الحمد لله الذي أدخل السرور في قلوبنا بعد أمدٍ ليس بقريب لم تطرق آذاننا وأبصارنا فيه غير كل خبر ٍحزين وألمٍ دفين يطعن في خاصرة مستقبل هذا الوطن ومن سيؤمونه من أجيال قادمة ، أن تتحطم آلة الفساد والإثم الكبير في أيدي خونة الوطن ومن لا يرون عبر بصيرة أنانيتهم وحبهم لذواتهم غيرمصالحهم الخاصة ومكتسابتاهم المتنامية والمستشرية بلاكابح ولارادع ، ورائعٌ جداً هذا الإنتصار المجيد الذي تحقَّق لثلةٍ وطنية ومُجاهدة وحادبة من الإختصاصين الزراعيين الذين وقفوا في وجه تمرير صفقة النخيل التابع لشركة أمطار والمصابة بداء البيوض الفتاَّك بكل شجرة نخيل إزدهت ورفرف (جريدها) في أرضنا المعطاء ، وللحقيقة فإن قرار وتنفيذ أمر الإبادة لتلك النخلات الكارثة والتي يبلغ عددها 20 ألف نخلة هو إنتصار للحق والوطن والمواطن ، وهو أيضاً إشارة إلى أن الأمل لم يزل متواجداً بين براثن الأحزان وأنه ساطعٌ وقادمٌ لا محالة ، نشكر كل أولئك الأبطال الغيورين على وطنهم وأبنائه من الغُبش الكادحين ومكتسباتهم الإقتصادية التاريخية ، ونشدُ على أيديهم أينما ما كانوا وكيف ما كانوا وعبر كل إختصاصاتهم التي عولج من خلالها الموضوع ، وللحقيقة فإن ما جرى من أمر ذلك النخيل الموبوء يفتح الباب على مصراعيه ، لحكماء حكومة المؤتمر الوطني ليغوصوا في أمر تفشي آفة الفساد التي باتت تهدِّد حتى أشجار السودان بعد أن أفرطت في إستهوان إنسانه ، وللمراقبين الحق في الإندهاش المختلط بالفرح وعدم التصديق ، لأن الأصل في سوداننا المعاصر أن لا أحد ولا آلة و لا قانون ولارادع يستطيع أن يقف في وجه الفساد ناهيك عن الإنتصار عليه ، والشواهد في ذلك كثيرة ، ما أن تصعد إلى السطح الإعلامي معلومات موثَّقة عن حالات كارثية للفساد طالما تم إتهام نافذين بالضلوع فيها ، إلا وحالت سياسة التعتيم والتكميم دون إيصالها محطاتها الأخيرة ، تارةً بمنع النشر وتارة بإرسال الملف بأكملة لجهات ليس لها علاقة بالمنظومة العدلية الرسمية وتارةً (بالتنظير) والإحتهاد والتعديل في القانون الذي يحكم الواقعة ، لتنبلج إلى سطح عالم المراوغات القانونية والإدارية نظريات فقهية وقانونية جديدة كان أهمها ما عُرف في حينه (بالتحلُل) ، ومن الأمثلة الخاصة بقضايا الفساد التي لم يعلم المواطن حتى الآن مآلاتها الأخيرة وما جرى فيها من أحكام قضية شركة الأقطان وبيع خط هيثرو الذي بُح صوت أستاذنا الفاتح جبرا وإنسحق يراعه مُسائلاً عن مصيره ومصير الضالعين والمتورطين في أمره ، هذا ومعه قضايا أخريات نعرفها ويعرفها الناس لأن ملابساتها أسهمت في خروجها عبر المنافذ الإعلامية ، أما ما خفي فمن المؤكد أنه الأعظم ، يا من تقومون على أمر هذا الوطن الجريح إقتلوا القضايا بحثاً وتحليلاً وتقصياً لتُمسكوا برأس حيةِ الفساد وذيلها في كل قضيةٍ على حدِه ، لا يكفي صدور القرار وإبادة النخيل المُعدي ، يجب أن نعرف المتورطين منذ بداية الموضوع سواء أن كان بالفساد أو بالإهمال والتقصير ، من الذي إستلم العينات الأولى إن كانت هناك عينات ؟ ومن فحصها وكتب تقرير الإفادة والموافقة على جلبها ؟ ومن مِن المؤسسات المختصة أُستُفتي فيها ، ومن تم تجاوزه ، ومن المسئول عن تأخر إكتشاف هذه الكارثة إلى أن وصلت البلاد وبدأ الشروع في غرسها ، إن لم تتم الإجابة على كل هذه الأسئلة فليستعد الوطن ولتستعدوا ولنستعد لإنقضاضِ مصيبة جديدة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة