|
ما بين اسامة والدقيق وسبتمبر بقلم حيدر الشيخ هلال
|
02:12 PM Aug, 25 2015 سودانيز اون لاين حيدر الشيخ هلال-قطر مكتبتى فى سودانيزاونلاين
من الطبيعي ان تُخرج حالة الاختناق التي تمر بها الحكومة كل الكائنات التي كانت تهسُ في الليل تنهش في عظم هذا المواطن المغلوب ، وتمص في صمت وهدوء من دمه الغالي . فدوامة الصراع القاسية التي لا ترحم والتي تدور رحاها في الآونة الاخيرة بسرعة جنونية كفيلة بركل كل من لا يستقوى على التشبت جيداً . وهذا الصراع هو الذي اخرج الينا السيد اسامة داؤود من خدره المنعم بعد ان كان هانئاً يتكئ على ارائك الانقاذ دانية عليه الظلال ومذللة له القطوف. هنأ اسامة داؤود وتمطى وتمدد كيف ماشاء بينما الشعب اوغل حاله في البئس والفقر . الرجل الذي عرف بشحه على وسائل الاعلام يجد نفسه مضطرا للتعامل معها لابسا على الناس ثوب الهم الوطنى والحرص على المواطن يجلس عند احد ابواق الانقاذ مخرجاً ارقاماً وتحليلات يحاول بها ذر الرماد في العيون . وهو لا يعلم ان هذا المواطن الذي جاء يتباكى عليه الان بعد ان شبع وولغ في قوته في غنى عن مناحاته البائسة . ان حالة السيد اسامة ماهي الا إفراز لحالة الطحن القاسية التي تمر بها عصابات الانقاذ في موقع القرار ، فالانقاذ في السنين الاخيرة وبعد ان دمرت كل البنيات الاساسية ومقومات الانتاج الذراعي والصناعي في البلاد ووجدت نفسها تقف على ارض هشة لن تتحملها طويلا وبرغم دعواتها المتكررة للمستثمرين العرب للدخول في استثمارات جادة في السودان الا ان الاخوة العرب ليسو بالسذاجة ليطرحوا مليارتهم في وجه الريح فقد حوصرت الانقاذ بالاسئلة المفذعة والمخيفة مع كل محفل استثماري او اقتصادي ، الاسئلة التي لم ولن تجد لها اجوبة تمثلت في الاستفسار عن حال البيئة الاستثمارية وتوفر مقومات الانجاح في ظل بلد تطحنها الحروب من كل جانب وكالعادة تنثر الانقاذ في وجه السادة المستثمرين حلوتها الخداعة المتمثلة في امكانيات السودان وموارده الضخمة والمستثمر العربي الذي يعمل معه جيش من الخبراء والمتخصين والذي يعرف السودان تماماً ويعي امكانياته الهائلة على صعيد البنيات الاساسية والموارد المائية والزراعية والمساحات الشاسعة وهو تماماً ما يسيل لعاب السادة العرب ويحفزهم لتلبية دعوات الحكومة للاستثمار لا يسأل عن هذه الابجديات ولكنه عندما يقلق فانما يقلق على توفر البيئة الاستثمارية المستقرة فبلد بمثل حال السودان الراهن لا يستثمر فيه الا المقامرون وعصابات غسيل الاموال لهذا تكررت دعوات الانقاذ للمستثمرين للاستثمار في السودان ففي مؤتمر الامن الغذائي العربي الذي استضافه السودان في العام 2013 وبرعاية كاملة من الرئيس البشير فوت السودان فرصة كان ستضخ فيها المليارات في عصب الاقتصاد ، حيث قدر الخبراء حوجة الدول العربية للاستثمارات بحوالي 144 مليار دولار الى العام 2030. كان السودان مرشحاً ان يفوز بجل هذه الاستثمارات من واقع موارده الهائلة ومساحاته الشاسعة حيث رصد هذا المبلغ لسد الحوجة الغذائية فقط . وكالعادة ذهبت هذه الامال ادراج الرياح عندما لمس الاخوة العرب عدم جدية الحكومة وعدم وعيها بواقعها . وبعدها وفي العام 2014 انعقد المجلس الاقتصادى والاجتماعي العربي في دورة استثنائية وعد فيه الرئيس عمر البشير ان يذلل كل الصعاب امام استثماراتهم وبطبيعة الحال قارن الاخوة العرب تلك الوعود مع واقع البلاد فخرجوا بنفس النتائج ، والمستغرب هنا ان تأتي الى مؤتمر يئمه الخبراء والمختصون لتلقي عليهم وعود كاذبة كأنك تخاطب حشد جماهيري من البسطاء فعمر البشير رجل لا يفرق بين الخطابات الجماهيرية الفضفاضة الكاذبة وان تخاطب محفل من العلماء والخبراء يضعون الف دائرة حمراء على كل كلمة تقولها . ذهب هذا المؤتمر والمؤتمرون كما ذهب غيره والحال في حاله والانقاذ في حالة اختناقها لا تجد لها مخرج من هذا الوضع المتأزم ، وهنا نقطة مهمة يجب ان نلقى عليها الضوء برغم كل الاكاذيب والوعود الخداعة التي يتلقاها المستثمرون الا انه مازال المستثمرون يقبلون على هذه المؤتمرات الشئ الذي يؤكد جدية المستثمرين للاستثمار في السودان وهذا الشئ لم يأتي من فراغ فالموارد الضخمة التي يذخر بها السودان لو توفرت لها البيئة الاستثمارية الصحيحة لانكفاءت علينا كل العالم تبحث لها عن موطء قدم عند هذا الخير الوفير. وعند ما بلغ الامر منتهاه واختنقت الحكومة تماما هرولت الانقاذ تجاه مواطنها المغلوب على امره وادعت انها سترفع الدعم عن الوقود تلك الكذبة المذعومة التي فندها الخبراء في حينها واثبتوا عسكها تماما حيث اثبتوا انه كان يباع بضعف سعره حينها وعندما اعلنت الحكومة رفع يدها كانت تنوى رفع ارباحها الي الضعين ليس الا . والحكومة لم تجرؤ على هذه الخطوة لخطورتها الا لانها فشلت تماما في ترقيع الثوب البالي ، ووقع ماكانت تخشاه الحكومة إذ هب شباب سبتبمر في وجهها ولكن الانقاذ التي لا تملك اي حلول لم يكن امامها الا ان تواجه هذه الغضبة بالرصاص الحي . والان وبعد عامين من إبتزاز الشعب تجد الحكومة نفسها في نفس الموقف الذي لا تحسد عليه وهاهي بنفس العقلية تنتج اكاذيب واباطيل الذهب وغيرها لجر ارجل المستثمرين من حولها وعندما انبرى لها من يكشف زيفها وخداعها هاهي تتجه مره اخرى الى المواطن . وتعيد نفس الموال القديم في رفع الدعم الغائب اساساً . وكل مشكلة اسامة داؤود انه يمسك بعظمة القمح السمينة هذه العظمة التي كان يشاركه فيها بعض رجال ونساء الانقاذ الان اصبحت هي عصب الحياة لجثة الانقاذ ، فلهذا مهما فعل اسامة داؤود وخرج صارخاً على الاعلام لن تجديه هذه الصرخات نفعاً .لان الحكومة لن تتوقف عن مساعيها لفك الاحتكار فالقضية ليست قضية استراتيجيات وخطط وبرامج لرفعة اقتصاد البلد او البحث عن مصلحة المواطن كل ما في القضية هي تنافس هذه الكائنات الليلية واقتتالها في الظلام للفوز بهذه العظمة . فبعد ان انخفض سعر الدقيق في السوق العالمي كان متوقع ان تواصل الحكومة في دعم الدولار للدقيق والذي كانت قيمته 2.9 ولكنها تصر في ايذاء المواطن وتقرر فجأة رفع الدعم عن الدولار مع فك الاحتكار مرة واحدة ولعلنا نلحظ هنا النية الواضحة للحكومة في ماتنوي فعله فهي من جهة ستدخل منافسة من خلال شركات ستظهر علينا اول مرة بطبيعة الحال وستفوز بكل العطاءات قبل ان يعلن عنها وفي نفس الوقت ستستفيد من فائض المال الذي كان يفترض ان يذهب لدعم الدولار لتدخل بها السوق منافساً للشركات ، وبعد ان ارتفع سعر دولار القمح الي 4 جنيهات ومتوقع له ان يصل لقرابة 7 جنيهات مما يعني ان الحكومة ستبيع القمح على اساسا هذه السعر فلو كان سعر الجوال 115 عندما كان دولار القمح 2.9 ولنفترض انه انخفض مع انخفاض الاسعار العالمية كم سيرتفع مرة اخرى لو ان سعر دولار القمح ارتفع الى ال7 جنيه ، في حين ان المنافسين سيضطرون لشراء الدولار من السوق الموازي الذي يصل فيه الدولار الى حدود 10 جنهات لانها متوقع تماما ان لاتوفر لهم الدولار مما سيترتب عليه خسارات فادحة لهم وبالتالي ارغامهم للانسحاب من هذا المولد . وهكذا تدخل الحكومة كتاجر ينافس في السوق مثله مثل اي طفيلي موجود يتاجر في قوت المواطن ولن ينوب المواطن المسكين من هذه الاجرام سوى زيادة في الاسعار ليجد بعد يومين انه يشترى الخبزة بجنيه كامل . الشئ المخيف في العملية ليس ان تنافس الحكومة في الخفاء وتتاجر في السوق فهذا امر مفروغ منه معه عصبة الانقاذ ولكن الشئ الجديد والمخيف حقاً . هو الثقافة الجديدة التي صارت تسود عند الانقاذيين والعقلية التي صارت تدار بها البلاد والتمرحل الموغل في الدمار و الفوضى فبعد ان اصبح السودان من اكبر مغاسل العالم لغسيل الاموال وبعد ان رأينا المشعوذين والكهنة وهم يديرون صفقات الحكومة هاهي تظهر بوادر عصابات المافيا في البلاد واصبح من الطبيعي جدا ان تدار اعلى الصفقات من خلال شخصيات لا ندرى من اين اتت وماهي خلفياتها ، وهذا النهج نتاج طبيعي لسياسات التشريد والتفكيك الممنهج لكوادر وبنيات البلد الشئ الذي اخاف كل المستثمرين الحقيقيين للاستثمار في هذا الوضع المتازم ومن الطبيعي ان يقبل على السودان المجرمون ورجال العصابات باموالهم لتبييضها هنا . يبدو ان سبتبمر بدأ يطل علينا بنكساته مرة اخرى فتزامن هذه الكارثة التى ستحل على المواطن في مقبل الايام ضبطت على نفس توقيت ازمة الوقود في سبتبمر 2013 ، ونخاف ان هب الشعب في وجه الحكومة هذه المرة ان تكون النتائج كارثية فعصابات المافيا لا يهمها محصلة الموت في سبيل تكسبها . ولهذا وبرغم قناعتنا التامة باقتلاع هذه العصابة بكل السبل الا اننا صرنا نتخوف تماما على ارواح شبابنا الذي صار يضحى من اجلنا ويقدم ارواحه رخيصة في سبيل وطنه برغم خزلان كل الاحزاب الكرتونية له ، نعرف ان هذه الازمة لن تمر ببساطة فالامر هذه المرة يمس الناس في اقواتها ولكننا نسأل المولى عز وجل ان يحفظ شبابنا من كل سوء.
حيدر الشيخ هلال
أحدث المقالات
- الحريات الأربعة و الحلم المفقود بقلم عمر عثمان – الى حين 08-25-15, 06:26 AM, عمر عثمان-Omer Gibreal
- لنشر ثقافة وأعمال المحبة والسلام بقلم نورالدين مدني 08-24-15, 10:27 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|