|
مفاوضات (يوم القيامة العصر)!! بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الأحد 30 نوفمبر 2014
أمس انهارت المفاوضات في أديس أبابا في المسارين.. مسار دارفور ومسار المنطقتين.. وبذا يظل الوضع على ماهو عليه.. وإلى أن تنعقد جولة جديدة تراق على الأرض كل يوم دماء جديدة.. ويدخل إلى قوائم المشردين والأرامل واليتامى قوافل جديدة لا يعلم أحد بأسمائهم ولا أعدادهم فهم من غمار الشعب المغمور الذي لا بواكي عليه.. بكل يقين هذه المفاوضات ربما تنجح في الوصول إلى اتفاق سلام بعد شهر.. أو بعد سنة.. أو بعد عشر سنوات.. لكن الذي لن تصل إليه أبداً هو (السلام) بالمعنى الذي يبحث عنه الشعب.. (السلام) نوعان.. الأول (سلام) منصوص عليه في الاتفاقات.. وهو السلام الذي لن يتحقق إلا في الأوراق ومحاضر الجلسات.. تماماً مثل سلام جنوب السودان الذي وقع عليه الطرفان في نيروبي في 9 يناير 2005.. ولم يتحقق حتى لحظة انفصال الجنوب.. ثم استمرت أذياله الدموية حتى بعد الانفصال وإلى يومنا هذا.. هو مجرد (سلام) والسلام.. أو سلام دارفور الذي وقع أولاً في أبوجا.. ثم سلام دارفور الثاني الذي وقع في الدوحة.. وربما سلام دارفور الثالث في أديس أو الدوحة أو أي عاصمة أخرى.. ولن يحقق السلام بالمعنى الذي يتمناه الشعب.. بل بالمعني الذي يرتضيه الساسة.. سلام المناصب وقسمة السلطة والثروة.. والسلام.. السلام الذي يتمناه الشعب.. هو سلام بلا اتفاقيات مكتوبة.. ممارسة عملية على الأرض تزرع التوافق والانسجام والتعايش.. مثلاً.. في الولاية الشمالية هل هناك حرب؟؟ هل هناك سلام؟؟ لا هذا ولا ذاك.. لأن الوضع الطبيعي لا يطلق عليه (سلام).. السعودية ودول الخليج مثلاً.. لا تعاني من حالة (سلام) فهي تعيش في الوضع الطبيعي الذي يعيش فيه كل البشر الأسوياء في الأوطان الطبيعية.. فقط الشعوب المأزومة والأوطان المتأزمة هي التي تبحث عن مرفأ (السلام).. المطلوب في مفاوضات (السلام!!!) التي تجري وتمشي (وتقع وتقوم) في أديس أبابا أن تنظر ببصيرة ثاقبة للبحث عن (السلام) بمفردات الشعب السوداني.. وهو أسهل وأسرع الطرق.. مفردات (السلام) بالمعنى الذي يصلح للسودان.. لا يمكن أن تنهض على أكتاف الأجندة المدرجة في طاولة تلك المفاوضات.. فالأزمة التي تجتاح المناطق الثلاث ليست في المناطق الثلاث.. هي في المركز والمفاهيم التي تحكم السودان كله.. وهي بكل أسف مفاهيم راسخة منذ الاستقلال.. حاولت بكل جهد رصدها من خلال التحقيق الصحفي الذي تنشره "التيار" اليوم في حلقته الثالثة.. فالذين يظنون ويعملون على قطارات السياسة التي يترجل منها أشخاص ويركبها جُدد لن يحصلوا في نهاية الأمر إلى مزيد من التخبط والحسرة على عمر السودان الضائع سدى.. المطلوب مفاهيم جديدة.. تحكم السودان.. هي التي يجب أن تكون موضوع المفاوضات..!!
|
|
|
|
|
|