|
متلازمة التعاطف مع الجلاد بقلم عبدالله علقم
|
06:24 PM Aug, 29 2015 سودانيز اون لاين عبدالله علقم - مكتبتى فى سودانيزاونلاين
(كلام عابر)
والجلاد المعني هو الجلاد الرمزي الأسطوري الذي يلعب دورا أساسيا في حدوث عمليات التعذيب والقتلأيا كان الجلاد... سواء كان ديكتاتورا على رأس دولة أو قائد مجموعة متطرفة، ومرد ذلك التعاطف مع الجلاد،وهو تعاطف يشمل شريحة كبيرة من المجتمع مع هذه الشخصيات، هو أن التبرير والانحياز صفتان ملازمتان للمجتمعات المتخلفة، وتجعل هذه المجتمعات تغض الطرف عن بحر شاخص في الدماء بسبب الفشل في التخلص من تأثير تعاطف طاريء لا يقوم على واقع حقيقي،كما يقول الكاتب حسنين السراج في كتابه"التعذيب باسم المقدس" الصادر من رواق للنشر والتوزيع. في اللحظة التي يسمع فيها هذا النمط من الناس خبر مقتل أو موت الزعيم الدموي، سيأخذ اهتمامه وتعاطفه مع ضحايا الزعيم في التراجع التدريجي إلى أن ينعدم. حين أعلن عن مقتل اسامة بن لادن، انفجر في عقول هذه الفئة من الناس، وهي فئى كبيرة لا يستهان بها، انفجر في عقولهم حزام ناسف من التعاطف مع أسامة بن لادن بعد أن رفضوا أفكاره الانتحارية. لو قلت أن عددا كبيرا من الابرياء فقدوا حياتهم بسبب الزعيم الجلاد، ستجد من يرد بأن أمريكا قتلت الآلاف في هيروشيما وفيتنام والعراق، وأن فرنسا قتلت مثلهم في الجزائر، وهلمجرا. اذا قال أحدهم أن صدام جر بلاده لحروب غير مبررة وغير عقلانية، فلن تعدم من يقول لك أنه رجل واجه الإيرانيين والأمريكان. تبرير بائس ربما جره سوء الوضع الذي يعقب اختفاء الجلاد من الحياة،وهو ليس مبررا عقلانيا.ظاهرة تعاطف البعض مع نميري مثلا،مرورا فوق جنازير دباباته التي قبرت العزل أحياء، ومقابره الجماعية، مردها حالة اليأس التام، ليس من الحاضر فقط، ولكن من المستقبل أيضا. حين نتعاطف بسبب طبيعتنا مع صورة عابرة يظهر فيها جلاد يحتضر أو يشعر بالألم او كانت نهايته بشعة أو مأساوية مثل نهاية القذافي وتشومبي وموبوتو وتولبرت وهيلاسيلاسي وشاوشيسكو وضياء الحق وماركوس وغيرهم من قائمة منظومة الطغاة الطويلة على امتداد الكرة الأرضية وإن تركزوا أساسا في العالم الثالث، يجب أن نستحضر صورة ضحايا الجلاد الذين لم يرف له جفن حين قتلهم أو دعا إلى قتلهم. إن الضحايا،وليس الجلاد،هم الأولى بالتعاطف، ولهم يجب أن ترتفع صيحات الألم، وينحاز القلب والعقل. يقول الكاتب حسين السراج "حين يكون مقياس الشعوب في التعاطف والاحتفاء هو دماء الأبرياء الذين قتلوا دون وجه حق، فستكون شعوبا في طريقها إلى التطور وتستحق كل ذرة هواء وكل قطرة ماء تستهلكها"، أما الشعوب التي يتحول فيها القاتل إلى ضحية، فهي شعوب مزاجية تحكمها العاطفة ولا تحترم دماء أبنائها. رفض الظلم يجب أن يكون رفضا مطلقا أينما وكيفما ومتي ما يقع. رفض لكل جلاد، محليا كان أم أجنبيا،بلا تبرير للجلاد المحلي. قبل الختام: ربما يجب أن نتوقف قليلا مع فرويد حينما قال "إننا ننحدر من سلسلة لا متناهية من أجيال آباء مارسوا القتل، والذين كانوا-كما نحن ربما- يعشقون الموت في وسط الدماء". (عبدالله علقم) mailto:[email protected]@yahoo.com
. أحدث المقالات
- دورٌ إيجابيٌ للأزهر الشريف (2) بقلم محجوب التجاني 08-29-15, 04:49 PM, محجوب التجاني
- أختلف اللصان فلم يتم فتح المسروق في روتانا.. ! بقلم عثمان محمد حسن 08-29-15, 04:48 PM, عثمان محمد حسن
- مأساة وطن ينتظر رحمة عذرائيل بقلم المثني ابراهيم بحر 08-29-15, 04:45 PM, المثني ابراهيم بحر
- عالم وسوداني عظيم بقلم شوقي بدرى 08-29-15, 04:44 PM, شوقي بدرى
- حاميها حراميها ! عثمان الطاهر المجمر طه 08-29-15, 04:41 PM, عثمان الطاهر المجمر طه
- ما هو (لقب) فخامة الرئيس بكري حسن صالح بقلم جمال السراج 08-29-15, 04:39 PM, جمال السراج
- وجه من الماضي .!! بقلم عبدالباقي الظافر 08-29-15, 03:57 PM, عبدالباقي الظافر
- فكرة.. هزمها التنفيذ بقلم عثمان ميرغني 08-29-15, 03:53 PM, عثمان ميرغني
- بالمنطق (كده) !! بقلم صلاح الدين عووضة 08-29-15, 03:50 PM, صلاح الدين عووضة
- جنوب السودان.. الله يكضب الشينة! بقلم الطيب مصطفى 08-29-15, 03:49 PM, الطيب مصطفى
- (خلونا في المهم) بقلم الطاهر ساتي 08-29-15, 03:46 PM, الطاهر ساتي
- أخطاء ومسلمات في تاريخ السودان تتطلب ضرورة المراجعة 4 متى اتحدت مملكتا نوباديا ومقُرة 08-29-15, 07:07 AM, احمد الياس حسين
- نكتة عجيبة (السودانيون يتسابقون لأخذ حصتهم قبل الزيادات)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:49 AM, فيصل الدابي المحامي
- المجلس الوطني الفلسطيني وأضعف الايمان بقلم نقولا ناصر* 08-29-15, 05:47 AM, نقولا ناصر
- الطيور المهاجرة تغزو حديقة الهايد بارك!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:46 AM, فيصل الدابي المحامي
- مجموعة السيسي: تتحمل ضمنيا مسئولية ما جرى بفندق سلام روتانا بقلم آدم خاطر 08-29-15, 02:39 AM, آدم خاطر
- إحدى عشرة رسالة لوالي الخرطوم .. (9) حديقة الحيوانات .. بقلم توفيق عبد الرحيم منصور 08-29-15, 02:36 AM, توفيق عبد الرحيم منصور
- الكذاب و الحريات المدنية بقلم خالد عثمان 08-29-15, 02:31 AM, خالد عثمان
- مع ابن الرومي.. ذلك أفضل جدًا بقلم محمد رفعت الدومي 08-29-15, 02:29 AM, محمد رفعت الدومي
- سياتى الهواء لنظام الخرطوم من جهة ليبيا .. ومن يزرع الريح يحصد العاصفة !! بقلم ابوبكر القاضى 08-29-15, 02:28 AM, ابوبكر القاضى
- بمناسبة تنصيب الوزراء المعارضين..و"جردل" مايو! بقلم صلاح شعيب 08-28-15, 11:14 PM, صلاح شعيب
- إشكالية العقل السوداني و الإبداع بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 08-28-15, 11:13 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- من التحديات التربوية في المجتمعات الغربية بقلم نورالدين مدني 08-28-15, 11:12 PM, نور الدين مدني
- وجهان لكل حرف بقلم الحاج خليفة جودة - سنجة 08-28-15, 11:11 PM, الحاج خليفة جودة
- كيف سجل الإتحاد الأفريقي خمسة إصابات في شباك المعارضة ؟الحلقة الخامسة5-7 بقلم ثروت قاسم 08-28-15, 11:09 PM, ثروت قاسم
|
|
|
|
|
|