هذه السيدة لم تتزوج بعد..هكذا باغتني صديقي الذي كنت معه في سيارته..في تلك اللحظة وقفت شابة ممشوقة القوام تحمل طفلا بريئاً..مدت يدها تطلب بعض العون المادي..حينما حاول صديقي المزعج إجراء فاصل من التحريات، انصرفت السيدة تبحث عن زبون آخر..مضي ذهني إلى تحقيق أجرته الزميلة مياه النيل بالصيحة قبل أيام..المحررة في عمل مهني نزلت إلى قاع المدينة في ثياب المتسولين..عبر ذاك التحقيق عرفنا أن أسراً كريمة تؤجر فلذات أكبادها ..أطفال رضع يعملون لمدة ١٢ ساعة ..المقابل خمسين جنيها ووجبة إفطار..كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر الحكومة. قرأت اليوم في ذات صحيفة الصيحة خبراً يفضي إلى تنكيس العلم..صرح الأمين العام لبنك الطعام، إبراهيم أحمد عثمان، أن نصف مليون تلميذ يمضون إلى مدارسهم دون وجبة إفطار..ماذا فعل البنك الذي يرأس مجلس إدارته الأستاذ علي عثمان محمد طه؟ ..وزع لكل تلميذ ثلاث بلحات..هكذا قال مسؤول بنك الطعام ..بالطبع بنك علي عثمان غير مسؤول عن هذا التلميذ بعد أن يعود لأسرته..لكن الخبر المهم لشيخ علي أن بنك الطعام أصبح عضواً برابطة بنوك الطعام العربية..وهذا يعني أن الأمين العام ربما يسافر إلى عاصمة عربية ليعرض تجربتنا في إطعام التلاميذ بواقع ثلاث بلحات في اليوم. أكاديمي بارز يعمل عميداً في إحدى الجامعات الكبيرة روى لي تجربة حزينة ..البروفيسور الذي يتناول الطعام بحذر لدواعي صحية، اكتشف أن بعض العمال لا يأكلون بسبب عدم توفر المال..البروفيسور حينما تحرى وجد المعادلة محرجة ..أقل وجبة إفطار تكلف عشرة جنيهات..لكن ذات نصف الدولار يحقق لهؤلاء الفقراء جداً وجبة شعبية يتقاسمونها مع أفراد الأسرة حينما يعودون من العمل ..تركت صديقي يفكر في طريقة لتوفير وجبة لهؤلاء..وسألت نفسي كيف ينام حكامنا وبعض من المواطنين في هذه الحالة المزرية. مسؤول رفيع في ولاية غربية، نحجب اسمها لدواعي الحرج، كان يخاطب جمعاً من الإعلاميين..وعد الرجل شعب الولاية بإكمال تجليس كل التلاميذ بحلول العام ٢٠٢٠.. مصطلح التجليس يعني أن التلاميذ يجلسون أرضاً بسبب عدم توفر الإمكانيات ..بالطبع الذي لا يجد مقعداً يجلس عليه طوال ساعات الدوام لن تتوفر له وجبة إفطار..أرجوكم لا تظنوا أن ذاك المسؤول يستخدم دراجة بخارية في الذهاب إلى عمله أو أنه يسكن مثل عامة الناس في بيت متواضع. في تقديري.. أن على الحكومة الجديدة أن تعيد تعريف معنى رفاهية الشعب..لن يهتم الناس بنجاح الحكومة في صناعة طائرة بدون طيار..لن تكتمل سعادتهم برفع العقوبات الاقتصادية عن وطنهم..مثل هذه الظروف المحبطة تجعل أقصى أمانينا قطعة من الرغيف وقليلاً من السكر..لن يحقق المواطن أي نهضة إذا كان هذا سقف طموحاته..لهذا على الحكومة الجديدة أن تضع جدولاً يقي أهل بلادنا شر الجوع..إن لم تنجح الحكومة في هذه المهمة فلتطلق سراح الشعب. بصراحة..ليس مطلوباً من المواطن العادي أن يعاني، فيما الحكام يتطاولون في البنيان..ليس مطلوباً من الناس أن تربط الأحزمة على البطون، فيما الكبار يربطون الأحزمة فقط خلال السفريات ذات العوائد الدولارية ..الأمر لن يستقيم إلا بمزيد من التقشف الحكومي في موسم التوسع في الوزارات. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة