خرج علينا إسماعيل الحاج موسى أمس بتقدير جزافي منحاز غير ذي مصداقية عن نسبة نجاح العصيان المدني . فقال أن نسبة الإستجابة له كانت 10% فقط...... وأضاف أن العصيان المدني أمر غريب على السودانيين ، وهو بذلك يتجاوز تاريخ السودان المعاصر حين يغفل الإشارة إلى سابقة العصيان المدني في حراك ثورة أكتوبر 1964م و إنتفاضة أبريل 1985م. ويبدو أن إسماعيل الحاج موسى يرفض أن يستوعب المدى الذي وصلت إليه ثورة المعلوماتية الحديثة من شفافية ، وتدفق معلوماتي غزير متسع في هذه السنوات التي نعايشها بفضل الشبكة العنكبوتية التي لم يعاصر إنطلاقتها . وهو الذي كان وزير إعلام في عصر إذاعة هنا أمدرمان ، وقناة تلفزيون وحيدة حكومية ذات إرسال محدودة .. وثلاث صحف ومجلة واحدة.
وربما يتوجب على إسماعيل الحاج موسى أن يستيقظ اليوم من نومة أهل الكهف ليدرك أن كل موقع ألكتروني قد أصبح اليوم وزارة إعلام .... وأن كل يو تيوب قد أصبح محطة تلفزيون .... وأن كل صفحة من صفحات الفيس بوك تمثل صحيفة بحجم الأيام والصحافة وحتى الصبيان بتأثير أيام زمان .... وأما عن القروبات والمنتديات فحدث ولا حرج..... لا بل وسبحان الخالق العليم الذي جعل نخبة من شباب البلاد يديرون عصياناً مدنياً ناجحاً على أعلى مستوى ...... وبدرجة بات يشكل محطة فارقة بين نمطية صناعة الأمس وحاكمية وتأثير إبداع تكنولوجيا اليوم.
إسماعيل الحاج موسى هو اليوم عضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ...... وقد كان أول أمس عضو المكتب القيادي للإتحاد الإشتراكي في نظام جعفر نميري البائد . وهو لاينتمي للإخوان المسلمين من قريب أو بعيد .. ولا يستطيع الإدعاء أنه من المؤلفة قلوبهم حتى .... إسماعيل الحاج موسى لا يعرف عنه الجيل الصاعد من الشباب شيئاً ... خاصة شباب الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة ..... وربما يظن البعض اليوم أن إسماعيل الحاج موسى هو وجه إسلامي سياسي حزبي تنظيمي طفا للسطح على غير ميعاد .... أو متسلق إنقاذي على أقل تقدير ..... ولكن الواقع أنه إشتراكي مايوي من فلول نظام مايو البائد . ساهمت علاقة جعفر نميري بشقيقه الأكبر الأديب العسكري الراحل في رفعه إلى أعلى المناصب.
إذن كان إسماعيل الحاج وسى في فترة حكم مايو شخصية مشهورة بسبب أنه كان شقيق الأديب الراحل العميد/ عمر الحاج موسى .. والذي حزن جعفر نميري كثيراً لوفاته المبكرة المفاجئة . وكان حزن نميري من العمق إلى درجة دفعته إلى توريث منصبه إلى شقيقه الأصغر إسماعيل الحاج موسى ؛ رغم أنه كان يرفل وقتها في بحر عقد الثلاثين من عمره .... وليصبح ما بين عشية وضحاها ؛ ووسط دهشة الأوساط بمجملها أصغر وزير للإعلام في تاريخ البلاد دون سابق خبرة أو محطات كفاءة.
وبعد زوال مايو في 1985م تفرقت بأعوان نميري السبل ومدن النفي الإختياري ، وبلدان اللجوء والإغتراب والهجرة ، ثم مالبث نظام الإنقاذ أن فتح لهم أبواب العودة المغرية . وسمح لمن تبقى هائما على وجهه منهم بالعودة للحياة الظافرة فوق سطح الأرض ، والتعلق بأذيال حزب المؤتمر الوطني ، والتمسح على أبوابه ، والتسلق فوق جدرانه. وبالطبع فقد آثر جزب المؤتمر الوطني إستيعابهم عل وعسى يستفيد من خبراتهم لجهة تعميق الممارسة الشمولية التي إعتاشوا عليها وترعرعوا في كنفها على أيام عهد نظام مايو البائد.
وقد كان لتمسك وتعلق وإصرار إسماعيل الحاج موسى بنسبة ألـ 10% هذه مدعاة للضحك والسخرية ... وفرصة سانحة كي يتذكر جملة من كبار السـن بعض ما كان يحفل به عهد نظام مابو البائد بقيادة جعفر نميري (1969 – 1985) من فساد وفاسدين ومفسدين من كل حدب وصوب..... وهو النظام السياسي الشمولي الذي كان أول من نشأت في ظله ظاهرة الفساد وإستغلال النفوذ وسرقة المال العام بدم بارد. ولكن (والحق يقال) فقد كانت نسبة الأتاوات والسرقات التي يفرضها أصحاب النفوذ في عهد مايو لا تتجاوز نسبة ألـ 10% ..... وهناك أكثر من رقم مايوي أطلقت عليه الجماهير لقب (مستر 10%) . وهي نسبة متواضعة للغاية عند مقارنتها حتى بنسبة عمولات الديمقراطية الثالثة التي أعقبت إنتفاضة أبريل ناهيك عن مقارنتها بالنسبة المئوية لإتاوات العصر الراهن التي تبلغ نسبة (أشرفها) وأوسطها وأمثلها طريقة 50%.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة