|
مصر هبة السودان ... منتصر محمد زكي
|
قالها هيرودوت بصيغة أخرى وقالتها وقائع التاريخ غير المحرفة وأثبتتها التنازلات الكبيرة التي قدمها السودان لمصر عبر السنوات لدرجة إقتسام فاقد التبخر في بحيرة السد العالي .. ضحى السودان من أجل عيون مصر بأكثر من 200 ألف فدان صالحة للزراعة وعشرات القرى الآهلة بالسكان وغمرت مياه السد العالي الكثير من الكنوز التاريخية التي لاتقدر بثمن .. رغم كل ذلك لم يجني السودان من مصر سوى التعالي ونكران الجميل .. يخطئ السيسي مرة إذا إعتقد أن عبارته المستفزة ستغير من واقع الحال .. ويخطئ ألف مرة إذا ظن (وبعض الظن غرور) أن السودان لايزال حديقة مصر الخلفية .. من أكبر أخطاء الدولة المصرية عبر الحقب إصرارها على معاملة جارتها الجنوبية بعقلية السيد والتابع .. عقلية التاريخ المخزي التي عفا عليها الدهر .. ورغم أن مياه التغيير قد مرت من تحت الجسر ومن فوقه بل أخذت الجسر معها في طريقها إلا أن أهل مصر وحكام مصر يرفضون تقبل الحقيقة الواضحة وضوح الشمس وهي أن السودان هو صمام أمان البوابة الجنوبية لمصر والمصدر الوحيد لتوفير أمن غذائي لبلد أستهلكت أراضيها الزراعية حتى شاخت وعقمت تربتها .. يتجاهل حكام مصر أن السودان دولة ذات سيادة وذات تاريخ باذخ ضارب في القدم وأن حضارة مصر التي يتباهون بها بين العالمين ما هي إلا جزء من حضارة السودان القديم (كوش) حملها النيل معه في طريقه إلى المصب .. من هنا من الأرض السمراء ذات الخصوبة الدائمة بدأ تاريخ البشرية ومن هنا مر الأنبياء ومن هنا يعبر النيل في أطول رحلة عبر مساره الأبدي .. للأسف الشديد كان للنخب السياسية المصرية دور سلبي وغير مشرف في شكل العلاقة بين البلدين بل ساهم بعضهم في تردي العلاقة وترسيخ مفهوم السيد والتابع إضافة إلى الكثير من المثقفين ونجوم المجتمع المصابون بالنرجسية والنفخة الكدابة .. قليلون جدا يعرفون قدر السودان وأفضاله عليهم .. رضا اليانكي لن يدوم وأموال الخليج التي تدفقت على مصر كالمطر مرحلة إقتضتها المصلحة المشتركة أكسجين صناعي لن يخرج الإقتصاد المصري من غرفة الإنعاش .. ماهو الحل ؟ .. الحل بسيط جدا ومتاح على الدوام إلا لمن أبى .. الحل في بناء علاقة أخوية مصيرية بين السودان ومصر يسودها الإحترام المتبادل والندية لمصلحة الشعبين وإستقرار البلدين .. يقول جبران خليل جبران : (الحق يحتاج إلى إثنين واحد يقوله والثاني يعمل به ) .. ونحن قلنا الحق وعلى مصر أن تعمل به لمصلحة مصر وشعب مصر ولأن الحق أولى أن يتبع .
[email protected]
|
|
|
|
|
|