"إنه عالم طيب هذا العالم الذي نعيش فيه يا سيد تشارلس. هو عام جد لطيف، وإن كان يشاركنا العيش فيه أناس سيؤون. ولكن لولا أولئك الناس ما كان سيكون هناك محامون جيدون" تشارلز ديكنز متجر الفضول القديم. ما زلنا نعاني من إحتكاكات قوات الضبط بالمحامين والتي كتبنا عنها من قبل، وقد شرحنا دور المحامين في النظام العدلي، والذي رأينا أن الإحتكاكات قد يكون تسبب فيها أن دور المحامين قد لايكون مفهوما لأجهزة تنفيذ القانون. للأسف فإن المسألة لم تقف بعد ذلك بل نراها في تصاعد، ودون أن ندخل في تفاصيل آخر أحداث تلك الإحتكاكات، فهو فيما نحسب معروف لا حاجة بنا لسرده، فإننا نرى ضرورة أن يولي كل من له علاقة بالأجهزة العدلية المسألة ما تستحقه من عناية. المحاماة كمهنة، تقوم على تمثيل الآخرين في كافة معاملاتهم ذات الصبغة القانونية بما في ذلك نزاعاتهم، وعقودهم سواء أكانت نزاعات وعقود فعلية أو محتملة، بالإضافة لتقديم النصح القانوني لهم. وهي مهنة قامت في كنف الدولة ومع ظهورها. وقد تكون أشكالا بدائية منها قد ظهرت قبل ذلك، ولكن ليس في شكلها المهني الحالي، والذي لم يظهر إلا مع ظهور الدولة وما تفرضه من قوانين وآليات لتنفيذ تلك القوانين يخضع لها كافة أفراد المجتمع، وأغلبهم بسبب إنشغالم بأعمال مختلفة لا دراية له بدقائف تلك القوانين التي تتطلب دراسة متخصصة،. وقد فرض ذلك عليهم الحاجة للإستعانة بمن يمثلهم، ممن أتيحت له دراسة القانون وطرق التعبير عنه. لم يتطور القانون بالشكل الذي هو فيه الآن، إلا بما آثاره المحامون من نقاش وجدل حول نصوصه، وماطوره القضاة الذين يستمعون لمجادلات المحامين من قواعد لتفسير القانون وتطبيقه. حاجة الدولة للمحامين إذا كان المحامون يحتاجون لما تشرعه الدولة من قوانين حتي تنظم مهنتهم بما يحفظ حقوقهم، فإن الدولة بدورها تحتاج المحامين لتفادي ما يكون في تشريعاتها من ثغرات، ولدورهم المميز في تسيير اللجوء إلي العدالة وقبول حكم القانون بين عامة الناس. وهذه الحاجة تظهر بشكل واضح في أن المحاماة هي المهنة الخاصة الوحيدة التي أشار إليها الدستور ( المادة 134) رغم أنها لا تشغل هيكلاً من هياكل الدولة، ولا تباشر أياً من سلطاتها. ولكن ما دفع القانون لذكرها هو أنها مهنة لا تستطيع الدولة دونها الإيفاء بواجباتها في تسيير العدالة. فوجود مهنة المحاماة وقدرتها على أدائها لعملها دون أي عرقلة هو الضمان الحقيقي لكثير من المبادئ التي ترتكز عليها العدالة، والتي تمثل مبادئ المحاكمة العادلة حجر الزاوية فيها. فالدولة ملتزمة دستوريا بتوفير حق المحاكم العادلة، وهو حق يتضمن الحق في الإستعانة بمحامي، سواء أكان ذلك في محاكمة جنائية وفقاً للفقرة (6) من المادة (34) من الدستور، أو بالنسبة للدعاوي المدنية، وفقا للفقرة (1) من المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية، والتي تلزم الدولة بالنسبة لأي شخص لدى "الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه، أو في حقوقه، والتزاماته، في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون" والنظر المنصف يتضمن بالضرورة حق الإستعانة بمحام من إختياره. ومعلوم أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يشكل جزءً لا يتجزء من الدستور بموجب المادة 27 منه. و بالنسبة للدعاوي الجنائية فإن على المحكمة أن تزود، الأفراد إذا لم يكن لهم من يدافع عنهم، بمحام يدافع عنهم، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك. وهذا الحق في أن يكون للشخص محام يدافع عنه، لا يقتصر على واجب الدولة السلبي بالسماح بذلك، بل يلقي عليها واجبا إيجابيا أو لا بتنبيهه إلي الحق، و ثانيا بمعاونتة في الإستفادة منه بتزويده بمحام حين لا يكون في إستطاعته ذلك. المحامون وحقوق الإنسان تنص المادة 134 من الدستور على ما يلي "(1) المحاماة مهنة خاصة ومستقلة ينظمها القانون.(2) تُعلى المحاماة بالحقوق الأساسية للمواطنين وتحميها وترقيها. ويعمل المحامون لدفع الظلم والدفاع عن الحقوق والمصالح القانونية لموكليهم ويسعون للصلح بين الخصوم، ويجوز لهم تقديم العون القانوني للمحتاجين وفقا للقانون." وهكذا نرى أن الدستور جعل أول واجبات المحامين العناية بالحقوق الأساسية للمواطنين وحمايتها وترقيتها. كما وتنص مقررات هافانا التي سنعود لها لاحقاً على أن يسعى المحامون، لدى حماية حقوق موكليهم وإعلاء شأن العدالة، إلى التمسك بحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يعترف بها القانون الوطني والقانون الدولي، وتكون تصرفاتهم في جميع الأحوال حرة متيقظة مماشية للقانون والمعايير المعترف بها وأخلاقيات مهنة القانون. دور حقوق الإنسان في الدستور هو دور لا يمكن التهويل في أهميته، فحقوق الإنسان ضمنها الدستور في وثيقة الحقوق التي يذكر عنها في المادة (27) منه، أنها عهداً بين كافة أهل السودان وحكوماتهم على كل مستوى بأن يحترموا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المضمنة في الدستور، وأن يعملوا على ترقيتها. وهي تعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان. ويلقي الدستور على عاتق الدولة واجب حماية وثيقة الحقوق و تعزيزها وأن تضمنها وتنفذها. ولكي تقوم الدولة بواجباتها تلك فإنها تكون في حاجة دائمة للمحامين لكي يساعدونها في ذلك. فالدولة لا تستطيع الوفاء بواجباتها تجاه الدستور وتجاه المجتمع الدولي بدون الإستعانة بالمحامين. حقوق الإنسان هي مجموعة الحقوق المقررة للإنسان باعتبارة إنساناً دون إعتبار لجنسه أو جنسيته، أو لونه، أو ثقافته، أو دينه، او معتقداته. وهي حقوق في المقام الأول مقررة للإنسان في مواجهة السلطة، والجيل الأول منها يشمل الحقوق السياسية، وهي حقوق سلبية بمعنى أنها تفرض على السلطة عدم القيام بفعل يرقى لمصادرة تلك الحقوق، وان جاز لها تنظيمها بالقانون. والجيل الثاني من حقوق الأنسان، ونعني به الحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، يشمل حقوق إيجابية تلزم الدولة بالقيام بأفعال محددة. هذه الحقوق بما تتطلبه من إمكانيات مادية لتوفيرها، لا يمكن تقريرها ما لم تتوفر تلك الإمكانيات لدى الدولة. لذلك فقد أنكر البعض أنها حقوق بالمفهوم القانوني للحقوق، لأنها ليست من الحقوق التي يمكن فرضها على الدولة بواسطة المحاكم. ولكن المجتمع الدولي، في إعلان فيينا لعام 1993 يرى أن "جميع حقوق الإنسان عالمية، وغير قابلة للتجزئة، ومترابطة ومتشابكة. يجب على المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان على الصعيد العالمي بطريقة عادلة ومتكافئة، وعلى قدم المساواة، وبنفس القدر من الأهمية" وهذه الحقوق تضمن توفيرها وعدم إنتهاكها آليات إنتصاف من محاكم ومفوضيات ولجان قومية، وإقليمية، ودولية، وهي آليات لا تستطيع أن تقوم بدورها بدون معونة المحامين. وبالتالي فإن من واجبات الدولة التي تنبع من إلتزاماتها تجاه حماية ، و تعزيز وضمان تنفيذ وثيقة الحقوق ، أن تيسر للمحامين كل السبل لكي يقوموا بواجباتهم المهنية، في هذا الصدد، والتي ألقاها على عاتقهم الدستور. إن الشكوى من إنتهاك حقوق الإنسان تبدأ بالذهاب إلى مكتب المحامي، فإذا ضجت الأجهزة التنفيذية من ذلك، فكيف لها أن توفي بواجباتها الدستورية تجاه وثيقة الحقوق. دور المحامين في العدالة الجنائية يلعب المحامون دوراً مفصلياً في العدالة الجنائية، والتي لا يمكن لها أصلاً أن تقوم بدونهم، وذلك لأن العدالة الجنائية لا تتعامل مع الجريمة كحقيقة مادية، لأن ذلك لا يمكن التوصل إليه، ولكن ما يهم العدالة الجنائية هو إرتكاب الجريمة كحقيقة قانونية. ما تختص المحاكم بنظره والعقاب عليه هو إرتكاب الجريمة كحقيقة قانونية، وذلك حين تتوافر بينات مقبولة قانونا، تكوِّن عقيدة لدى القاضي الذي ينظر المحاكمة المتعلقة بها، بأن المتهم قد إرتكب الفعل الذي تم اتهامه بإرتكابه. وهذه العقيدة يكونها القاضي فعلا بناء علي ماتم تقديمه في المحاكمة من بينات مقبولة قانوناً، والتي أثبتت له بشكل لا يدع مجالا لشك معقول أن المتهم قد إرتكب الفعل. هذا هو السبيل الوحيد الذي يطرقه القاضي لكي يكوِّن عقيدته، وبالتالي فكون أن المتهم قد إرتكب الفعل في واقع الاَمر، تظل مسألة لا تهم القاضي البتة، طالما أن الإتهام لم يُثبت ذلك بالبينة المقبولة قانونًا، وبالمستوي المتطلب قانوناً لإثبات التهمة. لذلك فإن المتهم من حقه أن يُبرّأ حتي ولو كان قد إرتكب الفعل موضوع الإتهام، طالما ان البينات المتوافرة ضده لا تجيز إصدار حكم بإدانته. وهذا نابع من المبدأ الدستوري القائم على إفتراض البراءة، والذي يقول أن المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته بما لا يدع مجالاً لشك معقول. المتهم الذي إرتكب الفعل موضوع الإتهام يعترف له القانون بالحق في أن يدافع عن نفسه، وبالحق أيضاً في الإستعانة بمحامي. اذاً فهنالك دورا كبير للمحامي في المحاكمة الجنائية، سواء كان المتهم قد إرتكب الفعل أم لم يرتكبه، فإن عليه حماية مصالح موكله التي يعترف بها القانون في إجراءات المحاكمة. دور المحامي هو أن يضمن أن الإجراءات تسير بشكل يسمح لموكله بالإستفادة من إفتراض البراءة الذي يفترضه القانون في حقه. وحقه الدستوري في أن لا يجبر على تقديم بينة ضد نفسه. وحقه في أن لا تقبل في مواجهته بينة لا يسمح القانون بقبولها. وحقه في محاكمة عادلة وناجزة. وحقه في إتاحة الفرصة لمحاميه لتحضير دفاعه. لذلك فقد تضنت المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا من 27 آب/أغسطس إلى 7 أيلول/سبتمبر 1990 ضمانات خاصة في مسائل العدالة الجنائية الزمت الحكومات بموجب المادة الخامسة منها أن تضمن قيام السلطة المختصة، فورا، بإبلاغ جميع الأشخاص بحقهم في أن يتولى تمثيلهم ومساعدتهم محام يختارونه، لدى إلقاء القبض عليهم أو احتجازهم أو سجنهم، أو لدى اتهامهم بارتكاب مخالفة جنائية. وألزمتها أيضاً أن يكون للأشخاص الذين ليس لهم محامون الحق في أن يعين لهم محامون ذوي خبرة وكفاءة تتفق مع طبيعة الجريمة المتهمين بها، ليقدموا إليهم مساعدة قانونية فعالة، وذلك في جميع الحالات التي يقتضي فيها صالح العدالة ذلك، ودون أن يدفعوا مقابلا لهذه الخدمة إذا لم يكن لديهم مورد كاف لذلك. وان تكفل الحكومات أيضا لجميع الأشخاص المقبوض عليهم أو المحتجزين بتهمة جنائية أو بدون تهمة جنائية، إمكانية الاستعانة بمحام فورا، وفي أي حال خلال مهلة لا تزيد عن ثمان وأربعين ساعة من وقت القبض عليهم أو احتجازهم. وأن توفر لجميع المقبوض عليهم أو المحتجزين أو المسجونين فرص وأوقات وتسهيلات تكفى لأن يزورهم محام ويتحدثوا معه ويستشيروه، دونما إبطاء ولا تدخل ولا مراقبة، وبسرية كاملة. ويجوز أن تتم هذه الاستشارات تحت نظر الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، ولكن ليس تحت سمعهم.
دور المحامي في حماية المحتجزين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1988فقد تمت إجازة مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الإحتجاز أو السجن، والمبدأ العام بالنسبة لدور المحانين في الحماية المقررة يحدده المبدأ السابع عشر من المجموعة المذكورة، وهو أنه يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة محام. وتقوم السلطة المختصة بإبلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته. وإذا لم يكن للشخص المحتجز محام اختاره بنفسه، يكون له الحق في محام تعينه له سلطة قضائية، أو سلطة أخرى، في جميع الحالات التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك، ودون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك موارد كافية للدفع. وقد وضع المبدأ الحادي عشر من المجموعة المذكورة على عاتق الدول واجب أن توفر للشخص المحتجز، الحق في أن يدافع عن نفسه، أو أن يحصل على مساعدة محام بالطريقة التي يحددها القانون. كما ويلزم المبدأ 13 من نفس المجموعة السلطة المسؤولة عن إلقاء القبض، أو الاحتجاز، أو السجن على التوالي، أن تزود الشخص لحظة القبض عليه، وعند بدء الاحتجاز أو السجن أو بعدهما مباشرة، بمعلومات عن حقوقه وبتفسير لهذه الحقوق وكيفية استعمالها. ورغم أن المبدا العام وفقاً للفقرة 3 من المبدا18 يقضي بأنه لا يجوز وقف أو تقييد حق الشخص المحتجز أو المسجون في أن يزوره محاميه وفى أن يستشير محاميه ويتصل به، دون تأخير أو مراقبة وبسرية كاملة، إلا أن الفقرة تجيز في ظروف استثنائية يحددها القانون أو اللوائح القانونية، عندما تعتبر سلطة قضائية أو سلطة أخرى ذلك أمرا لا مفر منه للمحافظة على الأمن وحسن النظام، وقف أو تقييد حق الشخص المحتجز أو المسجون في تلقي زيارة محاميه، على أن ذلك وفقاً للمبدأ الخامس عشر، لا يجيز حرمان الشخص المحتجز أو المسجون من الاتصال بمحاميه، لفترة تزيد عن أيام. وهكذا نرى أن إدارة النظام العدلي والذي تقوم به الدولة وفق إلتزاماتها الدولية والدستورية يتطلب مشاركة فعالة من المحامين. وواقع الأمر هو أن المبادئ الدولية في هذا الصدد منشأها القانون الداخلي. ضرورة تنبيه المتهم لحقه في الإستعانة بمحام فالقوانين الحديثة لم تكتفي بتقرير الحق في الإستعانة بمحام، بل وضعت على الشرطة واجباً إيجابياً بتنبيه المشتبه فيهم لحقوقهم الدستورية فى هذا الخصوص، فيتوجب عليهم قبل توجيه أى سؤال لشخص محتجز لديهم تنبيهه إلى حقه فى الإستعانة بمحام، و حقه فى الصمت. ويتطلب ذلك إخطارهم بوضوح وبشكل مفهوم لهم بحقهم فى الإمتناع عن الإدلاء بأي أقوال، وأن أي أقوال يدلون بها قد تستخدم ضدهم كدليل في المحاكمة. كما ويتوجب إخطارهم بأن من حقهم الإستعانة بمحام فإن لم تفعل الشرطة ذلك، يكون كل ما أدلى به المقبوض عليه غير مقبول كبينة في محاكمة ذلك الشخص. وهذا الحق في التحذير نشأ أول ما نشأ في إنجلترا وويلز في عام 1912،عندما صدرت القواعد القضائية، والتي قضت بأنه يتوجب على الشرطي قبل إستجواب المشتبه فيه حول الجريمة، أن ينبه ذلك الشخص إلى حقه في الصمت. و لكن ذلك الحق ذاع عندما تبنته المحكمة العليا الأمريكية في سابقة ميراندا ضد أريزونا، والتي تتلخص وقائعها في أنه في عام 1963 تم القبض على أرنستو ميراندا بتهمتي الإختطاف والإغتصاب، وقد إعترف بالتهمتين. لم تكن الشرطة قد نبهته لحقه القانوني في عدم الإدلاء بأي أقوال، ولا في حقه في أن يكون له محام يحضر التحقيق إذا رغب في ذلك، بلغة يفهمها. وفي المحاكمة لم تكن ضده أي بينة سوى إعترافه، وقد تمت إدانته بناءأ على ذلك الإعتراف. عندما عُرِض الأمر على المحكمة العليا قررت أن التحقيق قد خلق رهبة في نفس ميراندا،الذي لم يكن على علم بحقه الدستوري في الصمت، ولا في الإستعانة بمحامي، ولذلك فقد ألغت الإدانة وأمرت بإعادة المحاكمة. ذكرت المحكمة العليا في حكمها أنه يجب أن يخطر المقبوض عليه بحقه في الإستعانة بمحامي، وبأن يحضر ذلك المحامي التحقيق معه، وأنه إذا لم يكن يملك وسائل كافية لسداد أتعاب المحامي، فإن من حقه أن يطلب الإستعانة بمحامي على نفقة الدولة. وقد حكم بعد ذلك برفض الإعتراف الذي أدلى به متهم لم يكن على دراية كافية باللغة الإنجليزية التي وجه له التحذير بها، لأنه إذا طلب القانون تنبيهاً فإن التنبيه لا يتم إلا إذا فهمه من يتطلب القانون تنبيهه. التنبيه حق دستورى لا يجوز للقانون تجاوزه و أهمبة سابقة ميراندا تتمثل فى أمرين، الأول أنها تتعلق بالأقوال التى يدلى بها من يكونوا قد تم إحتجازهم بواسطة الشرطة، فقد إستنتجت المحكمة العليا أن ذلك الإحتجاز فى حد ذاته يدخل الرهبة فى نفس من يخضع له، و بالتالى فإنه يتوجب تنبيهه لحقوقه الدستورية. وهو الأمر الذي دفع مجتمع الدول بعد ما يقرب من ثلاث عقود لأن يتبنى "مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن" والثانى أن هذه المسألة تتعلق بحقين دستوريين متميزين، فهى لا تقتصر فقط على القاعدة ضد إجبار الشخص بتقديم بينة ضد نفسه، بل أيضاً بقاعدة التدبير القانونى السليم due process of law.نتيجة لذلك فإنه طالما أن ما أدلى به المحتجز من أقوال، قد تم الإفضاء به وهو محتجز لدى الشرطة، دون أن يكون قد تم تنبيهه لحقوقه الدستورية فى الصمت و الإستعانة بمحامى، فإن ذلك فى حد ذاته يشكل سبباً لإستبعادها، دون حاجة لإثبات أنها لم تكن طوعية. لذلك فعندما أصدر الكونجرس المادة 3501 والتى تقضى بأن المعيار الوحبد لقيول أو إستبعاد أقوال المتهمين فى المحاكمة، هو ما إذا كانت هذه الأقوال قد تم الإدلاء بها طوعاً، ورأت محكمة الإستئناف أنه قد تم تجاوز سابقة ميراندا بهذا التشريع، وافقت المحكمة العليا ألأمريكية فى السابقة الهامة DICKERSON V United STATES على أن الكونجرس قد هدف من ذلك التعديل أن يتجاوز حكم المحكمة العليا فى دعوى ميراندا ضد أريزونا، ولكن السؤال هو هل يستطيع ذلك؟ أجابت المحكمة على ذلك بالنفى. لأن المحكمة العليا هى الجهة المنوط بها تفسير الدستور، ولذلك فإن ما تقضى به المحكمة العليا بإعتباره تفسيراً لأحكام الدستور لا يستطيع الكونجرس عن طريق التشريع العادي أن يخالفه. واجب الدولة في توفير الضمانات اللازمة لأداء المحامين لمهامهم
نصت المادة 16 من إعلان هافانا على أن تكفل الحكومات الضمانت التالية للمحامين: (أ) القدرة على أداء جميع وظائفهم المهنية، بدون تخويف، أو إعاقة، أو مضايقة، أو تدخل غير لائق، (ب) القدرة على الانتقال إلى موكليهم، والتشاور معهم بحرية داخل البلد وخارجه على السواء، (ج) عدم تعريضهم ولا التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها. كذلك فقد ألزمت المادة السابعة عشرة من الإعلان السلطات أن توفر ضمانات حماية كافية للمحامين، إذ تعرض أمنهم للخطر من جراء تأدية وظائفهم. كما وقررت المادة الثامنة عشرة أنه لا يجوز، نتيجة لأداء المحامين لمهام وظائفهم، أخذهم بجريرة موكليهم أو بقضايا هؤلاء الموكلين. إضافة لذلك فقد ألزم إعلان الدول بمنح المحامين الحصانة المدنية والجنائية بالنسبة للتصريحات التي يدلون بها بنية حسنة، سواء كان ذلك في مرافعاتهم المكتوبة أو الشفهية أو لدى مثولهم أمام المحاكم أو غيرها من السلطات التنفيذية أو الإدارية. وأن تكفل الحكومات وتحترم سرية جميع الاتصالات والمشاورات التي تجرى بين المحامين وموكليهم في إطار علاقاتهم المهنية. وهذا ما نطالب به كمحامين فهل هنالك صعوبة في منحنا ذلك؟ نبيل أديب عبدالله المحامي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة