أخيرا تبين معظم أهل السودان موضوعية مطالب الممانعين من القوى السياسية المعارضة للمشاركة في حوار منقوص لم يفضي في النهاية كما كان متوقع إلى نتائج عملية حقيقية تلبي مطالب الشعب السوداني في بسط الحريات السياسية ومحاربة الفساد وبناء دولة القانون والوطن. فما يسمى بمخرجات الحوار الوطني التي أقيمت لها سرادقات الأفراح في أروقة الحزب الحاكم وجلب لها المعازيم أصبحت كالمعلقة تنتقى منها الحكومة ما تريد وفق أهوائها فرئيس الوزراء بلا صلاحيات والتعديلات الدستورية تكرس السلطات في يد الرئيس والقوانين المقيدة للحريات تعلو على حقوق المواطنين الدستورية والأحزاب المعارضة تلاحق والصحف تصادر والناشطون يعتقلون فقط لممارسة حقهم الدستوري في التعبير عن رفضهم لسياسات الحكومة . حتى أن المجتمع الدولي قد ضاق زرعا بمثل هذه الممارسات القمعية في ظل ما يسمى بمخرجات الحوار الوطني الذي تدق الحكومة وحزبها الحاكم في كل يوم مسمارا جديدا في نعشه . لهذا لم يكن مستغربا أن تصدر دول الترويكا بيانا تعبر فيه عن قلقها من تلك الممارسات وهي دول تمثل وتشكل صلب المجتمع الدولي (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، النرويج ، رومانيا، اسبانيا، السويد، وكندا) ماذا تبقى إذن لهذا النظام غير ان يصدر بيانا آخرا يتهم فيه هذه الدول بالعمالة والتآمر كما تعود أن يتهم معارضيه دون مواجهة للحقائق الماثلة. أدانت هذه الدول في بيانها سياسة الاعتقالات والملاحقات ومصادرة وإغلاق الصحف وسياسات القمع في مواجهة الاحتجاجات السلمية وفرض رقابة على الإعلام وتضليل الرأي العام . قالت دول الترويكا " نحن نحث السلطات السودانية للسماح للمواطنين السودانيين بممارسة حقهم في حرية التعبير. في ذات الوقت، نحث أولئك الذين يمارسون حقوقهم الأساسية أن يعبروا عن آرائهم بشكل سلمي." يبدو واضحا الآن ان النظام يعيش مازقا حقيقيا فوق مآزقه حيث لم تعد سياسة التضليل وحجب الحقائق مجدية في ظل تنامي الوعي بالحقوق المدنية أو ممارسة الالتفاف والخداع لتكريس السلطة الحزبية تحت شعار ما يسمى بمخرجات الحوار الوطني . فأي مخرجات لا تستعيد الحريات لأساسية ولا تحقق التحول الديمقراطي ولا تحارب الفساد وتحاسب المفسدين ولا تحقق كرامة المواطنين ولا توقف الحروب ولا تحقق السلام ولا تحترم الراي الآخر لا معنى لها ولا قيمة لها ولا تساوي ثمن المداد الذي كتبت به . وما هو معلوم في ظل الممارسات الحالية أن نظام حزب المؤتمر الوطني وحلفائه من الطفيليين من أحزاب وأفراد غير راغبين في تحقيق تلك الغايات والأهداف لصالح دولة الوطن والمواطن إنه فقط لعب على عامل الزمن لكسب مزيد من الوقت ولحماية مزيد من ممارسات الفساد حتى إشعار آخر لكنه لن يطول لأن للتاريخ سنن وفرائض .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة