|
مفسدون في الأرض والجو لماذا لا تلغى سودانير إذن؟! محمد وقيع الله (1 من 3)
|
التصريح الذي أدلى به السيد عبدالله علي مسار رئيس لجنة النقل والاتصالات بالبرلمان والقائل إن شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) أصبحت لها طائرة عاملة واحدة فقط أعاد إلى ذاكرتي عنوان مقال نشرته لي هذه الصحيفة في دهر مضى بعنوان (لماذا لا تلغى سودانير؟!) دعوت فيه إلى التخلص من هذه الشركة المنكودة. ومما أذكر أني قلته في ذلك المقال إني آليت على نفسي ألا أقرب طائرات سودانير وألا أركبها. ولما أزل وفيا لهذا العهد الذي قطعته على نفسي منذ عهد بعيد. ولعلي أفي به إلى آخر عهدي بالحياة الدنيا. وستكون من ضمن وصاياي ألا أحمل على طائرة من طائرات سودانير ولو كنت جثمانا في تابوت. وقد عللت موقفي هذا النفسي المتشدد من الشركة بما عايشته أو رأيتها من مضايقات السفر بطائراتها. وقلت إن أكثر تلك المضايقات ناتج في الدرجة الأولى من الخلل الفادح في أصول تكوين هذه الشركة وتركيبة إداراتها التي خلفت في أوساطها روح التخلف والاستهتار البالغ بمصالح زبائنها من الركاب. وأعطيت مثالا لذلك فقلت كيف تتوقع أن تقوم شركة طيران محترمة بإلغاء حجزك أو إلغاء السفرية بأكملها من دون أن تخطرك بذلك، وإنما يتقدم موظف عَيِي مغلوب على أمره ليكتب على سبورة عند مدخل المطار أن السفرية قد ألغيت، ويحدث ذلك بعد أن يتكامل حضور الركاب عند باب المطار، ويكون بعضهم قد أتى من مدن أخرى، وبعضهم جاء من أنحاء العاصمة النائية. وقد كان ممكنا لولا روح الاستهتار والاستصغار الكامنة في تراث الشركة، أن تقوم الإدارة بوسيلة أو بأخرى، بإخطار هؤلاء الركاب بإلغاء سفريتهم قبل وقت كاف حتى لا يتكبدوا مشاق الحضور إن ما ذكرته آنفا إنما كان هذا مشهدا واحدا محفورا في الذاكرة من المشاهد العديدة التي كابدتها أو شُفْتُها بعيني قبل أكثر من ثلث قرن من الزمان، ولكنه لا زال هو المشهد الذي يتكرر لا بحذافيره ولكن بروحه التي تعكس روح الاستخفاف، التي تعامل بها هذه الشركة الموصوفة بأنها وطنية، مصالح المواطنين، وتعامل بها الوطن الذي تحمل اسمه وتتاجر به. وقد تنبأت في مقالي ذاك باندحار هذه الشركة في المستقبل الوشيك لا محالة. لأن تراثها الطويل العريض في الإهمال وقلة الانضباط وضعف الترقي لا يؤهلها ولا يرشحها لأي مستقبل مشرق في مهنة الطيران وتجارته. فبتراثها السلبي هذا الضارب الأطناب الشديد الإطناب سيتأثر أداء الشركة في مجمل مستقبلها ويختل. وقد زعمت في مقالي أنه لا يمكن أن يتحسن أداء شركة هذا هو حالها، حتى لو استبدل طاقمها بأكمله من رتبة حمال أو بواب، صعودا إلى رتبة رئيس مجلس الإدارة وما يعلوه. فلن يتحسن أداء شركة مثقلة بهذا التاريخ المشحون بالأخطاء حتى ولو حازت على أرقى الإمكانات وأوفرها! لأن المسألة ليست المسألة مسألة إمكانات، بقدر ما هي مسألة استعدادات وقدرات حصيفة نظيفة مسؤولة. وقد دعوت إثر بوَحي من هذا الادعاء إلى إعادة النظر الجذري الثوري الفوري في أمر هذه الشركة الخاسرة ليتم اقتلاعها والإتيان ببديل عنها برئ عنها لا يمت إليها ولا إلى تاريخها وتراثها بنسب أو سبب. وقلت إنه ليس من الضروري أن نحتفظ بناقل وطني لمجرد الإسم، أي لمجرد أن يسمى هذا الناقل باسم (الناقل الوطني!) وإن كان في حقيقته يؤذي الوطن ويشوه سمعته في العالمين. وقد اقترحت أن تنشأ شركة أو شركات طيران جديدة يقوم عليها القطاع الخاص السوداني وحده بلا شراكة من الدولة وعناصر فسادها وحماة الفساد فيها. وزعمت أن القطاع الخاص السوداني جدير بأن ينشئ شركة أو شركات طيران تجارية ناجحة تنافس شركات الطيران الأخري وتضاهيها وتبزها، هذا إذا ما خلي بينه وبين العمل التجاري الحر القائم على الأسس الفنية والإدارية العلمية، بعيدا عن تغول البيروقراطية الحكومية وعمولاتها وامتيازاتها التي تأكل أكثر رصيد الأرباح. وأضيف إلى ما قلت بالأمس: وتبيع بعض الأصول كما باع بعض عتاة سودانير خط هيثرو بليل في صفقة فساد ليس لجرأتها مثيل. وهذا موضوع ينبغي أن يكون مفتوحا إلى أن يعالج باسترجاع الخط ومعاقبة من باعوه برميهم في السجن أو قطعهم من خلاف لأنهم مفسدون في الأرض والجو.
|
|
|
|
|
|