|
مستقبل محادثات السلام الجنوبية تحليل / منى البشير
|
مستقبل محادثات السلام الجنوبية تحليل / منى البشير بحضور أعلامى وسياسى كبير بدأت اخيراً محادثات السلام بين حكومة جنوب السودان والمتمردين بعد تأجيل استمر أياما واجهت فيه الوساطة الافريقية ايغاد صعوبات كبيرة باقناع اطراف الصراع للجلوس وبدء التفاوض ، ولازال الوسطاء يحاولون تقريب وجهات النظر حول "النقاط الخلافية" بين طرفي النزاع في الجنوب. وتشارك جوبا فى المفاوضات بوفد برئاسة وزير الدفاع السابق والقيادى التاريخى فى الحركة الشعبية نيال دينق نيال، الذى يحظى باحترام واسع فى جنوب السودان، فيما يترأس وفد الدكتور رياك مشار تعبان دينق الحاكم السابق لولاية الوحدة، وين ماثيو المتحدث باسم الحركة الشعبية، وبيتر أدوك نابا عضو المكتب السياسي الذي منع من السفر وأنزل من الطائرة، وربيكا قرنق (أرملة الزعيم الراحل جون قرنق) والتى ارسلت ابنها لاحقا بدلا عنها ، وحسين ميار نائب حاكم جونقلي، وضيو ماطوك . ويدخل وفد مشار المفاوضات بشروط مسبقة تمثل بالنسبة له اجندة التفاوض الفعلية وتمثلت فى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على راسهم باقان اموم ودينق ألور ، ثم مناقشة أمر الإنقلاب ، الذي قال مشار أنه كذبة من سلفاكير ، التحقيق في المجازر التي يتهم مشار القوات الحكومية التابعة للرئيس سلفاكير بإرتكابها في العاصمة جوبا ، إيقاف ومنع التدخل اليوغندي في شئون دولة جنوب السودان ، بحث أمر الخلافات داخل الحركة الشعبية ، وبحث قضايا الحكم في دولة جنوب السودان.
وجهة مفاوضات أديس :- فى الوقت الذى يتحاور فيه الفرقاء الجنوبيين داخل الغرف المغلقة المكيفة فى افخم فنادق اديس أبابا تستعر حدة القتال على الارض وتزداد موجات اللجوء والنزوح من ابناء جنوب السودان الذين كانوا يعتقدون ان معاناتهم ستنتهى بانفصال جنوب السودان وتقرير المصير . المراقب لهذه المفاوضات لايساوره ادنى شك فى انها بداية لحوار طرشان لايسمع فيه اى طرف الآخر ، وان الجلوس تم فقط كاستجابة لضغوط المجتمع الدولى أنظر لمشار يقول لصحيفة الشرق الاوسط : لقد قام المجتمع الدولي والإقليمي بممارسة ضغوط كبيرة علينا، وقالوا لنا إن علينا أن نبدأ التفاوض أولاً . مشار الذى يدك الارض اليوم بقواته فى جنوب السودان دخل هذه المفاوضات وفقا لشروط ليس لديه ادنى استعداد للتنازل عن واحد منها وامعانا فى تمترس كل طرف على موقفه فقد رفضت حكومة سلفاكير هذه الشروط منذ البداية وقال: نائب وزير الخارجية في جنوب السودان بشير بندي لـ«الشرق الأوسط» أن قضايا التفاوض بين حكومته والمتمردين لا تشمل المشاركة في السلطة، وأن «إعادة رياك مشار إلى منصبه السابق كنائب للرئيس من سابع المستحيلات»، مشددا على أن الحوار يقتصر على أسباب الخلاف والوصول إلى حلول مرضية، إلى جانب وقف إطلاق النار عبر آلية للمراقبة، وإطلاق سراح المعتقلين وبحث القضايا الإنسانية، مشيرا إلى أن «إطلاق سراح المعتقلين المشاركين في الانقلاب مشروط بإجراءات قانونية». وأفاد المسؤول الحكومي بأن حكومته لديها واجبات دستورية حول حماية أراضيها وممتلكات شعبها، ولن تقبل العبث بالانقلابات أو التمرد على الدولة. سفير جمهورية جنوب السودان لدى الصين ألوزاي موجا يوكوي استبعد أن تقدم حكومة بلاده أية تنازلات قبل وقف إطلاق النار، مشيرا الى أن المخرج الوحيد من الأزمة هو عودة "المتمردين لعقولهم" والاحتكام لصندوق الانتخابات . وقال يوكوي،فى تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا":إن "الصراع في جنوب السودان ليس عرقيا إنما هو محاولة تمرد من قبل مجموعة أشخاص تريد الإطاحة برئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت . مشار عمليا يرفض كل الاحاديث الواردة عاليه ويؤكد ان هدفه الرئيسى من هذه المفاوضات هو إقالة الرئيس سيلفاكير ميارديت، وبحسب القدس العربى فقد جدد مشار تأكيده على أن قواته تتقدم إلى العاصمة جوبا لإيقاف ‘المذابح’ التي يرتكبها الرئيس والإطاحة به. وأضاف مشار في اتصال هاتفي، من جهة غير معلومة، الجمعة، أن ‘سلفاكير قسّم البلاد، وارتكب المجازر في جوبا، وإذا تمكنت قواتنا المتجهة إلى جوبا من الإطاحة به فأهلا وسهلا، والمحادثات الدائرة نسعى من خلالها إلى إقالته’. واشترط نائب الرئيس المقال لإيقاف التقدم العسكري نحو العاصمة ‘مناقشة المجازر التي حدثت في جوبا، والخلافات السياسية بين قيادات الحركة الشعبية’. وقال إنه لا مانع لديه من المشاركة في جلسات تفاوض مباشرة مع الرئيس سلفاكير.
نزوح ولجوء :- النتيجة المباشرة للصراع الدامى فى جنوب السودان كانت قتل أكثر من 1000 شخص، ونزوح 122 ألفا على الأقل عن ديارهم بحسب احصائيات الامم المتحدة ، فيما لجأ 63 ألفا إلى قواعد الأمم المتحدة في الجنوب منذ بداية القتال فى منتصف ديسمبر المنصرم . وقال ينس لاركي المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف إن 60 ألف شخص لجأوا إلى قواعد الأمم المتحدة في جنوب السودان، وأشار إلى أن الأمم المتحدة تعمل على توسيع نطاق عملها خاصة في المدن الأكثر تضررا بسبب العنف، وفي المواقع الريفية حيث فر المدنيون من أجل سلامتهم. وأضاف أن المنظمة الأممية أطلقت خطة ستتيح تقديم المزيد من المساعدات للأشخاص الأكثر تضررا من الأزمة، ولأولئك الذين غادروا السودان ولجأوا إلى ولايات الوحدة وأعالي النيل في جنوب السودان. وأوضح المسؤول الأممي بحسب الجزيرة نت أن الخطة تشمل 628 ألف شخص على مدى الأشهر الثلاثة القادمة، مؤكدا أن وكالات الإغاثة ستحتاج إلى 166 مليون دولار من المانحين الدوليين لتطبيق خطتها الإغاثية. وفي وقت سابق طالب رئيس البعثة الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر الجنود النظاميين والمتمردين بحماية المدنيين والعاملين في وكالات المساعدة الإنسانية، وإلا فإن "الوضع سيتفاقم" بسبب المعارك المستمرة. وأضاف لانزر "ندعو كل الأطراف إلى تسهيل عمل وكالات المساعدة الإنسانية للوصول إلى المدنيين"، بعدما اضطرت أعمال العنف عشرات الآلاف عن منازلهم".
وكانت الامم المتحدة والمجتمع الدولى قد انتقدا اعمال العنف بحق المدنيين جراء العمليات العسكرية بين الحكومة وقوات مشار ، واشارت الامم المتحدة الى ‘اعمال قتل خارج اطار القضاء بحق مدنيين واسر جنود والعثور على عدد كبير من الجثث’ في العاصمة جوبا وكذلك في بلدتي بور وملكال. كما اعلنت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان انها باشرت جمع معطيات حول فظاعات ارتكبها الطرفان في البلاد. من جانبها اعلنت حكومة جنوب السودان الخميس المنصرم ان الجيش سيفتح تحقيقا حول المجازر بحق المدنيين. وجاء في بيان ان لجنة تم تشكيلها ‘ستحقق حول الاشخاص الضالعين في قتل ابرياء’. وقال الفريق أول جيمس هوث : أن قيادة الجيش والحكومة شكلتا لجنتين، الأولى معنية بالتحقيق مع الذين قاموا بالتورط في قتل مدنيين من أفراد القوات النظامية في الأحداث الأخيرة في مدينة جوبا، مضيفا: «ألقينا القبض على أعداد كبيرة منهم». وأضاف أن اللجنة الثانية مختصة بالتحقيق حول طبيعة وملابسات الاشتباكات التي وقعت داخل قيادة الحرس الجمهوري بالقيادة الجنوبية للجيش في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وشدد هوث على أن الأوضاع هادئة تماما في مدينة جوبا، لكنه قال إن «هناك بعض المجرمين أرادوا استغلال هذه الأوضاع لنهب المواطنين وترويعهم». العمليات العسكرية على الارض :- لازالت العمليات العسكرية على الارض على اشدها وفى الوقت الذى بدأت فيه المحادثات امس لازالت قوات مشار تتقدم على الارض وتتجه نحو جوبا بحسب وكالات انباء عربية وعالمية فيما تقول قوات الحكومة انها بصدد استعادة بور فى غضون الساعات القادمة ، ربما وبهذه المعادلة ستظل عيون المتفاوضين والراعين تتجه صوب الارض فى جنوب السودان ، لان اى انتصار يحققه مشار تحديدا سيقلب الموازنة راسا على عقب وسيقوى موقفه التفاوضى ، واذا استطاعت قوات مشار الاستيلاء على جوبا بعد ذلك ستضغط الايقاد فى اتجاه النظر فى شروط مشار كلها ولا مناص من الاستجابة اليها خاصة بعد استيلاء الجنرال بيتر قديت الموالى لمشار على كل المناطق العسكرية في ولاية جونقلي ، وقالت مصادر جنوبية لشبكة الشروق، إن كل المناطق العسكرية في جونقلي الآن تحت سيطرة قديت الذي يستعد الآن للزحف نحو جوبا لخوض معركة فاصلة ضد الرئيس سلفاكير ميارديت. مطالبات الايقاد بوقف فورى لاطلاق النار بين اطراف الصراع ذهب ادراج الرياح ممايعنى ضمنا ان اى من الطرفين ليس لديه استعداد لاى تراجع على الارض وهذا يضر بالعملية التفاوضية ويجعلها غير ذات قيمة. التدخل اليوغندى :- واحدة من عقبات التفاوض والتى يمكن ان تؤثر بصورة مباشرة على مجريات المفاوضات هو مطالبة مشار بوقف التدخل الاجنبى عسكريا على الارض وهو يعنى هنا القوات اليوغندية تحديدا والتى تقاتل الى جانب الجيش الحكومى ، وطالب مشار بوقف التدخل اليوغندي في جنوب السودان لتسهيل التفاوض، وقال المتحدث حسين مار وهو نائب حاكم ولاية جونقلي فى تصريحات صحفية إن وقف التدخل اليوغندي في جنوب السودان من شأنه أن يساعد على التفاوض . ووصف مشار تدخل موسفينى فى شأن جنوب السودان بانه جريمة وقال فى حوار مع الشرق الاوسط : التدخل الأجنبي جرى بالفعل من قبل أوغندا بطيرانها منذ بداية الحرب. وتصريحات موسيفيني هي لتغطية جريمته بالتدخل في شأن داخلي. وليس هناك أي اتفاق من قبل دول الإيقاد، وقادتها على اتصال معنا.. هذه مزاعم أطلقها موسيفيني قائلا إن «دول الإيقاد ستتدخل»، لأنه تدخل بالفعل وجنوده يجولون في جوبا وطائراته تقلع من هناك، وهذا مخطط من موسيفيني وسلفا كير. وكان رئيس أوغندا، يوويري موسوفيني،قد هدد بعمل عسكري ضد المتمردين في جنوب السودان إذا لم يلتزموا بوقف إطلاق النار. وتذرعت يوغندا ،حينها، بانها ارسلت قواتها، التى قدرت بمئات الافراد من القوات الخاصة، بناء على طلب حكومة الجنوب ، وان هذه القوات تقوم بتأمين العاصمة الى جانب اجلاء الرعايا اليوغنديين من الجنوب. بحسب الكاتب والمحلل السياسى الاستاذ عبد الله رزق فأن التدخل العسكرى اليوغندى، يستهدف الى جانب مساندة سلفاكير فى مواجهة مشار وغيره من الخصوم السياسيين،تأمين وضع يوغندا كجزء من اى ترتيبات مستقبلية للتسوية ، تكرس بقاء يوغندا كضامن لتلك التسوية، الى جانب شرعنة الوجود العسكرى اليوغندى باسم حفظ السلام، وقطع الطريق على اى تدخلات خارجية اخرى ، خصوصا من قبل السودان المجاور. غير ان استمرار القتال،بدفع من القوى الخارجية، من شأنه ان يوسع دائرة الاستقطاب القبلى للحرب ، مما يعرض البلاد الى التمزق. كما ان الحسم العسكرى المدعوم من الخارج،سيقوض فرص اعادة بناء السلام والاستقرار فى الجنوب. محللين آخرين يرون ان قطار السلام الذى يسير ببطء الآن يجب ان تنسحب منه يوغندا كمعرقل اساسى لانطلاق هذا القطار ، ويرون ان استنجاد سلفا بالرئيس اليوغندى وبرؤساء الايقاد برهن على تجربته السياسية الهشة فى مجال الحكم وادارة شئون البلاد لجهة ان اى تدخل اجنبى من شانه تمزيق البلاد . مشار والسلطة :- يهدف الدكتور مشار الى حكم جنوب السودان من خلال حزب الحركة الشعبية الحاكم الآن وهذا يعنى تلقائيا انه يريد ذلك برضا أو عدم رضا سلفا ومجموعته ولعل فى اشارته بعدم الانسلاخ وتكوين حزب جديد مايشير الى ذلك بوضوح أنظر اليه وهو يقول للشرق الاوسط : نحن متمسكون بالحزب وبرؤيته وخططه التي جرى إقرارها في المؤتمر عام 2008، ولأننا مع هذا الخط، أراد سلفا كير ومجموعته إبعادنا وإقصاءنا . فى ظل التقدم الذى يحققه مشار على الارض يصبح مبدأ تقاسم السلطة الذى ثار فى البدء من التاريخ لأنه بعد الانتصار سيكون مشار هو السلطة مكتملة ولن يوافق على اقتسامها مع سلفا . مستقبل المحادثات :- يجمع المراقبون ان مفاوضات السلام الجنوبية تشهد وضعا معقدا وصعبا ورغم الجهود التى تبذلها الوساطة الافريقية ايقاد الا ان الافق لايزال معتما مع وجود جو كثيف من الشكوك بنجاح هذه الجولة من المفاوضات مقارنة مع الاوضاع السيئة على الارض ومحاول كل طرف كسب اراضى جديدة فى ميدان خصمه . ويشير متابعون للوضع السياسي بجنوب السودان إلى أن استمرار التحركات العسكرية ميدانياً سيقلل من فرص التوصل للسلام في الوقت القريب. وقال وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة مايكل مكوي، إن سلفاكير قد أعلن منذ البداية أنه مستعد للحوار من أجل استعادة الاستقرار والهدوء في بعض أجزاء البلاد التي تشهد معارك ضارية بين الجيش الحكومي وجماعة رياك مشار المتمردة. وأضاف مكوي للجزيرة نت أن نجاح المفاوضات مرهون بقبول المتمردين لإعلان فوري لوقف إطلاق النار مثلما أعلنت الحكومة. وزاد قائلا "لدينا التزام أمام المجتمع الدولي والإقليمي بشأن الحوار وما زلنا ملتزمين بذلك". أذاً وفى ظل تباعد المواقف فأن محادثات السلام الجنوبية تواجه مستقبلاً معقداً ، وسيبدو واضحا فى الايام القليلة القادمة ان المسرح الجنوبى مهيأ لحرب طويلة دون ان تلوح فى الافق اى بوادر حل لجهة تمسك اى من طرفى الصراع بمواقفه .
|
|
|
|
|
|