|
مذكــرات زول ســاي! (شتائم سودانية)! بقلم فيصل الدابي المحامي
|
مقدمة سـاي! بعض حكايات ، طرائف ، ملاحظات ، حوادث وأحداث مذكرات زول ساي واقعية بنسبة 100% ، وبعضها خيالي بنسبة 100% ، وبعضها الآخر خليط من الواقع والخيال، أما أبطالها فهم سودانيون عاديون ، يعني ناس ساي ، مثلك ، ومثلي ، ومثل أي زول ساي!
(شتائم سودانية!) في ستينيات القرن الماضي وفي أغلب المدن السودانية ومنها على سبيل المثال لا الحصر، عطبرة ، كوستي وكسلا، كان الأطفال (أو الشفع أو الجنيات) يتلقون على مدار اليوم وابلاً من الشتائم السودانية العجيبة التي كانت تشطب رؤوسهم الصغيرة، الأطفال من البنات والأولاد كانوا يسمعون من أمهاتهم واخواتهم شتائم نسائية حصرية مستمرة فهناك شتائم خاصة بالحركة ، فاذا قعد الطفل يسمع (قوم تقوم قيامتك)! ، وإذا قام يسمع (اقعد يقعد نصك)! وإذا قال أنا ماشي يسمع (امش تمش بطنك)! ، وإذا قال أنا جاي يسمع (تجيك الكشة)! وهناك شتائم خاصة بالأكل والشرب والاستحمام واللبس واللعب والقراءة والنوم ، فكثيراً ما يقال للطفل (اكل تاكل السم)! ، (اشرب تشرب المِر)! ، (استحمى الحمو اليزلط)! ، (البس تلبس النار)! ، (العب ، تلعب كراعك)! (اقرا القُر الينفخك)! (نوم تنوم السهر)! وهناك شتائم خاصة بالحواس كالنظر والسمع فإذا عاين الطفل يسمع (تعاين مالك، عينك بتقدها)! ، وإذا لم يسمع النداء يسمع (انتا ما بتسمع ، تسمع الطرش)! ، وهناك شتائم خاصة بالكلام ، فاذا نادى الطفل إحداهن: يا هوي يقال له (الهوى اليمزعك)! وإذا تساءل : شنو يسمع (الشنينة)! وإذا سألت إحداهن الطفل وقال لها: نعم يسمع (النعامة الترفسك)! وإذا قال لا يسمع (يلوي رقبتك)! أما إذا سكت فيسمع (سكت مالك ، سكت حسك)! وعندها كان رأس الطفل يُشطب إيجازياً فلا يدري هل يقعد أم يقوم؟! هل يقرأ أم يلعب؟! وهل يتكلم أم يسكت؟! وكانت حيرة الطفل تتضاعف حينما يسمع شتائم سودانية رجالية حصرية من الآباء والاخوان الأكبر سناً وهي شتائم خالية من السجع النسائي ويرتبط معظمها بإسماء الحيوانات من قبيل (يا كلب)! (يا حمار)! ومنها شتائم غير منطقية على الاطلاق لعل أعجبها شتيمة (انعل صليبك)! فبصفتنا أطفال مسلمين لم تكن لدينا صلبان حتى يتم شتمها! وحينما يخرج الطفل إلى الشارع أو المدرسة يسمع الكثير من الشتائم الذكورية السودانية البذيئة التي تشير إلى بعض الممارسات الجنسية أو الأجهزة التناسلية مثل تلك الشتيمة السودانية المشهورة المقترنة بذكر الجهاز التناسلي للأم ، ولعل المعلومة الأكثر غرابة هي أن كل من يراجع قاموس الشتائم الدولية سوف يكتشف أن هذه الشتيمة بالذات هي شتيمة يهودية الأصل بلفظها ومعناها ولكن تمت سودنتها بضبانتها! الأطفال السودانيون ، الذين يعيشون اليوم مع أهلهم في المدن السودانية الكبرى داخل السودان والذين يعيشون مع ذويهم في دول الخليج والدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية ، لا يسمعون هذه الشتائم السودانية أو المسودنة لا من النساء ولا من الرجال ولا يعرفون معناها إلا ما ندر وحينما حكيت لأطفالي جزءاً صغيراً من تاريخ الشتائم السودانية المنقرضة على أحسن الفروض أو الآيلة إلى الانقراض على أسوأ الفروض لم يصدقوا ذلك واتهموني بالكذب وحينما أقسمت بالله العظيم وحاولت تأكيد ذلك قال لي ابني الصغير بتشكك كبير: داد ، هل كان الاطفال في زمانكم مجرمين حتى تُقال لهم كل تلك الشتائم؟! مستحيل أنا لا أصدقك ، انت تمزح معى!
مكتبة فيصل الدابي المحامي
|
|
|
|
|
|