|
مادة تقويض النظام الدستوري في القانون /بارود صندل رجب
|
تنص المادة (50)من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 علي الاتي :من يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو بقصد تعريض أستقلالها أو وحدتها للخطر يعاقب بالأعدام أو السحن المؤبد أو السجن لمدة أقل مع جواز مصادرة جميع أمواله) هذه المادة مستحدثة في القانون الجنائي وقد أخذ المشرع هذا النص من قانون أمن الدولة لسنة 1973 والذي صدر في عهد الرئيس نميري وهو كالاتي(يعاقب بالاعدام أو السجن مدي الحياة أي شخص يرتكب جريمة او يحرض أو يساعد علي أرتكاب أي فعل يقصد به تقويض الدستور أو هدم سلطة ثورة مايو او هدم النظام الجمهورى الاشتراكي)وقد أستخدمت الحكومة هذه المادة بطريقة انتقائية في الزج بخصومها السياسين في السجن , وفي راينا المتواضع أن هذه المادة صيغت بطريقة تحتمل وجوه كثيرة وهذا عيب تشريعي كون ان التشريع الجنائي يقتضي تعريفا جامعا مانعا للجريمة بعنصريه المادي والمعنوي وعطفا علي هذا فما المقصود بأي فعل !! وما المقصود بتقويض النظام الدستوري ؟هل المقصود تغيير النظام بوسائل غير مشروعة مثل الانقلابات ..الانقلاب العسكري يحتاج الي رجال وعتاد وعدة وقد ذهب فقهاء القانون الي القول بان جريمة تغيير النظام بالقوة لا تقع بمجرد التفكيير ووضع الخطط بل لابد من تجهيز العدة وأعداد الرجال وتوفير كل الوسائل اللازمة للتنفيذ وفي بعض التشريعات تعتبر هذه الجريمة بمثابة الخيانة العظمي والتي تعني في الاصل عدم الولاء والعمل ضد مصالح الدولة التي ينتمي اليها الفرد وتوجه هذه التهمة الي من يتصل بدولة خارجية بهدف تقويض الامن والاستقرار في بلاده , وفي ظل الانظمة الاستبدادية جرت العادة من الناحية السياسية علي أن الخيانة تعني ألقاء التهمة علي الخصوم السياسين في الدولة للتنكيل بهم والحكم عليهم وابعادهم عن مسرح الحياة السياسية وهذا بالضبط ما درجت عليها الحكومة في أستخدامها هذه المادة فمن غير المعقول أن تلصق هذه الجريمة بكل صاحب راي ونظرية سياسية يدعوا أليها بالطرق المشروعة دون أن يفرضها بالقوة وسبق أن وقعنا ضحية لهذه المادة اكثر من مرة , كنت أنا والمهندس علي شمار القيادي بالموتمر الشعبي قيد الحبس بسجن كوبر بتهمة تقويض النظام الدستوري وكلما يسالنا أحد المساجين عن الجريمة التي بسببها دخلنا السجن فنرد باننا متهمين بالتقويض حتي أطلق علينا جماعة التقويض ! وعند تقديمنا للمحاكمة شطبت المحكمة التهمة وأطلقت سراحنا بعد عام كامل في السجن بتهمة لا أساس لها , وقد لاحظنا أن نيابة أمن الدولة درجت علي توجيه هذه التهمة للسياسين بغرض أبقائهم في الحراسة لأطول فترة ممكنة ربما املا في أنفراج سياسي يرفع عنهم حرج تقديم قضية خاسرة للمحكمة يساعدهم في ذلك انه لا يجوز أطلاق سراح متهم بالضمانة العادية في هذه الجريمة هذا استغلال قانوني يخالف الوسائل القانونية السليمة ويطعن في مصداقية وحرفية النيابة العامة ..هذه الحالة تشبه ما كانت تفعلها نيابة الصحافة لأيقاف الصحف بالاستناد الي المادة (130) من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991 والتي تنص علي الأتي :أذاأبلغ وكيل النيابة أن أي افعال قد تشكل جريمة من الجرائم المتعلقة بالسلام والصحة العامة ترتكب , فيجوز له أن يصدر أمرا يطلب فيه من الشخص المعني في ميعاد محدد أن يوقف أرتكاب تلك الافعال أو أن يصلح اثارها او يزيلها بالطريقة المبينة في الامر) ولك أن تعرف أن الجرائم المتعلقة بالسلام والصحة العامةهئ(تلويث موارد المياه, تلويث البيئة, تعريض طرق ووسائل المواصلات للخطر,التوقف عن الخدمة الذي يسبب خطرا علي الحياة أو ضررا للجمهور, الاهمال الذي يسبب خطرا علي الناس أو الاموال, الامتناع عن المساعدة الضرورية, الاخلال بالالتزام القانوني تجاه شخص عاجز) هذه الجرائم حصريا لا علاقة لها بالصحافة لا من قريب ولا من بعيد في نظر الشخص العادي فما بال النيابة التي استخدمت هذه المادة في أيقاف الصحف!! وقد استحيت النيابة تحت ضربات النقد اللاذع فصرفت النظر عن استخام هذه المادة فمتي تصرف النظر عن المادة 50 هذه! مع معرفتنا التامة لقدرات وخبرات وكلاء نيابة أمن الدولة الأخوة ياسر احمد وأسامة هارون وخالد وغيرهم فأن استخدام المادة 50 من القانون الجنائي يلقي بظلال من الشك حول حقيقة سعي النيابة العامة لبسط مبدأ سيادة القانون وتوفير العدالة الناجزة في النظام القانوني كما يعد طعنا في وزارة العدل المنوطة بها السعي لتحسين الأداء في مهنة القانون وتوفير العدالة ... الامر يحتاج للمراجعة وتدخل المدعي العام أو وزير العدل ... بارود صندل رجب - المحامي
|
|
|
|
|
|