*كلما تفاقمت الإختناقات السياسية والإقتصادية والأمنية تزداد الحاجة للحوار الجاد حول سبل الخروج من هذه الدوامة الجهنمية‘ وذلك يحتاج إلى شجاعة في الرأي ورحابة صدر من أهل الحكم للوصول إلى مخرج سلمي امن. *تابعت المقالات الأربعة التي إختتمهااليوم في"السوداني" احمد ابراهيم ابو شوك تحت عنوان "التجربة الديمقراطية الأولى في السودان ١٩٥٣ - ١٩٥٨ م .. أساس المشكل ومكمن الخلل" وقد إجتهد في محاولة إثبات أن الخلل يمكن في طبيعة المجتمع السوداني ونشأة الدولة الحديثة التي أسسها الإستعمار الإنجليزي المصري التي أفرزت واقعاً إجتماعياً وسياسياً متناقضاً. * لكن لايختلف معنا في أن الخلاف بين الأحزاب ظاهرة طبيعية‘ لكنها لم تكن السبب فيما أسماه بالقيم البدومقراطية لأنها لم تتسبب في قيام الطائفية ولا القبلية التي كانت موجودة قبل قيام الأحزاب السياسية‘ لكنها للأسف أثرت سلباً على حراكها الديمقراطي .. ومازالت. *بالعكس لابد من الإعتراف بأن الأحزاب السياسية نحجت في إضعاف الإنتماءات القبلية التي للأسف طفحت بصورة سالبة على سطح النسيج السوداني في هذا العهد‘ بسبب تغييب الحراك الديمقراطي ومحاولة إضعاف الأحزاب وتغذية الحركات المسلحة القبلية والجهوية وتقوية نفوذها. *كما لايمكن تبرير الإنقلابات العسكرية بفشل الديمقراطية بحجة أنها كانت"ديمقراطية مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة وإرادة وطنية تم تزيفها بشعارات براقة مضللة وبشراء الذمم والتهريج السياسي" فالواقع السياسي غير الديمقراطي الحالي يشهد أكبر "ديمقراطية" مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة وشعارات مضللة وربكة ساسية وإقتصادية وأمنية خانقة. *نتفق مع احمد ابراهيم ابوشوك في أن ٤٣٪ من سكان السودان تفتقر إلى أشكال التأطير السياسي وأن شريحة الشباب هي الأكثر تضرراً من " سلطة الإستيلاء الحاكمة وادواتها الامنية التي أصبحت تسيطر على الوظائف العامة وسبل كسب العيش" على حد تعبيره في ختام مقال اليوم. *ألا يكفي هذا للتدليل على أن "أساس المشكل ومكمن الخلل في التجربة القائمة" وليس في تجربة الديمقراطية الأولى‘وأن التجربة السياسية الانية هي التي قسمت السودان وأدخلته في نزاعات وهروب على الهوية وشجعت قيام أحزاب وهمية لإضعاف الاحزاب التأريخية‘إلى ان انتقل الداء إلى حزب المؤتمر الوطني الذي أفرز عدة أحزاب وجماعات وحركات مسلحة. * إن سياسة الغلبة والإستيلاء والتمكين وإضعاف مؤسسات المجتمع المدني من إتحادات ونقابات وقطاعات شبابية ونسوية وإلحاق تكويناتها المختلقة بمؤسسات الدولة لن تفلح إلا في إستمرار الوضع المأزوم والإختناقات المتفاقمة سياسياً وإقتصادياً وامنيا. *إن محاولة إهالة التراب على تأريخ الحركة الوطنية لن يخرج السودان من أزماته المتفاقمة‘ و إنما لابد من إستعجال دفع إستحقاقات الحوار السوداني الجاد للوصول إلى الإتفاق القومي الذي يجنب شعب السودان الشرور والفتن ويهئ المناخ الصحي للإنتقال إلى رحاب السلام والديمقراطية والعدالة والإستقرار المنشود.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة