|
مانديلا..الوداع الاخير../اسماعيل عبد الله
|
مانديلا..الوداع الاخير.. صباح حزين أطل علينا يوم امس معلناً رحيل ملهم الثورة الافريقية الانسان نلسون ما نديلا (ما ديبا) , ألرجل الذي قبع ثمانية وعشرون عاماً في سجون النظام العنصري الابيض و لم يلن و لم يهن بل أزداد صلابة و قوة و تمسكاً بمبدئه الذي آمن به و ضحّى بكل ما يملك من وقت و طاقة ذهنية وبدنية من أجله , أكثر ما بهر به شعبه و شعوب العالم تسامحه المؤصل والمتجذر في روحه ووجدانه المشرئب و المتطلع نحو الكرامة و الاباء و الأنفة ووقوفه مع الانسان المستضعف في جميع أركان الكرة الارضية , هذا التسامح تراه في جميع خطواته عبر مسيرته النضالية العظيمة , و آخر ملمح من ملامح هذا التسامح يتضح عندما بعث برسالة نصح و ارشاد لقادة ثورة 25 مايو المصرية و التي نصحهم فيها بتتبع نهج رسولهم الكريم النبي الأمي محمد بن عبد الله في تعاملهم مع سدنة نظام حسني مبارك حيث ذكر لهم في رسالته تلك أن قولوا لهم (أذهبوا فأنتم الطلقاء) كما قالها محمد لمشركي قريش بعد فتح مكة , لقد كان ماديبا يؤمن بالتسامح أساساً للتعايش بين ابناء الوطن الواحد في ظل الدولة الواحدة لذلك كان قد منح البيض شئون الامن و الداخلية بعد تسلم ألمؤتمر الوطني الافريقي مقاليد الحكم بعد اول انتخابات ديمقراطية تشهدها جنوب افريقيا , لقد كان مقصده بوضعه للبيض في رأس السلطة المخوّل لها حفظ الامن هو أن يشعرهم بالطمأنينة و الأمان حتى لا يراودهم الاحساس بالخوف من أنتقام السود الذين تعرضوا على ايديهم لابشع صنوف العذاب و التنكيل و البطش , أنه الرجل الاسطورة ألذي لم يحمل الحقد ولا الشر في نفسه مترجماً لحقيقة الوجدان الافريقي الذي لا يحمل الضغينة ويميل فطريأ نحو التسامح وقبول الآخر. وهو صاحب مقولة أن الحرية لا يمكن ان تعطى على جرعات فالمرأ اما ان يكون حراً أو لا يكون , كان فكره التحرري لا يرتبط بالاعيب الساسة و لا بقذارة السياسيين , تبدو على قسمات وجهه ابتسامته العريضة المعبرة عن الحب و الاقبال على الحياة برغم قساوة السجن و لؤم المرض , كان مسانداً لكل ثورات التحرر الوطني في ربوع البسيطة و منافحاً عنها دونما أعارة أدنى أهتمام للون وجنس و جغرافية تلك الثورات , قوّم الاعوجاج الذي الم باقوى الدول الافريقية اقتصاداً و جعل منها أنموذجاً للتعايش السلمي بين مجموعة الاعراق العديدة , لقد فقدت افريقيا آخر النجوم المضيئة والمشرقة وبقيت الفقاقيع و الجيف المقيتة من حكام آخر الزمان الذين جعلوا شعوبهم يقتاتون كاذب الوعود و الاماني المستحيلة , فمانديلا أرث حقيقي للبشرية وتاريخ ليس كأي تاريخ , هكذا يرحل العظماء عن دنيانا وكأنهم عازمون على تركنا لقمة سائغة للاقذام , انه حزن نبيل سكن قلوب الملايين من محبي ماديبا ملهم الثورة الافريقية الذي ابى الا أن يعيش ويموت وهو شريف و عفيف اليد واللسان , ننعى فيه فقدنا للحرية والعدالة والمساواة والانسانية. هل كان مانديلا سيحظى بهذا الحب وهذا الاجماع والاحترام من العالم لو أنه دعا ألى حقوق ألسود وحدهم في جنوب أفريقيا ونادى بطرد البيض ؟؟؟ فالتكن سيرة ماديبا درساً لمستعربي السودان ونبراساً لمن يكافحون من أجل افريقيانية الوطن , رحل الفتى الافريقي وانسان افريقيا ما زالت تمزقه الحروب العبثية التي لا مبرر لها سوى أطماع الامبريالية و تهافتها على ثروات القارة المكتنزة بالذهب والبترول و الماس و كل المعادن النفيسة ,مثل مانديلا يحتاجه كل قطر افريقي لانه انموذج للقائد الملهم الذي استطاع ان يصهر كل الانواع والاشكال و الالوان في لوحة زاهية أسمها (جنوب افريقيا) فلروحه السلام و الراحة و الهناء في كنف الرب و الخالق الكريم .
|
|
|
|
|
|