|
متي تعي قوي المعارضة دورها الحقيقي لتنجز ثورتها ؟
|
بقلم : سمية هندوسة
فشلت المعارضة السودانية في إنجاز ثورة شعبية مثل رصيفاتها بدول الربيع العربي و لن تنجح ما لم تدرك الأسباب الحقيقية التي دفعتها ان تتبني خط المعارضة لان كل من عارض نظام بعينه لو كان فردا مستقلا او حزبا سياسيا او اي تنظيم معين لم يتبني ذلك من فراغ بل لمسيوليته تجاه وطنه و مجتمعه و ان الوطن لديه أولوية ، و عندما يعارض الشخص فذلك يرجع لقناعته بوجوبية اعتراضه علي ممارسات النظام الذي يحكمه و التي تنعكس بشكل سالب علي مجتمعه ، اي الهدف الرئيسي هو حرص الفرد علي سلامة مجتمعه من منطلق نشاطه المناهض للنظام و انه بذلك يتحمل المسئولية كاملة بتجنيد نفسه ضمن حملة لوا التغيير ، و ادوات النضال واضحة و معروفة حسب قناعة المناضل بفكرته فمن امن بفكرة النضال المسلح عليه ان يتمرد وان يحمل السلاح تنفيذا لفكرته كأداة للتغيير كما فعل المفكر و القائد السوداني د جون دي مبيور و الشهيد د خليل ابراهيم الذي دفع حياته ثمنا لقناعته. و من كان خياره النضال المدني السلمي اللا عنفي عليه ان يناضل بكلمته او توعية مجتمعه او انخراطه في العمل مع التنظيمات الشبابية علي الصعيد الفكري او الميداني لتحقيق الهدف الاساسي الذي من اجله تحمل الفرد كافة المسئوليات وهو العمل علي إسقاط النظام ، اي انه يجب علي الجميع العمل من اجل الهدف الاسمي وهو إسقاط النظام . و لكن احد أزمات المعارض السوداني او أدعياء المعارضة انه لا يعي دوره الحقيقي ولا يترفع عن الصغائر و لا يناي بنفسه عن شخصنة القضايا من اجل هدفه الاستراتيجي الأوحد وهو احداث تغيير في المجتمع ، فإذا عملت المعارضة السودانية بكافة ألوان طيفها السياسي علي نبذ الخلافات الشخصية و عرفت بان دور المعارض هو ان يعارض النظام و ليس افراد و ان دوره الحقيقي هو احداث تغيير كامل في مجتمعه عبر ثورة شعبية او خلافه و ان دوره غير محصور فقط في إسقاط النظام القائم ، فالثورات الشعبية تحدث تغييرا شاملا علي كافة الأصعدة سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا علي مستوي الفرد و منظومته المجتمعية و ترفع من وعي المواطن للمطالبة بحقوقه بعد ان تعرفه هذه الحقوق قانونيا و دستوريا، فمثلا ان تعرف المواطن البسيط عن المادة 152 من القانون الجنائي السوداني و علي ماذا تنص و ليميز بانها من مواد القانون الجنائي السوداني لعام 1991 ، و لتسليط الضو علي ما تفعله شرطة النظام العام باسم المادة 152 بأقسامها من تحرش و ابتزاز واغتصاب للنساء و الفتيات ، و هذا الدور التوعوي الفاعل قامت به المهندسة اميرة عثمان و قبلها الصحفية لبني احمد حسين بتصديهما لقانون النظام العام و تحملهما تبعات ذلك من إدانة و هنا تأتي الإدانة تقديرية و حسب مزاج القاضي الذي سينظر الدعوي و حسب خلفيته الاجتماعية و البيئية و الجغرافية و لا مكان هنا لتطبيق القانون او العدل اساس الملك فحتي القضاة يحكمون علي الناس حسب تركيبتهم الذهنية و النفسية فنحن في السودان ولا عجب ، و ما قامت به اميرة و لبني و الصحفية امل هباني و مجموعة لا لقهر النسا و صفية اسحق و حركة قرفنا و شرارة و التغيير الان و كثير من النشطاء هي احد ادوات التغيير الفاعلة في تحريك المجتمع و تحريض المواطن للمطالبة بحقه مما يشجع لوجود حراك فعلي بالشارع ، فمثلا كاميرا نجلا سيد احمد كان لها دور ارعب النظام حينما سلطت الضو علي مجاعة جنوب طوكر و إبادة المدنيين بجنوب كردفان و تحملت تبعات نضالها بتهجيرها قسريا خارج الوطن بعد ان دفعت الضريبة داخل الوطن ، و كثيرا من الأقلام الحرة لنساء و لرجالا كان دورها فاعلا في كشف الفساد و المفسدين للمواطن لأن الحكومة أصلا قائمة علي الفساد و الإفساد و تعمل دوما لحماية المفسدين ، فبالأمس القريب انعم رئيس دولة الشريعة و خادم القران الكريم الحائز علي ماجستير في الشريعة علي الشيخ الفاسد نور الهدي الذي اغتصب طالبة بعد ان قام بتخديرها بعفو رئاسي متجاوزا السلطة القضائية و جميع أحكامها القاضية بحبس الشيخ لعشرة سنوات وكذلك تجاوز تطبيق حدود شرع الله القاضية بعقوبة الزاني دعك من المغتصب لا سيما بان للشيخ سوابق بمدينة الدويم ، و بعد كل ما حدث للمسكينة تم فصلها عن الدراسة ومع ذلك نأت بنفسها خوفا من المجتمع و حكومته التي تعفي مثل ذلك الذئب و تحاكم الضحية ، و حبذا لو تتبني مجموعة من الشباب الذهاب لزوي الطالبة المقرر بها و فتاة الفيديو المجلودة لتوعيتهم بان يطالبوا بحقوقهم وان بناتهم ضحايا لنظام مشوه مريض مسخ لا يشبه عاداتنا ، ولو علات الأصوات المطالبة بالحقوق لاستطعنا إيقاف الكثير من الممارسات و التجاوزات بمراقبة ذاتية من مرتكبيها لأنهم سيعلمون بان ما يقومون به سيكون قضية رأي عام و انه فات أوان ان تصمت الضحية و لو صمتت سيتحدث الرأي العام نيابة عنها ، هذا دور مشرف يقوم به بعض النشطاء الشرفاء في معارضتهم للنظام و ممارساته و لكن هنالك بعض التنظيمات الحزبية و بعض الافراد من أدعياء النضال حينما يكون الموضوع هو العمل علي توحيد الهدف بإيجاد الية لإسقاط النظام و توحيد الروي لفعل ذلك نجد بانهم يعملون بكل جهدهم لإخماد ذلك بوعي منهم ام دون وعي لا ادري و لكن المؤكد بان ما يفعلونه يصب في خدمة النظام الحاكم و يخدم أجندته بتنفيذهم لسياسة فرق تسد بشكل عملي و غير مدروس حيث ان المعارضين يعارضون بعضهم اكثر من معارضتهم للنظام و يفتقرون للوعي والإدراك حتي في قضايا الدعم و المناصرة مع الضحايا في حال اي تجاوز او انتهاك تعرض له ناشط او مدافع تجد من يدعي المعارضة و النضال يقف مع الجاني و يكون ضد الضحية مثلما يفعل البشير و حكومته تماماً ، و حتي بعض الاسما المعروفة بمعارضتها للحكومة تقع في الخطأ نفسه لأنهم يتضامنون مع أشخاص و ليست قضايا ، فمثلا لا اتضامن مع فلان هذا لانه ليس من أبناء الهامش وهو من الشمال النيلي فليتذوق ما يفعلونه بأبناء الهامش ، او ان فلانة هذه لا اعرفها و ان هذا لا يتبع لمنظومتي الحزبية و هذا كان يوما يتبع للمؤتمر الوطني و ذاك بيني و بينه خلافات في المواقع الاسفيرية و المنتديات و غيرها من الأسباب التي لا علاقة لها بالمصلحة العامة ، فعلي المعارض ان يعي بانه يعارض ممارسات النظام بشكل رقابي و جاد و اي تجاوز للنظام حتي لو كان علي منسوبي النظام نفسه هو اغتنام لتحميله المسئولية و تسليط الضو لتعريته ، و كذلك علينا ان نميز بين الاشخاص و القضايا فانت تتبني فكرة التغيير لأجل قضايا تخص ربما افراد او مجموعات او مجتمع لذلك فان شخصنة القضايا و افتعال قضايا خلافية هي من اكبر المعوقات و التحديات للمعارض السوداني ، اعرف كثيرون تضامنوا مع الترابي في اعتقاله الاول و هم من ألد أعدا المؤتمرين الشعبي و الوطني و لكنهم قالوا لا للاعتقال التعسفي و هذا موقف محترم و درس ينبغي ان تتعلمه المعارضة السودانية الي جانب المصداقية و خلاص النية و تحديد هدفها و ممارسة دورها بالتنسيق و بنا، التحالفات من اجل إسقاط النظام و ليس كيل السباب و الاتهامات فيما بينها و توزيع صكوك الوطنية و التخوين حسب أمزجة افراد بعينهم و التشكيك في نوايا البعض و البحث عن ما ورا الأسباب لإثبات صحة ادعاءات البعض و هذا الجدل الدائم بالمنتديات و المواقع هو اكبر خدمة يقدمها المعارضين للنظام و هذا ما يريده النظام و خطط له من قبل ، فإذا كانت قوي المعارضة أداة طيعة في يد النظام فنحن بحاجة لمعارضة المعارضة نفسها حتي نستطيع إنجاز ثورتنا .
|
|
|
|
|
|