|
مؤتمر عالمي وحدث تاريخي في السودان- أضواء على كلمة الكنانة بقلم: د. غادة حمدي
|
جاء مؤتمر طوق النجاة العالمي الذي عقده حزب التحرير/ ولاية السودان، في الذكرى الثالثة والتسعين لهدم الخلافة، بقاعة الصداقة في الخرطوم يوم السبت 4 رجب 1435هـ الموافق 3-5-2014م بعنوان " طوق النجاة: رؤية إسلامية صادقة حول المعالجات الصحيحة لمشاكل السودان دون انتكاسات الربيع العربي" جاء هذا الحدث التاريخي في وقت يعاني السودان وسائر بلاد المسلمين من واقع فاسد جعل من الأمة الإسلامية ممزقة وغير قادرة على حل مشاكلها أو الإهتمام بقضاياها المصيرية بالشكل الصحيح، فكان طوق نجاة يأخذ بيد الأمة في الطريق الصحيح، وذلك لأن فكرة المؤتمر قد هدمت مفاهيم خاطئة عند المسلمين ويجب أن تُغير، أولها التعصب للوطنيات المنتنة التي فرقت بين المسلمين والقبليات التي انتشرت كالنار في الهشيم في جسد الأمة الواحدة. فالمتحدثون من خارج السودان؛ من مصر واليمن وسوريا وتونس قد تحدثوا عن قضايا مشتركة تهم المسلمين في السودان وفي غيرها، يقارنون بين واقع بلاد ثورات الربيع العربي وواقع السودان، فلمس الحاضرون في المؤتمر قوة رابطة العقيدة الإسلامية بين الموجودين في القاعة، إذ لم تربط بينهم مصالح آنية أنانية ولا مناصب يتبادلونها فيما بينهم، ولا تنافس على سلطة زائفة، بل كان الرابط الوحيد هو العقيدة الإسلامية السمحة، والهم المشترك هو إعادة الحياة الإسلامية من جديد بعد ان انقطعت لثلاثة وتسعين عاماً خلت. وقد اتضح ذلك من خلال الكلمات التي ألقيت في المؤتمر، فقد افتتح أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة المؤتمر بكلمة عدّد فيها سبق السودان في دخول أهلها الإسلام وأن الإسلام العظيم...على مستوى افريقيا جنوب الصحراء، دخل عبر أهلنا النوبة في دنقلا، التي سطع نجمها في تاريخ الحضارة الإسلامية، ويسميها بعض العلماء بعروس القرآن، حيث بُني مسجد دُنْقُلا؛ أول مسجد خطه المسلمون الأوائل في السودان... سودان الفتح الإسلامي الكبير في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه، حيث أمر والي مصر أن يُدخل نور الإسلام إلى السودان، فأرسل جند الإسلام بقيادة عبد الله بن أبي السرح، بعد مواجهات حول دُنْقُلا، حتى قال أحد الشعراء من شدة البأس: لم ترى عيني مقل يوم دنقلة والخيل تغدو بالدروع مقفلة دخل الإسلام السودان من جهة النوبة شمالاً صلحاً باتفاقية البقط مع صاحب "المَقَرَّة" في النوبة سنة 31هـ، وكان من بنودها الاعتناء بمسجد دنقلا... ثم بدأ الاخوة المتحدثون يلقون الكلمات الواحدة تلو الأخرى مبينين الحكم الشرعي ومستندين على العقيدة الإسلامية في إيجاد الحل الشرعي للأوضاع المتردية في البلاد. ففي مصر بين المتحدث الأستاذ شريف زايد رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر، واقع يقلق كثيراً من المسلمين في السودان التي طالما كانت ومصر بلد واحد، وما يؤثر على المسلمين في مصر يؤثر بدرجة كبيرة على المسلمين في السودان والعكس صحيح فالأمة الإسلامية كالجسد الواحد، وفي هذا الوقت يحاول الإعلام الفاسد المأجور للأنظمة الفاسدة في البلدين بث الفتنة بين الشعبين الشقيقين في مسألة حلايب وفي قضية المياه وسد النهضة، فجاء هذا المؤتمر الإعلام المضاد لهذه الفتنة. و جاء في نص الكلمة التي ألقاها الأستاذ شريف زايد - جزاه الله خيرا ً - بعنوان " الكنانةُ والعودةُ إلى نقطةِ الصفر... والواجبُ أن يتصاعدَ العملُ لإقامةِ الخلافة" ، جاء ما يلمس واقع مصر و السودان و بلاد إسلامية أخرى ، فقال : " لقد قامت ثورةُ الخامس والعشرين من يناير لتغيير الواقعِ المظلمِ، والحكم المتجبِّر الذي جثم على صدر الناس في مصرَ لعقود طويلة، ومع أن الثوار رفعوا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" من اللحظة الأولى لانطلاقةِ الثورة، إلا أن الذي حدث هو دحرجةُ رأس النظام من على كرسيه، بينما ظل نظام الحكم قائمًا على الأساس الفاسد المعوج الذي أسس له الاستعمار في بلادنا بعد أن قضى على الدولة الإسلامية دولة الخلافة سنة 1924م، على يد مجرمِ هذا العصر، مصطفى كمال . وقبل الحديثِ عما حصل في مصرَ بعد ثورة 25 يناير، نبدأ بالنتيجةِ التي نحسبُ أن الناس باتوا يعرفونها ويقطعون بها، بعد إزاحةِ العسكرِ للدكتور مرسي، وهي أن ما يسمى بالمشاركةِ السياسيةِ للحركات الإسلامية في النظم السياسيةِ الفاسدةِ العميلة، لا يوصلهم إلى شيءٍ، وأن هذه الأنظمةَ، والغربُ من ورائها، يكيدون للإسلام، ويستدرجون هذه الحركات للمشاركة السياسية، من أجْل استخدامِها في ضرب الإسلامِ وتشويهِه. لكن السؤالَ الذي يفرضُ نفسَه الآن: هل تعلّم من شارك في اللعبة السياسية وأصر على المشاركة، من هذا الدرس القاسي؟ وهل نفض يده من كلِ الأعمالِ السياسيةِ التي تعتبرُ الأنظمةَ الموجودةَ في العالمِ الإسلاميِ أنظمةً شرعية؟ وهل سيظل يهادن الحكام الذين يحاربون الإسلام ويتآمرون عليه؟ وهل يطلِّقهم طلاقاً لا رجعةَ فيه؟ أم تراهُ لا يفعل؟ إن من وقف على حقيقة هذه الأنظمة الفاسدة وعلم مقدار عدائها للإسلام لن يشاركها أو يحاورها أو يساومها، أو يرقّعها، بل سيعملُ على تغييرها تغييراً جذرياً باجتثاثها. " وقال " وإذا كانت الجولةُ الأولى قد احتاجت جرعة كبيرة من الجرأة والشجاعة، لإنتاج ذلك المشهدَ البطولي الذي رأيناه في 25 يناير، فإنَّ ما بعد الجولة الثانية، يحتاج إلى مراجعة النفس، وإنعامِ الفكر وعمقِ النظر وسعةِ الوعي والعمل الدءوب، فقد تبين للكثيرين أن التغييرَ الحقيقي لا يحصلُ بدحرجةِ الرؤوسِ الكبيرةِ فحسب، بل يبدأ بالفكرِ ويستمر بالفكرِ والعملِ، ويتحقق بوصولِ برنامج سياسي حقيقي إلى سدةِ الحكم، لا بمجرد رفع شعارات واستنساخ أنظمة غربية لا تعبر عن عقيدة الأمة وحضارتها، مع الإبقاء على ما هو قائم وإضافة بعض المساحيق له. إن هذا البرنامج السياسي الحقيقي يجب أن يعمل على إعادةِ صياغةِ المجتمعِ والدولةِ صياغة جديدة، تُنتِجُ لنا حياة جديدة بطريقةِ عيش جديدة، ثقافةً وحكماً واقتصاداً واجتماعا وتعليما وقضاء وإعلاما وسياسة خارجية، ويجب أن يقطع كلَ صلةٍ بالحضارة الغربية التي اكتوى العالم بلهيبها واحترقَ بنارها وحروبها، واختنق بدخانها الأسود، وتعفّن بنتنها وسُحق باقتصادها الغاشم وتاه بضلالها، إنه خيار واحد لا غير، الإسلامُ من حيثُ هو مبدأٌ، عقيدة وشريعة، فكرة وطريقة، مزجاً للروح بالمادة، وحضارة تؤسسُ لمدنية متألقة زاهرة على أساس روحي عميق راسخ . وليس أمام المخلصين من أبناء الأمة في مصر من خيار سوى التصدي بقوة للنظام العلماني وتقويض أركانه وإسقاطه من خلال عمل دءوب يركز على محوري الأمة والجيش على حد سواء، فالأمة تحتاج إلى مجهود جبار لإحداث الوعي الكافي عندها على مشروع الخلافة المنقذ لها، وهذا لا يقدر عليه سوى الحزب المبدئي الذي يحدد غايته بشكل واضح ويعرف طريقه للوصول إلى تلك الغاية، والجيش هو مصدر القوة والمنَعَة التي يجب العمل على كسبها، لتنحاز وبقوة إلى مشروع الخلافة العظيم وتتبناه وتعمل لقلع نفوذ أمريكا من مصر نهائياً وتقضي عليه بالضربة القاضية. and#64831;يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْand#64830; " كلمات حق في زمن الظلام هي طوق النجاة للأمة الإسلامية لعلها تجد آذاناً صاغية و قلوباً واعية تنصر الإسلام فينصر الله تعالى بها المسلمين و ينتشلهم من الواقع الفاسد بيتطبيق الشرع في دولة الخلافة الراشدة بإذن الله سبحانه .
|
|
|
|
|
|