|
منديلا القائد ومنديلا الإنسان!/الطيب الزين
|
منديلا القائد ومنديلا الإنسان!
كم من القادة والزعماء السياسيين الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً وصخباً في حياتهم، لكن قد إضمحلت صورهم سريعاً في ذاكرة الإنسانية، أو بالأحرى قد تلاشت تماماً، وربما تغيرت نظرة الناس إليهم مع الزمن، ومن يدري قد يفعل الزمن اللاحق هذا، مع الزعيم الراحل نيلسون منديلا..؟ في ضوء واقع الحياة التي يعيشها المواطنين في جنوب افريقيا، الذين يعانون من حدة البطالة وغلاء المعيشة، والجرائم والفساد، هذا الواقع المزري الذي ترزح تحته جنوب إفريقيا اليوم، ربما يكون دافعاً للبعض لتغيير نظرتهم في قادة جنوب إفريقيا الحاليين، قادة حزب المؤتمر الوطني ، الذي برز من بين صفوفه الرجل الذي غير مسار التاريخ الإنساني، بموافقه الأخلاقية والإنسانية، وكارزميته النضالية، التي مدته بالصلابة والقوة وهو يرزح في سجون نظام الفصل العنصري، الذي ساومه، بالمال والسلطة وحريته، مقابل أن يناشد الأغلبية السوداء من الشعب في جنوب بوقف نضالها من أجل الحرية والعدالة، لكنه رفض، بل قال لهم، لسنا نحن من بيدنا وقف الكفاح، بل أنتم، من بيدكم السلطة والسلاح، قال لهم أن الاغلبية السوداء، هي ضحية سياساتكم العنصرية، قال لهم هذا وغيره الكثير، دفاعاً عن قضيته العادلة، لذلك فضل أن يبقى في السجن، حتى رضخ نظام الفصل العنصري، لصوت الأغلبية الثائرة، وحينما خرج من السجن، خرج ‘إنسانا معافى من الأحقاد والضغائن، متجاوزاً جراحات الماضي، ومتطلعاً نحو الغد، فوحد جنوب إفريقيا في معركتها ضد الظلم والتخلف والأمراض، إذ حرص على تفكيك إرث نظام الفصل العنصري، من خلال التصدي للعنصرية في مؤسسات الدولة، ومحاربة الفقر، وتحقيق العدالة الإجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات بين مواطني بلاده، وتعزيز المصالحة الوطنية والعرقية، حتى اصبحت جنوب افريقيا بلداً متصالحاً مع ذاته، بل وقبلة لقادة العالم، فمنحه العالم المتحضر جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رئيس وزراء جنوب افريقيا الاسبق الذي أمر بإطلاق سراحه. وهكذا عاش منديلا الإنسان الذي أحبه الجميع لاخلاقه وقيمه، وهكذا حزن له العالم يوم رحيله، وقد رأينا كم خيم الحزن على الجميع، وقد نكست العديد من الدول أعلامها حزنا على رحيل على نيلسون مانديلا، الإنسان غير وجه التاريخ وإلى الأبد. كما فعل الرجال العظام أمثال أبراهام لنكولن، ومارتن لوثر كنج ومهاتما غاندي، وباراك أوباما الآن وغداً وهكذا تتواصل مسيرة الرجال العظام، وفي ضوء ما يشهده العالم اليوم من حروب وصراعات دامية، يشعر المرء، كم العالم في حاجة ماسة لمنديلا جديد، ليس في إفريقيا فحسب، بل في أكثر من مكان، لتعيش الإنسانية في سلام ووئام. الطيب الزين
|
|
|
|
|
|