دهشت للخبر المتداول في بعض الوسائط الإلكترونية والذي ألمح إليه الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز في عموده بصحيفة (السوداني) حول ما تمخضت عنه اجتماعات الحكومتين السودانية والسعودية بشأن ما سمَّاه بالتنسيق (لحماية اقتصاد البلدين من أي أنشطة مريبة وغير شرعية.. تشمل التحويلات والعمليات التجارية). فقد قال عادل في تحليلله للخبر: (إن الجانب السعودي قد استجاب أخيراً لطلبات الجانب السوداني وتفهم احتياجاته المتعلقة بأن تتم تحويلات المهاجرين عن طريق النظام الرسمي وليس عن طريق المكاتب المنتشرة في كل أنحاء المملكة من أجل الإتجار في العملة)! والله إني لمندهش بل مصدوم مما تفعله وزارة المالية وطاقمها الاقتصادي بحق هذا الوطن وهذا الشعب الصابر بل بحق الحكومة التي هي جزء منها والتي تواجه حرباً شعواء تشنُّها عليها وزارة ماليتها او قل صديقها الجاهل تأكيدا للمقولة الحكيمة (عدوٌّ عاقل خيرٌ من صديقٍ جاهل)! فبعد الفشل الذريع الذي منيت به القرارات الاقتصادية الأخيرة والتي أدخلت هذه الحكومة في أكبر مأزق وأخطر مشكلة تواجهها منذ أن تصدَّت لحكم البلاد منذ (27) عاماً ها هي توجه إليها لكمة أخرى لتزيد من عزلتها التي هوت بها إلى قاعٍ لم تبلغه في تاريخها الطويل. لا أحتاج إلى إثبات فشل القرارات الاقتصادية الأخيرة ذلك أن الدولار مد لسانه بالتهكُّم والسخرية بعد أن تزايد سعره منذ اليوم التالي مباشرة لقرار تعويم الجنيه وظل يتصاعد إلى أن عانق الـ(20) جنيهاً وأعجب كيف لا يفعل والناس جميعاً لا يجدون غير السوق الموازي (الأسود) للحصول على الدولار ملاذاً بعد أن أقدمت المالية وبنك السودان على إصدار قرارهما الكارثي بدون توفير غطاء يكبح ردة الفعل المتوقعة من السوق الموازي سواء بفعل (العدو) السياسي المتربِّص أو المحتاجين من مرضى ومعتمرين وعمالة أجنبية وسيّاح وتجار شنطة وغيرهم؟! هل يعقل أن تطارد وزارة المالية مواطنيها الصابرين حتى بعد أن تركوا لها البلد وفروا إلى بلاد الله الأخرى هرباً من جحيمها جراء سياساتها الفاشلة بعد أن ضاقت بهم الأرض بما رحبت ثم ولوا مدبرين؟! هل يُعقل أن يكون عباقرة بنك السودان ووزارة المالية بالسذاجة التي تجعلهم يتوهمون أن ارتفاع الدولار ناشئ عن صغار السماسرة من تجار العملة (الحايمين) في ردهات البنوك بالسوق الافرنجي وغيره؟! وهل يجهلون أن (تماسيح) السوق الموازي أكبر من أن يخرجوا من مكاتبهم المترفة ليجوبوا الشوارع جيئةً وذهاباً لمطاردة الباحثين عن الدولار بل يعلمون أن مطاردتهم لأولئك الصغار هي التي تزيد الطلب على الدولار؟! والله إنه لمن الغريب بحق ألا تعجل الحكومة بإنفاذ الحوافز التي طرحها أمين عام جهاز المغتربين د. كرار التهامي لإقناع السودانيين العاملين في الخارج بإرسال تحويلاتهم سيما وأن هذه الوسيلة جرّبت من قبْلُ وليْتها لو رصدت ما فعلته دول أخرى خصّصت وزارات للتواصل مع أبنائها في المهجر فقد بلغت تحويلات المغتربين الإثيوبيين لبلادهم في عام واحد خمسة مليارات دولار في مقابل حزمة صغيرة من الحوافز تتوافر في السودان أكثر من أثيوبيا خاصة الأراضي. أقول لوزارة المالية إنه لا خيار آخر غير ما غاب عنها يوم اتخذت قراراتها المشؤومة التي أشعلت غضب الشارع قبل أن تملأ خزائن البنوك بكميات وفيرة من الدولار يلبي طلب الباحثين عنه أما السعي لحمل دول أخرى على إجبار المغتربين السودانيين على تحويل أموالهم عبر البنوك فإنه أمر لا يجوز أخلاقياً ولا يحق للحكومة السودانية ولا للدولة المشغلة للعمالة الأجنبية أن تفعله. إن على الحكومة أن تلجأ إلى الخيارات الأخرى التي باتت معلومة حتى لراعي الضأن من كثرة الحديث عنها ومن ذلك مثلاً كبح جماح الإنفاق والاستهلاك الحكومي ذلك أنه لا شيء يقنع المواطن أكثر من تقديم الحكومة المثال على أنها أول المكتوين بقراراتها ثم إن على الحكومة أن تضغط على ترهُّلها بتحديد عدد الدستوريين وإذا كانت عاجزة عن إلغاء الحكم الفيدرالي وإعادة البلاد إلى نظام الأقاليم الستة كبحاً لجماح الصرف على المناصب الدستورية المنتشرة على امتداد مساحة السودان خاصة في السيارات ووقودها والمخصصات والأثاث فما أقل من أن تحدِّد عدد تلك المناصب بل إن التجنيب الذي تستثنى منه بعض الوزارات السيادية والشركات الحكومية التي تمسك بخناق القطاع الخاص كفيلٌ بسد العجز في الموازنة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة