|
محمود في رحاب الله بقلم حسن تاج السر لندن
|
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة و السلام علي من قيل (له أنك ميت و أنهم ميتون.) طوي الجزيرة حتي جاءني خبر فزعت فيه بآمالي الي الكذب وربما أحتسب الإنسان غايتها وفاجأته بأمر غير محتسب ذرفنا الدموع ولا تثريب علينا فالرجل العصي الدمع قد يبكي أحيانا و تكون دموعه الملاذ الوحيد حين تكون النازله أكبر من الكلمات و أقسي علي النفس و يا له من فقد عظيم وخطب جلل و برغم ذلك لا نقول إلا ما يرضي الله أن الله يفعل ما يريد. في فجر يوم بارد و كئيب نعي الناعي في بلد الضباب و دار الهجرة أخا و صديقا عزيزا علينا كان بالأمس القريب ملء سمع الدنيا و بصرها قولا و فعلا و أثرا ذلكم هو الرجل النبيل محمود صالح غادرنا مخلفا جرحا غائرا وفقد لا يعوض. نشأ، محمود في أسرة محافظة يحفها الإجلال و الإكبار أمتهنت التجارة و الأعمال الحرة و كانت إحدي دعامات الإقتصاد السوداني إلتزمت في سلوكها العفة و النزاهة و الإستقامة و العمل الشريف عبر حقب من الزمان كابرا عن كابر و كان ربان تلك السفينة والده المرحوم صالح مع بقية أفراد الأسرة و كان محمود بمثابة القلب في ذلك. عرفت محمود منذ سبعينات القرن الماضي و لم تزيده الأيام إلا قربا و حبا و تقديرا لأهله و معارفه و أصدقاءه العديدين. محمود صاحب المرؤة و اليد الطولي في أعمال الخير و إغاثة الملهوف، أجوادا عظيم السجايا كريم الخصال تفيض محاسنه كالبحر، و ما مركز عبدالكريم ميرغني الذيأسسه تخليدا لذكري خاله الراحل إلا خير مثال لعظمة الرجل هذا وقد إمتد عطاؤه البازخ لتلك الدار التي أضحت مع الأيام منارة سامقة يحج إليها الكتاب و الأدباء و المفكرين و تحتفي بهم في ندوات و محاضرات راتبة. وتتولي نشر كل جديد في الأدب و التراث و التاريخ. من أعماله الجليلة تلك المكتبة التي أهداها إلي جامعة بيرقن (بالنرويج) والتي إحتوت علي آلاف الكتب عن السودان وبذلك أضحي سفيرا مقيما لديهم مخلدا إسمه وإسم السودان في تلك البقاع و بأعماله المجيدة هذه،ضرب أروع الأمثلة لرجل الأعمال المستنير الذي أسهم بقدر وافر في مجالات الثقافة و الأدب موظفا تأهيله الأكاديمي و مركزه المالي لتلك الرسالة السامية. كان سودانيا أصيلا محبا للناس وفيا للقيم السودانية الأصيلة و إني لأشهد أنني لا أعرف مكرمة من مكارم الأخلاق إلا و لمحمود نصيب وافر منها. كان فقده صدمة عنيفه لأهله و أصدقاءه و معارفه الذين أحبوه و بادلوه حبا بحب لما حباه به الله من خلق نبيل وثقافة رفيعة ووطنية سامية. رحل محمود بجسده و سيبقي بيننا بجليل أعماله و عظيم ذكراه و ستبقي صورته في مخيلتنا نهرع إليها و نستدعيها كل ما أشتد علينا هجير الحياة و ظلم الناس و قسوة المجتمع و أما أنا فستبقي ذكرياتي و أيامي الخالدة معه غرة في جبين التاريخ. اللهم أكرم وفادته و أنزله منازل الأخيار و الأبرار و الصالحين و أجعل قبره جنة عليه. و الله يتولانا جميعا برحمته. حسن تاج السر لندن
|
|
|
|
|
|