مقدمه فى الفلسفه وقضاياها/د.صبرى محمد خليل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 05:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-09-2011, 04:19 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18779

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقدمه فى الفلسفه وقضاياها/د.صبرى محمد خليل

    كتاب


    مقدمه فى الفلسفه وقضاياها

    د.صبرى محمد خليل

    الناشر: الجمعيه الفلسفيه للطلاب جامعه الخرطوم 2005



















    مقدمة:
    يتناول هذا الكتاب تعريف الفلسفة وعلاقتها بغيرها من أنماط المعرفة ومباحثها وقضاياها.
    وقد تم تقسيمه إلى قسمين
    القسم الأول: يتناول مقدمة عامة عن الفلسفة.
    القسم الثاني: يتناول أهم فروع الفلسفة.

    د. صبري محمد خليل

    القسم الأول
    مقدمة في الفلسفة

    نشأة الفلسفة والجدل حولها
    هنالك رأيين أساسيين حول نشأة الفلسفة:
    الرأي الأول: ان الفلسفة ذات نشأة يونانية خالصة ، أي أن الشعب اليوناني القديم هو الذي أنشأ الفلسفة، ولم يتأثر في هذا الإنشاء بأي شعب من الشعوب الأخرى المعاصرة له وبالتالي لم تلعب هذه الشعوب أي دور في هذه النشأة، لذا أطلق أنصار هذا الرأي على الفلسفة اسم (المعجزة اليونانية). ويميز أنصار هذا الرأي بين الفلسفة التي هي عندهم غاية في ذاتها ومستقلة عن غيرها ، والحكمة التي هي شكل من أشكال الفلسفة ولكنها وسيلة إلى غاية أخرى (في الغالب الدين) كما عند الشعوب الشرقية القديمة، ومختلطة بغيرها من المعارف.
    تقويم: هذا الرأي يضمر نظرة عنصرية ترى أن الشعوب الوحيدة التي يمكن أن تنتج فلسفة هي الشعوب الأوربية ،وإذا كانت العنصرية من خصائص أطوار التكوين الاجتماعي القبلي ، حيث مناط الانتماء إلى القبيلة وحدة الدم (النسب) الحقيقي أو المتوهم ، فإن التطور الاجتماعي في أغلب مجتمعات العالم قد تجاوز هذه الأطوار وخصيصتها (العنصرية) إلى طور الأمة التي مناط الانتماء إليها الهوية الحضارية ووعائها اللغة لا العنصرية أو الجنس.
    غير أن استمرار هذه النظرة العنصرية في أوربا إلى بداية القرن العشرين كان الدافع ورائه تبرير الاستعمار الأوربي للمجتمعات الشرقية بدعوى نقل الحضارة لهذه الشعوب التي تفتقر إليها.
    كما أن هذا الرأي يقوم على إنكار قانون (السنة الإلهية) التأثير المتبادل أي أن أي مجتمع لابد أن يؤثر في غيره ويتأثر بغيره.
    الرأي الثاني: ان الفلسفة جاءت كمحصلة لإسهامات العديد من الشعوب ولا ينفرد بها شعب معين، فما يسمى بالفلسفة اليونانية ما هو إلا محصلة أخذ وتنمية وتطوير لما يسمى بالحكمة الشرقية القديمة، أي أن اليونانيين القدماء قد أخذوا بذور المعرفة من هذه الشعوب الشرقية، ثم نموها وطوروها. كما أخذ العرب والمسلمون في مرحلة تالية هذه المعرفة من اليونان ونموها لتتلائم مع مفاهيم الدين الإسلامي لتصبح فلسفة عربية إسلامية.ويمكن إيراد العديد من الأدلة لإثبات صحة هذا الرأي منها ما يلي:
    - إن الفلسفة اليونانية بدأت بمدرسة أيونية (مطلية) وهي جزيرة بها موانئ تجارية وذات علاقات بالشرق.
    - إن أعداد كبيرة من الفلاسفة اليونانيين قد زاروا الشرق منهم طاليس وأفلاطون وبالتالي من غير المعقول عدم تأثرهم بأفكار الشرقيين.
    - إن أغلب أفكار مدرسة أيونية كانت موجودة عند الشعوب الشرقية مثل أن الماء هو مبدء الوجود عند طاليس موجود في الأسطورة الفينيقية، وأن النار هي مبدأ الوجود عند هيرقليطس كانت موجودة عند المجوس في إيران. غير أن أن الشعوب الشرقية كانت تسلم بصحة هذه الأفكار دون دليل حسي (خرافة) أو دليل عقلي (أسطورة) ، فأخذ الفلاسفة هذه الأفكار فأوردوا عليها أدلة تجريبية (لتتحول إلى علم) أو أدلة عقلية (لتتحول إلى فلسفة).

    الفلسفة: الدلالة والتعريف
    دلالة اللفظ: ترجع الدلالة الأصلية لمصطلح فلسفة إلى لفظ يوناني مشتق من كلمتي (فيلو) و (سوفيا) أي محبة الحكمة، وهناك من يرى أن هذا اللفظ قال به فيثاغورس الذي رأى أن الإله وحده الحكيم أما الإنسان فيجب أن يكتفي بمحبة الحكمة. غير أن هذا الرأي رفضه البعض لأن فيثاغورس كان معروف عنه الغرور وعدم التواضع ، وهناك من يرى أن سقراط هو أول من استخدمها. وعلى أي حال استخدمها أفلاطون ليميز بين حب الحكمة عند سقراط وادعاء الحكمة عند السوفسطائيين.
    تعريفات الفلسفة: وقد تعددت تعريفات الفلسفة طبقاً لتعدد الفلسفات ومناهج المعرفة المستخدمة في تعريفها.
    أ) في الفلسفة اليونانية:
    المدرسة الطبيعية: ترى أن الفلسفة هي بحث في طبيعة الوجود ، أي الإجابة على السؤال ما هي المادة الأولى التي صدرت منها سائر الموجودات.
    أرسطو: أما أرسطو فجعل الفلسفة هي المعرفة ،غير أنه ميز بين نوعين من أنواع المعرفة (أو العقول بتعبيره):فهناك المعرفة العلمية (العقل العلمي) وتنصب على ما هو عرض (وهو المادة) والمعرفة هنا وسيلة لغاية هي منفعة الإنسان وهذا النوع من المعرفة لا علاقة له بالفلسفة بل ما يسمى العلوم التطبيقية الآن.وهناك المعرفة النظرية (العقل النظري) وتنصب على ما هو جوهر (وهو الأفكار) والمعرفة هنا غاية في ذاتها هذا النوع من أنواع المعرفة هو الفلسفة، وتضم الطبيعيات والرياضيات والإلهيات ولكن الإلهيات هي أهم موضوعاتها وقد أسماها الفلسفة الأولى.
    ب) في الفلسفة الغربية المعاصرة:
    الوضعية المنطقية: هي فلسفة ترى أن القضايا ذات المعنى هي نوعين فقط قضايا وضعية (تجريبية) وتضم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء،و قضايا منطقية وتضم العلوم المنطقية والرياضة. أما باقي القضايا ففارغة من المعنى ، وبناءاً على هذا فإن الفلسفة لا يمكن أن تتناول قضايا مستقلة وخاصة بها ،بل هي منهج في التحليل المنطقي للغة المستخدمة في العلوم.
    تقويم: حصرت الوضعية المنطقية معيار المعرفة في الحواس ، واستبعدت العقل لذا وقعت في تناقض واضح هو تعريفها للفلسفة (منهج لتحليل لغة العلم) ليس من القضايا التجريبية أو القضايا المنطقية الرياضة ، وبالتالي يصبح فارغ المعنى طبقاً لمنطق هذه المدرسة ذاتها.
    الوجودية:هي فلسفة ترى أن كل الكائنات سوى الإنسان يسبق ماهيتها (صفاتها وخصائصها) وجودها ، فالنجار مثلاً يحدد صفات المنضدة ثم يوجدها ، أما الإنسان فهو الكائن الوحيد الذي يسبق وجوده ماهيته، أي أنه يوجد أولاً ثم يختار صفاته بأن يكون خيراً أو شريراً عالماً أو جاهلاً.
    فالوجود الذي تتحدث عنه الوجودية إذاً هو الوجود الإنساني، هذا الوجود الإنساني هو الوجود الفردي الذاتي (النفسي).
    وبناءاً على هذا فإن الفلسفة عند الوجودية هي منهج يصف الوجود الذاتي، لذا يرى كيركيجارد أن الفلسفة لسيت بحثاً في المعاني المجردة مثل الموت، بل المعاني الشخصية مثل أني أحيا إني أمت. وعرف سارتر الفلسفة بأنها تحليل العالم ومن وجهة نظر الإنسان الموجود.
    تقويم:إن التعريف الوجودي للفلسفة يحيل الإنسان إلى كائن ذاتي (نفسي) متجاهلة أنه وخده من الفكر والمادة لا وجود له ولا حريته إلا في الظروف (المادية والفكرية) التي يعيش فيها.
    ج) الحكمة كمصطلح مقابل للفلسفة في الفكر الإسلامي: أما في القرآن فإنه استناداً غلى التصور التنزيهي لله تعالى و مفهوم الاستخلاف ، فإنه قد تجاوز موقف هؤلاء الفلاسفة اليونانيين حين جمع بين وصف الله تعالى بالحكمة (والله عزيز حكيم) – (المائدة: 38) ووصف الإنسان بالحكمة (يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ..) مع إيضاح أن الحكمة الإلهية مطلقة والحكمة الإنسانية محدودة. فمصطلح (حكمة) فيما نرى هو مصطلح القرآن المقابل لصطلح (فلسفة) في الفكر الغربي وهذا ما يمكن استنباطه من ورود مصطلح الحكمة في القرآن بمعاني كالعقل والعلم والفهم والإصابة في القول(1، 2).

    خصائص المعرفةالفلسفية
    خصائص المشاكل الفلسفية: لكل نمط معرفة مشاكل خاصة يحاول حلها بمنهج خاص. غير أن الخصوصية لا تعني أن هذه المشاكل قائمة بذاتها ومستقلة عن المشاكل التي يطرحها الواقع، بل يعني تناول ذات المشاكل الواقعية لكن على مستوى معين أي منظور إليها على مستوى مجرد كلي.
    1) التجريد:المجرد هو الفكر لأنه مجرد من الزمان والمكان والمادة ، ونقيضه العيني أي ما بوجد في مكان معين وزمان معين ، وهو الشيء المادي المحسوس.
    والفلسفة تخصص في الدراسات الفكرية المجردة، لذا فإن موضوعات الفلسفة هي النظريات والمفاهيم والتصورات والأفكار. وكل موضوع عيني (أي موجود في زمان أو مكان معين) فهو علم وليس فلسفة. غير أن هذا لا يعني أن الفلسفة منفصلة عن الواقع إذ أن المعرفة قائمة على الانتقال من العيني (المشكلة) إلى المجرد (الحل) غلى العيني مرة أخرى من أجل تغييره (بالعمل).فالفلسفة بمثابة مقدمات مجردة لا يؤخذ في عزلة عن نتائجها العينية، ووظيفتها إيضاح الأصول الفكرية المجردة لمواقف عينية. وبالتالي فإن كل دعوة للالتزام بأفكار مجردة وراءها دعوة لموقف معين من الواقع المعين.
    2) الكلية:الفلسفة هي مفهوم كلي للوجود، فهي تبحث في علاقة الإنسان بالإله والآخرين من طبيعة ومجتمع لذا فإن مواضيع الفلسفة هي العلاقات. وبالتالي فإن أي موضوع جزئي (أي يتناول نوع معين من أنواع الوجود فهو علم وليس فلسفة).غير أن هذا لا يعني أن الفلسفة بما هي كلية تلغي العلم بما هو جزئي ذلك أن الكل لا يلغي الجزء بل يحده فيكمله ويغنيه.
    خصائص المنهج الفلسفي: وللفلسفة منهج خاص لحل المشاكل الفلسفية يتصف بالشك المنهجي والعقلانية والمنطقية والنقدية.
    1) الشك المنهجي (النسبي): يقوم المنهج الفلسفي على الشك المنهجي أو النسبي، وهو شك مؤقت ووسيلة لا غاية في ذاته، إذ غايته الوصول إلى اليقين، أي أن مضمونه المنهجي عدم التسليم بصحة حل معين للمشكلة إلا بعد التحقق من كونه صحيح، ويمكن أن نجد نموذجاً لهذا النوع من الشك في القرآن (فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين).
    والشك المنهجي يختلف عن كل من الشك المذهبي والنزعة القطعية. فالشك المذهبي أو المطلق دائم وغاية في ذاته أي أن مضمونه المنهجي قائم على أنه لا تتوافر للإنسان إمكانية حل أي مشكلة. وقد عبر القرآن هذا الشك المرفوض بالريب (أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا).
    أما النزعة القطعية فتقوم على التسليم بصحة حل معين دون التحقق من كونه صادق أم كاذب وقد وجه القرآن الذم لهذه النزعة في عدة مواضع كما في قوله تعالى: (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباؤنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون).
    2) العقلانية: ويتصف المنهج الفلسفي بالعقلانية. أي استخدام ملكة الإدراك (المجرد) كوسيلة للمعرفة إذ الفلسفة هي محاولة إدراك الحلول الصحيحة للمشاكل الكلية المجردة. والقرآن يدعو إلى العقلانية التي لا تناقض الدين والعلم (أي التي لا تناقض فيها استخدام الإدراك أو العقل مع استخدام الوحي والحواس كوسائل للمعرفة ) ، لذا فقد ورد في القرآن مادة عقل وما اشتق منها تسعة وأربعون مرة، ومادة فكر ثمانية عشر مرة، ومادة فقه عشرون مرة ومادة أولي الألباب ستة عشر مرة.
    3) المنطقية:ويتصل بالخصيصة السابقة أن المنهج الفلسفي يستند إلى المنطق بما هو القوانين (السنن الإلهية) التي تضبط حركة الفكر الإنساني، ذلك أن الفلسفة لكي تصل إلى حلول صحيحة لمشاكلها يجب أن يستند إلى القوانين أو السنن الإلهية التي تضبط حركة تحول الطبيعة وتطور الإنسان وحركة الفكر. وقد أشار القرآن إلى عدد من قوانين المنطق حيث نجد على سبيل المثال الإشارة إلى قانون عدم التناقض (أما أ أو لا أ) كما في قوله تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كبيراً) (الإسراء: 82).
    4) النقدية:والمنهج الفلسفي قائم على الموقف الرافض لكل من القبول المطلق والرفض المطلق والذي يرى أن كل الآراء (بما هي اجتهادات إنسانية) تتضمن قدراً من الصواب والخطأ وبالتالي نأخذ ما نراه صواباً ونرفض ما نراه خطأ. وقد أشارت النصوص إلى هذا الموقف النقدي قال تعالى: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).وقال صلى الله عليه وسلم (لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسئت بل وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم).

    نظرية المعرفة
    تتناول مشكلة المعرفة ويمكن تحليلها إلى المشكلات الجزئية التالية:
    أ‌) إمكان المعرفة (The possible of knowledge): وتتناول مشكلة إمكانية المعرفة، وأهم المحاولات التي وضعت لحل المشكلة وهي
    الحل الأول: أنه لا تتوفر للإنسان إمكانية معرفة الوجود ،ويمثله مذهب الشك المطلق أو المذهبي (Absolute Doubt)، وهو مطلق لأنه دائم وغاية في ذاته ومذهبي لأن صاحبه يتخذه مذهباً في التفكير والحياة فو قائم على أنه لا تتوافر للإنسان إمكانية حل أي مشكلة. ومن أهم الفلاسفة الذين تبنوا هذا الحل جورجياس السوفسطائي (Gorgas) الذي وضع في كتابه (في الطبيعة) ثلاثة قضايا هي:
    1. لا شيء موجود.
    2. بافتراض أن الوجود موجود لا يمكن معرفته.
    3. بافتراض إمكانية معرفة الوجود لا يمكن نقل هذه المعرفة إلى الغير.
    كما نجد بيرون (Phyrrno) أن كل قضية تحتمل قولين أي يمكن إثباتها أو نفيها بنفس القوة، وبالتالي فإن الحكمة هي الامتناع عن الإثبات والنفي.
    الحل الثاني:إنه تتوافر إمكانية معرفة الوجود، أي أنه تتوافر للإنسان إمكانية حل المشاكل التي يواجهها غير أن هذا الحل أخذ شكلين:
    الأول: الشك النسبي أو المنهجي، وهو نسبي لأنه مؤقت ووسيلة لا غاية في ذاته ،إذ الغاية منه الوصول إلى اليقين، وهو منهجي لأن صاحبه يتخذه منهجاً في التفكير لا مذهب في الحياة. فهو قائم منهجياً على عدم التسليم بصحة حل معين لمشكلة معينة إلا بعد التحقق من كونه صحيح.
    ومن أهم فلاسفة الغرب الذين تبنوه ديكارت ،حيث بدأ بالشك في الحواس لأنها خادعة في بعض الأحيان، وبالتالي فإن من الحكمة ألا نطمئن إلى من خدعونا ولو مرة. ثم ينتقل إلى الشك في الشعور بدليل أننا نحلم ونظن أننا في واقع حقيقي وحين نستيقظ ندرك أن كل ما حدث أوهام ،فمن يدريني أنني الآن في حلم طويل ،ثم انتقل إلى الشك في العقل، حيث أن افترض الوجود شيطان ماكر استطاع أن يضلل عقلي منذ وجودي في الحياة، ثم ننتقل من الشك إلى اليقين ليتوصل إلى ثلاث حقائق يقفينية هي إثبات وجود النفس، إثبات وجود الله، إثبات وجود العالم.
    أما في الفكر الإسلامي فقد تبناه الغزالي في كتاب (المنقذ من الضلال) حيث بدأ بالشك في الحواس بأدلة منها أن الكوكب حين ننظر إليه نراه بحجم الدينار بينما الأدلة تثبت أنه أكبر من الأرض. ثم شك في العقل لأنه سبق أن وثق بالحواس ثم جاء العق فكذبها فمن يدريني أن هناك قوة اعلى من العقل.قد يأتي وقت تظهر وثبت خطأ الثقة بالعقل ، ثم شك في الشعور لأننا نحلم ونعتقد أثناء الحلم أن ما نراه حقيقة واقعية، ثم نستيقظ ونعلم أن ما شاهدناه كان وهماً، ثم انتقل الغزالي إلى اليقين بنور قذفه الله في قلبه.
    الثاني: النزعه القطعية (Dogmation) :هى التسليم بصحة فكرة دون التحقق من كونها صادقة أو كاذبة أي قائمة على التسليم بصحة حل معين للمشكلة دون التحقق من كونه صحيح أو خاطئ.
    ب) وسائل المعرفة (Ways of knowledge): وتتناول مشكلة وسائل المعرفة الحواس، العقل، الحدس ، وفي الغربية هناك ثلاثة مدارس تقوم كل واحدة على اتخاذ إحدى هذه الوسائل كأداة للمعرفة المطلقة اليقين دون أن تنفي الوسائل الأخرى ولكنها تجعلها وسيلة للمعرفة الظنية . فالمذهب التجريبي (Imprecation) يتخذ من الحواس وسيلة المعرفة فهناك هوبز (Hottes) الذي ذهب إلى أن الحس هو الأصل في جميع معارفنا، وجون لوك (Locke) الذي أنكر وجود مبادئ فطرية وذهب إلى أن العقل يولد صفحة بيضاء والتجربة هي التي تخط على هذه الصفحة وسطورها.
    أما المذهب العقلاني فيذهب إلى أن العقل هو الوسيلة الوحدة للمعرفة الحقيقية التي تتسم بالضرورة (صدق القضايا العقلية دائماً) والكلية (صدقب هذه القضايا في زمان ومكان). ومن ممثلي هذا المذهب ديكارت وكانط.
    أما المذهب الثالث فهو المذهب الحدسي الذي يرى أن الحواس والعقل هي وسائل معرفة ظنية بمعنى أنها معرضة للصواب والخطأ ، لهذا يجب أن نلجأ إلى الحدس للإلهام كوسيلة للمعرفة المطلقة اليقين. وهذا المذهب يقارب نظرية الكشف الصوفي التي مضمونها أنه بالرياضة الروحية والبدنية يرق الحجاب بين الإنسان وخالقه حتى يزول، فيلتقي الإنسان للمعرفة تلقياً مباشراً من الله تعالى بدون واسطة من الحواس والعقل، وأهم ممثلي هذه النظرية الإمام الغزالي ومحي الدين بن عربي.
    ج) مصادر المعرفة: ترتبط هذه المشكلة وحلها بمشكلة وسائل المعرفة فمن يرى أن الحواس هي وسيلة المعرفة الحقيقية يرى أن مصدر المعرفة هو الواقع ذو الوجود الوصفي المستقل عن عقل الإنسان والسابق عليه في الوجود (الواقعية).
    ومن يرى أن العقل هو وسيلة المعرفة الحقيقية يرى أن مصدر المعرفة هو قضايا عقلية أولية (قبلية) أي سابقة على كل تجربة حسية (العقلانية).
    أما من يرى أن وسيلة المعرفة الحقيقية هي الحدس فيرى أن مصدر المعرفة هو مجرد مطلق وكمفارق للوجود المادي المحدود بالزمان والمكان.
    د) طبيعة المعرفة: وتبحث هذه المشكلة في أيهما له وجود حقيقي، والواقع المادي أم الوعي فالمثالية تنكر الوجود الموضوعي (الحقيقي) للواقع المادي، حيث ترى المثالية الموضوعية أنه ليس إلا تعبيراً عن العقل أو الفكر المطلق (الذي ليس عقل أو فكر الإنسان) (هيجل)، أما المثالية الذاتية فهي تنكر وجوده مستقلاً عن وعي الإنسان وأن ما ندركه هو الوجود (بيركلي).
    أما المادية فترى أن المادة وحدها ذات الوجود الحقيقي أما الفكر أو الوعي فهو تابع للمادة وتطورها، فالوعي ليس إنعكاساً للمادة وحركتها (ماركس).

    نظرية القيم
    تتناول مشكلة القيمة ،أي مجموعة المعايير التي تحدد للإنسان في كل مجتمع ما ينبغي أن يكون عليه: سلوكاً (خيراً أو شراً كما في القيمة الأخلاقية)، وتفكيراً (صواباً أو خطاءاً كما في قيمة الحق)، وخيالاً (جميل أو قبيح كما في القيمة الجمالية)، في مواجهة الغير من الأشياء والناس والوجود الشامل للأشياء والناس معاً. ويكتسبها الإنسان من انتمائه إلى مجتمع معين في زمان معين.وأهم المشاكل التي تتناولها:
    1) أنماط القيم:على الرغم من ثالوث القيم (الحق الخير والجمال) قد حظي تقدير أغلب الفلاسفة إلا أنهم لم يتفقوا على الثالوث فقط فهناك من يضيف القيمة الدينية قيمة رابعة. ومنهم من صرح بست قيم هي شلر وقيم اللذة والمنفعة والدينة بالإضافة لقيم الثلاثة الأساسية.
    2) وحدة القيم أو تعددها:حيث يوحد البعض بين القيم بينما يرى البعض في القيم تعدداً أصيلاً.
    3) طبيعة القيم:وتتناول مشكلة تعريف القيمة من خلال أربعة مشاكل:
    أ‌) القيمة بين الوصفية والمعيارية: وتتناول مشكلة هل القيم ذات طبيعة معيارية أي تنصب على ما ينبغي أن يكون أم وصفية أي تقتصر على ما هو كائن. وفي الفلسفة الغربية هناك حلان للمشكلة:
    الحل الأول: أن القيم ذات طبيعة معيارية وبالتالي يجب أصناع منهج (معياري) لدراستها متمايز عن المنهج الوصفي المستخدم في دراسة العلوم الطبيعية، ومن ممثلي هذا الحل لوسن الذي عرف القيم بأنها مجموج الغايات التي يجب على الإنسان أن يحققها في في الوجود حتي يزداد قيمة.
    الحل الثاني: أن القيم ذات طبيعة وصفية ومن ممثليها المدرسة الوصفية الاجتمااعية (دوركهايم) البتي اعتبرت القيم مجرد وقائع اجتماعية تقبل الوصف والتحليل والتصنيف وأن لكل شعب قيمة التي عملت على تحديدها ظروفها الاجتماعية.
    ب‌) القيمة بين الذاتية والموضوعية: أي تتناول مشكلة هل القيم ذاتية أي من وضع العقل واختراعه أم موضوعية أي من صفة عينية للأشياء لها وجودها المستقل عن عقل الإنسان. وإزاء هذه المشكلة هناك حلان:
    الحل الأول: أن القيم موضوعية ، ومن أنصار هذا الحل أفلاطون الذي ذهب إلى أن القيم ليست تصورات ذهنية لا وجود لها إلا في الذهن بل هي موجودة حقيقياًَ في عالم المثل المفارق للوجود المادي الذي ما هو إلا ظلال وأشباح له ،وكل قيم هي موجودة لأن مشاركة في مثالها الموجود في عالم المثل.
    الحل الثاني: أن القيم ذاتية ،ومن ممثلي هذا الحل الفلسفة الوجودية ، فسارتر مثلاً يرى أنه ليس ثمة قيمة تلزم الفرد بل عليه أن يخلق ما يلزمه من قيمة، وعلى الإنسان أن يخلق قيمة كل موقف ،وتعدد القيم لا يخل إلى سواه ويرتد إلى وحده لذلك لكثرة القيم التي يواجهها الفرد ،فالقيمة هي إبداع وخلق فردي متصل.
    ج) القيمة بين النسبية والإطلاق:أي هل القيمة نسبية تخضع للتغير في الزمان والمكان والتطور خلال الزمان أم مطلقة لا تخضع للتغير أو التطور في المكان وخلال الزمان. وهناك أيضاً حلان في الفلسفة الغربية ،حيث يرى أنصار الحل الأول أن القيم نسبية، بينما يرى أنصار الحل الثاني أن القيم مطلقة، فشيللر مثلا يؤكد أن القيم مطلقة وأنها ثابتة لا تقبل التغير، فليست القيم نفسها هي التي تتغير، بل الذي يتغير هو معرفتنا بهذه القيم ، وبالتالي فإن هذه المعرفة هي التي تعد نسبية.
    د) القيمة كغاية في ذاتها أو وسيلة إلى غاية:
    الحل الأول: إن القيم وسيلة إلى غاية غيرها ،ومن ممثليه المذهب النفعي الذي ذهب إلى أن المنفعة هو الخبر المطلق والضرر هو الشر المطلق، وبالتالي فإن السلوك الإنساني يكون خيراً إذا حقق منفعة ويكون شراً إذا أدى إلى ضرر.وكذلك البراجماتية التي انصرفت عن البحث عن الغايات إلى تنائج الأفكار، فالفكرة تكون صواب إذا تحولت إلى سلوك ناجح، وخطأ متى ما انتهت إلى سلوك فاشل ،وقيمياً أصبح الخير سلعة في الأسواق قيمتها لا تقوم في ذاتها، بل في الثمن الذي يدفع فيها ،يقول وليم جيمس إن الخير كورقة النقد الزائفة تظل صالحة للاستعمال حتى يثبت زيفها.
    الحل الثاني: إن القيم غاية في ذاتها ،ومن ممثليه كانط الذي يرى أن الإرادة الخيرة هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن نعده خيراً مطلقاً أما ما سواه فليست خيراً مطلقاً لأنها تستخدم لفعل الخير أو الشر، والإرادة الخيرة هي إرادة العقل وفقاً لمبدأ الواجب أي انتظار لمنفعة، وتطبيقاً لهذا وضع قاعدة الغائية التي مضمونها (عامل الإنسانية كفاية في ذاتها لا وسيلة إلى غاية غيرها) وذلك لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمتلك ملكة الإرادة.

    نظرية الوجود
    تتناول مشكلة الوجود في مستوى كلي مجرد.
    الوجود الكلي: فإذا كان العلم يتناول الوجود النوعي فيحث في القوانين النوعية التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود (علم الطبية، الفلك، النبات..) فإن نظرية الوجود تتناول الوجود ككل، مثل البحث في القوانين الكلية التي تضبط حركة الوجود الشامل للطبيعة والإنسان، وتحديد العلاقة بين الله تعالى والإنسان والطبيعة.... وبالتالي فإن العلاقة بينهما علاقة تحديد لا إلغاء إذ الكل يحد الجزء ولا يلغيه.
    الوجود المجرد: وإذا كان العلم يتناول الوجود العيني، فيبحث في الوقائع المعينة بذاتها زماناً ومكاناً وبالتالي تخضع للتجربة والاختيار. فإن نظرية الوجود تتناول الوجود المجرد مثل البحث في المبادئ السابقة على التجربة التي يستند إليها العلم ذاته مثل أن للعالم وجود موضوعي مستقل عن وعي الإنسان وغير متوقف عليه ، وأن هناك قوانين حتمية تضبط حركة الأشياء والظواهر والناس والعلاقة بينهما علاقة جدلية إذ المعرفة الإنسانية قائمة على جدل العيني والمجرد أي الانتقال من العيني إلى المجرد ،ومن المجرد إلى العيني مرة أخرى من أجل تغييره.
    المشاكل التي تتناولها نظرية الوجود:
    أما أهم المشاكل التي تتكون منها نظرية الوجود فهي:
    1) مشكلة طبيعة الوجود: أي هل الوجود ذو طبيعة مادية أم مثالية (روحية أو عقلية).
    2) مشكلة الوحدة والتعدد: أي هل الوجود واحد أم متعدد.
    3) المشكلة الميتافيزيقية: أي هل الوجود مقصور على الوجود المحدود بالزمان والمكان والمحسوس أم أن هناك وجود مطلق عن قيود الزمان والمكان وما هي العلاقة بينهما وأهم الحلول التي قدمت لهذه المشاكل هي:
    أولاً: مذهب الوحدة: يرى أن هناك وجود حقيقي واحد أما التنوع الذي يبدو للخبرة الإنسانية العادية فهو مجرد تجليات مختلفة لهذا الوجود الواحد ليس له أي وجود حقيقي ، أما طبيعة هذه الوجود فقد انقسم المذهب إلى قسمين:
    أ‌) الوحدة المادية:يرى أن المادة وحدها ذات الوجود الحقيقي أما ما سواها (مثل الفكر أو الروح) فما هو إلا انعكاس للمادة ليس له وجود حقيقي.
    أهم ممثلي هذا المذهب المدرسة الأيونية في الفلسفة اليونانية حيث نجد طاليس يرجع جميع الأشياء إلى مبدأ واحد ظهر عنه وتقوم به كل شيء هو الماء ثم نجد انكسنيس يذهب إلى مبدأ الأشياء هو الهواء. ثم نجد هيرفليطس يرى أن الأشياء جميعاً صدرت عن مبدأ مادي هو النار.
    وفي الفلسفة الحديثة نجد (دي لامتري) يرى أنه لا يوججد سوى المادة وأن التفكير ليس إلا مرحلة معقدة من التنظيم المادي وكذلك فيورباح الذي نفى أي وجود وراء الظواهر المحسوسة إذ لا يوجد إلا المادة التي هي وحدها ذات الوجود الحقيقي وهي جدلية أن تتطور من خلال صراع المتناقضات أما الفكر فليس إلا انعكاس لحركة تطور المادة.
    ب‌) الوحدة الروحية:يرى أن الفكر والعقل أو الروح وحدة الوجود الحقيقي أما ما سواه (مثل الظواهر والأشياء المادة) فما هي إلا تجلي لهذا الفكر أو العقل ليس لها وجود حقيقي.
    وفي الفلسفة اليونانية نجد المدرسة الايلية كممثل لهذا المذهب حيث نجد بارميندس يقول أنه ليس من المعقول أن تجئ الأشياء للوجود من العدم أو أنها تتحلل للعدم وانتهى إلى القول بأن الوجود واحد مستمر غير حادث ولا قابل للفناء واعتبر الحركة والتغير والتنوع مظاهر وهمية مصدرها خداع الحواس.
    ثم نجد أفلاطون يرى أن وراء العالم المحسوس المتضمن للظواهر الحسية المتغيرة المتعددة يود عالم المثل المتضمن للمعاني المعقولة الثابتة الواحدة. وهو وحده ذو الوجود الحقيقي أما هذا العالم المحسوس فما هو إلا ظلال وأشباح لعالم المثل ووضع هذا بأسطورة الكهف.
    وفي الفلسفة الأوربية الحديثة يرى أن الفكر المطلق (المفارق لفكر الإنسان) هو الوجود الحقيقي الوحيد، وأنه محكوم بقانون الجدل. أما المادة فليست إلا تعبير عن الفكر المطلق المحكوم بالجدل. فهذا الفكر المطلق إذ يسير متطوراً يتبعه تطور المادة.
    أما في الفكر الإسلامي فإننا نجد مذهب وحدة الوجود كمقابل لمذهب الوحدة الروحية فأبي عربي يرى أن ثمة وجوداً واحداً فقط هو وجود الله تعالى أما الكثرة المشاهدة في العالم فهو على التحقيق تحكم به العقول القاصرة.
    ثانياً: المذهب الثنائي: يرى أن هناك وجودان حقيقيان يتساويان في الدرجة ويمكن أن نجد جذور لهذا المذهب في فلسفة أرسطو الذي يرى العالم يتألف من مبدأين أساسيين هما الصورة والمادة (الهيولي) فالصورة تعبر عن العق والهيولي هي المادة الأولى التي تشكلها الصور فتكون الأشياء والنفس في الإنسان هي صورة هذا الإنسان بينما البدن مادته.
    كما نجد ديكارت يرى أن عنصرين أساسيين في تكوين العالم وهما نوعان من (الجوهر) هما الجسم والعقل أما الخاصية المحددة للجسم أو المادة فهي الامتداد أي أن يكون له أبعاد.
    أما الخاصية المحددة للعقل فهي الفكر والفكر المادي هما وحدهم الجوهران الموجدان في الكون وإليهما ترد جميع العناصر الأخرى الموجودة في العالم وهما لا يردان إلى شيء آخر. وإنما كل منهما مستقل قائم بذاته.
    ثالثاً: مذهب التعدد: يرى أن هناك تعدد في الوجود الحقيقي:
    أ‌) التعدد المادي:في الفلسفة اليونانية نجد أن امباد واقليس يرد الأشياء إلى ما أسماه الجذور الأربعة (الماء، النار، التراب والهواء) بالإضافة إلى مبدأ الحب والكراهية وهي متساوية في القيمة والخلود والألوهية. ثم نجد أن المدرسة الذرية حيث يقول ديموقريطس أن الحقيقة تنقسم إلى وجود (ذرات) ولا وجود (فراغ).وقد أخذ ابيقور بالمذهب الذري بعد أن أضاف بعض التغيرات عليه. أما في الفكر الإسلامي فإننا نجد ما يقارب مذهب التعدد في انتقال المذهب الذري إلى المتكلمين وأطلقوا عليه اسم (الجوهر الفردة) قال به المعتزلة وبعض مخالفوهم من أصحاب الأشعري مثل الباقلاني والجويني فاستخدموه كوسيلة لإثبات وجود الله ولكنهم لم يكرروا ما قاله اليونان من أن الجوهر (حامل للعرض) أي أنه قائم بالعرض أو بدونه وبالتالي قائم بذاته بل عرفوه بأنه ما يقبل العرض أي أن الجوهر لا يقوم إلا بالعرض.
    ب‌) التعدد الروحي: يعتبر ليبنتز المؤسس الحقيقي للمذهب ويرى أن الكون مركب من أجزاء لا تقبل القسمة هوة عبارة عن جواهر روحية أطلق عليها اسم الموانارات (ومعناها الأجزاء التي لا تتجزأ) ولا يمكن أن يتفاعل أي (موناد) مع أي موناد آخر إذ أن كل منها يتميز عن الآخر بشكل مطلق وإن كان يستطيع أن يعكس نشاط نظاماً تصاعدياً، والله هو الموناد الأعظم وينفرد كل موناد عن غيره من المونادات ولكن حاصل ترتبيهما هو نتيجة للتناسق الأزلي الذي أقامة الله من قبل.


    المواقف المختلفة من الفلسفة في الفكر الإسلامي
    مذهب الرفض المطلق:هذا المذهب يرى أن هناك تعارض بين الدين الإسلامي والفلسفة بصورة عامة والفلسفة اليونانية بصورة خاصة، إذ أن الفلسفة المعرفة حسنها هي الفلسفة اليونانية ،وأن هذا التعارض مطلق، وبالتالي فإن الموقف الصحيح من الفلسفة هو الرفض المطلق ومن ممثلي هذا المذهب بعض متأخري الحنابلة كابن الصلاح في كتابه (الفتاوى).
    تقويم:هذا المذهب كما ذكرنا مبني على أساس أن هناك تعارض بين الدين والفلسفة وهو غير صحيح للآتي:
    • أنه قائم على فرضية أن الفلسفة تأخذ موقفاً موحداً من جميع القضايا وأن هذا الموقف مناقض لموقف الدين منها بينما واقع الأمر قرره ابن تيمية في معرض رده على من قال أن الفلاسفة جميعاً قالوا بقدم العالم (أما نفي الفلسفة مطلقاً أو إثباتها فلا يمكن إذ ليس للفلاسفة مهب معين ينصرونه ولا قول يتفقون عليه في الإلهيات والمعاد والنبوات ولا في الطبيعيات والرياضيات(1).
    • كما أن هذا الموقف ظهر في فترة تحولت (الحكمة) من نشاط عقلي كلي مجرد إلى بحث في الغيبيات، فاختلطت بمعارف محرمة كالسحر والكهانة والشعوذة ،ويدل على هذا ربط متأخري الفقهاء بين الفلسفة وهذه العلوم المحرمة. يقول النووي (قد ذكرنا من أقسام العلم الشرعي، ومن العلوم الخارجة عنه ما هو محرم أو مكروه أو مباح فالمحرم كتعلم السحر فإنه حرام على المذهب الصحيح وبه قطع الجمهور وكالفلسفة والشعبذة (الشعوذة) والتنجيم وعلوم الطائعيين)(1). وواضح أن هذه المعارف تمثل أنماط التفكير الأسطوري والخرافي التي تتناقض مع نمط التفكير الفلسفي والعلمي فضلاً عن الدين.
    • كما أن هذا المذهب يتفق مع راى بعض المستشرقين ، إذ يتخذ هؤلاء المستشرقين موقف أنصار هذا المذهب كدليل على إنكار أصالة الفلسفة الإسلامية.
    المذهب النقدي:وهذا المذهب قائم على أنه ليس هناك تعارض مطلق بين الفلسفة بصورة عامة واليونانية بصورة خاصة، بل هناك أوجه اتفاق وأوجه اختلاف، وفي حالة الاختلاف يكون الرفض، وفي حالة الاتفاق يكون الأخذ والقبول.
    ابن تيمية:فابن تيمية مثلاً لا يأخذ موقف موحد من الفلسفة (المقصود هنا الفلسفة اليونانية) سواء بالرفض أو القبول بل يقسمها إلى ثلاثة أقسام:
    1) الإلهيات (الميتافيزيقا): وهو يرفضه وأغلب رفضه للفلسفة ينصب على هذا القسم منها.
    2) الطبيعيات: ويرى جواز الأمخذ به مع عدم ربطه بالإلهيات (الميتافيزيقا) اليونانية، ويعتبره (غالبه كلام جيد وهو كلام كثير واسع ولهم عقول ووعرفوا بع وهم بقصدون به الحق لا يظهر عليهم فيه العناد ولكنهم جهال بالعلم الإلهي).
    3) الرياضيات: ويرى وجوب الأخذ به وبتعبيره (ضرورية لعلوم الفرائض وقسمة التركة وغيرها)(1).
    وبناءاً على هذا لا يلغي صفة الإسلامية عن الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة بل يقرر (أنه كان في كل من هؤلاء من الإلحاد التحريف بحسب ما خالف به الكتاب والسنة ولهم من الصواب والحكمة ما وافقوا فيه ذلك)(2).
    الغزالي:كما أن الغزالي يأخذ نفس الموقف فيقسم الفلسفة اليونانية إلى ثلاثة أقسام حسب تعارضها أو توافقها مع أصول الدين:
    1. قسم يتعارض مع هذه الأصول لفظاً ومعناً وحصره في ثلاث قضايا هي (قول الفلاسفة اليونانيين بقدم العالم وإنكار البعث الجسدي وإنكار علم الله تعالى بالجزئيات.
    2. قسم يتعارض مع هذه الأصول لفظاً ويتوافق معها معناً وحصره في سبعة شعرة قضة.
    3. قسم يوافق هذه الأصول لفظاً ومعناً.(3)
    ثم يحدد الموقف من هذه الأقسام (قسم يجب التكفير فيه وقسم يجب التبديع به وقسم لا يجب إنكاره أصلاً).(4)
    ابن حزم الظاهري: أما ابن حزم الظاهري من أئمة مذهب أهل الظاهر (أحد مذاهب أهل السنة فيرى أن الفلسفة تتفق مع الدين في الغاية (إصلاح النفس) لذا يجب الأخذ بها (في حالة احتفاظ الفلسفة بهذه الغاية) فيقول (ان الفلسفة على الحقيقة إنما معناها وثمرتها والغرض المقصود نحوه ليس شيئاً غير إصلاح النفس بأن تستعمل في دنياها الفضائل وحسن السيرة المؤيدة إلى سلامتها في المعاد وحسن سياستها للمنزل والرعية وهذه نفسه لا غيره هو غرض السريعة، وهذا ما لا خلاف فيه بين أحد من العلماء بالفلسفة ولا بين أحد من العلماء بالشريعة)(5).

    علاقة الفلسفة بالدين والعلم
    لكل مجال من هذه المجالات مشاكل خاصة يحاول أن يضع لها حلول، ومنهج خاص لحلها. لكن يجب ملاحظة أن يكون لكل مجال مشاكل خاصة لا يعني أنها قائمة بذاتها ومستقلة عن المشاكل التي يطرحها واقع الناس المعين في الزمان والمكان، بل يعني أن هذه المشاكل ما هي إلا محصلة لتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى معين (أي منظور إليها من جهة معينة).
    أ) مجال الفلسفة: فالمشاكل الفلسفية مثل (الوجود، أو المعرفة أو القيم) ما هي إلا محصلة تناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين ، لكن على مستوى كلي مجرد ، أي منظور إليها من جهة معينة هي الأصول الفكرية (الكالية، المجردة) لهذه المشاكل (الجزئية العينية). بالتالي فإن العلاقة بين الكلي (الفلسفة بما هي مفهوم كلي للوجود) الجزئي (العلم بما تناول الوجود النوعي أي بحث في القوانين النوعية التي تضبط حركة النوع المعين) هي علاقة تحديد لا إلغاء إذا الكل يحد الجزء ولا يلغيه ولا يحدث التناقض بينهما ما دامت الفلسفة مقصورة على الكلي قاصرة عن الجزئي أي مادامت لا تستغني بالكل أو العام (الفلسفة ذاتها) عن الجزئي أو الخاص (العلم).
    كما أن العلاقة بين المجرد (الفلسفة بما هي تناول للوجود مثل المبادئ السابقة على التجربة التي يستند إليها العلم مثل الموضوعية) والعيني (العلم بما هو بحث في الواقع المعينة زماناً ومكاناً) هي علاقة جدلية، إذ المعرفة الإنسانية هي قائمة على جدل العيني والمجرد أي الانتقال من العيني إلى المجرد ومن المجرد إلى العيني.
    ولا يحدث التناقض بينهما مادامت الفلسفة مقصورة على الدراسات الفكرية المجردة مادامت لا تتجاوز محاولة إرساء مقدمات مجردة تمهيداً للاقتراب من الواقع اللعيني إلى المحاولة اتخاذ مواقف عينية من الواقع.
    هذه المشاكل الخاصة تقتضي منهج خاص لتناولها هو المنهج الفلسفي يتصف بخصائص معينة هي العقلانية، المنطقية، الشك المنهجي، والنقدية.
    ب) مجال العلم: المشاكل العلمية ما هي إلا محصلة لتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين لكن على مستوى جزئي عيني، أي منظور إليها من جهة معينة هي البحث في قوانين تحول الطبيعة وتطور الإنسان والتي لابد أن تأتي حلول هذه المشاكل على مقتضاها لتكون صحيحة.
    وهذه المشاكل الخاصة تقتضي منهج خاص في تناولها هو المنهج العلمي والذي يتصف بخصائص أو مراحل معينة هي(1) الملاحظة أي مراقبة مفردات الظاهرة ورصدها خلال حركتها (2) الافتراض: أي محاولة افتراض قانون لتلك الحركة من أطوارها على قاعدة واحد في ظروف مماثلة(3) التحقق: إذ الممارسة هي اختبار مستمر لصحة القانون.
    ج) مجال الدين: الدين يتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين ولكن على مستوى معين ، اى منظور إليها من جهة معينة هي علاقتها من حيث جزء من الواقع المحدود بالمطلق، فالمطلق لا يلغي المحدود بل يحده، وبه تصبح حركة الإنسان ليس مجرد فعل غائي اي مجرد تطور يتم خلال حل المشاكل التي يطرحها الواقع المعين ، بل تتحول إلى فعل غائي محدود بفعل مطلق (الربوبية) وغاية مطلقة (الألوهية)، أي كدح إلى الله بتعبير القرآن، فيحدد للإنسان نوع المشاكل التي يواجهها ،وطريقة العلم بها ، ويحدد نمط الفكر الذي يصوغ هذه الحلول، كما يحدد أسلوب العمل اللازم لتنفيذها.
    ولما كان المستوى الذي يتناول من خلاله الدين ذات المشاكل التي يطرحها الواقع المعين هو المستوى المطلق عن قيود الزمان والمكان، وبالتالي لا يخضع للتغير أو التطور في المكان وخلال الزمان، ولما كانت الحواس والعقل لا ينصبان إلا على ما هو محدود المكان وخلال الزمان وبالتالي يخضع للتغير والتطور، فإن وسيلة المعرفة هي الوحي من حيث هو ظهورذاتي للعلم الإلهي المطلق.
    والتسليم بصحة الوحي قائم على الإيمان لكن هذا لا يلغي دور الحواس أو العقل، ومعنى الايمان لغه التصديق كما في قوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) ومعناه الاصطلاحي هو التسليم بصحة فكرة لا يمكن إثباتها بالتجربة والاختبار العلميين لان موضوعها غير محدود بالزمان والمكان ، ولكن يمكن إثبات صحتها بالاستدلال العقلي بما هو انتقال الذهن من حكم إلى آخر لعلاقة ضرورية بينهما.قال تعالى (كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون) (البقرة:242).
    ولا يمكن أن يحدث تناقض بين الدين والفلسفة والعلم مادام الدين مقصور على المطلق ولا يتجاوزه إلى ما هو محدود (نسبي)، كما حدث في أوربا في العصور الوسطى، حين جعل بعض رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية بعض النظريات العلمية جزء من الدين المسيحي،وحين ثبت خطئها حدث تناقض (زائف) بين العلم والدين. وكما يحدث عند البعض من محاولة جعل القرآن كتاب علم من علوم الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء، والواقع من الأمر أن القرآن قد اكتفى في هذا المجال (كما في سائر المجالات) بما فيه هذى للناس في كل زمان ومكان، وترك لهم أمر الاجتهاد فيما و محدود بالزمان والمكان نسبي فيهما، فاكتفى بأن حرص المسلمين على أن ينتهجوا البحث العلمي إلى المعرفة ، فقرر أن حركة الوجود منضبطة بسنن لا تتبدل ثم دعاهم إلى الاجتهاد في معرفتها وإلتزامها.قال تعالى (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (آل عمران: 137).
    أما الآيات المتضمنة بتفسير بعض الظواهر الطبيعية فهي بمثابة أمثلة مضروبة للناس من أجل حثهم على البحث العلمي في السنن الإلهية التي تضبط الواقع الطبيعي والإنساني لا الاكتفاء بما في القرآن ،فهي أشبه بالأسلوب التعليمي في تدريس العلوم الرياضية، حيث يورد الكتاب القانون أو القاعدة ثم يورد بعض التطبيقات لهذا القانون (الأمثلة) ،ثم يطلب من الباحث الاجتهاد في وضع حلول للمشكال على هذا القانون.
    العلاقة بين المجالات الثلاثة: ويمكن التعبير عما سبق بأن كل من العلم و(الدين والفلسفة في بعض الجوانب) هي محاولات لتفسير ذات الوجود أي تتناول ذات الوجود لكن على مستويات معتددة (أي منظور إليه من جهات متعددة).
    فالدين يتناول الوجود على مستوى ماهوي أي الإجابة على السؤال ما هو الوجود؟ (أي ماهية القوة التي تحرك الوجود، بداية الوجود، نهايته). والعلم يتناول الوجود على مستوى كيفي أي البحث في ضوابط الحركة في الكون واتجاهاتها.
    والفلسفة تتناول الوجود على مستوى لماذي (أي الإجابة على السؤال لماذا(اى غايات الوجود الانسان كالحق والخير والجمال..) ويمكن تناول العلاقة بين المجالات الثلاثة من ناحية الوجود بأن كل درجة من درجات الوجود (أو مستوى من مستوياته) هي بالنسبة للدرجة الأدنى بمثابة الكل للجزء يحده فيكمله ويغنيه ولا يلغيه.
    وبالتالي فإن العلاقة بين الدين والفلسفة والعلم (الذين اختصوا بتفسير إحدى هذه الدرجات "أو المستويات") هي علاقة تحديد لا إلغاء. فالفلسفة بالنسبة للعلم هي بمثابة الكل للجزء تحده ولا تلغيه، والدين بالنسبة للفلسفة (وبالتالي للعلم) هي علاقة المطلق بالمحدود يحده فيكمله ويغنيه ولا يلغيه.
    كما يمكن تناول هذه العلاقة من ناحية المنهج بأن العلم يبحث في المحدود (المتغير) والدين يبحث في المطلق (الثابت) أما الفلسفة فتبحث في (الإطلاق) (أي الجامع بين الثبات والتغير) أي المركب الجدلي الذي يتجاوزما (كنقيضين) يحاول التأليف بينهما.

    القسم الثاني
    أقسام الفلسفة وقضاياها
    فلسفة الأخلاق
    تعريف الأخلاق:هي مجموعة القواعد التي تحدد للإنسان ما ينبغي أن يكون عليه سلوكاً تجاه الآخرين (من طبيعة ومجتمع)، يكتسبها الإنسان من انتماءه إلى مجتمع معين زمان ومكان ومن التعريف يمكن تحديد خصائص الأخلاق:
    1. المعيارية: أي أنها تحدد للإنسان ما ينبغي أن يكون عليه لا ما هو كائن.
    2. إنها تنصب على السلوك.
    3. إنها ذات صقفة اجتماعية لا فردية أي أنها جاءت كحل لمشكلة الاتصال الحتمي بين الناس والمجتمع.
    القضايا التي تناولتها فلسفة الأخلاق: تتناول فلسفة الأخلاق إحدى القيم الثلاث التي تتناولها نظرية القيم (الحق، الخير، الجمال) وهي قيمة الخير، وبالتالي فإنها تتناول ذات المشاكل التي تتناولها نظرية القيم ولكن على مستوى الخير فقط، وبناءً على هذا فإن قضايا فلسفة الأخلاق هي مشكلة طبيعة القيمة الأخلاقية أو طبيعة الخير، والمقصود بطبيعة الشيء تعريفه، وهذه المشكلة يمكن تقسيمها إلى أربعة مشاكل جزئية:
    1) الأخلاق بين الذاتية والموضوعية: الذاتية لغة اشتقاق من الذات أي النفس، واصطلاحاً ما يوجد داخل عقل الإنسان من أفكار وأحاسيس وعواطف، والموضوعية لغة اشتقاق من الموضوع واصطلاحاً ما له وجود مستقل عن وعي الإنسان غير متوقف عليه، وسابق على معرفته كوجود الأجسام المادية. وذاتية الأخلاق يعني أنها من وضع العقل واختراعه، وهو ما قالت به الوجودية في الفلسفة الغربية المعاصرة. أما موضوعية الأخلاق يعني أن الأخلاق لها وجود مستقل عن العقل الذي يدركها أي أن مصدرها ليس عقل الإنسان بل مصدر (موضوع) خارجه، ويعتبر أفلاطون أحد رواد القول بموضوعية الأخلاق ،إذ يرى أن الأخلاق ليست تصورات ذهنية لا وجود لها إلا في ذهن الإنسان بل هي موجودة وجوداً حقيقياً في عالم المثل الذي هو وجود مختلف عن الوجود المحسوس الذي ما هو إلا ظلال وأشباح له.
    2) الأخلاق بين النسبية والاطلاق: النسبي ما لا بفهم إلا منسوباً إلى مكان معين وزمان معين، وبالتالي يخضع للتغير في المكان والتطور خلال الزمان ، ونقيضه المطلق أي المطلق عن الوجود في الزمان والمكان، وبالتالي لا يخضع إلى التغيير أو التطور. وهنالك من قال أن الأخلاق نسبية كالسوفسطائية في الفلسفة اليونانية ،وهنالك من أن الأخلاق مطلقة كالمثالية الموضوعية ومن أعلامها أفلاطون وهيجل.
    3) الأخلاق بين المعيارية الوصفية: المعياري يتعلق بما ينبغي أن يكون، والوصفي ينصب على ما هو كائن. وهنالك من يقولون أن الأخلاق وصفية أي تصف السلوك الإنساني كما هو كائن ومثال لذلك ليفي برايل الذي يرى أن الأخلاق وقائع اجتماعية تقبل الوصف، وإن لكل شعب أخلاقه الخاصة التي عملت على تحديدها ظروف اجتماعية معينة، أما المدرسة المثالية فترى أن الأخلاق تتعلق بما ينبغي أن يكون.
    4) الأخلاق غاية أم وسيلة إلى غاية أخرى: هنالك من يرى أن الأخلاق مجرد وسيلة إلى غاية أخرى، فمذهب المنفعة يرى أن الفعل يكون خيراً إذا حقق منفعة ويكون شراً إذا أدى إلى ضرر، كما أن هنالك من يرى أن الأخلاق غاية في ذاتها مثل كانط الذي يرى أن الإرادة الخيرة هي معيار خيرية الفعل والإرادة الخيرة هي إرادة العمل وفقاً لمبدأ الواجب لا انتظاراً لمنفعة.

    فلسفة الأديان
    تعريف الدين :
    لغة: له ثلاث معاني:
    1) الخضوع والتسليم. 2) العادة. 3) الجزاء.
    اصطلاحاً: التسليم بصحة تصور معين عن وجود مطلق عن قيود الزمان والمكان غير خاضع للتطور أو التغيير فيهما وبالتالي غائب عن حواس وعقل الإنسان.
    هذا التصور هو العقيدة ومصدر معرفته وهو الوحي (الحقيقي في الأديان السماوية أو المتوهم في الأديان الوضعية) كما أن هذا التصور ليس معرفة نظرية فقط بل معرفة تستلزم عمل هو خضوع لجملة من القواعد المطلقة هي الشريعة.
    عناصر الدين: وبناءاً على التعريف السابق يمكن تحليل الدين إلى عناصر هي:
    1) عالم الغيب كموضوع:إن موضوع الدين ما هو مطلق عن قيود الزمان والمكان غير خاضع للتطور أو التغيير فيهما (عالم الغيب)، دون أن يعني هذا أنه منفصل عن الوجود المحدود والزمان والمكان الخاضع للتطور خلال الزمان أو التغيير في المكان (عالم الشهادة). إذا أنه يتناول ذات المشاكل التي يطرحها الواقع معين زماناً ومكاناً ، ولكن منظور إليه من جهة علاقتها من حيث هي جزء من الواقع المحدود زماناً ومكاناً بالمطلق الذي يحددها ولا يلغيها، ويحدد للإنسان نوع المشاكل وطريقة العلم بها، ونمط الفكر الذي يسوغ هذه الحلول ،وأسلوب العمل اللازم لتنفيذها.
    2) الوحي كوسيلة معرفة: ولما كان موضوع الدين مطلق فهو بالتالي غائب عن حواس وعقل الإنسان لأنهما لا يتناولان إلا ما هو محدود بالزمان والمكان ، وبالتالي فإن وسيلة معرفته هو الوحي، غير أن هذا لا يلغي دور الحواس والعقل، إذ التسليم بصحة الوحي قائم على الإيمان، والإيمان هو التصديق كما في قوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) والتصديق هو التسليم بصحة تصور لا يمكن إثبات صحته بالتجربة والاختبار العمليين لأن موضوعه غير محدود بالزمان والمكان ولكن يمكن إثبات صحته باستدلاله العقلي بما هو انتقال الذهن من حكم إلى آخر لعلاقة ضرورية بينهما لذا دعا القرآن إلى اتخاذ الكون وانضباطه بسنن إلهية كدليل على وجود خالق له.
    3) الجمع بين الطابعين النظري والعملي:إذ الدين لا يقوم على الإيمان بالربوبية والألوهية فقط بل العمل بمقتضاهما ليتحول الفعل الإنساني من فعل غائي إلى فعل محدود بفعل مطلق (الربوبية) وغاية مطلقة (الألوهية). لذا جاء الربط بين الإيمان والعمل الصالح.
    فلسفه الاديان وعلم الاديان:العلوم الدينية هي أنماط المعرفة التي تنطلق من التسليم بصحة دين معين كعلوم الحديث أو التفسير في الدين الإسلامي.أما علم الأديان فهو محصلة استخدام منهج البحث العلمي في دراسة جانب معين من جوانب الأديان، هو جانب ما يتصل بحياة الناس الواقعية وهو ذو طابع وصفي (يبحث في ما هو كائن).أما فلسفة الأديان فهي فرع من فروع الفلسفة يقوم على محاولة تقديم تفسير فلسفي للدين، لذا فهي تأخذ ذات خصائص الفلسفة فتتصف بالكلية (تحدد علاقة الدين بأنماط المعرفة الأخرى كالفلسفة والعلم) والتجريد (تناول المفاهيم المجردة التي تستند إليها الدين) والنقدية (تناول أوجه الصواب والخطأ في تصورات الناس إلى الدين).
    أدلة إثبات وجود الله:من أهم مواضيع فلسفة الأديان نذكر منها بعضها:
    دليل الممكن والواجب:أهم من دعا إليه ابن سينا والغزالي ويقوم على تقسيم الموجودات إلى قسمين:ممكن الوجود: أي التي تستمد وجودها من غيرها، وواجب الوجود: أي الموجود الذي يستمد وجوده من ذاته. فالموجودات الممكنة أما أن تستمد وجودها من ممكن الوجود وهذا محال لأن الممكن حسب تعريف ما يستمد وجوده من غيره أو تستمد وجودها من واجب الوجود (الله تعالى) وهو الافتراض الصحيح.
    دليل الحركة:كان أرسطو أول من قال به مضمونه أن كل متحرك لابد له من محرك، ولكن سلسلة المتحركات لابد أن نقف عند متحرك لا يتحرك هو المحرك الأول أي الله تعالى.
    دليل العلية:أي أن كل معلول يستلزم علة ولكن سلسلة العلل لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية بل لابد من أن تقف عند على أولى هي الله تعالى:
    الدليل الوجودي: نقض ديكارت الأدلة السابقة وجاء الأدلة الجديدة مضمونها (أن في ذهنه فكرة عن اللا متناهي، وهذه الفكرة لا يمكن أن أكون أنا مصدرها لأني كائن متناهي إذا لابد أن يكون قد وضعها في ذهني موجود لا متناهي. ولما كان الله موجود لا متناهي وهو مطلق الكمال والوجود كمال. إذا يكون الله موجود.
    الدليل الأخلاقي: نقد كانط الدليل الوجودي ورأى استحالة البرهنة نظرياً على وجود الله ولكن يمكن البرهنة على وجوده من ناحية أخلاقية إذ يرى أن لدى الإنسان شعور فطري للعدالة، والعدالة تقتضي أن يثاب المصيب ويعاقب المخطئ، ولكن في الحياة نجد أن يكون هنالك يوم آخر يعاقب فيه المخطئ ويثاب المصيب. ويكون هنالك إله يوجد هذا اليوم الآخر ويحاسب فيه الناس.

    فلسفة العلم
    تعريف فلسفة العلم: فلسفة العلم هي إحدى فروع الفلسفة التي تربط بين الفلسفة والعلم، إذ رغم أن لكل منهما مشاكل خاصة يحاول حلها ومنهج خاص لحلها، إلا أن الخصوصية لا تعني أن كل منهما منفصل عن الآخر، إذ أن كلاهما يتناول ذات المشاكل الواقعية ولكن على مستوى مختلف أي منظور إليها من جهة مختلفة.
    خصائص العلم وتعريفه:فالعلم هو معرفة القوانين الموضوعية (أو السنن الإلهية بتعبير القرآن) التي تضبط حركة تحول الطبيعة وتطور الإنسان التي لابد أن تأتي حلول المشاكل على مقتضاها لكي تكون صحيحة وبالتالي يتصف العلم بصفتين:
    العينية: أي أن العلم يبحث في وقائع معينة بذاتها زماناً ومكاناً وبالتالي تخضع للتجربة والاختبار.
    الجزئية: أي أن العلم يبحث في الوجود النوعي (الجزئي) أي يبحث في القوانين النوعية التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود.
    خصائص فلسفة العلم: أما فلسفة العلم (كفرع من فروع الفلسفة) فتتصف بصفتين:
    التجريد: أي أنها تبحث في الافتراضات السابقة على البحث العلمي كالموضوعية (هل الكون ذو وجود مستقل عن الوعي وغير متوقف على معرفته والسابق على هذه المعرفة أم من خلق وعي الإنسان) والحتمية (هل هنالك القوانين الحتمية تضبط حركة الأشياء والظواهر والإنسان).
    الكلية: الفلسفة مفهوم كل بالوجود وهذا المفهوم الكلي للوجود لا يتحقق إلا من خلال محاولة تقديم تفسير فلسفي لنتائج البحث العلمي في كل نوع من أنواع الوجود، هذا التفسير الفلسفي هو تعميم لنتائج البحث العلمي الجزئية. وهو أحد وظائف فلسفة العلم.
    بعض قضايا فلسفة العلم:
    العلاقة بين خطوات المنهج العلمي: في المنهج العلمي ثلاث خطوات:
    1) الملاحظة: أي مراقبة مفردات الظاهرة ورصد حركتها خلال الزمان.
    2) الافتراض: محاولة افتراض قانون لتلك الحركة من خلال إطرادها على قاعدة واحدة في ظروف مماثلة.
    3) التحقق: أو الممارسة إذ هي اختبار مستمد لصحة القانون.
    وتطرح فلسفة العلم مشكلة العلاقة بين هذه الخطوات الثلاث، وهنالك من يرى أولوية خطوة على غيرها كأولوية الملاحظة على الافتراض كما عند اوجست كونت وحون استيوارت مل وبيكون) أو أولوية الافتراض كما عند بياجيه ولاكتوس، وهنالك من يرى القيمة المتساوية لكل خطوات المنهج العلمي إذ لا وجود للمنهج العلمي بدون أحدهما مع الإقرار بأن أهمية كل خطوة قد تقل أو تكبر في علم معين أو عصر معين.
    المنهج العلمي بين العلوم الطبيعية والإنسانية: إذا كان العلم يتصف بالجزئية والنوعية أي يبحث في القوانين التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود علم خاص به فهل يترتب على هذا اختلاف تعريف العلم أو خطوات المنهج العلمي باختلاف هذه العلوم أم يترتب على هذا اختلاف كيفية هذه الخطوات وأدواتها فقط.،هنالك من يرى أن خطوات المنهج العلمي لا تختلف في العلوم الطبيعية عن العلوم الإنسانية ولكن ما يختلف هو الأدوات المستخدمة في هذه الخطوات ، وهنالك من يرى العكس مثل وليم دلتاي.
    التمييز بين العلم واللا علم:وفلسفة العلم بما هي محاولة للربط بين الفلسفة والعلم تبحث في تحديد مجال العلم وتمييزه عن مجالات المعرفة الأخرى سواء المجالات التي علاقة العلم بها علاقة تكامل كالدين والفلسفة (غير العلم)، أو التي علاقة العلم بها علاقة تناقض وصراع (اللا علم) كالخرافة بما هي محاولة لتفسير وقائع معينة زماناً ومكاناً ،ولكن بواسطة فكرة لا تخضع إلى التجربة والاختبار كتفسير المرض بروح شريرة تقمصت المريض.

    المنطــــــــــــــــــق
    تعريف المنطق: كلمة منطق في اللغة العربية مشتقة من النطق أي الكلام، ولكن المقصود المعاني أو دلالات الألفاظ وفي اللغات الأوربية نجد كلمة (Logic) مشتقة من كلمة (Logoc) (لوقوس) في اللغة اليونانية وتعني الكلمة والعقل والمعنى الاصطلاحي العلم الذي يبحث في قواعد العقل أي قوانين الفكر.
    خصائص المنطق:الصورية: المقصود بالصورية أن المنطق يبحث في صور الفكر أو شكله بصرف النظر عن مادته أو مضمونه.
    فلسفة المنطق، علم المنطق، فن المنطق:فلسفة المنطق هي الأفكار أو المفاهيم السابقة على البحث في قوانين التفكير ويقع في إطارها البحث في طبيعة المنطق (تعريفه) وقيمته ووظيفته وهنالك فلسفات لمنطق بمقدار ما هنالك من فلسفات.أما علم المنطق فهو البحث في القوانين التي تضبط حركة التفكير وهي قوانين موضوعية بمعنى أنها ذات وجود سابق على معرفتها وغير متوقف على هذه المعرفة (حتمية) بمعنى أن كل تفكير إنساني لا يخرج عنها إذ الخروج عنها يهني الجنون والهذيان) غير أن هذا لا يعني أن كل علم المنطق صحيح، فكون النظرية العملية لا يعني أنها صحيحة فثم نظرية علمية صحية وأخرى خاطئة فكلاهما علمية بمعنى أنها بحث علمي ولكن قد تصدق أو لا تصدق في اكتشاف القانون الموضوعي.أما فن المنطق فهو أشكال أو أنماك الفكر التي يجب أن تجئ على مقتضى قوانين المنطق لكن تكون صحيحة.
    قوانين التفكير:وقوانين المنطق الأساسية ثلاثة:
    1. الذاتية.
    2. عدم التناقض.
    3. الثالث المرفوع.
    موقف العلماء المسلمين من المنطق:
    1) موقف الرفض المطلق: ومن مثله ابن الصلاح في كتابه (الفتاوى) وهو من متأخري الحنابلة ويقوم على الرفض المطلق للمنطق كفلسفة وعلم وفن.
    2) الموقف النقدي: ويقوم على التمييز بين فلسفة المنطق ،حيث يرفض الفلسفة الأرسطية للمنطق) من حيث استنادها على نظريات ميتافزيقية تخالف العقيدة الإسلامية ، وعلم المنطق حيث يأخذ المنطق كعلم أي كقوانين نوعية تضبط حركة الفكر، مع تقدير إمكانية رفضه لنظريات منطقية معينة، لأن كون النظرية المعينة علمية لا يعني أنها صحيحة وفن المنطق (حيث يأخذ بعض أشكال التفكير التي جاء بها أرسطو ويضيف أخرى) ومن ممثليه الغزالي وابن حزم وابن تيمية.
    تطبيقات المنطق: للمنطق تطبيقات كثيرة منها مناهج البحث بما عي القواعد الوضعية التي تحدد طرق العلم بالمشاكل العلمية ونمط الفكر الذي يصوغ حلول هذه المشاكل ،فهي تنتمي إلى المنطق كفن. وعلم مناهج البحث هو قاعدة البحث في كل علم لذا تنتهي العلوم بكلمة Logy للدلالة على المنطق ككلمة (Biolgy, Sociology).ومنها الذكاء الاصطناعي وهو فرع من علوم الحاسوب الكمبيوتر يقوم على محاكة التفكير الإنساني على الحاسوب ومن تطبيقاته الإنسان الآلي (الربوت).

    فلسفة التاريخ
    نشأة فلسفة التاريخ:يمكن اعتبار ابن خلدون أهم رواد فلسفة التاريخ التي قصد بها الربط بين الأحداث التاريخية وتعليلها، وأن أول من استخدم لفظ (فلسفة التاريخ) هو الفيلسوف الفرنسي فولتير، وقصد بالمصطلح دراسة التاريخ من جهة نظر الفيلسوف، أي دراسة التاريخ دراسة نقدية تستبعد منه الخرافات والأساطير.
    تعريفها:ويمكن تعريف فلسفة التاريخ بأنها محاولة لتقديم تفسير فلسفي للتاريخ الإنساني ككل. وذلك من خلال تطبيق الفلسفة على التاريخ ، وهذا ما يتضح من وضوح مباحث الفلسفة الأساسية الثلاثة (الوجود – والمعرفة – والقيم) في فلسفة التاريخ، ففي مبحث المعرفة تتناول فلسفة التاريخ إمكانية معرفة التاريخ، مصدر المعرفة التاريخية، حدود المعرفة التاريخية. وفي مبحث قيم تبحث في دور العامل الأخلاقي في التطور التاريخي، إمكانية الحكم الأخلاقي على التاريخ .. الخ.
    الحقيقة التاريخية وطبيعتها ... الخ.
    1) الكلية:تتسم فلسفة التاريخ بالكلية، أي أنها تبحث في التاريخ الإنساني ككل.
    2) التعليل:كما تتصف التعليل بالكلية، أي أنها تبحث في العوامل الأساسية التي تحكم حركة التطور التاريخي، وقد غلب فلسفة التاريخ الغربية رده إلى عامل واحد (التفسير الأحادي للتاريخ).
    الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ: الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ يرجع الفرق بين الفلسفة التي تتصف بالكلية (وتفسير كلي للوجود) والتجريد (تتناول مفاهيم مجردة من الزمان والمكان) والعلم الذي يتصف بالجزئية (يبحث في جزء من أجزاء الوجود) والعينية (يبحث في وقائع معينة زماناً ومكاناً، وبالتالي فلسفة التاريخ تبحث في التاريخ الإنساني ككل (الكلية) من خلال دراسة المفاهيم السابقة على البحث التاريخي( التجريد) ، بينما علم التاريخ يبحث في وقائع تاريخية معينة زماناً ومكاناً (الجزئية) وذلك من خلال دراسة هذه الوقائع التاريخية باستخدام المنهج الوصفي (العينية).ويمكن التعبير عن الفرق بين فلسفة التاريخ وعلم التاريخ بأن فلسفة التاريخ إجابة على السؤال لماذا الحدث التاريخي؟ بينما علم التاريخ إجابة على السؤال كيف الحدث التاريخي؟
    التفسير الأسطوري للتاريخ:وفلسفة التاريخ تتناقض مع التفسير الأسطوري الذي هو تفسير كل التاريخ مثل فلسفة التاريخ لكن لا يقوم على التعليل كما في فلسفة التاريخ، بل على التسليم المطلق بصحة الأفكار التي يسند إليها دون التحقق من كونها صادقة أو كاذبة. فيتم مثلاً تفسير التاريخ بالرجوع إلى قوى غيبية كالأرواح أو الخبرة الشريرة كما في أسطورة الألياذة والأوديسا عند قدماء اليونانيين أو كما عند قدماء الشرقيين كالبابليين والأشوريين ولا مجال للجميع بين التفسير الأسطوري والتفسير الدينيلأن التفسير الأسطوري يلغي ما هو محسوس (شهادي) بما هو غيبي ، فالقول بأن التاريخ تحركه قوى غيبية يؤدي إلى وجود إنكار وجود عامل (محسوسة) تفسر حركته ، بينما التفسير الديني يجمع بين ما هو محسوس (شهادي) وما هو عيني (ميتافزيقيس) كالقول بأن للتاريخ قوانين موضوعة (يمكن معرفتها) وأن هذه القوانين هي ظهور تكويني للإرادة الإلهية.

    بعض نظريات فلسفة التاريخ:
    نظرية العناية الإلهية: تفسير التاريخ بإرجاعه إلى إرادة الاله، وأشهر ممثل لها أوغسطين الذي رأى في كتابه (مدينة الله) أن الجنس البشري عرف الخطيئة والمعصية لذا استحق ما أصابه من كوارث وحروب (يعني هنا غزوة البرابرة والإمبراطورية الرومانية المقدسة)، والحل هو قيام مملكة الله على الأرض ،فهذه النظرية تلتقي مع الدين (الإسلامي) في القول بالدور الإلهي في التاريخ ولكن بينما تصور هذه النظرية الإلهية قوة غيبية تحطم إرادة الإنسان (حيث تقول بالجبر) وتلقي قوانين الطبيعة .فإن الإسلام يتصور الله على أنه ذو إرادة مطلقة تحدد إرادة الإنسان المحدودة ولكن لا تلغيها (فالتاريخ هنا محصلة فعل إلهي مطلق وإنساني حدود) ، ولا تحطم قوانين الطبيعة ولكنها هي ظهور تكوينى لهذه الإرادة الإلهية، لذا عبر القرآن عن هذه القوانين بتعبير السنن الإلهية ،بعبارة أخرى فإن نظرية العناية الإلهية قائمة على الخلط بين التفسير الديني والتفسير الأسطوري وتصور اليونانيون القدماء لآلهتهم.
    هيجل: يرى أن الفكر المطلق هو العامل الحاسم في التطور التاريخي.
    ماركس: يرى أن الاقتصاد هو العامل الحاسم في التطور التاريخي.
    وهنالك من يرى أن الإنسان هو العامل الحاسم ( الفلسفة الإنسانية) غير أن بعضها يرى أن المقصود بالإنسان الجماعة. وبعضهم يرى أن المقصود بالإنسان الأفراد (الأبطال كما عند كارديل).
    ابن خلدون: يقرر أن الإنسان هو العامل الحاسم في حركة التاريخ، ولكنه لم ينظر إلى الإنسان كوحدة نوعية من الفكر والمادة، بل ركز على الجانب المادي (الفيزيولجي) كما يتضح من تركيزه على العصبية (وحدة النسب أي رابطة الدم)، لذا قارن المجتمع بالكائن الحي (يبدأ كطفل – فرجل – فشيخ) لذا لم يفهم حركة التاريخ على أنها تطور (نمو خلال إضافة)، بل على أنه تحول (نمو بدون إضافة).

    التصوف الإسلامي
    أصل كلمة تصوف:اختلف الباحثون في اشتقاق كلمة صوفي: فقيل مشتق من الصفاء، وقيل مشتق من قولهم (أن الصوفية في الصف ا لأول أما الله)، قيل لأهل الصفة وهم فقراء المهاجرين والأنصار بنيت لهم صفة من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. وقيل مشتق من صوفة بن مرة أحد سدنة الكعبة في الجاهلية وقيل مشتق من (صوفيا) وتعني الحكمة في اللغة اليونانية، وقيل مشتق من لبس الصوف وهو الراجح.
    المواقف المختلفة من الصوفية:
    1. القبول المطلق: أي الاعتقاد بالصواب المطلق للتصوف
    2. الرفض المطلق: أي الاعتقاد بالخطأ المطلق للتصوف، ويمثله بعض المتكلمين والفقهاء الذين كفروا الصوفية.
    3. الموقف النقدي: أي القول بتضمن التصوف لأوجه صواب وأوجه خطأ وبالتالي وجوب أخذ الصواب ورفض الخطأ، ومن اعلامه:
    ابن تيمية: يرى تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة (الرفض المطلق)، وطائفة غلت فيهم (القبول المطلق). وكلا طرفي هذا الأمر ذميم، والصواب أنهم مجتهدون ففيهم السابق وفيهم المقتصد، ومن المنتسبين إليهم من هوظالم لنفسه
    مصادر التصوف:
    1) رد التصوف إلى مصادر أجنبية:رد بعض المستشرقين التصوف إلى مصدر أو مصادر أجنبية كالمصدر الفارسي (دوزي) أو مسيحي (نيكلسون) أو الهندي (هورتن) أو اليوناني.
    2) رده إلى المصدر الإسلامي الخاص:ومن الباحثين من ينكر أي أثر للمصادر الأجنبية ورده إلى مصادر إسلامية كالقرآن والسنة.
    3) التأثير المتبادل للمصادر الأجنبية والإسلامية:كلا الموقفين هو إنكار السنة التأثير المتبادل ،فالموقف الأول إنكار لتأثير الصوفية في التراث الأجنبي، والموقف الثاني إنكار لتأثر الصوفية بهذا التراث، وبالتالي فإن التصوف تأثر بمصادر إسلامية وأجنبية، أما مدى هذا التأثير فيختلف طبقاً لنوعي التصوف: فالتصوف السني كان تأثره بالمصادر الأجنبية ثانوى، أما التصوف الحلولي (المسمى بالفلسفي) فتأثره بها كان رئيسى.
    نشأة وتطور التصوف:
    1) مرحلة الزهد (2 هـ):أول مراحل التصوف هي مرحلة الزهد في القرنين الثاني والثالث للهجرة حيث اعتزل البعض الصراع على السلطة بعد انتهاء الخلافة الراشدة وانصرف إلى العبادة.
    2) نشوء علم التصوف (3 هـ):ومنذ القرن الثالث نشأ علم التصوف كعلم متميز عن العلوم الإسلامية الأخرى.
    3) ظهور شيوخ الصوفية (4هـ): وفي القرنين الثالث والرابع الهجري ظهر بعض شيوخ الصوفية كالجنيد كما هو التصوف الحلولي عند الحلاج.
    4) ظهور التصوف السني (الأشعري) (5 هـ):جاء الإمام الغزالي في القرن الخامس وأرسى نوع من التصوف يستند إلى مفاهيم وعقائد أهل السنة طبقاً للمذهب الشعري ويخالف الحلاج.
    5) التصوف الحلولي (الفلسفي) (منذ 6 هـ):ومنذ القرن السادس ظهر بعض الصوفية الذين مزجوا بعقائد ومفاهيم أجنبية كوحدة الوجود في ما يسمى بالتصوف الحلولي منهم السهروري وابن عربي وابن سبعين.
    6) مرحلة الشروح والتلخيصات (منذ 8 هـ):توقف الاجتهاد في التصوف بصورة إجمالية واتجه أصحابه إلى الشروح والتلخيصات في كتب المتقدمين وصار التركيز على الناحية العملية من طقوس وشكليات.
    7) محاولات الإصلاح (العصر الحديث):وفي الفترة الحديثة والمعاصرة ظهر بعض المفكرين الذين دعوا إلى إصلاح التصوف وتخليصه من الشوائب التي علقت به في مراحله المتأخرة منهم محمد عبده وابن باديس.
    اقسام التصوف:
    1) التصوف السني (الأشعري): ويستند إلى المذهب الأشعري (السني)،وواهم اعلامه الامام الغزالى .
    2) التصوف الفلسفي (الحلولي): يستند إلى مفاهيم متعدده وينقسم إلى عدة مذاهب:
    أ. مذهب الحلول: مضمونه إمكانية حلول روح الله تعالى في الإنسان، وقال به الحلاج في كتاب الطواسين.
    ب. مذهب الاتحاد: مضمونه إمكانية اتخاذ الذات الإنسانية بالذات الإلهية، وقال به البسطامي.
    ج. مذهب وحدة الوجود: ومضمونه أن هنالك وجود حقيقي واحد هو وجود الله تعالى ،أما وجود المخلوقات فهو وهمي مصدره خداع الحواس ،وقال به محي الدين عربي وابن سبعين.

    علم الكــــــــــــــــــلام
    معنى الكلام لغة واصطلاحاً
    لغة: اللفظ الدال على معنى.
    اصطلاحاً: علم يعتمد على النظر العقلي في أمر العقائد الدينية.والمقصود بالنظر العقلي أنه يعتمد على المنهج الاستدلالي القائم على الانتقال من مقدمات عقلية إلى نتائج عقلية ،والمقصود بالعقائد الدينية الوحي القرآني، وبالتالي فإن علم الكلام يستند إلى المنهج الاستدلالي مثل الفلسفة لكن مقدمات الاستدلال عنده مصدرها الوحي القرآني.
    سبب تسميته علم الكلام:قيل لأن الكلام الجدل هو أداة هذا العلم كما أن المنطق هو أداة الفلسفة. لأن كتبه عنونت بالعبارة (الكلام في مسألة كذا).وقيل لأن مسألة كلام الله (القرآن) كانت أشهر مسألة.
    علاقة علم الكلام بالفلسفة:علم الكلام هو نمط من أنماط الفلسفة لأنه يعتمد على المنهج الاستدلالي مثلها ولكن مصدر مقدماته العقلية الوحي القرآني فهو فلسفة دينية إسلامية.
    علم الكلام والفلسفة الإسلامية:يلتقي علم الكلام مع الفلسفة الإسلامية في الغاية، وهي الدفاع عن الدين الإسلامي، ولكنهما يختلفان في المنهج اللازم لتحقيق تلك الغاية فعلم الكلام يتخذ العقائد الدينية نقطة بداية، أما الفلسفة الإسلامية فتتخذ الفلسفة اليونانية نقطة بداية والدين الإسلامي نقطة نهاية ،والعلة وراء هذا الاختلاف اختلاف المخاطب ،فعلم الكلام يخاطب أساساً الجماعات المسلمة وثانوياًُ غير المسلمين ،أما الفلسفة الإسلامية فتخاطب أساساًَ الشعوب غير المسلمة التي اتخذت الفلسفة والمنطق اليوناني أداة للدفاع عن العقائد الوثنية التي تؤمن بها ،فكان على الفلاسفة الإسلاميين الانتقال بهم مما هو مسلم لديهم أي الفلسفة اليونانية إلى ما هو مسلم لدى هؤلاء الفلاسفة (أي الدين الإسلامي).
    أسباب نشوء علم الكلام:
    1) أسباب داخلية:بعد عهد الخلافة الراشدة التي كانت امتداداً لعهد النبوة في قيامها على المساواة والشورى ظهر الانفراد بالحكم والحكم الوراثي وإلغاء المساواة فعلياً (رغم الإقرار بها نظرياً)، ومن هنا نشأ صراع بين قوى تحمل تراثها القبلي أو الشعوبي (أمويون، عباسيون، فرس) ، تستهدف السلطة وتحاول إيجاد تبرير ديني لأحقيتها بالخلافة، وكان هذا الصراع بمثابة توافر للشروط الذاتيه لنمو بذرة المذاهب الكلامية ومن ثم علم الكلام.
    2) أسباب خارجية:كما ان الفتح الإسلامي ضم مجتمعات مختلفة ذات أنماط مختلفة من الفلسفات والعقائد، وقد استندت إلى الفلسفة والمنطق اليوناني للدفاع عن هذه العقائد، وبالتالي لجأ المسلمون إلى المناهج العقلانية اليونانية في الجدال معهم.
    المواقف المختلفة من علم الكلام.
    1) الرفض المطلق:ومن ممثليه بعض متأخري المذهب الحنبلي وبعض الصوفية,
    الموقف النقدي:
    ابن تيمية:
    - يرى أن السلف لم يكرهوا الكلام لمجرد ما فيه من مصطلحات مولدة (أجنبية) بل لأن معاني هذه المصطلحات قد تتضمن أدلة وأحكام باطلة.
    - وبالتالي فإننا إذا عرفنا معاني هذه المصطلحات ووزنها بالكتاب والسنة بحيث تثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة وتنفي الباطل الذي نفاه كان ذلك هو الحق.
    - فموقف ابن تيمية من علم الكلام إذا موقف نقدي لا موقف الرفض المطلق كما يرى البعض.
    الغزالي:
    - استخدم الغزالي الشك المنهجي للانتقال من الفلسفة إلى علم الكلام إلى التصوف الذي تبناه.
    - ولكن موقفه من علم الكلام لم يكن الرفض المطلق بل موقف نقدي كموقفه من الفلسفة.
    - وبناءاً على هذا يرى الغزالي أن علم الكلام باعتبار منفعة حلال أو مندوب أو مباح وباعتبار مضرته ووقت مضرته حرام.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de