(توفي في فبراير 2012 رفيقنا الموسيقار مكي سيد أحمد. وكتبت في نعيه كلمة شملت مكرمة له في عطبرة مع رفيقنا عبد الله عبيد الذي بارحنا في الأسابيع القليلة الماضية إلى دار البقاء. وأعيد نشرها توثيقاً لزمالة جيل الخمسينات الشيوعي في مضارب التقليد والحداثة) كانت عطبرة في خمسينات القرن الماضي تنزف بالغناء الجميل بسينما بيرفس أو الخواجة في نحو السادسة مساء. تشرق منها "لو إنت نسيت" لحسن عطية. ثم تأتي "يا حسن يا موز الجنينة يا حسن". وهي أغنية ركزت فيها. فيها شيء لله. واعتقد أن الدكتور مكي سيد أحمد مسه من هذه الأغنية مساً. فمن فرط قرب دار أبيه، الترزي الأفرنجي السمح الكتوم، من سينما بيرفس صار شاعراً مثالاً فنانا. يا حسن. كنا نحضر طهور أولاد عبد الرحمن مصطفي بحلة التمرجية. قيل لنا إن عبد الرحمن كان مسرحياً ربما في الأربعينات مع الطيب حسن النقابي الراسخ. ولذا جاء إلى مناسبته نقابة الفنانين للغناء والموسيقى. تقلد الحفل العطبراوي. ولم نكن نفرق بين نشيده وأغنيته. فالجو "جو فول" دائماً أبدا. وصعد إلى المسرح مكي سيد أحمد ليقدم قطعته الموسيقية الأولى ربما. وأسماها "مامبو نهر العطبرة".وأدلى بكلمة أهدى بها القطعة لرابطة أصدقاء نهر العطبرة.الأدبية. وأسعدني ذلك. فقد كنت عضواً بمكتب الرابطة ولم استكمل سنواتي الست عشر. وكذلك كان أخوه الشاعر إبراهيم سيد أحمد. ولما احتفينا بالقطعة الموسيقية انفرجت أسارير مكي وبرقت سنه الذهبية . . . يا حسن. كان مكي زهرة المدينة. كان شيوعياً. وكان عازفاً على الكمان وكان نازفاً مثل نزيف مساء سينما بيرفس. وكان سكرتيراً لنقابة الفنانين. وكانت الموارد من النغم والشجن متاحة له فيسعد الناس. وحكى الأستاذ عبد الله عبيد أحمد عن زواجه عام 1958 في كتابه "ذكريات وتجارب" (2005). وكان متفرغاً للحزب الشوعي بمدينة عطبرة منذ فصله عن عمله في 1954 حتى 1958. وكان لاعباً بنادي النسر (واسمه القديم توماس). واختار الحزب الشيوعي له أن ينضم للنسر بعد تقليب للأمر بما يحقق له التوسع التمدد في الجبهة الرياضية. وكان عبد الله لاعباً بالفريق القومي أيضاً. وعرض عبد الله زواجه على لجنة الحزب الشيوعي بالمدينة. وكانت هذه ربما المرة الأولى لزواج متفرغ ما يزال صغير السن (28 عاماً). وكان مرتبه نحو 8 جنيهات يقبضها بكل عسر. وما أن تسامعت المدينة بالنبأ حتى دعت العريس لاجتماع بنادي العمال لوضع خطة لإخراج الاحتفال. أقيم الحفل بمنزل بحي السودنة بالمدينة. وفي نهايته جرى تسليم كشف العرس ومبلغه 1100 جنيهاً. وتبرع للعرس عمال هيئة السكة الحديد وموظفوها كل قسم على حدة. ثم جاء بكشوفهم التجار والأندية والاتحادات الرياضية ثم انتقلت المدينة إلى شندي لاستكمال الزواج. وسهرت شندي على ألحان الفنان حسن خليفة العطبراوي. كأني متأكد اليوم بأن مكي كان روح عرس عبد الله. كان ماكراً في قضاء حوائج الناس الروحية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة