|
من الذي افسد البروفيسور الزبير والجزيرة الخضراء ؟
|
الجزيرة التي كانت مخضرة وارفة قبل الإنقاذ ، وعهدها الغابر الأسود ، والتي كان مزارعها يتردد إلى مكاتب التفتيش أسبوعيا لصرف قيمة سلفيات الزراعة والحش وعمليات جني الحصاد ، وبعدها تقوم الدولة بعد أن تستقطع كل سلفياتها ، التي أخذتها من هذا المزارع البسيط ، وتصرف له نسبة قليلة من الأرباح الكثيرة والخير الوفير ، وترد له مبلغا يكفيه ويجعله يعيش في خير ونعيم ، ولا يعرف هجرة داخلية إلى العاصمة الخرطوم ، فلا يعرف أهل الجزيرة الخرطوم إلا عند سفر احد منهم إلى الحج أو العمرة عن طريق مطار الخرطوم الدولي ، ولا يعرف أهل الجزيرة الهجرة الخارجية سواء لدول الخليج أو غيرها من الدول ، وكانت الجزيرة يتوافد إليها أهل السودان ، وتستقبل كل القبائل والسحنات ، ومقابل ذلك كان السودان كل السودان ينعم بالخير الوفير الكثير ، فهنالك عمالة من مختلف أنحاء السودان تعمل بالمشروع في مختلف المواسم سواء الزراعة أو الحصاد ، وينعم السودان كل السودان بالذهب الأبيض الذي كان مصدر العملات الصعبة ، الرئيسي للحكومة القومية ، مع شقيقه الصمغ العربي ، لشراء الدواء ومدخلات الإنتاج ، وكان المصدر رقم ( 1 ) لمعادلة الميزان التجاري ، لذا كانت الجزيرة عماد الاقتصاد الوطني ، ولقد تم تخصيص 2% لتذهب إلى الخدمات الاجتماعية ، وكانت الخدمات الاجتماعية تقوم بدورها وقد لمس المزارع وإنسان الجزيرة ، دورها وان كان محدودا ، فكانت شبكات المياه للقرى المنتشرة ، وكانت بعض الخدمات الصحية من مراكز صحية صغيرة ، أو بعض المستشفيات ، والمدارس والأندية الثقافية . رغم أن الإنقاذ قد ورثت هذا النظام المحكم ، منذ عهد الانجليز وإنشاء مشروع الجزيرة في العام 1902م ، ورغم أن الإنقاذ قد ورثت هذا النظام وتجاربه المتعددة ، من حساب جماعي ، وآخر فردي الذي استحدثه الراحل جعفر نميري ، فقد تخبطت الإنقاذ يمينا ويسارا ، لتضرب بكل هذه التجارب عرض الحائط وتستحدث تجاربها الفاشلة ، حتى وصلت الى قانون 2005م والتي أحلت بالمشروع وإنسان المشروع الدمار والخراب ، فانهارت معظم المراكز الصحية وما تبقى منها من مباني أصبح مأوى للحيوانات الضالة ، وانحصرت في بعض المناطق ، بدلا من زيادتها ،أما المدارس فقد ظلت واقفة بفضل الله ومن ثم بفضل جهود الأهالي ، ولكنها أصبحت مباني من الخارج ، وينقصها بالداخل كل شيء ، وينقصها أهم شيء وهو المدرس الذي يقوم بتربية هذه الأجيال . أما حاضرة الجزيرة مدينة ود مدني الفتية الأبية في عهد الإنقاذ قد فقدت كل شيء ، فمرافقها العامة عانت العجز والمرض ، ومستشفياتها أصبحت صورة شكلية ، وأصبحت مثلها مثل المراكز الصحية لتحول جل مرضاها إلى الخرطوم ، فيموت معظم من يتم تحويلهم في الطريق بالبلهارسيا والنزف المعوي ، فيتم إرسال جل الحالات إلى مستشفى ابن سيناء بالخرطوم ، وكان من المفترض إنشاء هذا المستشفى بود مدني ، أو إنشاء مماثل له بالمدينة ، ونحن في القرن الواحد والعشرون وما زالت الإنقاذ وحكومتها عاجزة عن محاربة البعوض الذي أنهك جسد الجزيرة وشعبها الطيب الأبي الفتي ، ونحن في القرن الواحد والعشرون ومعظم أمراض الجزيرة من البلهارسيا وأمراض سوء التغذية ، رغم أن المشروع ينتج كل خيرات الدنيا . ونحن في القرن الواحد والعشرون اتحدت أمراض العصر الحديث مع أمراض العهود الأولى ، واتحد ظلم الإنقاذ وجورها ، مع الفقر والمرض والعوز . البروفيسور الزبير بشير طه ، أتى واليا للجزيرة عبر صناديق انتخابات العام 2010م ، ومهما يقال عن هذه الانتخابات ، فقد أوصلته إلى منصبه كوالي لولاية الجزيرة ، وقد أشيع بان الوالي قد أقيل ، وحسب القانون فان نائب الوالي يتولى مقاليد الحكم لمدة ( 60 ) يوما إلى أن يتم انتخاب والي جديد ، ومهما يشاع عن الرجل بأنه قد اخفق في محاربة الفساد المالي والإداري ، فان الفساد المالي والإداري قد صدع كل أطراف الدولة وحكومة المركز ، وان الفساد الذي استشرى في حكومة المؤتمر الوطني في كل جوانبها ربما ، إذا قيس بنفس ما يشاع لاستقال أو أقيل جل وزراء ، وولاة السودان ، فهل من الحكمة في هذه المدة الوجيزة المتبقية قبل الانتخابات القادمة ، سيأتي من يقدم شيئا ، ولكن دعونا نتناول الفكرة نفسها ومبدأها ولنفترض بأن البروف قد أقيل ، فماذا يعنى إذا أقيل هذا البروف الذي ينفذ برنامج حزب المؤتمر الوطني ، فهل حاد هذا الرجل ، أو قصر ولم ينفذ برنامج حزبه ، وظهرت كل المشاكل التي تعاني منها الجزيرة بسبب تقصيره في تنفيذ توجهات حزبه ، وبالتالي لا بد من محاكمته ومساءلته ، ومن ثم إقالته . أم أن لهذا الرجل دور آخر مرسوم للانتخابات القادمة كما سمعنا عبر بعض الوسائط التي تروج ليكون الرجل مسؤولا عن قيادة الدفاع الشعبي . أو أي إدارة أخرى سترسمها له الأيام ، ومعروف بأن حواء المؤتمر الوطني لم تلد غير هذه الأسماء ، ومن بدأ حياته واليا أو وزيرا فسيموت على هذه الشاكلة . وجميعهم سيخرجون من القصر إلى القبر . ليمارسوا لعبة الكراسي ويتبادلوا الأدوار . لا يهم من سيأتي للجزيرة ، وخاصة إذا صعب عمل انتخابات بعد ( 60 ) يوما من إقالة هذا البروف فسيتم تعيين والى للولاية ، وقد رشح على وسائل الإعلام بعض الأسماء ، وتم نفي جزء منها ، بينما تم تسريب بعض الأسماء ، للاستكشاف وليرى البعض وجهات نظر المجتمع العام لقبول هذه الأسماء أو رفضها كما تعمل حكومة المؤتمر الوطني دائما ، ولا يهم من يتولى دفة الحكم فيها ، فالجزيرة الصابرة المحتسبة قد صبرت على حكم الإنقاذ الجائر ( 25 ) عاما ، وعبر العديد من المسميات ، والرتب سواء ألقاب أكاديمية أو ألقاب عسكرية . من المضحك والمبكي حقا ، أن بعض أصوات أبناء الجزيرة ، والتي أصبحت تعتبر إقالة أو استقالة والي الجزيرة احد انجازاتها ، وتقول بالفم العريض ، أنها قد أبعدت البروفيسور الزبير بشير طه ، وأنها تتفاوض مع بعض الشخصيات لـتأتي باسم جديد ليتولى منصب والي ولاية الجزيرة ، ليكون تغيير البروفيسور المنتخب انجازا ( للمدعو منبر أبناء الجزيرة ) والذي يضيع ويشتت أبناء الجزيرة اليوم تلو الآخر ، والذي من انجازاته مثل هذه الأوهام الإنقاذية . التي تستبدل جلد النمر بجلد الثعلب ، وتستبدل جلد الإنسان بجلد الحمار ، وتوزع إلينا أمثال هذه المنابر ، لتشتت أفكار أبناء الجزيرة ، وتصفق للحكومة وتقول بأنها تسمع للأصوات، وأنها تسمع أصوات المناضلين من أبناء الجزيرة ، الذين اختزلتهم في منبر أسمته منبر أبناء الجزيرة ، يصفق لحكومة المركز ، ويدعي البطولات تلو البطولات ، ويا للأسف فان بطولة هذا المنبر تأتي في تغيير الوالي . فتح الرحمن عبد الباقي مكة المكرمة 27/04/2014م [email protected]
|
|
|
|
|
|