:: عذراً على إحتجاب الأيام الفائتة.. ومع طفرة الإتصالات أو ثورتها كما يصفون، فان ظروف السفر - إلى كل أمكنة الدنيا - لم تعد تحجب الأقلام عن قرائها.. ولكن للأسف، رغم حاجة الناس إليها، كل وسائل التواصل والإتصال لم تصل المحليات التي على سطح جبل مرة، ولذلك إحتجبت (مُكرهاً)..وغداَ باذن الله، في غير هذه المساحة، بالصور نحكى بعض مشاهد الحياة وقضايا البلد في (جبل مرة)، ومناطق أخرى بدارفور .. وإلى ذلك الحين، فهذه قضية أخرى ..!! :: الشيخ عبد الحميد كشك، عليه رحمة الله، عاش صادقاً، وظل يدفع ثمن صدقه سجناً وتعذيباً.. ومع ذلك، لم يبدل ولم يتزلف لسلاطين مصر لقى الله - ذات جمعة - متوضئاً و ساجداً..ومن لطائف كشك ، كان دائماً ما يردد عند إقامة الصلاة : ( ساووا الصفوف وإعتدلوا، وإخوانا ناس مباحث أمن الدولة إللى في الصفوف الأمامية يتقدموا شوية، علشان إخوانا المصلين اللي في خارج المسجد يلقوا مكان بينكم)..!! :: فالأنظمة كانت ترسل فرقاً أمنية - بهيئة المصلين - لرصد ومراقبة خطبه الناقدة، ولذلك كان يبتدر الإقامة بذاك التنبيه الساخر..وهكذا تقريباً حياتنا العامة.. تضج بمن يتخذون دين الله الحنيف كغطاء فقط لا غير .. وعلى سبيل المثال الراهن، في مثل هذا الموسم من كل عام، نقرأ في الصحف ونسمع في المساجد هذا الإفتاء : ( يجوز إقتراض ثمن الأضحية لمن يظن بأنه قادر على سداد القرض دفعة واحدة أو على أقساط )، هكذا يفتون في كل عيد.. جزاهم الله خيراً ..!! :: لاغبار في الفتوى، وقد تكون صحيحة.. أكرر ( قد تكون)..ولكن حين تخرج الفتوى مبتورة فهي بمثابة تبرير لما يحدث لإقتصاد البلد ..أي كأن لسان حال هؤلاء الشيوخ يريد أن يقول للسواد الأعظم من الموظفين والعمال : ( إتدينوا حق الخروف وسددوا الدين بأقساط مريحة، وخلاص)..أوهكذا يجدون مخرجاً آمناً للسادة المسؤولين من مأزق أسئلة من شاكلة : ( كيف؟، ولماذا وصل الحال بالناس إلى حد شراء خراف الأضاحي بالديون والأقساط المريحة؟).. كان على الشيوخ طرح هذه الأسئلة قبل أو بعد فتوى الأقساط.. كان عليهم أن يتعمقوا في جذور الأزمة، بدلاً عن تخديرها بمثل هذه الفتاوى ..!! :: وعلى كل حال، ليس هناك داع للقرض بغرض شراء (خروف الضحية).. إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والأمر سنة مؤكدة لمن إستطاع إلي ثمن الخروف سبيلاً بلا ديون أومتاهات الأقساط ، أي للمقتدر والمستطيع.. ونعلم بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ضحى لغير المستطيع من أفراد أمته، أثابهم الله وأكرمهم بنعمه.. وكان على الشيوخ توعية المجتمع بخطاب الإستطاعة بحيث لا يحملوا غير المستطيع ما لا طاقة له به بمثل هذه الفتاوى التي تُرغم غير المستطيع على شراء خروف الأضحية (مكرها)، أي ولو بالديون المسماة بالأقساط .. !! :: والمُضحك، بالتزامن مع إعلان اتحاد عمال ولاية الخرطوم عن طرح الخراف بالأقساط للعاملين، يقول مدير القطاع الاقتصادي بوزارة المالية بالخرطوم، الدكتور عادل عبد العزيز، بالنص : (بلغت نسبة الزيادة في أسعار الخراف هذا العام 18% مقارنة بالعام الماضي 8%، وإن العمليات الحسابية تؤكد أن هذا السعر ممتاز).. تأملوا هذا التناقض ومعيار الإمتياز المُنتهك في العبارة .. لقد بلغ سعر الخروف مقاماً بحيث عجز العامل عن السداد إلا بالأقساط، ومع ذلك يصف مدير القطاع الإقتصادي السعر بالممتاز .. لقد صدق .. لو لم يكن السعر (ممتازاً)، ربما ناشد الصناديق العربية وصندوق النقد الدولي بتمويل ( الخرفان)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة