اليمن الأرض والأمة يستحق العيش بعيدا عن صراع أساسه مَالِكَا الثروة والجاه في منطقة ابتُليت بكثرة الطامعين في خيراتها الطبيعية المنتمين للشرق والغرب معا ، طبعا لكل من المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية مقومات نقل التنافس على زعامة ذات المنطقة من مكان إلى آخر مهما وَجَدَ التناحر الدفين الساحة الخصبة المكتظة بالمتحمسين له من التابعين والمتعاطفين وبالتالي المنتفعين من كلتا الجهتين ، لكن الأمر تَطَلَّبَ هذه المرة كشف كل الأوراق وامتحان مَن يقف قولاً ومشاركةً في الاقْتتال الدائر في عين المكان مع هذا الطرف أو ذاك ، فكان للسعودية ما أرادت مكونة حلفا جِهاديا من عدة دول منها المغرب ، كما استطاعت إيران تجنيد الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع على صالح وفلول جماعة مسلحة تابعة لحسن جنوب لبنان المناصر لطهران، لتشتعل حرباً حارقة بلا رحمة جزءا من سكان اليمن بنسائهم وأطفالهم بعجزتهم ومرضاهم من الجنسين ، ولن تهدأ الأحوال لأمد طويل ، وحتى إن فازت جهة وخسرت أخرى انطفأت من وجدانهما شعلة الود المتبادل ليبقى شبح العودة للاقتتال قائماً ، وما اللقاءات والمؤتمرات المنعقدة هنا وهناك، آخرها في جنيف، برعاية الأمم المتحدة ، غير مهرجانات خطابية لنقل اهتمام الكبار بأخطاء الصغار المرتكبة حسب مواقفهم عن تعنت في وجهات النظر الذاهبة للتقيد بمقتضاها مهما كانت العواقب الوخيمة التي يجرها عن نفس الأسباب أي طرف معني بما يجري الآن في اليمن ، طبعا المملكة السعودية متمسكة بحقها الرامي للدفاع عن مصالحها في المنطقة ، لكن ينقصها صراحة التخطيط المحكم القائم على إدراك الواقع المتحرك بما كان يُسمى الشرق الأوسط قبل أن يخسر الوسط ، الداعي إلى امتلاك الردع الجدّي المصاحب بالحلول السياسية القاضية بملء أي فراغ إن حصل ، الأمر ليس بالهين ، لذا مَن لا يتحمل عبء العواقب من الأحسن أن يتراجع ، فثمة من الكبار الزاحفون لامتلاك الكلمة الفصل في الموضوع بطريقة أذكي مما اقتسمت بها بعض دول أوربا وأمريكا شمال إفريقيا العربية المغاربية ، ولطالما ناشدنا المملكة السعودية الاستعجال بتصفية القضية السورية، وكان من حقها الشرعي والقانوني فعل ذلك ، لكنها تباطأت وأكتفت بمد المعارضة ما يتناسب وحجم ترضى عنه الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة تخطيط ما تحياه الجهة من تحولات خطيرة بهدف تغيير ما انتهى عمره الافتراضي، أكان نظاما للحكم،أو حدودا لتضيف لهذه وتنتقص من أخري بحسب الارتباط معها أو التبعية الأبدية لها ، المملكة السعودية لما استفاقت من سباتها المحروسة فيه كانت بقوة "البترودولار" وعين أمريكا الرسمية الجاحظة بالطمع في امتصاص المزيد من عطاءات حكام هذه الدولة الإسلامية المالكة ما لا تملكه أخرى على امتداد وديان وصحاري ساحرة بما فوقها وتحتها على التوالي ، من أشياء لا تقدر بثمن ، لما استيقظت غيرت سياستها الخارجية لتُظهر للعالم أنها قادرة على التدخل وتحقيق ما عجز الغرب وأمريكا نفسها على تحقيقه ، لكن سياستها تلك لم تتعمق في التوقيت الزمني المتأخر على حصد أي انتصار يعيد لها دور الريادة للإبقاء على اهتمام أمريكا بها، بدل الانتقال به إلى إيران والمتحالفين معها ، وما زاد الطين بلة ما يكلفها في اليمن من مبالغ مالية وفقدان الرجال دون التقدم لاحتواء ما من شأنه إعادة المياه لمجاريها الطبيعية ، ولن تستطيع السعودية الخروج من هذه الضائقة إلا بتقديم تنازلات وهذا ما يدور في كواليس تظل محدودة وغير واضحة حتى الساعة ، ومَن يسمع لبعض السعوديين من عامة الشعب، يساند فكرة البحث الجدي عما يخرجها من اليمن ،بماء الوجه، وحكمة التراضي على التصالح، بلا مغلوب أو غالب، وبالتالي الوقوف بهدوء مع الشعب اليمني العظيم، حتى يختار حكامه بلا ضغط إيراني أو سعودي ، وإذا علمنا أن الشعب اليمني أغلى ما يملك كرامته وعزة نفسه أدركنا أن الحرب لن تنال منه لتغيير قيمه الحميدة تلك ، المتجدرة في وجدانه . مصطفى منيغسفير السلام العالميمدير نشر ورئيس تحرير جريدة العدالة الاجتماعية المحمول 00212675958539البريد الألكتروني:[email protected][email protected]mailto:[email protected]@outlook.com أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة