في سنة ٢٠٠٨ أقرّ مجلس النواب الأمريكي بجعل شهر مايو من كل عام في الولايات المتّحدة الأمريكيّة شهراً تقام فيه حملات للتوعية فيما يخص اضطراب الشخصيّة الحدّي (Borderline Personality Disorder) ، وهو مرض غاية الخطورة وواحد من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً حيث تصل نسبته بين عامة الناس حوالي ٢% و يشكل المصابون بهذا الاضطراب ٢٠% من المرضى في المستشفيات والأقسام النفسية في المستشفيات العامة الأمريكية ، لكنه في السودان ورغم إنه يشكل طاعون نفسي جديد، فغالباً ما يتم تشخيصه خطأ كهوس إكتئابي-إكتئاب حاد-قلق مرضي. ويفاقم هذا المرض بنسبة عالية للغاية معدلات كل من الانتحار، الجريمة، السرقة، الطلاق، الدعارة واالأمراض المنقولة جنسياً. إن التغيير القادم لا بد أن يستصحب في معالجاته كل القيح النفسية و الدمامل الإجتماعية التي يطفح بها مجتمعنا والتي ساهمت البنية السياسية الشائهة في زيادة معدلاتها. أطلقت الثقافة السودانية على أعراض هذا المرض وأمراض أخرى مشابهة كالهوس الاكتئابي و الاكتئاب كلمة )مانخوليا( وهى مزاج عنيف ومتباين عُرف منذ زمن الإغريق مروراً بالحضارات المختلفة، حتّى أتى الطبيب السويسري ثيوفيل بونيه سنة ١٦٨٤ و أعاد استخدام كلمة ميلانخوليا، والذي وصف فيه ظاهرة المزاج المتقلب و الإنفجاري ، والذي ينحو منحىً غير قابل للتنبّؤ. في سنة ١٨٨٤ استخدم الطبيب النفسي الأمريكي هوقس مصطلح الجنون الحدّي لتوصيف هذا الاضطراب. في سنة ١٩٢١، حدّد إميل كريبيلن وجود شخصيّة قابلة للإثارة مقاربة جداً لميّزات الشخصيّة التي تعاني من الاضطراب الحدّي. إنّ أوّل استخدام واضح لمصطلح "الحدّي" كتبه أدولف شتيرن سنة ١٩٣٨، وصف فيه مجموعة من المرضى يعانون ممّا ظنّ أنّه شكل خفيف من الفصام، وذلك على "الحد" بين المرض النفسي و المرض العقلي. وصار تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّي يندرج تحت إنحرافات أمراض الشخصيّة، وذلك في الإصدار الثالث من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسيّة سنة ١٩٨٠. تتضمّن أعراض الشخصيّة الحدّية: 1. جهد دائم ومستمر من هذه الشخصية لتجنب المواقف الحقيقية أو المتخيلة التي يظن الشخص فيها بأنه مرفوض من الآخرين، ففكرة الهجران و تخلي الأقربين عنه هي الفكرة المحورية في بناء هذه الشخصية. 2. نوع من العلاقات غير المستقرة والحادة والمتقلبة مع الآخرين تتسم بالانتقال بين أقصى المثال الكمالي و أقصى التبخيس من القدر، فعلاقة المانخولي تبدأ بالتقديس للآخر و تنتهي بالابلسة. والتبادل بين عشق الذات و مقتها. 3. اضطراب الهوية، عدم استقرار واضح و ثابت في صورة الذات أو الإحساس بالذات. فالمناخولي إمبراطور عار ليست لديه (ذات) داخلية، إنما ذات مزيفة مستلفة من الاخر في حال حضوره، والفكرة تبدو صعبة الاستيعاب على الشخص السوي ولكنها حقيقة هذه الشخصية، فعندما يكون وحده فهو لا شئ، مجرد فراغ مؤلم أو عدم. .4التهور و النزق في مجالين على الأقل من المجالات التي تحمل إمكانية إلحاق الأذى بالذات مثل:أقراص تسكين الألم- تهور الإنفاق المالي – المواد المخدرة– الإفراط الطعامي أو النحافة المرضية- الجنس، فمدمن الجنس لا يبحث عن الجنس من أجل رغباته الجنسية ولكن لرغبته في تدمير نفسه وإيذائها، وهو يمارس الجنس العشوائي ، يمارسه كوسواس جنسي قهري. وتستخدم المانخولية أقراص منع الحمل دائماً درءاً لعواقب التهور الجنسي العشوائي والتي قد تتسبب لاحقاً في خلل هرموني يفاقم أعراضها. .5سلوك انتحاري متكرر أو ألماحات أو تهديدات أو سلوك مشوه للذات. .6 عدم الاستقرار الانفعالي المتأتي من عدم قدرة على تنظيم الانفعالات. فالمناخولي خلال اليوم تتراوح إنفعالاته بين أحاسيس البهجة و الإكتئاب الحاد. 7.الشعور المستمر بالفراغ و الإحساس الطاغي بالملل والضجر. وذلك قد يقود إلي سلوكيات مشينة. 8.الغضب الشديد غير المناسب أو الصعوبة في لجم الغضب ، فغضب هذه الشخصية تصاعدي يغذي نفسه بنفسه لأسباب بسيطة. 9. نوبات من الشكوك المرضية عندما يكون تحت الضغوط النفسية، وربما يكون ذلك بصورة مؤقتة أو أحياناً نوبات أعراض فقدان الذاكرة والتصرف كما لو كان شخصاً آخر مختلفاً تماماً عن الشخص الحقيقي الذي يعرفه الآخرون والجنون المطبق الذي لا يستمر أكثر من عدة ساعات أو عدة أيام. الكذب المرضي و الخداع والخيانة وضعا ضمن أعراض هذا المرض ولكنهما رفعا لاحقاً خوفاً أن تمتنع شركات التامين من تغطية تكاليف العلاج بحجة إدمان الكذب عند هؤلاء المرضي، فالمناخولي مخادع ماهر للغاية. هنالك العديد من الأعراض الجسدية التي تأتى مصاحبة لهذا المرض:الصداع-الآم الظهر-الآم المفاصل-المصران العصبي و غيرها، فالألم النفسي يتحول إلى أعراض جسدية دائمة، ويأتي هذا المرض أيضاً في معظم الأحيان مع مرض نفسي آخر. يضاف إلي ذلك الشكوي الدائمة من أعراض جسدية و تطويل المرض للإسترزاق و جذب التعاطف. تبدأ هذه الأعراض في سن ما بعد المراهقة،ويحاول الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب بذل مجهود كبير لكي لا يُصبح مُنعزلاً أو مقصياً من قِبل الآخرين. كذلك نظراً للعقد الذاتية الداخلية فانه يتغيّر في سلوكياته من محاولة أن يكون شخصا مثاليا إلى شخص لا يحترم أي نظام أو قانون ويخرب علاقاته بالآخرين بتصرفات مشينة، لأنه لا يستطيع السيطرة على سلوكياته ويبدو لمن يتعّرف عليه لأول وهلة بأنه شخص غاية في الأدب والرقة وحسن المعاشرة، ولكن ينقلب هذا السلوك إلى تصرفات عدائية جداً وبطرقٍ لا يتوقعها أي شخص. العرض الخطير في الشخصية الحدية هو التهور وعدم السيطرة على النفس والقيام بأفعال تضر بالآخرين وربما يحدث ذلك فجأة، فيتغير الشخص من شخص مسالم، مؤدب، هادئ إلى شخص شرس يقوم بأفعال عدائية قد تصل إلى إيذاء الآخرين وربما قتلهم أو قتل نفسه أو محاولة الانتحار الاندفاعي بدون تخطيط. وأهم مشاكله تكون في العلاقات العاطفية فالزوج/الزوجة التي تعاني من هذا الاضطراب قد تسبب المشاكل الرئيسية في الحياة الزوجية ، ويكون/تكون غير مهتمة بأبنائها ولا تقدر الحياة الزوجية ولا مصير هذه الحياة، فالمناخولي هو بئر بلا قاع من الاحتياجات الدائمة، كثير الشكوى و اللوم وغير ممتن، ويؤدي دور الضحية بشكل مقنع ويلقي بمسئولية خطاياه على الآخر ولأن المانخولي يفتقد تأنيب الضمير فقد يقدم/تقدم على علاقات جنسية /عاطفية خارج نطاق الزواج بحثاً عن فريسة آخري تبدأ بتضخيم ذات المنقذ الشهم وتلبس دور الضحية ببراعة ، ويسبب/تسبب مشاكل للشخص الذي ترتبط أيضا معه خارج الزواج! وكثيراً ما ينتهي الزواج بدراما صاخبة يكون ضحيتها الأطفال. تسعي هذه الشخصية بعد فترة الحب المتوهم الجارف(الأبيض) مع الصديق/الزوج وأحيانا الصديقة المثلية ! إلي الكراهية الجارفة أيضا(الأسود)!، وتبدأ المرحلة الأخيرة بحملات تشويه متعمد تمتد لفترات طويلة ومحاولة اغتيال الشخصية بتلفيق مدبر، وبداية هذه المرحلة تؤشر إلي وجود شيئاً ما تريد هذه الشخصية تبريره في حال اكتشافه فالمناخولي يفوق سوء الظن العريض.وربما أدى ذلك في بعض الحالات للقتل وربما الانتحار، فالمناخولي عندما ينتحر فهو لا يريد إيقاف الألم وحده ولكن أيضاً لتلطيخ الاخر، المناخولي يريد النيل منك وهو ميت! هنالك نوعان من إضطراب الشخصية الحدية، النوع الإكتئابي، وهو الذي يوجه كراهيته لنفسه و النوع العدواني، و هو الذي يوجه كراهيته للمجتمع، ولكنه يغطيها بقناع يرتديه دوماً. أسباب وراثيّة إن وراثية اضطراب الشخصيّة الحدّي تقدّر بحوالي ٦٥% ودراسات أخرى على المورّثات المتعلقّة بالناقل العصبي سيروتونين تشير إلى وجود تأثيرات له في المرض،وخلصت دراسة أجريت على مجموعة من التوائم في هولندا وعلى والديهم إلى وجود صلة ما بين المادة الوراثيّة على الصبغي رقم ٩ وملامح اضطراب الشخصيّة الحدّي، أظهرت دراسات التصوير العصبي لمرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي وجود انحسار في مناطق في الدماغ المسؤولة عن الضبط والتحكم بردود الأفعال تجاه الكرب والعواطف، والتي تكون في منطقة الحصين والقشرة الجبهيّة الحجاجيّة واللوزة الدماغيّة بالإضافة إلى مناطق أخرى، وبما أنّ للوزات الدماغيّة دوراً في العديد من المشاعر (من ضمنها السلبيّة)، فإنّ النشاط غير الطبيعي يمكن أن يفسّر مدى قوة واستمرارية الشعور بالخوف والغضب والخزي عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي، بالإضافة إلى حساسيّتهم العالية لإظهار تلك المشاعر عند آخرين. الإستروجين أظهرت دراسة سنة 2003 أنّ أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي عند النساء يمكن لها أن ترتبط بتغيّرات في مستويات الإستروجين. الأسباب النفسية و الاجتماعية: يشكل العامل الوراثي أساس هذا المرض ولكنه يتفتح في بيئة نفسية و اجتماعية حاضنة محورها صدمة طفولة: اغتصاب-جنس محارم- حادثة و غيرها، و الاغتصاب هو أكثرها تكراراً و هو مصدر الألم الطاغي للمانخولي، الألم الذي تصير النزوات و التهور و نشوة العشق الأولي لاحقاً مسكناً وقتياً له والتطبيب الذاتي له… أنبياءه الكذبة!!، ويصير ذات الألم المادة الخام للغضب اللاحق، فالمناخولي عندما يغضب يكون في غاية الألم المضني-الألم المدفون من الصدمة الأولى المتلبس تفاصيل الحاضر ولأنه يلوم نفسه على الاغتصاب تبدأ دورة كره الذات و احتقارها. .هنالك خلل مبكر لهذه الشخصية، فعلاقتها بالوالد من الجنس الآخر متوترة منذ فترة مبكرة بسبب هجران متوهم أو حقيقي، بسبب السفر أو التعدد العاطفي أو الزوجي ، ويساعد عدم تكون ذات مكتملة بصعوبة انفصالها عن ذات المعتني/الأم/الأب في عدم اكتمال مرحلة ثبات الكيان Object constancy، وهى المهارة العقلية التي تنشأ ما بين السنتين و الثلاثة سنوات والتي تفيد أن الأشياء و الأشخاص تظل كما هي عليه في حال غيابها وان غياب الأب أو الأم مؤقتاً أو دائماً لا يعني عدم حبه لك، من هنا بالذات تأتى مأساة المانخولي فهو لا يثق في الأشياء حال غيابها بل هو يثق بما هو حاضر لذا يصير مرعوباً من الهجران وتغطيه هواجس عدم الأمان و تنشأ مع ذلك أيضا سمات الانشقاق Splitting وهو النظر إلى الأشياء كأسود أو ابيض فقط، فالشخوص هم إما ملائكة أو أبالسة . هذه الشخصية التي تكون نشطة جنسياً من فترة مبكرة لا تريد أن تصبح كالأم مثلاً، خانعة و ضعيفة و لكنها تريد أن تصبح كالمرأة الأخرى التي خطفت الأب) يسمونهم في الثقافة الغربية )بخرابات البيوتHome Wreckers، اختيارات العشق لاحقاً لهذه الشخصية تتمثل في الرجل غير المتاح، شبه المستحيل، المتزوج و ربما لديه أبناء وكلما زاد عدد نساءه و أطفاله كلما زادت الرغبة والإثارة إذ إنه تصفية حساب قديم و انتصار فج للأم! وقد يكون الاختيار رجل اعز الصديقات في علاقة مثلثة، فالمانخولي لا يؤذي إلا من يهتمون به، المانخولي هو من أنتج ثقافة ( راجل المرا دا) و(يا ابشرا انشاء الله راجل مرا) والحكمة المانخولية(واحد للسف..وواحد في الرف..وواحد للف.)
مصادر و كتب مهمة عن مرض الشخصية الحدية أساليب الخداع عند الشخصية الحدية: http://outofthefog.website/personality-disorders-1/2015/12/6/borderline-personality-disorder-bpdhttp://outofthefog.website/personality-disorders-1/2015/12/6/borderline-personality-disorder-bpd أهم كتاب لفهم الشخصية الحدية أنا أمقتك، لا تهجرني. https://humansystem.files.wordpress.com/2014/02/i-hate-you-dont-leave-me.pdfhttps://humansystem.files.wordpress.com/2014/02/i-hate-you-dont-leave-me.pdf كتاب آخر المشي حذراً علي قشر البيض http://assetlibrary.supadu.com/images/ckfinder/26/pdfs/walking-on-eggshells/Walking%20on%20Eggshells%20Excerpt-4.pdfhttp://assetlibrary.supadu.com/images/ckfinder/26/pdfs/walking-on-eggshells/Walking%20on%20Eggshells%20Excerpt-4.pdf
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة