|
مصر ... جيب الاستيكة ياقدع بقلم أحمد شوقي بدرى
|
قرأت قديما واظنه في كتاب نائب في الارياف ان مجوعة من النساء في القرية كن يزغردن وهن يحملن جهاز تلفون ويطفن القرية . والنساء كن من اسرة العمدة الجديد . وكان جهاز التلفون يمثل رمز السلطة في القرية ويتواجد فقط في دوار العمدة . والعمدة يمثل الفرعون الجديد الذي يستلم من الفرعون القديم ويقوم بمسح اسمه ورموزه من المعمار والمعابد . البارحة برأت المحكمة حسني مبارك وابنائه ووزير الداخلية حبيب العادلي . ولا اعرف ماذا حدث لاحمد عز والبقية. في التسعينات قابلني الخال محجوب عثمان طيب الله ثراه في المطار واخذني الي شقته في العجوزة شارع ابو المعاطي رقم 64 الطابق الثاني ، خلف مسرح البالون مباشرة . وجلسنا للتسامر . وكان هنالك مجنون يطوف الحي ويصرخ بطريقة تؤكد ان حباله الصوتية من نوع فريد . ولان الشبابيك مفتوحة فكان من المستحيل حجب صوته القوي . ومع الفجر بدات ثلاثة جوامع متقاربة في رفع الآذان بمكبرات صوت قوية . وكأن بينهم تنافس . بعد عدة ايام ونحن نشتري الجرائد من الكشك بالقرب من الفوال والصيدلية رايت رجلا غير حليق يبدو عليه الهدوء والدعة وهو يقرا الجرائد امام الكشك . وكان يرتدي بدلة كاملة وان كانت قد فارقها العز . واعلمني الخال محجوب عثمان ، بانه المجنون . عندما فتك المهوسون الاسلاميون بالسياح في الاقصر ثار حسني مبارك وقال للالفي وزير الداخلية امام عدسات التلفزيون .. انت طلعت اي كلام ... وبالرغم من هذا يصدع رأسنا المصريون بانهم بلد الموسسات . وان الله سبحانه وتعالي قد انعم علي مصر بالامن والسلام . وتجد الآية الكريمة ... وادخلوا مصر ان شاء الله آمنين ... صدق الله العظيم ، مكتوبة في كل مكان . بلد المؤسسات لا يبهدل فيها وزير داخليتها امام الخلق ويطرد مثل تلميذ خائب . ولا يتم تعيين آخر من الرف بدون استشارة الجهاز التشريعي . الرئيس الامريكي لا يمكن ان يعين سفيرا بدون تمحيص الكونقرس . ولم يحاسب حسني مبارك نفسه فهو كبير العيلة ، كما كان يقول السادات .... ده انا كبير العيلة . لقد قام المهووسون بذبح النساء العجايز بالسكاكين وطاردوهم لمدة 45 دقيقة . وهذا يعني شوطا كاملا لمباراة كره القدم . ولم يتوقفوا الا بعد ان بلغ منهم الاجهاد اقصاه . فعملية المطاردة والذبح مجهدة حتي لشباب مهووس . ولم يكن هنالك اي وجود للامن والجيش لحماية السواح الذين كانوا يمولون اهم وجوه الاقتصاد المصري . قبل تلك الحادثة كنت في طريقي للمطار في الصباح الباكر ولاحظت ان هنالك رجل امن او جيش خلف كل شجرة في كل الطريق المؤدي الي المطار , فسألت السائق عن السر . فقال لي ان السبب هو ان الريس مسافر . وكان سفره في بداية المساء . فسألت لماذا هم هنالك منذ الصباح الباكر . وقال السائق انهم هكذا منذ الامس . ولم يتكرموا علي الاقصر بدستة رجال امن لحماية السواح المساكين . والمحزن هو كيف قدر اولائك الوحوش علي بقر بطون نساء عجائز بعضهن في الثمانينات من العمر؟واي قلوب تلك التي تقدرهم علي الفتك ببشر لم يعرفونهم . بعد تسلم العدلي حدثت مسرحية غير مصدقة . فعندما حضرت في المساء كان شارع ابو المعاطي واغلب الحي مقفولا بحواجز حديدية ورجال امن يحملون الرشاشات وعصي مضيئة ويمنعون دخول السيارات ، ويحققون مع الداخل والخارج . والعدلي كان يسكن في نفس المربوع . وعندما ذهبت لشراء الفراخ البلدي من صاحب الفراخ اللطيف الذي يجلس علي كرس متحرك وهو مقطوع الرجلين ويبدوا كأحد ضحايا الحرب ، كان المحل خاليا من البشر . وكان يشتكي من انقطاع الزباين . وكان الانسان ينتظر في محلات العربي للشواء لفترة طويلة . ولكن بعد تنصيب الباشا قل عدد الزبائن . وتأثر الفوال وصاحب السوبر ماركت والغسال والصيدلية . وكنت ا اتألم للجنود الذين يقفون في منتصف الطريق وهم يرتدون خوذات الحديد في صيف القاهرة الخانق . واختفي المجنون . وصارت الجوامع تهمس بالآذان . وتذكرت كيف كان المسلمون يؤذنون في جرة في بداية الاسلام . قبل ايام استمعت لمقدم برنامج تلفزيوني يتحدث مع حسني مبارك . وحسني مبارك يرد عليه بوضوح . وحسني مبارك كانوا يأتون به علي سرير للمحاكمة . وقبلها بايام كان الاعلام الحكومي يشيد بصحة الريس ويقولون ان صحته بمب . ولقد كتبت انا ان صحة حسني مبارك في المحاكمات ليست منهارة كما يزعمون . وان الامر هو تمثيلية . لقد بصق النظام المصري في وجه القضاء . ولنا الحق ان نتسائل ماذا عن الفلوس التي ارجعتها زوجة حسني مبارك. هل سترد اليها . وهل سترد المنهوبات . وهل سيطالب حسني واولاده برد شرف وتعويضات . وهل سترد اموال احمد عز وبقية الحرامية ؟؟؟ وهل سيعوضون . وماذا عن الصحفيين والاعلاميين الذي هللوا لادانة العدلي والبقية ؟ هل سيدخلون السجون؟ ويحاربون في رزقهم . وماذا عن دماء الشهداء هل قتلتهم اسرائيل ؟؟ وهل كل ذالك الجهد والاعتصام والثورة الخالدة قد تبخرت . وسيعود الباشوات ؟؟ هل سيعود حسني وابنائه للقصور والخدم والحشم وادارة الشركات والتدخل في السياسة ؟ والاهم من كل هذا هل سيحاكم من سيأمر الآن بقتل المتظاهرين في الايام القادمة. وهل ستعود السرقات ويسمح للوزراء وازلامهم في السيطرة علي الاعلام والتجارة والسلطة . وماذا عن عودة الديمقراطية ؟؟ وكيف ستعامل المعارضة. ؟ وهل سيسمح للشباب من جديد في التعبير عن رأيهم وهم مستقبل مصر ؟ هل سيستمر البوليس المصري في التعامل مع الشعب بالكف والشلوت والاسائة والشتم ؟؟؟ بعد سنة من تعيين العدلي انتقل الي سكن فاخر يليق بالباشا الجديد . الا يحس هؤلاء البشر ان هذا حرام؟ از علي اقل تقدير غلط وعيب في حق شعب فقير ومطحون . ولكن بعض افراد اسرته استمروا في السكن في شقة العجوزة ولم تختفي الحواجز . لماذ يسمح العدلي لنفسه ان يركب علي اكتاف الشعب وهو وزيرهم الذي يجب ان يخدمهم ويسهر علي راحتهم . لماذا يعتبر المنصب فرصة للترف والثراء والاستمتاع والتسلط . عندما سألت عن غرابة اسم الالفي الذي طرده حسني مبارك بدون اشهار الكرت الاصفر في البداية . عرفت ان جده من المماليك وكان وسيما دفعوا عليه الف جوال قمح . من هنالك اتي الاسم . هل نظام الممليك لا يزال يسيطر علي مصر ؟ هل سيظهر حسني مبارك الذي ذكر الناس بمومياء توت عنخ آمون في المحكمة ، ماشيا متحدثا من جديد ؟؟ وهذا ممكن فالشعب المصري متعود علي ان تمسح كل الاشياء بالاستيكة وتبدا صفحة جديدة لفرعون جديد .
|
|
|
|
|
|