|
لولا النوبه لما انتصرت المهــدية كلمة حــق أريــد بها باطل!!؟
|
لولا النوبه لما انتصرت المهــدية كلمة حــق أريــد بها باطل!!؟ ........ وشهد شاهــد من أهلها .... لولا النوبه لما انتصرت المهدية ..!؟ هــذه شهادة نطق بها الأستاذ عبدالمحمود الكرنكي و بعظمة لسانه كما يقول المصريون . حيث كان أحــد المستضافين في برنامج في الواجهــة الذي يبثه تلفزيون السودان الرسمي و يقــدمه الأستاذ أحمد البلال الطيب و كان ذلك بتاريخ 16 يناير 2004 . و الكرنكي يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة الأنباء السودانية و أحــد الموالين لنظام الخرطوم ، هــذا إن لم يكن أحــد أركانه و منظريه الإعــلامين . و في ذات اللقاء أشار الكرنكي إلي مملكة تقلي الإسلامية و مملكة تقلي كما هــو معلوم للقاريء إحــدى ممالك النوبه العظيمة التي قامت في قلب جبال النوبه ، و يجــدر بنا أن نشير هــنا إلي أن الإسم الصحيح هــو " تاقللاي " و لأن نطقها هــكذا يصعب على العرب فحرفوها ( لتقلي ) تخفيفا . لكن هــذا ليس موضوعنا فهناك عشرات بل مئات المناطق و البلدات في السودان التي غّيرت أو حرفت أسماؤها مواكبة لسياسات التعريب التي انتظمت السودان منذ عقود . و ما يهمنا هنا هــو ما اراد الكرنكي أن يوصله للمشاهد و المستمع عــبر هــذه الإشارات و هــذا ما سنوضحه للقاريء الكريم من خلال الأسطر القادمة التي ستكشف النقاب و تميط اللثام عــن الوجه الحقيقي لكلام الكرنكي و تبيين للقاريء عمــوما و للنوبة منهم خصوصا كيف أنه أراد دس السم في الدســم و شراء االذمم و بثمن بخس . لولا النوبه لما انتصرت المهــدية .. هنا تساؤلات : أولا .. هل قال الكرنكي هــذا الكلام مــن أجل سواد عيون النوبه ؟ و لماذا في هــذا الوقت بالذات ؟ ثانيا .. هــل أراد نفض الغبار عــن تاريخ السودان الذي بدّل و زيّف و صار لا يعرف منه إلا دخول العرب السودان . أ م أنها لحاجة في نفس الكرنكي .؟ التساؤلان الأول و الثاني مستبعدان تماما .. و ذلك للآتي :- أولا .. لا يمكن للكرنكي و أمثاله أن يقولوا مثل هــذا الكلام لسواد عــيون النوبه لأن الكرنكي و غيره من مدّعي الثقافة و الإعلام السوداني عموما هم من سكتوا عــن المذابح و جرائم الحرب و الإبادة الجماعية و التصفيات الإنتقائية للمخلصين من أبناء النوبه . و ليتهم سكتوا فحسب و لكنهم ساهموا في الجريمة عبر أقلامهم التي جعلوها سهاما مسمومة ضــد النوبة و جعلوا من وسائل الإعلام أبواقا شيطانية وصفوا عبرها النوبه بالعنصرية و التعصب و التآمر على تراب الوطن و حكموا عليهم بالكفر و الردة ومــن ثم دعموا الحرب المقدسة ( على حــد زعمهم ) التي أباحت دماء النوبه و قتلت شبابهم و سبت نساءهم و يتمت أطفالهم ثانيا .. لو أراد الكرنكي نفض الغبار عــن تاريخ السودان المبدّل و المزييف بمثل هــذه المحاولة فيكون حاله كحال من : ذهبت إلي العطار تبغي شبابها .. و هل يصلح العطار ما أفســده الدهر ..!! فما هــكذا تورد الإبل يا أستاذ ؟ فالتاريخ المزييف هــذا لا يمكن أن يعالج بعبارات قصيرة تطلق عبر الفضائيات أو بمساحيق توضع على الوجه لإزالة ما حفره الدهــر مــن تجاعيد و لا بكلمة حــق جزيئ يراد به باطل كلي . و إنما بجهــد علمي و منهجي مخلص يكون الهــدف منه غربلة تاريخ السودان و إعادة كتابته لمعرفة الخيط الأبيض من الأسود و الغث من السمين و الخبيث من الطيب و الحق من الباطل و تمليك الحقائق للأجيال و الشعب و رد المظالم لأهلها .. فالحقوق لا تضييع أو تمنع أو تسقط و تقدم بتقادم الزمان . و علينا أن نتسآءل أي تاريخ هــذا الذي يظهر مهيرة بنت عبود بطلة قومية تفرد لها الكتب و تقام لها الليالي الثقافية و يكبر الشعراء و يسبحون بحمــدها و تجيش الجيوش و تسمى الألوية باسمها ؟ و لا يذكر بنفس المستوى و التقدير الأميرة مــندي بنت السلطان عجبنا كبطلة قومية قاومت الغزاة الإنجليز و هي أول من سجلت جلالاتها العسكرية في ملفات الجيش السوداني في بدايات العقــد الثاني من القرن الماضي . أي تاريخ هــذا الذي يمّجــد عبدالقادر ود حبوبة و ذكرى محاكمته و لا يذكر المذبحــة المأساة التي ذهب ضحيتها البطل السلطان عجبنا و صحبه ونضالات اهل تقوي بقيادة المناضل القديل والثائر دارجول. أي تاريخ هــذا الذي لا يذكر ثورة المناضل الكبير الفكي علي الميراوي إلا من باب نافلة القول . أي تاريخ هــذا الذي ينسب أبطال المهــدية إلي قبائلهم و لا ينسب قادة المهــدية مــن النوبه إلي أصلهم من أمثال حمــدان أبوعنجة و غيره كأنهم قطعوا من شجر .. ثالثا .. يبقى لنا الإفتراض الأخير و هو أن الكرنكي قال هــذا الكلام لحاجة في نفسه . و هــذه الحاجة التي في نفسه نعلمها تماما سواءً أسر بها أو جهر و لا ندّعــي علم ما في الصــدور فهــذا لا يجــوز إلا لرب العزة و الجلال و لكن من باب من أظهــر لنا خيرا ظننا به خيرا و مـن أظهر لنا شرا طننا به شرا و كما قالت العرب : اللبيب بالإشارة يفهــم : فالكرنكي و ببساطة أراد أن يقول لا يجــوز للنوبة أن يطالبوا بحــق تقرير المصير و ينفصلوا عــن الشمال العربي المسلم ( مع التحفظ على عبارة الشمال العربي ) بحجة مملكتهم الإسلامية و نصرتهم للمهدية ، وهــذا لعمري لهــو السم المدسوس في الدســم . و ما استغربه من القوم أنهم لا يفهمون من حق تقرير المصير إلا الإنفصال و ينسون تماما أو يتناسون الوجه الاخــر مــن حق تقرير المصــير الذي قــد يكون حاملا لأسباب الوحــدة و القوة لسودان يعترف بالجميع و ينتمي إليه الجميع دون تمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين و ما أشبه حالهم بحال من يحمل عملة نقــدية من وجهين و لكنه لا يريد التعامل بها هكذا لا لشئ فقط لأن الوجه الآخــر يحمل صــورة لا تعجبه فيقوم بطمسه و محــوه فبالله عليكم هل تقبل منه العملة ؟ لولا النوبه لما انتصرت المهــدية ، لأن من اقتحم القصر على غردون و قطع رأســه و قدمه للمهــدي على طبق من ذهب هــو من أبناء النوبه و على إثر هـذه الحادثة سلمت مفاتيح الخرطوم للمهدي وانسحب الإنجليز بعــد أن فقــدوا أحــد أبرز قادتهم على الإطلاق و الذي جيء به خصيصا لقمع الثورة . لولا النوبه لما نال السودان استقلاله .. فثورة 1924 التي كانت الشرارة الأولى نحــو الإستقلال كان قائدها أحــد أبطال النوبه و هو الضابط علي عبداللطيف . و ليس غريبا أن تكون هي الثورة الوحيدة التي هلل لها من يسمون أنفسهم عربا في السودان و السبب لأنها كانت مؤآمرة عظيمة دبرت بليل و حيكت خيوطها في الظلام .. دبرها من يسمون أنفسهم عربا أوقعــوا فيها بين النوبه و المحتلين بعد أن همّوا بالخروج و تسليم السلطة لقادة النوبه و من معهم من السودانيين الأفارقة ، فدبروا المكيدة ووعــدوا عليا و رفاقه بأنهم سيقاتلون معهم ضــد الفرنجــة حتى آخر رمق و قطرة دم إلا أنهم نقضــوا عهــدهم و نكثوا على أعقابهم و قالوا لعلي إذهبوا أنتم فقاتلوا الفرنجــة فلا طاقة لنا بمقاتلتهم و مجابهتهم و عندما وقعت الواقعــة ذهبوا للإنجليز و قالوا لهم هــؤلاء من دربتموهم لتسلموهم مقاليد السلطة في البلاد فهاهم لا يعترفــون بفضلكم و لا يخلصــون لكم و لن يحفظوا جميلكم فنحن أجــدر الناس بهــذا فإذا حضرتم خدمناكم و إذا غبتم حفظناكم !!؟ و لا عجب فالقوم مصابون بحمى السجاد الأحــمر و توارثوها كابرا عن كابر و جيلا عــن جيل و قــد حان الوقت لأن نضع حــدا لهذا المرض الذي أقعــد البلاد منذ إستقلاله وحتى اليوم و نريح االعباد مــن آلامه و آثاره المدمرة . ( ولمزيد من المعلومات يرى الرجوع للبحــوث القيمة التي كتبها الأستاذ أمين زكريا اسماعيل الأمين العام لرابطة أبناء النوبه العالمية ). لولا النوبة لما سقطت مايو فمحاولات النوبه المتكررة لإسقاط النظام و دحر الدكتاتور النميري أضعفت النظام و كسرت شوكته و هيئت الشعب للإنتفاضــة الكبرى ، فكانت الثورة التصحيحية بقيادة عباس برشم وعبدالرحمن شامبي ضد النظام المايوي في سبعينات القرن الماضي و هما من أبناء النوبه و تواصلت نضالات النوبه ضــد النظام فكانت ثورة الزعيم الكبير و الأب الروحي للنوبه السياسي المخضرم و المناضل البطل الأب عباس فيليب غبوش الذي وقف في وجه الظلم و الإستبداد الذي مارسه الطاغية جعفر النميري ضــد الشعب و حريته ، و الكلام عن مجاهدات الزعيم فيليب غبوش لا يمكن أن نختصره في هــذه العجالة فهي تحتاج لكتب وكتب و أسأل الله أن يقيد من الأقلام الشريفة من يوثق لهــذا الرجل لأنه بحق موسوعة تاريخية نادرة و نسأل الله أن يمــد في عمره ليشهد شعبه و هم ينعمون بالحرية و الإستقلال في جبالهم الشامخة . و أخيرا و ليس آخرا فقد يصف القوم كلامنا هــذا بالعنصرية و الجهوية إلي ما غير ذلك من التهم التي اعتادوا رمينا بها . و لا ضير فهم دائما ما يرموننا بدائهم و ينسلوا و دائما ما ينظرون إلي النوبه بعين السخط التي لا تظهر النوبه إلا مواطنين من الدرجة الثالثة لا يصلحون إلا عمالا و خدما و عبيدا فهم أحقر من أن يقودوا الثورات الوطنية (على حد زعمهم). و أؤكــد للقاريء الكريم أن ما تقدمنا به هي حقائق التاريخ السوداني و ليست نزعــة عنصرية لأنه حقا لولا النوبه لما انتصرت المهدية و لولا النوبه لما بقي السودان معروفا بخريطته التي يعرف بها اليوم . فالنوبه و بكل صدق و أمانة و بعيدا عن الغلو و المبالغة هم أهل السودان و أصله و عمود فسطاطه و لا فخر ..
مراد عبدالله كينيا نيروبي
|
|
|
|
|
|