|
مفوضية الخدمة المدنية!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الخميس 29 يناير 2015
كثيرون يظنون أن الحال ينصلح بمجرد الإطاحة بنظام سياسي.. بلا أدنى رؤية إصلاحية أو مستقبلية.. ولكني أؤمن أن المطلوب (هيكلة الدولة السودانية).. من أخمص قدميها إلى قمة شعرها.. خاصة (الخدمة المدنية).. فهي أول درجات سلم الدولة الراشدة.. وواحد من أكبر معطلات نهضة السودان وتقدمه هو دولاب (الخدمة المدنية)، ماكينة ضخمة كبيرة معطلة وصدئة التروس ويعمها فساد كبير. لا سبيل لإصلاح (الخدمة المدنية) ما دامت هي واحدة من (عدة الشغل) في يد المنظومة السياسية.. مسيسة حتى النخاع.. لتحقيق حيدة وتجرد (الخدمة المدنية) أقترح استحداث وتكوين (مفوضية الخدمة المدنية)؛ لتحقيق عدة أهداف على رأسها.. فصل الطبقة السياسية Political Layer من ماكينة الخدمة المدنية.. حيث إن المفوضية تصبح هي الجهاز الأعلى المشرف على الخدمة المدنية مع مؤسسات أخرى تعمل تحت المفوضية، بينما الجهاز الوزاري (الوزير ووزير الدولة) لا يحق له قانوناً التدخل في تفاصيل العمل اليومي أو حتى الخطط التي تتعهدها الخدمة المدنية. رئيس وأعضاء المفوضية يختارون بواسطة منظومة (وكلاء الوزارات).. وسبق أن كتبت هنا أن واحداً من الإصلاحات المطلوبة هو أن يكون منصب (وكيل الوزارة) درجة وظيفية وليس (منصباً بعينه).. درجة وظيفية تمثل سنام الدرج في (الخدمة المدنية).. ينتخب الوكلاء أعضاء المفوضية على أن يعتمدهم البرلمان.. بما يحجب- تماماً- تدخل الجهاز السياسي في اختيار وعمل المفوضية. لا يخضع لـ (مفوضية الخدمة المدنية) أي من القوات النظامية الثلاث (الجيش والشرطة أو الأمن)، إضافة إلى مؤسستين مهمتين للغاية.. هما مجلس التخطيط الإستراتيجي، والجهاز المركزي للإحصاء.. والسبب في استثناء هاتين المؤسستين من الخضوع لمفوضية الخدمة المدنية هو ضرورة فصل (التخطيط)، و(مراقبة التنفيذ)، عن مفوضية الخدمة المدنية.. فيصبح تفويض الخدمة المدنية منحصراً فقط في إدارة العمل التنفيذي الحكومي اليومي.. دون الانشغال بـ (التخطيط) أو بـ (مراقبة التنفيذ) عبر الإحصاءات.. أسوأ ما يمكن أن تفعله دولة هو أن تطلب من الموظفين العموميين (Civil servants ) التخطيط لعملهم.. عقل الخدمة المدنية يعمل بفقه (إدارة الأزمة)، والتخطيط يستوجب عقولاً غير معنية بيوميات الأزمة.. عقول بصيرة تنظر إلى المستقبل بمنتهى الحصافة، والرصانة، والهدوء.. أما (مراقبة التنفيذ) والتي تعهد إلى الجهاز المركزي للإحصاء.. فلأن الموظفين في الخدمة المدنية يجيدون (تصحيح كراساتهم)، ومنح أنفسهم العلامات الكاملة.. ولهذا يندر أن تحصل في الخدمة المدنية- حالياً- على تقرير ينتقد الأداء، أو يتفقد مواقع الخلل.. كل التقارير (إشادة)، و(تثمين)، و(يسير العمل وفق الخطة)، رغم أنه لا خطة ولا يحزنون.. ولا عمل من الأساس. أدرك أنه في زحام أخبار الانتخابات، والحوار الوطني، وتشاكسات أحزاب المعارضة، لا أحد معني بأي فكر إستراتيجي.. لكني– في المقابل- أدرك أن كلماتنا هذه التي نكتبها هنا تبقى مع الزمن.. وسيأتي يوماً من يستفيد منها. http://www.altayar.sd/play.php?catsmktba=4152http://www.altayar.sd/play.php?catsmktba=4152
مكتبة الطاهر ساتي
|
|
|
|
|
|