|
مشروع الجزيرة.. حملة تفتيش ضد خفافيش الظلام – بقلم يوسف الجلال
|
فرحة غامرة تسيّدت المهتمين بأمر مشروع الجزيرة، على خلفية التعديلات الضرورية التي تم ادخالها على قانون 2005م، وهو ما يعني أن دفقة من الامل، بانصلاح حال المشروع، قد انسربت إلى دواخل وعاطفة أهل الجزيرة. ومرجع تلك الفرحة، مرده إلى أن التحسينات التي طرأت على القانون من شأنها – اذا توافرت المطلوبات الأخرى – أن تُسهم في نفخ الروح، وضخ الدماء في جسد المشروع، بعدما انقضت عليه معاول الاهمال المتعمّد، فاحالته الى بوار.
لكن، بالمقابل هناك من امتعض، وتملكته الحسرة والندامة جراء تلك التعديلات، لجهة أن وجودها فيه ضمان لاستمرار مصالحهم الذاتية في المشروع. وهنا لابد من الاشارة الى ان اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل بذل المال والجهد في سبيل انتزاع قانون 2005م من قبة البرلمان، حتى لا تطاله يد التعديل. بل ان الاتحاد سبق ان نشر اعلاناً مدفوع القيمة والأجر، في عدد من الصحف، ترجى فيه الرئيس البشير بعدم اجراء تعديلات على قانون مشروع الجزيرة. لذا لم يتعجّب الكثيرون ولم يستغربوا غضبة الحرس القديم الذي كان مسيطرًا على ادارة المشروع، على تلك التعديلات، وهو ما يفتح الباب على احتمالات عدة..!
يحدث هذا في الوقت الذي رحّب فيه العارفون بأمر مشروع الجزيرة، بالتعديلات التي تم ادخالها في القانون. ويحدث هذا في الوقت الذي انطوت فيه التعديلات على محاسن ممتدة ومزايا كثيرة، مثل رجوع الادارة وتثبيت منصب المحافظ، وإلغاء روابط مستخدمي المياه والاستعاضة عنها بجمعيات المنتجين، بجانب استتباع ادارة الري فنياً لوزارة الرزاعة والري، وإدارياً للمدير العام للمشروع، وهذه محمدة كبيرة جدًا، من شأنها الاسهام في انصلاح المشروع، اذ ان وزارة الري اصبحت تدير المياه الى الترعة الفرعية وحتى "فم أبوعشرين"، بعدما كانت تُدار بواسطة "الروابط"، وهذا يعني ان الادارة ستكون بواسطة مهندسين مختصين، وهي خطوة متقدمة فنياً وإدارياً. علاوة على أن التعديلات الجديدة في قانون 2005م حفظ للملاك استحقاقاتهم المهدرة، وتبعًا لهذا ضمن المُلاك ممثلين لهم في مجلس ادارة المشروع. وأهم من ذلك فقد حافظت التعديلات على التركيبة المحصولية والدورة الزراعية، وهي واحدة من شروط الاستقرار والفلاح الزراعي.
أعود واقول، إن بعض المستفيدين من الوضع السابق نشطوا في الأيام الفائتة، لقطع الطريق على التعديلات. وينشطون حاليًا لتعويق الاصلاحات الرامية لنهضة المشروع. ويبدو ان هذا الشتاء سيكون حارقاً على من يعطلون هذه الإجراءات، فقد تتابعت الصواريخ على رؤوسهم من منصات عدة. وامس كشف رئيس هيئة نواب ولاية الجزيرة بالبرلمان عبد الله بابكر عن حملة تفتيش واسعة، مسنودة بقرار جمهوري، لمراجعة وإعادة أصول مشروع الجزيرة. وهي الحملة التي ستصل – بحسب أصحابها - الى عش الدبابير، وستفضح المستفيدين ممن نهبوا ودمّروا المشروع.
حسناً، فمثل هذه الحملة مطلوبة، وهذا وقتها، لكن حدوث التفتيش ونجاحه، رهين بإطلاق يد المُفتشين، وبرفع الغطاء عن الضالعين في تدمير مشروع الجزيرة. ولا تنسوا ان الجريمة كبيرة، وهذا يعني ان الجناة واللصوص لن يكونوا صغاراً، وهنا يكمن التحدي.
|
|
|
|
|
|