أن يدعوا النظام للحوار، فهذا ليس بالأمر الجديد عليه، كونه ظل منذ لحظة مجيئه الأولى تحت جنح الظلام، وعلى ظهر دبابة، والناس نيام.. منذ يومها راح، يطلق الشعار تلو الآخر، حتى أشبعنا شعارات.. وشبعنا، هذا لم يأتي لأننا لا نؤمن بقيمة الحوار، كمبدأ ووسيلة للتفاهم والتعايش.. لكن يأتي من فهمنا، أن النظام ليس جاداً ولا حتى مؤمناً بقيمة الحوار، وإنما يطرحه بغرض الغش والخداع.. وللأسف قد إنخدع بتلك الشعارات الزائفة، من إنخدع، أو قبل لنفسه إن يخدع، وما أكثرهم..! لكنهم، بلا شماته عليهم ، أو حسرة لهم .. لم يقبضوا، سوى ريح الفشل، والخيبة، والخسران.. وهكذا إستمرت مسرحية إستحمار الذات وتواصلت حلقات مسرح العبث السياسي والاخلاقي في بلادنا.. والنظام على الخشبة، طوال الوقت يجيد التمثيل، ليظفر كل مرة، بأكل أكبرعدد من أكتاف معارضيه، بل أكل كل أعضائهم، عقولهم وأعصابهم، حتى أخماس أقدامهم.. لذا إستمرأ التمثيل، حتى سقط في حبائله، أكبر كوم من كميان المعارضة يومها، المرحوم "التجمع الوطني الديمقراطي" بالطبع، غير ماسؤفاً عليه، ولاعلى زعمائه، الذين خدعتهم الحركة الشعبية، بعد ان عرفت أنهم ضعفاء، بل عالة عليها.. وهنا اتمنى على من تبقى منها، أي قطاع الشمال، الذي يفاوض هذه الأيام في اديس ابابا،ن أن لا يخدع رفاقه في الجبهة الثورية، كما فعلت الحركة الأم مع المعارضة السودانية، بل وخذلت الشارع السياسي السوداني، والمواطن البسيط.. عندها كتبنا، مقالاً بعنوان" هنيئاً لكم هذا السقوط" ومنذ يومها لم تقم لهم قائمة، بل هكذا ظلوا ساقطون في مهاوي الخسة والضعة والهوان يتمرقون تحت أقدام النظام حتى مماتهم.. وقد تبع ذلك المرحوم، أي التجمع الوطني الديمقراطي، الكثير من المراحيم، من السياسيين والصحفيين، والكتاب والمثقفين، الذين أجادوا وبرعوا في تسويق الذرائع والمبررات، لتسويغ سقوطهم، لكن النظام، قد دفنهم، وهم أحياء.. بعد أن سلموه زمام أمرهم ومصيرهم .. وفي هذه الأيام التي يتنظر فيها، إعلان النظام إفلاسه السياسي، وفشله في كل النواحي، وعجزه التام عن إدارة شأن البلاد، بسبب الظروف الخانقة التي يواجهها، المتمثلة في الإنهيار الإقتصادي، وعزوف الشعب، وصم آذانه عن سماع أكاذيبه التي لم يجني منها، سوى مزيداً، من البؤس والفقر والحرمان، ولم يعد يهمه، سوى الحصول على لقمة عيشه،التي أصبحت صعبة المنال، بل شبه مستحيلة عند الأغلبية الساحقة منه.. وسياسيا النظام قد أستنفد كل ما في جعبته من أكاذيب وأساليب خداع ومراوغة، للحد الذي فقد فيه الثقة، حتى أقرب المقربين إليه، لذلك أداروا ظهورهم له، بعد أن ذاقوا طعم الخديعة المر، ولم يجدوا ما كانوا يطمحون فيه، ويمنون إنفسهم به..! لذا أصبح النظام ممثلا في مجموعة لا تتجاوز أصابيع اليد الواحدة، ملمة بالأسرار، وممسكة بكل مفاصل القرار.. في ظل هذا الواقع البائس، نفاجأ بثلة جديدة من المراحيم، تطل علينا هنا وهناك.. وبلا مقدمات مقبولة أومفهومة، تتحفنا بحديث ممجوج عن ضرورة تلبية دعوة الحوار الوطني التي أطلقها النظام، إستجابة لدواعي المصلحة الوطنية، مما يبدو معه المشهد السياسي برمته مثيراً للسخرية.. والشفقة والرثاء،على المراحيم الجدد، الذين يتأهيون هذه الأيام للعودة، أو ربما هم قد وصلوا للسودان، الذي غادروه، قبل عشرة اعوام، أو اكثر طلباً لحق اللجوء والحماية من جور النظام وظلمه، وقد حصلوا بموجب ذلك الإدعاء الزائف، على حق اللجوء، وتمتعوا بحق الإقامة والعيش، في اوروبا، وأمريكا، واستراليا، وغيرها من الدول التي تمنح اللجوء، على حساب دافعي الضرائب في تلك الدول التي اعطتهم حق اللجوء، وبعد أن حصلوا على الجواز الأجنبي، اصبحوا يسافرون كل عام للسودان، وفي ظل ذات النظام، الذي باسمه اخذوا حق اللجوء.. ليطولوا من عمر النظام، ويزيدوا من معاناة شعبنا.. بأس السياسة والسياسيين أنتم والله .. وتبا لكم ايها الضعفاء..! ناسين ومتناسين، بل غاضين ابصاركم عن عذابات شعبنا ومعاناته، بل تعودون لتزيدونها مرارة على مرارتها..؟ وأنتم تعلمون أن النظام لا يستطيع ان يوفر لكم تلك الإمتيازات التي تمنون إنفسكم بها إلا من خلال مزيدا من السرقة والنهب من الشعب المقهور، مهدود الحيل، بفرض المزيد من الضرائب والجبايات عليه.. إن إلتحاقكم بالنظام وإستجابتكم لدعوته الزائفة، يعكس مستوى خرابكم الفكري والنفسي والاخلاقي.. وهنا نسأل أ أنتم محاورون.. أم ذباب تسقطون في الأكل والشراب، بلا إستئذان.. بعد ان عميت بصائركم، وماتت ضمائركم، لذا لم يعد يعنيكم غياب شمس الحرية، لاكثر من ربع قرن، علما أن البشر بلا حرية يصبحون مثل قطيع الأغنام، والحشرات.. إن الحرية هي شرط لكل ما هو صحيح، وضروري في الإجتماع البشري، لا شيء حقيقي، من دون حرية، حين تغيب شمس الحرية، يحل الظلام، ويسود الفساد، والرشوة، والخراب، والتضليل، والحيلة، والخديعة، والدجل، والنفاق والظلم، والإزدواجية، ومختلف أنماط التشوهات النفسية، والأخلاقية، والفكرية.. وهنا نسرد قصة تقول: ان رجلا دخل بستاناً، ليتنزه فيه، وخلبت لبه اشجار البستان، وهي مثقلة بالفواكهة اللذيذة، وقد أمضى وقتا، دون ان تمتد يده لاية شجرة ليقطف ثمرة منها، وخلال ذلك الوقت كان صاحب البستان متخبئاً يراقبه، وحينما هم بالخروج، أسرع إليه، أي صاحب البستان، قالا: والله تعجبت فيك، يا اخي، كل هذا الوقت ولم تمتد يدك، لثمرة واحدة من ثمار البستان اليانعة..! أجابه ذلك الرجل: علمتني أمي منذ صغري، أن لا أمد يدي لما ليس لي، ولا أن ارتكب اي قبيح في حق أحد، حتى لو لم يرني احدا.. لأني أعرف أن نفسي تراقبني.. فسر صاحب البستان من رد الرجل النموذج، فطلب إليه الجلوس، على بساط، على حافة الساقية، ثم قطف له من الفاكهة تشكيلة جميلة، وباقة ورد أجمل، وقدمهما له.. فشكره الرجل وقال: له أحترمت نفسي، فاحترمتني.. فأين أنتم من احترام الذات.. أين انتم من هذه القيم النبيلة..؟ والنظام الذي تدعوننا للحوار معه، هو من سرق أموال الشعب وبددها في الحروب والدمار، وإرتكاب كل القبائح والبشاعات في حق الشعب.. ومع ذلك تهرولون إليه، فزعين جزعين آيسين.. أن حالكم هذا، لا يعكس مطلقا اي مظهر من مظاهر عافية الفكر والمبدأ والروح والضمير، سواء فيكم أو في النظام، بل يظهر، أزمة الضمير فيكم، وفيه... وبرغم إنها نتيجة مؤسفة، إلا أنه، كما يقال ما لا يقتلك، حتماً سيقويك، إنها نتيجة ستقوي شعبنا ومناضلينه الشرفاء وتمنحهم جرعة من المنعة، وتصميم أقوى للمضي في مسيرة النضال والصمود حتى ينجلي الظلام بزوال النظام المكروه..! الطيب الزين أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة