|
مشاهد و خوف..
|
مشاهد و خوف..
.. سمراء اللون , معروقة الوجه . سيماؤها تفصح عن ملامح القادمين , من قلب المفاوز . . بشعثهم وغبرتهم , ورائحتهم الدبغة : التى يتقطر منها عرق الزحام ..كانت تقف باناة وصبر , فى الاتوبيس الممتلىء عن آخره بالمتململين .. اشحت برأسى , متفاديا رائحة جارى .. تمتمت منكمشا , وانا اغوص أكثر فأكثر ... كان الوقت متأخرا عندما وصلت مدخل الحارة . ذات الاحساس القديم بالخوف , ينبعث مرة اخرى : يستعيدنى الى تلك البلاد البعيدة , التى خلفتها ورائى .. يتنامى الخوف من ظهوره المفاجىء كالعادة من احد الازقة الملتوية .. ربما يكون مختبئأ" فى مكان ما .. غالبا يضطرنى الى العودة مبكرا , قبل ان تهدأ الحركة فى الشوارع , وتخبو الحياة التى يحملها المارة , معهم وهم يختبئون , فى شققهم الضيقة . فاضطر للتبكير فى الحضور , او تغيير الطريق . اقتربت من العمارة .. لم يتبق سوى لفة صغيرة , فى الزقاق الآخير , انحنيت معها و.. و فوجئتبه فى منتصف المسافة . .. تثلجت اطرافى , وكدت اصرخ , وقلبى ينتفض بشدة .. وفجأة على بعد خطوات انحرف عنى .. كانت صاحبته قد اتت تتهادى فى مشيتها , فصرف اهتمامه اليها , وهو يمضى متبخترا .. قرب رأسه منها , وهو يهز مؤخرته فى حميمية .. توقفت امام باب العمارة , متقطع الانفاس. فتحت الباب وانا اتنفس الصعداء .. واخذت ارقبهما من موقعى الآمن .. كان قد امتطى ظهرها .. و... مضى الوقت ثقيلا وانا اراقبهما , من موقعى الآمن .. كان قد شرع فى .. التقطت حجرا .. وقفت فى فتحة الباب ..رميتهما ..حاول الفكاك منها ..التقطت حجرا رابعا .. .. و.. دخلت الشقة متقطع الانفاس . اخبرنى رفيق سكنى : - هند اتصلت بك مرارا هذا المساء . حانت منى التفاته الى الشاشة البلورية .. " خرجت ولم تعد " .. تمعنت فى الصورة الفوتغرافية .. كانت هى ذاتها تلك المصلوبة , فى الاتوبيس .. اطل مشهد الكلب والكلبة , وهما يعويان .. وخيم وجهى على الحلم : اسمرا , معروقا ..تخدد بالغربة والحنين .. القاهرة فبراير 2003
|
|

|
|
|
|