لا تزال هناك ( قلة) من السذج الذين يظنون أن فكرة تحويل نادي الهلال إلى شركة مساهمة عامة قد طافت بذهن الكاردينال حباً في الهلال ورغبة منه في صناعة نادِ يضاهي الأندية العالمية. هؤلاء يقارنون ببعض الأندية الأوروبية متجاهلين الاختلافات الكبيرة بيننا وبين أولئك. يتجاهل هؤلاء – ربما عن غفلة أو عمد- أن الأندية التي يتحدثون عنها تضمها بلدان تحترم القوانين والحقوق والواجبات. عموماً وقبل كل شيء لابد من التذكير بأنني لست ضد الفكرة. ولو أنها طُرحت في زمن غير هذا الزمن الرديء، وخلال فترة رئيس نثق في أن قلبه على الهلال وتاريخه وجماهيره لكنا أول من يقف معها بقوة. لكن المؤسف أن الفكرة ( الخبيثة) تُطرح في زمن لم تعد القلوب فيه تطمئن أو تأمن رجال أموال ظهروا كنبت شيطاني. والفكرة يطرحها من لا شأن لهم بالهلال ولا تاريخه ولا جماهيره. لكي يصل المرء لأحكام سليمة لابد أن يتعامل مع بعض المعطيات، لا أن يكتفي بالإصغاء لتصريحات تأتي من هناك أو هناك أو عبارات رنانة لا تغني ولا تسمن من جوع. قبل أن نحكم على ما إذا كانت الفكرة تستهدف هلالاً قوياً متطوراً في كل شيء، أم أن الغرض من ورائها (خبيث) ويتمثل في وضع اليد على هذا النادي العريق علينا أن نسأل أنفسنا عن عمر علاقة من طرحوها بالهلال. دعكم من هلالية الرئيس الذي طرح الفكرة وأجيبوا لأنفسكم على بعض الأسئلة البسيطة: هل كان أحدكم يعرف شخصاً اسمه أشرف سيد أحمد قبل عشر سنوات فقط من الآن؟! وهل تعرفون شيئاً عن تاريخ هذا الرجل وما إذا كانت له علاقة بالكرة ونادي الهلال تحديداً؟! وهل يعرف أي منكم حتى يومنا هذا شيئاً عن مصدر أمواله التي يتغنى بها البعض كل يوم؟! الإجابة على مثل هذه الأسئلة وغيرها يمكن أن تقود أصحاب العقول والباحثين عن الحقائق إلى حقيقة أن الفكرة جد ( خبيثة) وليس مقصوداً بها رفعة الهلال. خلال حكم المؤتمر الوطني تم تدمير وبيع الكثير من مؤسساتنا الاقتصادية الراسخة. حتى أراضينا الخصبة الواقعة على ضفاف أطول وأعذب أنهار العالم بيعت للأجانب. فما الذي يمنع أن يُباع نادي الهلال! واهم من ظن أن الكاردينال يمثل نفسه فقط عندما يتجرأ بطرح مثل هذه الأفكار. وعندما كنت أشير في عدد من المقالات - حتى قبل أن يتولى الكاردينال الشأن الإداري في الهلال- إلى أن الكلام عن هلال الحركة الوطنية لم يعد مجدياً وأن علينا التعاطي مع حقائق جديدة.. عندما كنت أكتب ذلك لم يكن القصد التشكيك في تاريخ الهلال كنادي حركة وطنية وحراك ديمقراطي فاعل وجاد. لكنني قصدت أن الحكومة تدخلت في كل شيء بما في ذلك هلال الحركة الوطنية. قصدت أن التخريب الذي قام به بعض الرؤساء السابقين في النادي الكبير قد أغرى حكومة البيع هذه، وجعلهم يفكرون في السيطرة ووضع اليد عليه مثلما فعلوا مع الكثير من مؤسساتنا الرائدة. ولعلكم جميعاً قد تابعتم الحراك وحالة الهيجان التي سرت قبل أيام إثر إعلان وزير السياحة عن تحويل جامعة الخرطوم لمزار سياحي. وقد أدرك الجميع أن الهدف هو بيع الجامعة العريقة لا أكثر لذلك ثار طلابها وخرجوا في تظاهرات قوية رافضين الفكرة. وقبل الجامعة تم هدم وتدمير وبيع الكثير من مدارسنا العريقة مثل حنتوب وخور طقت ووادي سيدنا والخرطوم القديمة التي يعتصرني ألم خاص كلما ممرت بالشارع الذي تمت توسعته بهدم أجزاء من مبانيها، وذلك بحكم دراستي فيها. فهل تظنون أن من باعوا كل هذه المؤسسات وهدموا الأسواق والحدائق العريقة فعلوا ذلك من فراغ، أو أنه سيعز عليهم بيع أندية الكرة الكبيرة؟! الهدف يظل واحداً هو تفريغ البلد من كل ما هو تاريخي وتليد وجميل. ولهذا يأتونكم أناس مثل الكاردينال للسعي بينكم لتنفيذ مثل هذه المخططات الخبيثة. وهل تظنون مثلاً أن توظيف المنسق الإعلامي في منصبها الحالي جاء صدفة؟! أليس هي من شتمتكم جميعاً والحقت بكم التهم جزافا، وبدلاً من محاسبتها على كل كلمة كُتبت في حق الشعب السوداني تم تكريمها؟! كل ما تقدم أشرنا له في مقالات سابقة مطالبين الأهلة بأن يفيقوا من سُباتهم ويتحدوا ويقفوا في وجه سياسات الكاردينال. لكن المؤسف أننا في كل مرة نسمع أصوات بعض المتوهمين والحالمين بعالم سعيد مع هذا الكاردينال. ولو كان الرجل يسعى لتحويل هذه الأحلام إلى واقع مليء بالمفاخر والانتصارات كما يتوهم البعض لرضخ لرأي الغالبية وأزاح المنسق الإعلامي عن منصبها. لكنه في كل مرة يُطالب فيها بإزاحتها كان يعوض ذلك بإزاحة أهل الساس والرأس في الهلال. تخلص من اللاعبين القدامى واحداً تلو الآخر ومن رجال مجلسه الأوفياء للنادي ولم يبق منهم سوى بعض المتكسبين وأصحاب المصلحة المشتركة معه من أجل عيونها فماذا تنتظرون؟! لم يفعل الكاردينال ما طالبه به الكثيرون لأن المخطط المرسوم بعناية أكبر من شخصه، وهو ليس أكثر من مخلب قط في هذا الجانب. لهذا، وبعد كل الإشارات السابقة والكلام صراحة وتلميحاً أقول لكم يا جماهير الهلال إن الأمر أكبر مما يتخيل البعض. أعلم أن الكثير جداً من جماهير النادي يفهمون ما يجري تماماً ولا يفوتهم شيء منه. لكن الفهم وحده لا ينفع إن لم نلحقه بتحرك جاد لحماية النادي العظيم. لا يزال هناك متسع لعمل شيء من أجل المحافظة على ما تبقى من الكيان. بالأمس أشرت إلى عهد رئاسة الجماهير وقلت أننا نريد لجماهير النادي أن تصبح صاحبة الكلمة العليا فيه. وهذا لن يتأتى بالأمنيات. بل يتحقق ذلك بفرض الإرادة على كل من يحاولون المساس بالنادي والإساءة له. أولاً وقبل كل شيء لابد أن ترفض الجماهير الزرقاء العبث الحالي بصورة حضارية وبعيداً عن التهجم على هذا أو الاعتداء على ذاك، لأن التهور دائماً يضعف القضية. ويجب أن تؤكد هذه الجماهير بالأساليب المشروعة على حقها في الحصول على عضوية فاعلة في ناديها. وفي هذه الجزئية لابد من تحرك جاد من كل القانونيين الأهلة من أجل تأمين حق الجماهير في اكتساب عضوية ناديها. لا تصغوا لبعض الكتابات المثبطة التي تشير إلى استحالة تسيير أنديتنا الكبيرة بدون وقفة رجال المال، فهؤلاء يكتبون ما يكتبون لأن مصالحهم ارتبطت ببعض رجال المال. لا تعتبروا تجربة مجلس المريخ الحالي قدوة وتتخذونها ذريعة لتثبيط الهمم. فما جري في المريخ هو مجرد دفع تبرعات وليس تفعيل عضوية فاعلة وحقيقية. وإن فعل أخوتنا في المريخ عضويتهم أيضاً سيصل عددها للملايين التي من شأنها أن تدعم ناديها مالياً. كما أن رجال المجلس الأحمر الحالي يواجهون حملات إعلامية شرسة تهدف إلى العودة لحكم الرجل الواحد. فالبنسبة لبعض من يهللون لرجال المال سيكون الضرر بالغاً إن تحولنا إلى عهد رئاسة الجماهير في الناديين الكبيرين. وقتها لن يكون هناك رجل مال ينتفخ كالطاؤوس ويسعد بنشر صورته كل صباح مصحوبة بما نشيت يمجده. ومعنى ذلك أنه لن يكون هناك من يدفع أو يساهم في مرتبات صحفيي بعض الصحف أو يعمل على تعزيز حسابات البعض المصرفية، لذلك تجدون أنهم غير متحمسين لفكرة التحول من سطوة الأفراد إلى رئاسة الجماهير. إن اكتسبت الأعداد الكبيرة العضوية سوف يقع اختيار الجماهير على رئيس إداريين أفذاذ، عقلاء وأصحاب وعي حقيقي لا تهمهم كثيراً عبارات الإطراء بقدر ما يسعدهم أن يروا ناديهم يحقق المراد ويحلق عالياً. قلت لا تصغوا لمثل هذه الأصوات المثبطة وأحسبوها صاح. فلو أنهم فتحوا أبواب العضوية.. ولو أن الجماهير أصبحت أكثر جدية في نيل هذه العضوية سيكون لكل واحد من الناديين الكبيرين أعضاء بالملايين. ولا يعقل أن تعجز هذه الملايين عن تسيير العمل في نادييها. اشتراكات الأعضاء بالإضافة للإدارة الجيدة والرشيدة والأفكار الخلاقة يمكن أن تضاعف مداخيل الناديين لتفيض عن حاجتهما الشهرية. مثلما وقف طلاب جامعة الخرطوم رافضين فكرة بيع جامعتهم لتتنازل الحكومة ولو إلى حين عن الفكرة، يجب أن تتصدى جماهير الهلال لمحاولات بيع ناديها. ولا يغركم الحديث عن الجوهرة الزرقاء أو خلافها. فأمثال الكاردينال – من يولون موظفهم (آدم) مهمة تقديم الأموال لمختلف الأطراف وينصبون الكاميرات في بيوتهم لتصوير مشاهد تسليم الأموال- أمثال هؤلاء لا يمكن أن يشيدوا جواهر زرقاء من حر مالهم من أجل عيون الأهلة. أفهموا يا أهلنا ولا تصغوا للمضللين والمنتفعين الذين يهاجمون الناس عبر مختلف المنابر ويشتمونهم بغرض التخويف حتى يُفسح لهم المجال لتمرير مخططاتهم الخبيثة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة