروط خدمة العاملين ورفع ذلك لرئاسة الجمهورية للموافقة. (ق) معالجة أي ضرورات مطلوبات أو إجراءات لازمة للتسجيل أو الانتخاب أو الفرز اوالاستفتاء. (ر) ممارسة أي مهام أخرى تكون ضرورية لإجراء الانتخابات أو الاستفتاء (3) يجوز للمفوضية تفويض أيا من سلطاتها لرئيسها أو نائبه أو أي من الأعضاء أو أي لجنة تشكلها أو مكتب تنشئه بالشروط والضوابط التي تراها مناسبة. من الواضح انه لامجال للمفوضية للتدخل في قانون الانتخابات باي نوع من التدخل، فمهمتها تنحصر في تطبيق القانون كما هو فقط ،من حيث ادارة العملية الانتخابية من التسجيل الي حين اعلان النتيجة ،وتعديل القانون هو عملية سياسية بحتة، صحيح انه قد يقتضي التعديل السياسي بعض تعديل المسائل الادارية، في هذا يمكن للمفوضية ان تتقدم بمقترحات فيما يتعلق بالمسائل الادارية للجهات السياسية التي تنظر او تقترح التعديل، وينتهي دورها هنا وقد تاخذ الجهة السياسية بتلك المقترحات وقد ترفضها او تاتي بغيرها . ان تعديل قانون الانتخابات هو عملية سياسية هذا ما اكده النائب العام، وهو يدفع بمشروع التعديل للمجلس الوطني من اجل اجازته، اذ ذكر في مذكرته التفسيرية مايلي (اقتصت التطورات التي تشهدها الساحة السياسية تعديل قانون الانتخابات القومية لسنة2008 وذلك بغرض الاستفادة من التجربة السياسية السابقة وللضرورة التي اقتضتها التجربة التي افرزتها الممارسة العملية ومن اهم السمات العامة للمشروع الاتي:- - اتاحة الفرض لفئات من الناخبين للمشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية وهم الرحل والقوات النظامية حيث كانت ضوابط الاقامة بالدائرة الجغرفية تحول دون مشاركتهم في الانتخاب - استيعاب المتغيرات المتعلقة باستحداث ولايات جيدة وتوسيع المشاركة في الحياة العامة - مواكبة الانفراج في الممارسة السياسية بزيادة النسبة المئوية لمشاركة المراة من 25% الي 30% بالاضافة الي القوائم الحزبية من 15% الي 20% - معالجة الاختلافات في الفترة الزمنية للانتخابات علي المستويات المختلفة والتي كانت تشكل عائقا للناخبين في ممارسة حقهم الانتخابي - تم اعتماد "اكبر البواقي " "بدلا عن معيار " اعلي المتوسطات" وذلك بغرض اتاحة اكبر فرص للقوي السياسية للمشاركة في المجالس التشريعية .) عموما فان المفوضية ليس لها الحق في تعديل القانون، والقول او الزج بها باعتبار انها هي التي تقدمت بذلك المشروع المقصود منه تصوير الامر كأنه مسالة ادارية (روتينية) يمكن ان تقوم بها المفوضية من تلقاء نفسها دون توجيه من اي جهة ، ومن ثم يجب قبول ذلك التعديل لانه تعديل بسيط اقتضته الاجراءات الادارية ولا يجب الوقوف عنده كثير، خاص ان تلك المفوضية مستقلة ولا سلطان لاحد عليها ،هذا التبسيط امر لاينطلي علي من له ادني المام بالسياسة ،فالتعديلات التي تمت تعديلات سياسية فصلت علي مقاس المؤتمر الوطني. اعلم بان المفوضية القومية للانتخابات عقدت ورشة عمل بالتضامن مع المنظمة الدولية للانماء بمشاركة بعض القوي السياسية، وقدمت القوي السياسية بعض المقترحات بشان تعديل القانون ،وكان علي المفوضية ان ترسل توصيات تلك الورشة للقوي السياسية ،والي هنا ينتهي دورها ،لهذا فان المفوضية بها خبراء يعلمون حدود اختصاصاتهم وحدود التفويض الممنوح لها ، والمفوضية نفسها تعلم علم اليقين ان كل القوي السياسية المعتبرة ترفضها اداءاً وسلوكاً وتطالب بحلها ،والاتيان بمفوضية محايدة نزيهة، غير اننا في الاتحادي الديمقراطي الاصل نرفض فكرة ان تكون للانتخابات مفوضية ،ونري ان يترك الامر للجنة تنتهي مهمتها باجراء الانتخابات . ولما كانت المفوضية تعلم حدودها اكاد اجزم بان المفوضية لم تعد ذلك التعديل ،وان فعلت ذلك فان من حقنا ان نطالب باقالتها ورفض مشروعها هذا رغم بعض الحسنات التي وردت فيه . نعود ثانية لنبحث عن من اعد مشروع التعديل ،هذا حيث بقيت جهتين المؤتمر الوطني الحزب الحاكم او رئيس الجمهورية ،حيث ان الدستور بموجب المادة (106) يعطي رئيس الجمهورية ذلك الحق ،وبما ان المشروع قدم للمجلس الوطني بعد اجازته بواسطة مجلس الوزراء فهذا يعني انه اعد من قبل رئيس الجمهورية الذي هو نفسه رئيس الحزب الحاكم ،وبالتالي تنتهي الفرية التي تقول بان المشروع اعدته المفوضية القومية المستقلة حسب تعريفها الوارد في الدستور وقانونها . اخلص من هذا ان المؤتمر الوطني وحده هو الذي اعد ذلك التعديل ،ودفع به لرئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الوطني ليتبناه ويقدمه للمجلس الوطني بموجب المادة 106 من الدستور ،وفي هذا تجاهل لكل القوي السياسي المشاركة في الحكم الحالي ، وقد تم تمريره عبر مجلس الوزراء للقول بان هذه التعديلات وافق عليها الجميع في مجلس الوزراء ، ومن ثم قدم للمجلس الوطني لاجازته ،وبما انه لايوجد فرق كبير بين المجلس الوطني والمؤتمر الوطني فان القانون سيجاز يوم الاربعاء القادم سواء خضع القانون للنقاش بواسطة القوي السياسية ام لا ، فالمشروع سوف يجاز كما هو لان هذا مايريده المؤتمر الوطني لانه يرد ان يبقي في السلطة ،وبهذا يكون كل ماقاله المؤتمر الوطني بشان الوثبة ومحاورها الاربعةوالحوار الوطني ذهب ادراج الرياح. في الحلقة القادمة سوف نتحدث عن مشروع التعديل لماذا اعد بهذا الشكل ايجابياته وحسناته ولماذا قدم في هذا الوقت رغم الحديث عن الحوار الوطني وماهي مقترحاتنا بالتعديل .
بسم الله الرحمن الرحيم من عدل قانون الانتخابات التعديل ايجابياته وسلبياته (2-2) تحدثنا في الحلقة الاولي عن من عدل قانون الانتخابات ،وقلنا ان هذا ليس امرا شكليا فقانون الانتخابات قانون خطير بكل المقاييس يتم بموجبه شرعية دستورية ، يجب ان لاتكون زائفةكما تم في الانتخابات السابقة فمعرفة من اعده مسالة ضرورية ،وقد تبين لنا ان ذلك التعديل تم من قبل المؤتمر الوطني وحده دون سواه ،ولم يشارك فيه احدا حزبا او جماعة مما يصير الريبة في سبب ذلك التعديل وتوقيته والمقصود منه ، في هذه الحلقة سوف نتعرض للتعديلات التي تمت حسب فهمنا لما هو ظاهر منها لان علينا بالظاهر والله وحده يتولي السرائر . المواد التي شملها التعديل ستة عشر مادة يمكن تصنيفها علي النحو الاتي:- 1/ مواد لابد من خذفها او تعديلها نسبة لانفصال الجنوب . 2/ مواد ينبغي تعديلها لان التعديل امر جوهري لمواد تتعلق بنسب التمثيل النسبي وتقليص الدوائر الجغرافية والزيادة في عضوية المجلس الوطني وتشمل(29-30-33-35-37) 3/ مواد اجرائية تفاديا للاخطاء التي تمت في الانتخابات السابقة بالاضافة لتعديلات قصد بها المؤتمر الوطني تسهيل عملية التزوير هي (3-22-48-49-55-56-61-64-71) التعديلات الموضوعية الجوهرية اولا:- تعديل نظام الانتخاب علي النحو الاتي:- أ/ 50% للتمثيل النسبي بدلا عن 40% في القانون السابق و 50% الدوائر الجغرافية بدلا عن 60% تمثيل المراة 30% من جلة 50% المحدد لتمثيل النسبي بزيادة 5% عدد 20% من العدد المحدد للتمثيل النسبي . شمل التعديل التمثيل النسبي حيث اصبح علي المستوي القومي وليس الولائي ،وهذا يعني جمع الاصوات التي حصل عليها الحزب في كل انحاء البلاد بعكس ماكان في السابق علي مستوي الولاية ، ومن ثم تحدد النسبة التي حصل عليها الحزب علي مستوي القطر هذا فيما يتعلق بالمجلس الوطني فقط. ج- فيما يتعلق بالمجلس التشريعي الولائي عدلت النسب علي النحو الاتي:- 50% للدوائر الجغرافية 30% للنساء بالنسبة للتمثيل النسبي 20% لبقية الاعضاء بالنسبة للتمثيل النسبي ثانيا:- : الغاء الحاجز الانتخابي (قوة المقعد) –(العتبه) تم الغاء الفقرة 4 من المادة 33 والتي تحدد النسبة المؤهلة للمنافسة علي مقعد المجالس التشريعي والتي كانت تحدد بنسبة 4% في القانون السابق قبل التعديل ثالثا:- اعتماد نظام اكبر البواقي تم الغاء الفقرة(6) من الماده (33) والتي كانت تنص علي انه في حالة عدم ملء كافة المقاعد تقوم المفوضية بملء المقاعد عن طريق اعلي المتوسط وتعدل الامر ليصبح اعتماد(اكبر البواقي) . رابعا:- استثناء القوات النظامية والرحل من ضوابط التسجيل اعطي القانون للمفوضية الحق في تحديد الكيفية التي يتم بها تسجيل القوات النظامية والرحل في القواعد التي تصدرها مؤخرا . خامسا:- زيادة عضوية المجلس الوطني الي اربعمائة وستة وعشرون عضوا بدلا عن ثلاثمائة اربعة وخمسون . سادسا :- ابقي التعديل علي مجلس الولايات بعدده السابق . هذا التعديل الذي عجل به المؤتمر الوطني لايساعد علي الاستقرار السياسي والامني في السودان ،ولا ويضع حداً لحالة الاضطراب في النظام السياسي السوداني اذ ان موضوع قانون الانتخابات حسب تقديرنا في الاتحادي الديمقراطي الاصل من حيث تعديله ،هذا هو الهم الاول والهم الثاني هو تأجيل الانتخابات بعد نهاية الفترة التشريعية في ابريل 2015 ،علي ان تدخل البلاد في فترة انتقالية لمدة ثلاثة سنوات، تديرها حكومة انتقالية بدستور انتقالي او اعلان دستوري ويتم في الفترة الانتقالية وضع دستور جديد للبلاد بتم التوافق عليه ،وتقوم بموجبه انتخابات حرة ونزيهه وهذا هو السبيل الوحيد للخروج للبلاد من ازمتها الحالية . المؤتمر الوطني وهو في عجلة من امره قام بهذا التعديل وهو يضمر شئيا يود تحقيقه، اقل ما يقال ان المؤتمر الوطني مصر علي البقاء في السلطة الذي اتاها عنوة في 30/6/1989 ،اذ انه قرر من وقتها ان يظل في السلطة الي ان يقضي الله امرا كان مفعولا ، وان لايفرط فيها تحت اي ظرف من الظروف ،وان كل ماقام به من مظاهر تدل علي انه ارتضي الديمقراطية هي مجرد غطاء لما يضمره فعلا ، ويبدو ان القوي السياسية او معظمها اعتمدت علي الظاهر من اجراءات شكلية التي يقوم بها المؤتمر الوطني ليخفي مايضمره فعلا ،وهناك قوي سياسية اخري تعلم علم اليقين بان الذي ياتي للسلطة علي ظهر دبابة لن يغادرها الا امام دبابة اخري ،ومن ثم فان اي اعتقاد بان المؤتمر الوطني جاد في تحول ديمقراطي حقيقي او انه يعمل من اجل وثبة حقيقية او حوار جامع اعتقاد في غير محله بعد ان عجل بتعديل قانون الانتخابات . كنا نعتقد ان الاتفاق علي قانون للانتخابات في مؤتمر الحوار الوطني هو من اول الاوليات واهم من كافة المواضيع التي سوف تتطرح للنقاش ، فالشعب السوداني حتي الآن لم يكتمل عنده مفهوم (الامة ) وهو شعب يتكون من طبقات متباينة واعراق شتي وقبائل والوان ولهجات واصول مختلفة واديان وطرائق وعقائد وملل لا تحصي .هذا الوضع يجعل من الصعب علي جهة واحدة توحيد الشعب وقياداته نحو مستقبل افضل .اذ ان هناك أسسا ومبادئ يمكن ان تكون الحد الأدنى الذي يتفق عليه اهل السودان ويتوحدون حوله . وليس من حق المؤتمر الوطني دون الاخرين انه المستودع الوحيد للحقيقة وأول أساسيات التوحد والاتفاق هو قناعة المواطن السوداني بموطنه وفخره بانتمائه، ولا يتم ذلك الا اذا كان لهذا المواطن حرية وحق ان يقول رأيه بحرية فيما يجري حوله، وما يخطط له ولمستقبله دون خشية أو ارهاب فكري أو مادي أو ملق أو رغبة في الحصول علي منافع ذاتية . وهذا هو مختصر تهئية المناخ للحوار والوفاق والاتفاق والذي كثر الحديث عنه مؤخرا بواسطة المؤتمر الوطني وقادته رغم الخطاب الاعلامي غير الموحد في هذا الشان. نعود فنقول ان التعديلات التي ادخلت علي القانون في معظمها تعديلات اجرائية تتعلق باجراء العملية الانتخابية واخري تتعلق بزيادة مقاعد التمثيل النسبي او اقتضي تعديلها انفصال الجنوب كما بينا انفا . بناء علي ماقدمناه وحسب فهمنا لتلك التعديلات فيجب علينا ان نبدي رأيا في تلك التعديلات التي تمت حيث انها بها حسنات وسئيات ونبدأ بالحسنات :- حسنات التعديل اولا:- تعديل نظام الانتخابات لقد تم تعديل النظام الانتخابي واصبح مناصفة بين الدوائر الجغرافية (النظام الفردي) والتمثيل النسبي ،وهذه حسنة وان كنا نري في ان يكون النظام الانتخابي عن طريق التمثيل النسبي كله عن طريق القائمة المغلقة لجميع المقاعد واستبعاد الدوائر الجغرافية نهائيا وذلك لان التمثيل النسبي يحتوي علي مزايا عديدة وهي:- 1- انه يؤدي إلي أن يدلي الناخب بصوته دون تأثير بالقبلية او العصبية او العائلة او العلاقات الشخصية حيث يلتزم الناخب و يدلي بصوته للحزب وليس للأشخاص 2- تحقيق العدالة في توزيع المقاعد ويضع اعتبار للأصوات فلا تضيع الاصوات القليلة وهذا أمر مهم للأحزاب الصغيرة 0 3- انه يشجع الناخبين للإدلاء بأصواتهم لاختيار الجهاز التشريعي دون النظر للإفراد المرشحين كما هو حاصل بالنسبة للانتخاب الفردي0 4- الانتخاب بالقائمة يتح فرصة للأحزاب الصغيرة من الحصول علي مقاعد في الجهاز التشريعي بقدر الاصوات التي حصل عليها إذا اقترن الانتخاب بالقائمة بنظام التمثيل النسبي 0 5- يعطي الانتخاب بالقائمة عن طريق التمثيل النسبي تمثيلا عادلا للأحزاب الصغيرة بحسب الاصوات التي يحصلون عليها ويحصل علي استقلالية تلك الاحزاب ولا يضطرها للاندماج في الاحزاب الكبيرة 0 6- إن الاقتراع يتم مرة واحدة وهذا يقلل من التكلفة ويتجنب الخلافات السياسية والتآمر 0 7- يسمح الانتخاب بالقائمة عن طريق التمثيل النسبي بتكوين معارضة قوية من عدة أحزاب واتجاهات مختلفة 8- نظام القائمة يضاعف من سلطة الناخب فهو في الانتخاب الفردي يصوت لشخص واحد فقط أما بالنسبة للقائمة فانه يصوت لعدد كبير من النواب الأمر الذي يضاعف من دورة في تكوين الجهاز التشريعي القومي ويعطيه الإحساس بالوطنية وانه شارك في تكوين الجهاز التشريعي جميعهم وليس لا فرد كما هو في النظام الانتخاب الفردي 00 ثانيا:- الغاء الحاجز الانتخابي (قوة المقعد)(العتبة) من حسنات التعديل انه تم الغاء الفقرة 4 من المادة 33 التي كانت تحدد ضرورة الحصول علي نسبة 4% للدخول في المنافسة واسقاط هذه النسبة او العتبة ، اذ انها كانت عائق يقف حائل دون تمثيل الاحزاب الصغيرة اذ اصبح الان في مقدور الاحزاب الصغيرة او الاقليات للفوز ببعض المقاعد في المجالس التشريعية ،الامر الذي يثري الفكر والنقاش في تلك المجالس ويسمح لكافة اتجاهات الراي في الدولة ان تتطرح في تلك المجالس ماتراه، ويكون الاقليات منفذا شرعيا لتعبير عن ارائها والدفاع عن مصالحها بدل من انتهاج سياسة العنف او الانقلابات العسكرية . ان وجود أحزاب الأقلية في مقاعد المعارضة ، امراً مهماً في استقرار الحكم والممارسة الديمقراطية للتداول السلمي للسلطة وتكون سنداً قوياً لبقاء تلك الأحزاب في مجال الممارسة السياسية ، حتى إذا قدر لها يوماً الفوز بالأغلبية وامتلاك زمام الحكم كان لديها من التجارب السياسية في مجال العمل السياسي ما يساعدها على إدارة دفة الحكم بنجاح . فحزب الأغلبية اليوم قد تدور عليه الدوائر ويخسر الإنتخابات القادمة فينزل إلى حزب الأقلية ويقود المعارضة وقد يتقدم حزب الأقلية إلى مركز حزب الأغلبية وهذا ما يعرف بتداول السلطة وهو الطريق الأمثل للخروج من الأزمة الحالية لاهل السودان فقانون الانتخابات المعدل لا يحقق أي قدر مما ذكرناه .) ثالثا:- اعتماد نظام اكبر البواقي 1/ لقد جاء في التعديل الغاء الفقرة (6) من المادة 33 المتعلقة بملئ المقاعدالمتبقية اذا كان في القانون بعد التعديل يتم ذلك عن طريق اعلي المتوسطات ،وتم بموجب هذه الوسيلة اخطاء كثيرة في الانتخابات السابقة اذا كان من المفروض فوز اثنين من اعضاء الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بولاية الجزيرة حسب قرار لجنة الانتخابات ولاية الجزيرة، الا ان المفوضية قالت ان لجنة انتخابات الجزيرة اخطاءت في الحساب ، ومن ثم فاز اعضاء المؤتمر الوطني ،وهذه واحدة من ماخذنا علي مفوضية الانتخابات ،وقد اخطاءت ايضا لجنة انتخابات ولاية الخرطوم حيث فازت الاستاذة /مثابة بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم لكي يستقم الامر لما هو مقصود باعتماد اكبر البواقي فاننا نوضح الطريقة التي يتم بها أولا :- إذا كانت علي سبيل المثال دائرة انتخابية مخصص لها عشرة مقاعد وتقدمت للانتخابات في هذه الدائرة ثلاثة أحزاب مثلا فحصلت قائمة الحزب الأول علي 50% من أصوات الناخبين في الدائرة وحصلت قائمة الحزب الثاني علي 30% من الاصوات في ذات الدائرة وحصل الحزب الثالث علي 20% من الاصوات 0ففي هذا المثال حيث يؤخذ بنظام التمثيل النسبي فان الحزب الأول يفوز بخمسة مقاعد ويفوز الحزب الثاني بثلاثة مقاعد ويفوز الحزب الثالث بمقعدين 0 ثانيا :- إن إعلان نتيجة الانتخابات في نظام التمثيل النسبي لا تكون دائما ببساطة المثال السالف الذكر ،ذلك أن نسبة الاصوات التي تحصل عليها كل قائمة لا تؤدي دائما علي حصول كل قائمة علي عدد صحيح من المقاعد المخصصة للدائرة ففي مثال الدائرة التي يحدد لها عشرة مقاعد ويتنافس فيها ثلاثة قوائم من المرشحين يمكن ان تحصل القائمة الأولي علي 47% من الاصوات وتحصل الثانية علي 34% من الاصوات وتحصل الثالثة علي 19% من الاصوات 0ففي هذا المثال حيث يؤدي الحصول علي 10% من الاصوات إلي الحصول علي مقعد واحد يحصل حزب القائمة الأولي علي 4 مقاعد كاملة ويحصل حزب القائمة الثانية علي 3 مقاعد كاملة ويحصل حزب القائمة الثالثة علي مقعد كامل واحد0 وفي هذه الحالة تظهر مشكلة باقي الاصوات التي حصلت عليها الاحزاب ،حيث يتبقي في مثالنا السالف الذكر مقعدان لم يتم توزيعهما ،كما ان القائمة الأولي لم تحصل علي شئي مقابل 7% من الاصوات وكذا لم تحصل الثانية علي شي مقابل 4% من الاصوات ولم تحصل الثالثة علي شئ مقابل 9% من الاصوات وباعتماد طريقة(اكبر البواقي )وفي هذه الحالة يحصل في مثالنا السالف الذكر –حزب القائمة الأولي علي واحد من المقعدين الباقيين ويحصل حزب القائمة الثالثة علي المقعد الثاني ولاشئي بالنسبة للقائمة الثانية حيث ان اكبر البواقي او فائض الاصوات تنحصر في 9%و7%0 0 يتميز نظام الانتخاب النسبي بأنه يتفق مع المنطق الديمقراطي ومنطق التمثيل الشعبي حيث يؤدي إلي أن يحصل كل حزب علي نسبة من مقاعد المجلس التشريعي مع مقدار ما يحظي به من تأييد شعبي من خلال الانتخابات ،كما انه يستعبد كلية بعض النتائج الشاذة التي يمكن أن تنجم عن نظام تمثيل الأغلبية كاستناد أغلبية المجلس التشريعي علي تأييد أقلية شعبية ،أو حصول حزب علي عدد من المقاعد النيابية يفوق حزب آخر رغم حصول الحزب الآخر علي عدد كبير من الاصوات وخير مثال لذلك نتائج آخر انتخابات ديمقراطية عام 1968 السئيات 1/ انفراد المؤتمر الوطني بتعديل القانون بمفرده ،في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع خاص الذين ارتضوا الدخول في الحوار الوطني ،بان اول بند سيناقش هو قانون الانتخابات للتوافق حوله ثم ارجاء الانتخابات الي حين الانتهاء من الفترة الانتقالية ، فالجوء المؤتمر الوطني لهذا التعديل كان صدمة شديد لكل من ارتضي الحوار اذ به هدم اي امل في تعديل القانون او في تاجيل الانتخابات . 2/استثناء القوات النظامية في ضوابط التسجيل وارجي امرها للمفوضية للنص عليه في القواعد التي تضعها موخرا في الانتخابات السابقة ،ثار جدل كثير بهذا الشان من حيث مكان التسجيل والاقتراع ، وعالجته المفوضية معالجة خاص كانت مرفوضة من كافة القوي السياسية التي شاركت في الانتخابات السابقة اذ تمكن بعض افراد القوات النظامية من الاقتراع في اكثر من موقع ،كما ان القوات النظامية (هذه العبارة) الان غير معرفة تماما اذ يدخل فيها الدفاع الشعبي والمجاهدين والشرطة الشعبية وامن المجتمع والمرابطين وحرس الحدود قوات الدعم السريع 000الخ .
3/ لقد استثني القانون ايضا الرحل من ضوابط التسجيل ،وترك امرها للمفوضية لتبينه في القواعد ،هذه سلطة مطلقة للمفوضية ولا معقب عليها فلها ان تفسر القواعد بالطريقة التي تراها ومسالة الرحل هذه اثار جدل كثير جدا في الانتخابات السابق ، وكانت محل تندر لدي المرشحين اذ ان معظم اجراءات التسجيل تمت عن طريق هؤلاء الرحل ،حيث تم استجلابهم من ولاية الي ولاية اخري ومن دائرة الي دائرة اخري ،بل تم استجلاب صناديق قيل انها للرحل في الوقت الذي لايوجد فيه رحل اصلا ،هذا الامر ظهر جليا في الدائرة التي رشح فيها الاستاذ /طه علي البشير اذا اتت لجنة الانتخابات بصناديق كثيرة وامرت بفرزها بعد ان كادت ان تفرغ من الفرز ،كان النتيجة لصالح الاستاذ طه علي البشير فاتت صناديق الرحل المفتري عليهم وكان عدد الصناديق يفوق عدد الصناديق التي تم فرزها ، واتضح ان جميع من اقترع فيها كان لصالح مرشح المؤتمر الوطني ، ان ترك الامر للمفوضية لتصعه في القواعد وهي جهة غير موثوق بها ،فان مسالة تسجيل واقتراع الرحل سيكون محل طعن في الانتخابات المقبلة لمن اراد خوضها . 4/ زيادة عضوية المجلس الوطني لامبرر لها في الوقت الذي كنا نقترح قيمة بان تصبح 200 عضو فقط ، وذلك حفاظا علي المال العام، وان تمثيل الولايات جميعها يمكن ان يتم عن طريق هذا العدد اذ ان كثرة العدد ليس امر ضروريا ويرهق الخزينة العامة اذا ان اعضاء المجلس لايمثلون انفسهم انما يمثلون من دفعوا بهم ،وبالتالي يمكن تقليل العدد نسبة لحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد . 5/ ابقي القانون علي مجلس الولايات في الوقت الذي وسع من دائرة التمثيل اذ شمل كافة الولايات ،ومن ثم لامعني مجلس الولايات بل لامعني لغرفتين للجهاز التشريعي (انها مجرد محاكاة للدول المتقدمة) ،اذ ان فكرة مجلس الولايات في السابق قائمة علي النظر في القوانين التي قد تؤثر سلبا علي الولايات، وفي رائي ان هذا الفهم السابق فهم قاصر حيث لم يعترض مجلس الولايات علي اي قانون قدم للهئية التشريعية ، اقول هذا من خبرة خمسة سنوات قضيتها بالمجلس الوطني فوجوده والعدم سواء هو عبء علي الخزينة العامة دون مبرر ،كان راينا ان يجري الانتخابات علي مستوي القطر ومن ثم تكون كل الولايات قد مثلت في الجهاز التشريعي .
6/من سلبيات هذا التعديل انه حرم القوي السياسية من ابداء رائها في قانون الانتخابات اذا اعددنا في الاتحادي الاصل قانونا متكاملا للانتخابات ،راعينا فيه كل السلبيات التي لازمت القوانين السابقة وكان املنا كبير في ان نقدمه في الحوار الوطني ولكن المؤتمر الوطني وكعادته خيب املنا في ان نبدي رايا قد يكون مفيدا .
|
|
|
|
|
|