غُلام من أهل مكة كان ملازماً للمسجد، وافتقده ابن عمر رضي الله عنهما يوماً، وذهب إلى داره ليتفقده .. ولم يجده، وسأل عنه والدته، فأجابت (هو على طعام له يبيعه)، أي صار بائعاً ل" />
> غُلام من أهل مكة كان ملازماً للمسجد، وافتقده ابن عمر رضي الله عنهما يوماً، وذهب إلى داره ليتفقده .. ولم يجده، وسأل عنه والدته، فأجابت (هو على طعام له يبيعه)، أي صار بائعاً لطعام ما.. فذهب ابن عمر إلى متجر الغلام، وخاطبه ناصحاً:
( يا بني.. مالك وللطعام؟ فهلا إبلاً، فهلا بقراً، فهلا غنماً، إن صاحب الطعام يحب المَحَل وصاحب الماشية يحب الغيث).. وهذه دعوة للإنتاج، وتذكير بأن المنتج دائماً ما يحب الرخاء والسخاء (الغوث)، وأن التاجر ــ وكذلك السمسار ــ دائماً ما يشتهي الندرة والجفاف (المَحَل)..!! > وللأسف، الناظر اليوم إلى خريطة الصناعة والزراعة وغيرها من (الإنتاج)، لا يجد فيها من أصحاب النفوذ السياسي إلا (قليلاً).. ولكن حين تحدِّق في عالم التجارة ــ وأوكار السمسرة ــ ترى فيالق من النافذين سياسياً تطحن بعضها ثم المواطن لتحتكر الأسواق وسلعها، ولتثري لحد الفحش .. نعم، فالقليل من العامة هم الزُّراع والصنَّاع في بلادنا، بيد أن السواد العام من خواص السلطة يحترف تعذيب الناس بالجشع والاحتكار وكل أنواع الفساد..!! > وعلى سبيل المثال، كان الخبر ــ بالصحافة، عدد البارحة ــ كما يلي بالنص: (كشف النائب البرلماني، ووكيل شركة أبرسي للغاز، علي أبرسي، عن تدنٍ في استيراد غاز الطهي للبلاد وتناقص في إنتاج مصفاة الجيلي، وتوقع أن يؤدي ذلك لارتفاع سعر الأسطوانة الواحدة إلى (200) جنيه، ما لم تسمح الحكومة للشركات الخاصة باستيراد الغاز بنفس الشروط التي تعمل بها شركة النيل).. ومن الهم العام انتقل النائب البرلماني إلى (الهم الخاص)، حيث قال: (تناقصت الكمية التي كانت تتسلمها شركتي الخاصة إلى 10%، وهي كمية غير كافية، ولا تصل للولايات التي تعاني من نقص الغاز وارتفاع أسعاره بسبب الترحيل)..!! > وما لم يكن (كلام ساكت)، فإن وزارة المالية كانت قد أعلنت قبل أشهر عن رغبتها في تحرير الغاز، ثم السماح للشركات بالتنافس في الاستيراد.. ولكن الواقع حالياً، حسب حديث أبرسي، هو أن الحكومة لم توفر مناخ التحرير ولا شروط التنافس الشريف، ومنها العدالة في منح مزايا البيع والشراء للشركات.. فالمزايا ــ الموصوفة بالشروط في حديث أبرسي ــ تحتكرها شركة النيل فقط.. وما لم تسمح الحكومة لكل الشركات بالعمل بنفس الشروط التي تعمل بها شركة النيل، فإن المواطن على موعد مع ارتفاع آخر في سعر الأسطوانة قد يبلغ (200 جنيه)..!! > ما الذي يمنع الحكومة عن مساواة الشركات بحيث لا تحتكر شركة النيل المزايا التي لا تحظى بها الشركات الأخرى، بما فيها شركة أبرسي؟ وللأسف، بالبكاء على تناقص حجم غاز شركته إلى (10%)، فان أبرسي يحصد ما زرعه بيده.. نعم، منذ عام ونيف، ظل علي أبرسي يطالب الحكومة ــ عبر البرلمان ــ برفع الدعم عن الغاز وتحرير أسعاره.. وبعد الضغط بواسطة البرلمان، واصل أبرسي الضغط الإعلامي ــ وملأ صحف الخرطوم ــ بذات الطلب الداعي إلى خروج الحكومة من عالم الغاز برفع الدعم.. وهذا هو الحصاد المر، ولكن للأسف المواطن يشارك أبرسي في ثمار الحصار ..!! > وكذلك لا ننسى تصريح أبرسي في أزمة الغاز الأخيرة التي كانت مقدمة لرفع الدعم، فقد قال أبرسي، حيث برر الأزمة بالنص: (الغاز متوفر بالشركات، ولا توجد مشكلة، وما حدث يعتبر هلعاً من المواطن، ولا يوجد نقص) ..هكذا اختزل علي أبرسي الحدث، فصدقناه بعد أن دفن العقول في الرمال.. اختفاء لحد البحث ثم الشراء بأربعة أضعاف السعر المشروع، ومع ذلك نجح أبرسي في أن يكون المواطن هو (الغلطان) والمتهم بتهمة (الهلع).. ولهذا يجب الرد على شكواه بتبرير من شاكلة: ليست هناك مزايا ــ أو شروط استيراد خاصة ــ لشركة النيل، وقد تكون الشركات الأخرى، بما فيها شركتك، مصابة بالهلع والأوهام، أي كما المواطن سابقاً..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة