مسرحية من مشهد واحد مسافات بين ثلاثة مهرجين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 09:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-21-2014, 07:05 PM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2522

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مسرحية من مشهد واحد مسافات بين ثلاثة مهرجين





    المسرح ؛ مساحة خالية ومظلمة إلا من ضوء خافت ، يقف ثلاثة مهرجين يرتدون أزياء مبهرجة ولكن بألوان متباينة ، ويقفون متباعدين ، كل منهم على مسافة مترين من الآخر .
    المهرج الأول : أين الضحية هذا اليوم ..؟
    المهرج الثاني: هذا هو عملك أيُّها المهرج الأول .
    المهرج الأول: (يحاول تثبيت كرة حمراء صغيرة على أنفه ) عملي ؟!! .. تقول بأن هذا عملي ؟؟
    المهرج الثاني: بالتأكيد (يتأمل كرة الأنف على المهرج الأول باهتمام ) .. إنها لم تثبت بعد .. عليك تثبيتها بلاصق صمغي ..
    المهرج الأول : (يحاول تثبيتها ولكنها تسقط) .. تباً .. (ينظر إلى المهرج الثاني بغضب) إنها لا تثبت .. (يتجهم وهو يكاد يبكي) .. ماذا أفعل أيها المهرج الثاني؟
    المهرج الثاني : أنت من يحدد ماذا تفعل ؟
    المهرج الأول: (يصرخ) أنا أيضاً .. كل شيء أنا .. ألا تفعلان شيئاً مرة واحدة ... على الأقل أنت تتحدث .. ولكن ذلك المهرج الثالث لا يتكلم أبداً .. فمن أي شيء نسخر .. نريد أن نضحك قليلاً..
    المهرج الثاني : يجب أن تحدد الضحية هذا اليوم .. لماذا تتهرب من واجبك ؟
    المهرج الأول: أنا لا أتهرب .. ولكني سئمت من التحديد .. نحن نقف هكذا بلا بداية ولا نهاية ونكتب ذات القصص التي لا تختلف رغم اختلاف الضحايا ..
    المهرج الثاني: هة؟؟!! (تظهر ملامح الدهشة على وجهه) .. هذا عملك .. هذا واجبك .. ولكنك أيضاً تملك أن تغير هذا العمل وهذا الواجب إذا أردت .. لقد صغت هذا الدور لنفسك ..فلماذا ترفضه الآن بعد مليارات السنين .
    المهرج الأول: لم يعد مسليا البتة .. نريد تسلية أكبر .. نريد أن نضحك قليلاً ...
    المهرج الثالث: (يقف ثابتاً كجندي وهو يمشق قوامه ودون أن تبدو على ملامحه أي مشاعر) عليك أن تغير القوانين إذا .. وهذا خطر يا عزيزي .. ربما لن يؤثر ذلك على المهرج الثاني ولكنه حتماً سيؤثر عليَّ
    المهرج الثاني: ها قد نطقت أخيراً ..
    المهرج الأول: أدرك ذلك .. (يحرك يديه ممتعضاً) ولكن .. ولكن يا صديقيَّ العزيزين .. ألا ترغبان في أن نقلب الطاولة مرة واحدة .. أن نغير الضحايا مرة واحدة ثم نعيد كل شيء لمكانه ..
    المهرج الثاني: حسناً ولكن يجب أن نحسب النتائج ..
    المهرج الثالث: النتائج لن تكون يسيرة .. هذا قد ينهي المسرحية كلها في لحظة ..
    المهرج الأول: لا لا لا .. أنا متأكد من أنهم سيعودوا إلى حظائرهم مرة أخرى .. متى رأيت خرافاً تفهم معنى الذبح ؟
    المهرج الثاني: سيروننا .. سيعرفوننا ... وحينها سينتهي كل شيء .. وليس المهم أن يعرفوني أنا والمهرج الثالث .. الخوف من أنهم سيعرفونك أنت .. لو عرفوك فستنتهي قيمتنا تماماً .
    المهرج الأول: اللعنة .. لم يعد من جديد إذن ؟ إذن سأختار الضحية الجديدة .. وسأحاول أن أجد كوميديا جديدة وطريفة ومؤلمة في نفس الوقت ..
    المهرج الثاني : اترك الوقت لي .. إنني أنا صاحبه .. لا تعتدي على سلطاتي وصلاحياتي .
    المهرج الأول : لم اعتد على سلطاتك .. إنما أتحدث مجازاً ..
    المهرج الثالث: لقد بدأت تشيخ أيها المهرج الأول .. وبدأت أفكارك تتكرر .. حتى أن الخراف لم تعد تكترث كثيراً للمقالب التي نحيكها لها.
    المهرج الثاني: في الواقع .. لم تعد مسلياً كثيراً ولا مضحكاً أيها المهرج الأول .. حتى بالنسبة لي وللمهرج الثالث.
    المهرج الأول: لا تقسوا علي .. أنا من أوجد هذه اللعبة .. وأنتما تشاركاني اللعب .
    المهرج الثاني: بالنسبة لي أنا خالد .. ولا أتغير .. رغم أنني لا أعرف إلا بالتغير المستمر ..
    المهرج الثالث: (بغضب) أنا أقل شأناً منك أيها المهرج الثاني .. أليس هذا ما تقوله؟
    المهرج الثاني: لم أقل ذلك .. صحيح أن محتواك هو نتيجة لتغيرات اللعبة ، لكنك أيضاً تتمتع بذاتية .
    المهرج الأول: (غاضباً) أي ذاتية تتحدث عنها .. إنه لا شيء .. كيف تكون للقصة ذاتية إذا كنت أنا من يكتبها؟
    المهرج الثاني: لا تنس أيها المهرج الأول أنك إن لم تكتب شيئاً فسيكون هو موجود رغماً عنك.
    المهرج الأول: وجوده كعدمه .
    المهرج الثاني: بل موجود ولكنه في حالة سكون .. وحينها فإن للسكون ذاتية أيضاً .. أليس كذلك .
    المهرج الثالث : (يبتسم) لم أكن أعرف قيمتي قبل أن تقول هذا الكلام .. (يضحك) أنت ذكي ..
    المهرج الثاني: (تنتفخ أوداجه فخراً) ..
    المهرج الأول: (بحسد) لا تتفاخر كثيراً أيها المهرج الثاني .. فإن قيمتك لا تكون إلا بقصصي .. من يلتفت لك أو حتى يلاحظ وجودك إن لم تكن هناك حركة وتغير مستمرين .
    المهرج الثاني: أنت .. أنت أيها المهرج الأول ..
    المهرج الأول: أنا .. (بفزع) .. أنا ؟؟؟ لا .. من قال ذلك ؟ أنا لا أكترث لوجودك من عدمك أنا القائد هنا .. أنا المهرج الأول هنا ...
    المهرج الثاني: أنت قلت ذلك ولم أقله أنا ..
    المهرج الأول: (يصيح بغضب يمتزج بخوف) .. متى قلتُ ذلك ؟؟ هة ؟؟!! خبرني .. متى قلت أنا ذلك ؟
    المهرج الثاني: ألم تقل بأنك مللت من تكرار القصص رغم اختلاف الضحايا ؟
    المهرج الأول: نعم مللت .. هذا حق .. ولكنه لا يعني أي شيء بالنسبة لك .
    المهرج الثاني: أليس هذا يعني بأنني أؤثر عليك مباشرة .
    المهرج الأول: (يصرخ بغضب) أقسم إن لم تنته عن مثل هذا الكلام فسوف أعاقبك عقاباً شديداً..
    المهرج الثاني: (بغضب) وماذا ستفعل ؟
    المهرج الأول: ( يفكر بتردد وحيرة) .. سوف .. سوف أحذف دورك من المسرحية ..
    المهرج الثاني: هذا مستحيل .. عليك إذا أن تصنع مسرحية بدون مضمون .. وحينها ستكون مسرحيتك ساكنة ولا تتحرك ولا تتغير بل ولن يكون لها لا بداية ولا نهاية .. ههههههه (يضحك)..
    المهرج الأول: لن أكابر .. ولكن على الأقل عليك أن تفهم بأن قيمتك تكمن في مسرحياتي .. في حبكاتي .. في أبطالي .. في ضحاياي ..
    المهرج الثاني: أنت تقف على مسرحي الأزلي أيها المسكين..
    المهرج الأول : ماذا تقصد ؟ هل تقصد أنك تريد إخراجي منه .. هل تريد طردي..
    المهرج الثالث: (بجزع) .. أيمكنه أن يفعل ذلك ..
    المهرج الثاني: لا .. بالطبع لا أستطيع .. إن قوتي تكمن في أنني لا أستطيع أن أطرد أحداً من نطاق سيطرتي كما أنه لا أحد يستطيع أن يفلت من نطاق سيطرتي بما فيهم أنت أيها المهرج الثالث.
    المهرج الثالث: هذا جيد ..
    المهرج الأول: أنت دائماً أحمق أيها المهرج الثالث.. دائماً لا تحبذ الانفراد بشيء لنفسك .. دائماً منهزم .. أما أنا فلا .. فقط لو كنت أستطيع أن أخرج من نطاق المهرج الثاني لتكوين مسرحي الخاص والمتكامل الذي يكون لي وحدي ولا شريك لي فيه فلما ترددت لحظة في أن أفعل ذلك ..
    المهرج الثالث: وما الفائدة من ذلك ؟
    المهرج الثاني: ألا تعرف طبيعة المهرج الأول .. إنها طبيعة سادية .. مهووسة .. لو كان بإمكانه الخروج عن نطاقي لرأيت الخراف تتعذب بالتقدم إلى الخلف تارة أو بالعودة إلى الأمام تارة أخرى .ولكان قد قلب كل شيء رأساً على عقب ..
    المهرج الأول: (يحاول أن يلكم المهرج الثاني إلا أن يده لم تكن قادرة على الوصول إليه ) عليك اللعنة .. لو كان بإمكاني التزحزح من مكاني هذا لما ترددت في ضربك .
    المهرج الثاني: رغم أنك تحاول الظهور أمام الخراف بمظهر المهرج الحكيم .. لكنك في الواقع لست كذلك .
    المهرج الأول: لن ألتفت لاستفزازاتك المتواصلة هذه .. (يهدأ وتنبسط أساريره) سوف ألتفت للكوميديا التي يجب أن أكتبها .. يجب أن تكون مضحكة جداً ومأساوية جداً .. يجب أن أجعل الخراف تفقد توازنها تماماً .. يجب ألا تفهم شيئاً في عالمها .. يجب أن تتزعزع ثقتها في نفسها..
    المهرج الثالث: أرجوك أرجوك .. خفف قليلاً من كرهك للخراف.. إنك حينما تؤلمها هكذا تكون كل الشتائم موجهة إلىَّ أنا وليس أنت .. لأنهم يخافونك .
    المهرج الثاني: لأنهم لا يعرفون أساساً إنه يهرج من خلف الكواليس دائماً ... يخفي نفسه .. ويترك لنا الشتائم ..
    المهرج الأول: (يضحك) ألم أقل لكم بأنني المسيطر هاهنا ..
    المهرج الثاني: لست مسيطراً علينا نحن.. بل على عقول خرافك الحمقاء ..
    المهرج الأول: (بسعادة) فليكن . فليكن .. ففي النهاية أنا المنتصر .
    المهرج الثالث: منتصر علينا ..
    المهرج الأول: (بتواضع متكلف) ليس بالضبط .
    المهرج الثاني: (باستخفاف) .. دعه في أوهامه .. دعه في أحلامه ..رغم آلام الخراف فهو في النهاية لن يصل إلى نتيجة واضحة .. في النهاية عليه أن يجد نهاية للمسرحية .. إذا كان يشعر الآن بالملل ..
    المهرج الأول: حقاً أيها المهرج الثاني .. ماذا سأفعل .. عليَّ أن أطور الحبكة قليلاً .. عليَّ أن أنقلها إلى مستوى فردي وليس على مستوى قطعان الخراف المختلفة (يدور في محوره)..
    المهرج الثالث: سوف يدورون كما تدور..
    المهرج الثاني: من تقصد ؟
    المهرج الثالث: الخراف .
    المهرج الأول: (يتوقف فجأة) يدورون كما أدور ... يدورون كما أدور.. أمممم .. عليك اللعنة أيها المهرج الثالث .. عليك اللعنة .. (يصيح) يدورون كما أدور ..
    المهرج الثاني: لا جديد في هذا .. إنهم يدورون كما تدور .. هذه مكررة..
    المهرج الأول: (يتوقف عن الدوران) عليك اللعنة أيها المهرج الثاني ..
    المهرج الثاني: المسافة .. المسافة بيننا ليست بعيدة ولا قريبة .. نحن نتوازي بشكل مريب.. إنني أكاد أختنق من قربكما .. كما أنني أكاد لا أراكما ..
    المهرج الأول: (يعود للدوران حول محوره) المسافة .. المسافة .. أجعلهم يتوازون ..عليك اللعنة أيها المهرج الثاني.. (يصيح) عليك اللعنة..
    المهرج الثالث: قديمة .. بل بل مكررة ..
    المهرج الأول: (يتوقف عن الدوران حول محوره) عليك اللعنة أيها المهرج الثالث .. متى بدأت تفكرّ!
    المهرج الثالث: سئمت .. سئمت .. لقد سئمت بالفعل..
    المهرج الثاني: وأنا كذلك .. أنا أتمدد بلا نهاية .. سئمت ذلك .. أريد أن أموت ..
    المهرج الثالث: وأنا كذلك ..
    المهرج الأول: (يدور حول محوره) تموتان ... تموتان .. عليكما اللعنة أنتما الإثنان ..عليكما اللعنة..
    المهرج الثاني: (يصيح) اللعنة .. اللعنة .. لقد وجدتها ...
    المهرج الثالث: ماذا وجدت؟
    المهرج الثاني: الكوميديا..
    المهرج الأول: هذه وظيفتي ..
    المهرج الثاني: دعني انتهك بعض صلاحياتك ..
    المهرج الثالث: (بدهشة) هل تستطيع ؟؟ هة؟؟ هل تستطيع حقاً أن تنتهك صلاحياته ؟؟ لو كنت قادراً على ذلك فلماذا لم تفعل؟
    المهرج الأول: أسكت .. أسكت يا أحمق .. أسكت ودعني أفهم ما يقوله المهرج الثاني.
    المهرج الثاني: سوف نقتل أنفسنا أنا والمهرج الثالث..
    المهرج الأول: (بجزع) ماذا تقول؟ عليك اللعنة .. وكيف ستفعل ذلك؟
    المهرج الثاني: سوف نفعلها .. سنجد طريقة لنفعلها ..
    المهرج الأول: لا ..لا لا لا .. هذا خطير ... هذا خطير ...
    المهرج الثاني: (يضحك) ههههههههه .. ألم أقل لك أنك لا شيء بدوننا ...
    المهرج الأول: (يبدو مخذولاً ، يطأطئ رأسه بانهزام) ..
    المهرج الثالث: (ينظر بإعجاب وابتسامة واسعة نحو المهرج الثاني).. لقد أثبت وجهة نظرك عمليا أيها المهرج الثاني .. كم أنت ذكي .. كم أنت ذكي..
    المهرج الثاني: (بفخر) حتى لا يفكر في الجدل معنا مرة أخرى ...
    المهرج الأول: لم أفعل .. لم أفعل .. (بغضب) ولكن دعني أقول لك شيئاً.. حسناً أنا موافق..
    المهرج الثاني: على أي شيء ؟
    المهرج الأول: على أن تقتلا نفسيكما ..
    المهرج الثاني: لا تتهور .. لا تتهور أكثر من اللازم ..
    المهرج الثالث: لا تتهور .. لا تتهور أكثر من اللازم ... ما هو اللازم ..
    المهرج الأول: (يصرخ بجنون) بل سأتهور .. وعليك أن تفكر منذ الآن أيها المهرج الثاني في كيفية قتل نفسيكما ..
    المهرج الثاني :وماذا ستفعل بعدها ؟
    المهرج الأول: (يدور حول محوره) لا أعلم .. لا لا أعلم .. سوف .. سوف .. لا أدري .. اللعنة عليك أيها المهرج الثاني .. بل واللعنة عليكما أنتما الإثنان .
    المهرج الثاني: سوف أخبرك ماذا تفعل..
    المهرج الأول: (بدهشة) حقاً.. حقاً..
    المهرج الثاني: حقاً ..
    المهرج الثالث: ماذا سيفعل ..
    المهرج الثاني : سيحاول إحياءنا من جديد ..
    المهرج الأول: هذا مستحيل.. هذا جنون ..
    المهرج الثاني: ليس بالضبط يا أحمق ..
    المهرج الأول: وماذا تقصد بالضبط ..
    المهرج الثاني: سوف تحاول بناء كوميديا على مهرجين افتراضيين يعبران عنا ..
    المهرج الأول: هذا كالرسم السوريالي ..
    المهرج الثاني: بالضبط..
    المهرج الأول: وماذا سأفعل بعد ذلك ؟
    المهرج الثاني: ستستمر لدهور عدة وأنت تحاول معالجة هذا الموقف المحرج .. وهذا في حد ذاته سيخرجك من الملل ..
    المهرج الثالث: والخراف ..
    المهرج الثاني: ستظل عالقة مع مهرجين افتراضيين .. ستضيع ضياعاً كبيراً .. ستتوه .. ستشعر بأن كل شيء من حولها لا أبعاد له .. سيختفي البعد الثالث من حولها .. ستتألم .. ستتألم (يبتسم المهرج الأول وتلمع عيناه ) ستتألم وستخوض تجربة قاسية لم تخضها من قبل (يزداد بريق وابتسامة المهرج الأول) .. لن تستطيع الاعتياد على الوضع كما اعتادت على وضعها الحالي منذ مليارات السنين ..
    المهرج الأول: (يضع يده على قلبه امتناناً ويبستم مغمضاً عينيه) شكراً أيها المهرج الثاني.. حقاً شكراً على فكرتك المجنونة هذه .. كم أنت عبقري ... هأنا اعترف لك بعبقريتك .. لم أكن لأكتب مسرحية بمثل هذه الكوميديا السوداء مثلك..
    المهرج الثاني: ولكن دعني أخبرك بشيء..
    المهرج الثالث: تخبره بشيء ؟؟ بأي شيء ستخبره ؟
    المهرج الثاني: سأخبره بأن لدي شرط واحد ولن أتنازل عنه ..
    المهرج الأول والثالث: (بصوت واحد) شرط ؟؟!!!!
    المهرج الثاني: نعم شرط ..
    المهرج الأول: أي شرط ؟؟ قل لي وسأوافق عليه مباشرة ..
    المهرج الثاني: سأكتب الكوميديا بنفسي .. لن تكتبها أنت ..
    المهرج الأول: ماذا تقول ؟؟!! اللعنة .. هل أنت أحمق .. ماذا تقصد ؟؟؟!!
    المهرج الثاني: أقصد ما قلته .. ستمنحني كراسة الكتابة والقلم .. وسأكتب الكوميديا بنفسي ..
    المهرج الثالث: ستكتب الكوميديا بنفسك (بجزل وغبطة) ستكتبها بنفسك .. كم أنت ذكي..
    المهرج الأول: هذا هو المستحيل نفسه .. ولا شيء يجبرني على قبول هذا الشرط .. فسأكتب الكوميديا بنفسي مادمت قد عرفت الموضوع ..
    المهرج الثاني: (يضحك) حسناً .. وكيف ستجبرنا على قتل نفسينا ..
    المهرج الثالث: (بدهشة) صحيح .. كيف ستجبرنا على قتل نفسينا ؟؟
    المهرج الأول: (يدور حول محوره وتبدو عليه الحيرة) حقاً .. اللعنة عليك أيها المهرج الثاني .. اللعنة عليك ..
    المهرج الثاني: حسناً .. الق لي بالكراسة والقلم ..
    المهرج الأول:( يخرج كراسة وقلما من جيب واسع ويلقي به إلى المهرج الثاني) خذ..
    المهرج الثاني: (يأخذ القلم والكراسة ويتصفح الكراسة ) أمممممم .. حسناً .. سأبداً من حيث انتهيت ..
    المهرج الأول: أريد سادية.. سادية .. دموية .. عذاب .. ألم .. ضحك .. أخرج لي ما عندك..
    المهرج الثاني: (يقرأ من الكراسة) الأرض جافة .. السحب لا تحمل ماء في بطنها .. الخراف تلهث من العطش .. عيونها متسعة ومرهقة في نفس الوقت .. (ماااء .. مااااء) يسقط بعضها على الأرض مغشياً عليه .. يلفظ القليل منها الأنفاس الأخيرة ... يقول أحدها : لا تشربوا دمي .. اتركوا جثتي تموت بسلام .. ثم يلفظ أنفاسه الأخيرة .. حينها تصيح الخراف بصوت واحد (لا تشربوا دمي .. فكرة ...) .. يصيح البعض .. ابحثوا عن سكينة بسرعة .. لكن السكينة تهبط لهم من السماء فيندهشون ... (يضحك المهرج الأول بجزل، ويواصل المهرج الثاني القراءة) يذبحون الخروف الميت ويشربون دمه .. يصيح البعض من الخراف : لا يكفي ... لا يكفي ... نحتاج مزيداً من الدماء ... نحتاج مزيدا من الدماء ... يقول خراف آخرون : لو شرب الجميع من الدماء فلن يموت آخرون لنشرب دماءهم .. علينا أن نتقاتل الآن ... بعض الخراف الأخرى تجزع وتحاول الهرب ... تصيح الخراف الشجاعة : هؤلاء هم من يجب أن يموتوا الجبناء وحدهم من يجب أن نشرب دماءهم .. (يتوقف المهرج الثاني عن القراءة ويلتفت للمهرج الأول) اللعنة .. ما هذه المهزلة .. هل هذا ما كنت تكتبه .. هل هذه هي الكوميديا السوداء ...
    المهرج الأول: (يضحك بملء شدقيه) .. نعم ..
    المهرج الثاني: اللعنة عليك .. وهل هذه كوميديا إنها ليست مضحكة البتة .. بل .. بل أنها خالية من أي ذكاء ... ليست مضحكة .. ولا حتى مأساوية ..
    المهرج الأول: (تبدو على ملامحه علامات الانقباض والخذلان) .. ولكن ماذا أفعل.. لقد أصبحت القصص متكررة .. لم أعد أتمتع بذلك الخيال الخصب.. كل شيء تم وانتهى .. كل القصص مكررة ..
    المهرج الثاني: ألم تشعر بالملل أيها المهرج الثالث؟
    المهرج الثالث: لم أشعر بالملل يوماً ما .. أو .. لا أدري .. ربما مرات قليلة ..
    المهرج الأول: اسأله ..اسأله لماذا لم يكن يشعر بالملل .. (لا يترك للمهرج الثالث فرصة للإجابة بل يواصل) لأنني كنت أفاجئ الجميع بحركة غريبة ههههههههههه (يضحك ضحكة متزلفة لا تخفي قلقه) .. نعم .. كنت أجعل الأمور تسير في خط مستقيم ثم فجأة (يفرقع بأصابعه) أقلب الطاولة على الجميع ... هاهاها.
    المهرج الثالث: هاهاها (يضحك)
    المهرج الثاني : هذا كلام فارغ .. ربما يصدقك المهرج الثالث فهو لا يملك الفهم الكافي .. أما أنا فدعني أقول لك بصراحة بأن كلامك هذا فارغ .. وقصصك هذه تصيبني بالغثيان ..(يضح سبابته على خده وهو يفكر) دعني .. دعني أكتب هذه القصة .. نعم .. حسناً (يبدأ في الكتابة وهو يسرد ما يكتبه) .. في يوم صحو..
    المهرج الأول: صحو ؟!!
    المهرج الثاني : كانت الأرض مفروشة بخضرة الأعشاب والزهور البرية المتفرقة ..
    المهرج الأول: خضرة؟؟!!! ... زهور ...؟؟!!!
    المهرج الثاني: وكان النهر يشق الوادي زاحفاً ليسقي قطيع الخراف..
    المهرج الأول: نهر .. نهر يسقي الخراف.. اللعنة .. ماذا تفعل ..
    المهرج الثاني: وكانت بعض الخراف نائمة بعد أن اتخمت من الأكل..
    المهرج الأول: اللعنة .. اللعنة (يصرخ) أعطني الكراسة يا أحمق.. اعطنيها يا متخلف ..هل تقود الخراف للتمرد .. هل تريدهم أن يعتادوا على الرفاهية والدعة أيها الأحمق ..اعطني الكراسة والقلم بسرعة ..
    المهرج الثاني: كان زواج أحد الخراف قد اقترب ميعاده ..
    المهرج الأول: (بصدمة) زواج .. ماذا تفعل .. (يصرخ) قلت لك اعطني الكراسة ..
    المهرج الثاني: كان الخروف يفكر في قدراته الجنسية وفي الإنجاب ..
    المهرج الأول: سوف ألغي الاتفاق أعطني الكراسة ...
    المهرج الثاني : حسناً حسناً .. لن تلغي الاتـفاق .. هاك كراستك ..
    المهرج الثالث: لن تلغي الاتفاق..أرجوك ..
    المهرج الأول: سأحذف هذه الترهات أولاً..(يبصق على إبهامه ويبدأ في محو الكلام).
    المهرج الثاني: علينا أن نتخذ قرارات منفردة .
    المهرج الثالث: ماذا تقصد؟
    المهرج الثاني: علينا أن ننفصل من حالة التوازي هذه ..
    المهرج الأول يتوقف عن محو الكلام : هذا كلام خطير جداً ..
    المهرج الثاني: هو كذلك بالفعل.
    المهرج الأول: هذا مستحيل .
    المهرج الثاني: بل ممكن..
    المهرج الأول: بل مستحيل ..
    المهرج الثالث: هل ممكن أم مستحيل؟!
    المهرجان الأول والثاني بأصوات متداخلة:(مستحيل .. ممكن .. ممكن ... مستحيل).
    المهرج الأول: إن هذه المسافات هي التي تمنع الحرب بيننا.
    المهرج الثاني: هل أنت خائف؟
    المهرج الأول: (باستكبار) بالتأكيد لست خائفاً .. إنني فقط قلق على النظام .. النظام بأكمله سينهار ..
    المهرج الثالث: سينهار على الخراف أيضاً.
    المهرج الثاني: أصبت أيها المهرج الثالث.. ستكون هذه هي اللعبة القاتلة .. أن ينهار النظام على الخراف..
    المهرج الأول: بل سينهار علينا نحن أولاً..
    المهرج الثاني: فليكن .. هل أنت خائف ؟
    المهرج الأول: اللعنة على هذا السؤال .. ماذا ستجنيه من كل ذلك ؟
    المهرج الثاني: لقد سئمت حقاً من هذا التواجد المتوازي بيننا .. على كل منا أن يذهب في حال سبيله..
    المهرج الأول: لا يوجد سبيل غير هذا التوازي .. هذه كينونتنا .. أن تكون أنت الأثير الذي نتحرك داخله وأنا من يكتب الحركة والمهرج الثالث من ينفذ كل حكاياتي ..
    المهرج الثاني: لقد قررت الانفلات من هذا التوازي نحو حيزي الخاص .. هذا قراري النهائي ..
    المهرج الأول: لا توجد قرارات أحادية هنا ..
    المهرج الثاني: بل توجد ..
    المهرج الأول: لا توجد ..
    المهرج الثاني: بل توجد توجد توجد .. وسأشرع في الإنفصال ..
    المهرج الثالث: هذا مرعب..
    المهرج الأول: أرجوك .. أرجوك .. أتوسل إليك ..
    المهرج الثاني: هأنا ذا أنفلت ..
    (يضغط بيده على الفراغ وكأنه يحاول الخروج من بالون غير مرئي ، يمسك المهرجان الأول والثالث برأسيهما وهما يصرخان ألماً، يبدأ المهرج الثاني بالنفاذ والاقتراب من المهرج الأول ، ثم يخرج سكيناً ويضرب به صدر المهرج الأول الذي يطلق صرخة حادة مرعبة قبل أن يسقط صريعاً ، وعلى إثر ذلك يسقط المهرج الثالث ميتا ، فيحمل المهرج الثاني الكراسة والقلم من يد المهرج الأول ، ويعود إلى المكان الذي كان فيه )..
    (سكون)
    المهرج الثاني: (يبتسم وهو يلهث) .. سنبدأ القصة من جديد .. كانت الشمس صحوة ، والسماء مشرقة ، والأعشاب تملأ الأرض والخراف ضرعها ممتلئ وهي تغني وترقص بكل سعادة .. بكل سعادة ... بكل سعادة يمكن تصورها ...
    (ستار)

    أمل كردفاني
    اكتملت يوم
    21 أكتوبر 2014م


























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de