|
مأسي جهاز المغتربين!! بقلم أحمد دهب
|
ينتاب (المغترب)السوداني فرح شديد وهو يحزم حقائبه تأهبا للسفر إلى مرافئ الوطن الجميل حينما يحن موعد اجازته السنوية..فيكاد يرقص في جزلا من فرط توقه للأرض السمراء..والسماء الزرقاء..والوجوه الصافية..ويحلق بخياله في أجواء ملبدة بغيوم الذكريات..فتنداح روائح عطرة تحمل صورا رائعة لتلك الحقول الخضراء والمراتع الخصيبة بينما مسامعه يترامى إليها صوت العصافير وهي تغرد فوق الأفنان في ألق المغيب..والسواقي تشدو بألحانها مع بزوغ الفجر..وأمواج البحر ترشح قطراتها على وجنات القيوف!! وسرعان ما تتداعى تلك الذكريات الحلوة وتتوارى خلف سحب داكنة من الأحزان حينما تلج في ذهنه صور المعاناة المجبولة بالكدر وهوا يدلف أبواب جهاز شؤون العاملين بالخارج مما سيلاقيه من عنت وعذاب من هول المشوار اليومي بين منزله وبين مقر هذا الجهاز..والمكوث أو الأنتظار الطويل أمام نوافذ تتطل على الردهات وتقبع من خلفها حفنة من الموظفين الذين لا يأبهون به ولا بأحزانه ولا بدموعه التي تنساب من مأقيه في سبيل الحصول على تأشيرة الخروج!! هذا (المغترب)المغمور في مياه الحزن منذ أن حلق في فضاء (الأغتراب)تنثال دوما في حناياه فيض من الهموم وهو يرتاد عتبات الجهاز ويقف أمام تلك النوافذ يستجدي الموظفين بالكثير من التوسلات وهو يرى في عيونهم نظرات ممزوجة بالأحتقار لكل من يقصدونهم بينما تلك الموظفة التي تقبع بالقرب منه تلقي بأسألتها الممجوجة وهي ترنو للأفق البعيد وإحدى راحتيها لا تكف عن تعديل ثوبها الذي راح يندلق من رأسها وهي مزهوة بجمال هذا الثوب وكأنها في حفل زفاف وليست في دائرة حكومية تتقاضى منها مقابلا ماديا حيال خدماتها لرواد المرفق ودائما ماتكون هذه الاسئلة التي تتقاطر وتتقافز من أفواه أولئك العاملين في هذا الجهاز تجاه المغتربين تكمن حول المدة الزمنية التي لم يسددوا فيها مستحقات الدولة من (الضرائب)أو(الذكاة)حيث أنهم لا يودون أن يرهقوا أنفسهم بالحصول على هذه المعلومات عبر جهاز الحاسب الآلي..بل فإن الغاية هي الأطلاع على الأيصالات الورقية..علما أن هذه الذكاة المفروضة والتي تقف عائقا أمام كل تلك الاجراءات هي في مفهوم الشرع إلا لمن وصل الى حد النصاب مع أن معظم المغتربين يعيشون على الكفاف..أما الضرائب فإنها نوع من الأبتزاز من أثداء جفت فيها سيل الحليب!! العاملون في هذا(الجهاز)يدركون تماما أن الأجازة السنوية لأي مغترب لا تتعدى الـ(أربعين يوما)..والكثيرون منهم يقطنون في مدن وقرى بعيدة عن العاصمة ويريدون أن يقضو جل تلك الأيام والليالي في كنف الأهل والعشيرة وليس في فرندات مبنى المغتربين مما يؤكد أن هؤلاء الموظفين يحلو لهم تعذيب هذه الشريحة المغلوبة على أمرها وهم يتعمدون في تمديد أجال المعاملات لأيام وأيام مع أن أنفاذها لا تأخذ الا ساعات معدودة!! الجهاز الذي أنيطت به تذليل هذه العقبات من امام المغتربين أصبح بلا أدنى ريب أداة لإنزال المزيد من المعاناة على رؤوس المغتربين مما يدعو عاجلا إلى إيجاد آليات جديدة لها القدرة في القضاء على مثل هذه المعوقات..وتحديث القوانين واللوائح الآنية التي تكبح حركة الأداء حيث أن هذه القوانين لا تتواكب مع متطلبات الزمن لاسيما إن هناك تغيرات كثيرة قد طرأت في عالم الأغتراب وتحتاج ألى أساليب جديدة لكي تتلائم مع هذه المتغيرات!! وهناك أيضا دعوات ملحة أطلقها معشر المغتربين لإدخال عامل الدقة في الأختيار الأصوب للكوادر البشرية في مثل هذا المرفق الهام..ولابد أن تتحلى هذه الكوادر بنوع من الرؤية الصائبة والنظرة الثاقبة والعبقرية الفذة في كيفية التعامل مع هذه العناصر..إضافة إلى تكوين لجان متخصصة لدراسة أسباب هذه المعوقات وإعداد بحوث تساعد على ترميم كل هذه (الممغصات)..والأستفادة أيضا من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المضمار بدلا من هدر الأموال الطائلة في تنظيم(مؤتمرات)لاتجدي فتيلا خصوصا وإن أختيار الممثلين في مثل هذا المؤتمر وكما هوا الحال يتم وفقا لعوامل (الولاء)والحظوة المتمثلة دوما في أسلوب النفاق!! وياليت الأمين العام لهذا الجهاز قد تنكر يوما في ثياب(مغترب)وطاف على تلك الردهات المكتظة بالمرتادين..والمكاتب التي تضم أولئك الموظفين ليرى بأم عينيه تلك المظاهر الأليمة من (الفوضى)ومدى المعاناة التي تنضح بها عيون المغتربين و(السطحية)و(الأبتزال) الذي يتسم به الموظفين حيال تعاملهم مع مثل هذه القضايا الملحة. ج:00966501594307
|
|
|
|
|
|