|
لما القانون كان قانون بقلم شوقي بدرى
|
سمعنا عن ابن الوزير الذي اعتدي علي رجل البوليس , وقبل فترة سمعنا بالوالي الذي امر بأعتقال ريس البنطون وابنه . والسبب ان الريس سمح للآخرين بدخول البنطون مع الوالي الذي كان قد ذهب الي البلدة وسيكون عائدا من عزاء . والوالي كان يتوقع من الريس ان يوقف اعمال الرعية . وينتظر الوالي بالبنطون فارغا من البشر والعربات والدواب. واللستة تطول .
الصحفي اللبناني جبران حايل اشاد بالسودانيين في الخمسينات ، لانه عندما كان ينتظر دوره عند حلاق في الخرطوم ، اتي المهندس والوزير ميرغني حمزة وسلم علي الحضور وجلس منتظرا دوره عند الحلاق . ميرغني حمزة هو الوزير الوحيد الذي شغل ثلاثة حقائب وزارية احدها الاشغال ووزارة الري . وهو مصمم كثير من مباني الحكومة وماعرف هندسيا بطراز ميرغني حمزة في زمن الانجليز . وهو بالرغم من انه اتحادي وقف بصلابة ضد جمال عبد الناصر في المفاوضات بخصوص اتفاقية السد العالي .
ما قام به ابن الوزير قديما كان سيواجه بالغضب من اهل الشاب في المكان الاول . وكان احدهم سيتبرع له بكف لمصلحته . ورجل البوليس كان سياخذ حقه حي . وسينتهي الامر بأبن الوزير في الحراسة ولن يطلق سراحه الا بضمان بتوقيع قاضي .
المفتش والقاضي العم نديم سكن في شارع العرضة في بيت جميل من الطوب الاحمر وبحديقة جميلة . وكان منصب المفتش وقتها يعني اكثر من الوالي ، وهو يترأس محكمة عندها صلاحية الحكم بالاعدام . وعندما شاهد العم نديم ابنه مردوفا علي عجلة . بلغ عنه الشرطة وحكم عليه بالجلد الذي نفذ . فالقانون هو القانون. ومن الظلم ان ينفذ القانون علي البعض فقط .
الزعيم التجاني الطيب بابكر طيب الله ثراه ، قال لي ما نشرته من قبل . ان الدكتور اخصائي الطب النفسي ومدير مستشفي التجاني الماحي فيما بعد ، قد اخذهم في بداية الخمسينات الي دار الاوبرا في القاهرة . وشاهدوا ابناء الباشوات مع سيدات المجتمع يترجلون من السيارات الكاديلاك . ثم اخذهم الي خلف دار الاوبرا حيث كان الاطفال المشردون ينامون علي الرصيف في شتاء القاهرة . ويقول لهم هذا هو الظلم . والزعيم التجاني كان يقول لي هاذا من اهم اسباب انضمامي للحزب الشيوعي . واذا لم يكن للدكتور نديم
ابا يحترم القانون ويبعد عن الظلم فمن الممكن ان الدكتور نديم الذي افني عمره في علاج المرضي بالمجان ، لكان مثل مامون حميدة .
وانا في الرابعة عشر من عمري كنت اقوم بتربية الارانب , وقبل العشاء دخل ###### متسول الي منزلنا. فقمنا انا واخي الحبيب عبد المجيد محمد سعيد العباسي بضرب ال###### . وعلي صوت صراخ ال###### اتي والدي من المنزل المجاور لاننا نسكن في منزلين بينهما نفاج . ولدهشتنا كانت عينا ابي تشتعلان بالغضب . وقال ان تلك جريمة يعاقب عليها القانون ولقد حدثت في منزله ولن يسكت عليها . وسألنا كالمحقق فهو قانوني ومفتش مركز، اذا كان هنالك من اشترك معنا في الجريمة ؟؟ فجانب اخوتي كان يسكن معنا بعض الطلاب من اهلنا في الاقاليم .
وطلب منا والدي ان نبلغ عن الجريمة وان نذهب الي مركز البوليس الاوسط . وذهبنا ، ولكن الشاويش لم يهتم وقال لنا ان عندهم من المشاكل الكبيرة ما يكفيهم . وفي قانون عقوبات السودان مايجرم القسوة علي الحيوان , وكنا سنتعرض للجلد . وعندما اخبرنا والدي بقرار الشاويش . قال لنا انه سينام مرتاح الضمير . وحذ رنا من ضرب اي حيوان .
.
البارحة كنت افكر في الحبيب عبد المجيد . فعندما سقطت مليط تذكرت الوالد الشاعر الفحل محمد سعيد العباسي والذي عرف السودانيين بمليط بقصيدته مليط . وهنالك حي في مليط اسمه العباسي . والعباسي طيب الله ثراه هو ابن الشيخ محمد شريف معلم المهدي .
عندما اخذ العميد قاسم بدري سيارة والده ولم تكن عنده رخصة قيادة اخذه والده الي البوليس . انا اعرف اليوم ان هذه اشياء يصعب تصديقها . ولكن هذه حقائق، لا يزال من عاشوها احياء . وعندما كان الصادق المهدي منتسبا في جامعة الخرطوم في 1950 بعد ان حضر من كلية فكتوريا في مصر ، كان يأتي الي الجامعة وهو يقود سيارة وهذا في شهر يوليو وبما انه مولود ف في ديسمبر فلم يكن قد اكمل 18 عاما . قال له الرجل النبيل الاستاذ جمال محمد احمد وكان وقتها مسجل جامعة الخرطوم ,, في الجامعة دي في اولاد بيجوا بي رجلينهم ما عندهم حق الطرماج وانت جايي بي عربية . في الجامعة دي يا انت يا العربية ,,. وترك الصادق الجامعة وذهب الي بريطانيا . ولم يهتم الاستاذ جمال بأن السيد عبد الرحمن والصديق كانا من الاحياء . لانه كان متأكدا من انهما سيكونا في صف الاستاذ والذي صدار وزيرا للخارجية . وعبد المجيد لم يكن يحس بانه ابن زعماء الطريقة السمانية وانهم اكبر الاسر . القانون هو القانون .
العزيز عيس عبد الرحمن سولي كان جاري في المدرسة وفي الداخلية . ووالده زعيم قبيلة الباريا في جوبا . وللباريا تقاليد تليدة وحكم ملكي ويحترمون كبارهم . ولهم محاكمهم القبلية . وان كان بعض المتعلمين او ابناء من حصلوا علي وظائف كبيره بعد السودنة ارادوا ان يحسوا انهم فوق القانون ، او ان القانون القبلي لا ينطبق عليهم. وقام احد الشباب باستئناف حكم احد سلاطين الباريا في جوبا . حكمت المحكمة لصالحه . وربما ارضاء لوالده او مسئول آخر . وبدا الشاب يتحاوم امام منزل السلطان بطريقة استفزازية وهو علي دراجته . والسلطان كان مشهورا بانه رجل داهية . فامر بالقبض علي الشاب وحكم علية بالجلد . ونفذ الجلد والشاب يصرخ والسلطان يقول له . الحكم دة ممكن تستانفو بعدين . وانا في السادسة عشر كنت اصطاد السمك امام الطابية في امدرمان . فاتي الاخ عبد الحميد كافي وهو يكبرني بعدة سنوات . واخرج الرمايات من الماء والقي برماياته لانه من سكان فريق ريد والحي حيه . وبالاستفسار طلب مني ان اصاد السمك في العباسية . وانتهي الامر بنهاية خجلت منها كل حياتي . فقد فقد الاخ عبد الحليم اسنانه الامامية والتي انغرذت في يدي وتركت اثرا ظاهرا الي اليوم . وعندما اتي البوليس بامر قبض . قال الامباشا ان القانون يقضي بوضعي في الحراسة بسبب وجود ارنيك تمانية وتسبيب الاذي الجسيم . ولم يشفع لي ان قاضي جنايات امدرمان كان محمد صالح عبد اللطيف والذي كان قبلها ضابط مجلس بلدي امدرمان ، وهو زوج شقيقتي ويشاركنا السكن . ولم يطلق سراحي الا بالضمان بعد حضور الصول في المغرب .
اذكر انني شاركت شابا بعضلات بارزه الحراسة مع آخرين . وكان الشاب عاري الصدر ويرتدي سروالا رثا بلون الارض . وجسمه يحمل آثارا فظيعة من الضرب . وهذا الشاب كان يصرخ في ميدان الخليفة مطالباحماية البوليس . فلقد قبض علية في يوم تأبين السيد الصديق وهو يحاول ان ينشل احد المشاركين . ولولا تدخل البوليس لكان قد مات من الضرب ، بعد ان مزق الانصار كل ملابسه وتركوه عاريا كما ولدته امه . وعندما سالته كيف يحاول ان ينشل في مناسبة الانصار، قال لي . انا عارفهم عورا كدة . ديل مابعرفوا قانون ولا اي حاجة ,, والبوليس وجد صعوبة في كبح جموح الانصار وتبعوه كل الطريق الي المركز وهو يتحرشون به وحماه البوليس بصعوبة . وفي الحراسة قال له احد رجال البوليس الشافع ده جايبنه بي اذي جسيم انت يا خايب ماشي تسرق من الانصار والله لو ما القانون كان نخليك للانصار .
احد القضاة قديما بدا المحكمة بأن غرم نفسه لانه بينما كان يقود سيارته ارتكب مخالفة ، ولم يكن منتبها . السيدة سكينة زوجة الفريق عبود اتت الي المستشفي بعد مواعيد الزيارة . ومنعها احد الممرضين من الدخول . وعندما قلت له انت عارفني انا مرة منو؟ قال لها لايهمني انت مرة منو المهم المواعيد انتهت . وحتي عندما قالت بانها زوجة عبود منعها من الدخول , وقامت بالشكوي وطالبت بطرد الممرض . ولكن الرأي العام كان مع الممرض ، وكتبت الصحف عن الحادث ولم يطرد .
الماطرونا في مستشفي الابيض كانت بريطانية وزوجها كان المفتش , اشتكت من عدم نظافة حوض غسيل الايدي واصر الممرض علي انه نظيف . فقامت بمسح يدها في الحوض ومسحت يدها علي قميص الممرض لتؤكد كلامها. وقام الممرض بصفعها . واضرب الممرضون بالرغم من ان المطرونة كانت تدربهم وتعلمهم . ولم يعاقب الممرض . هذه الحادثة اوردتها المطرونة في كتاب حكاوي كنتربري السودانية . وان لم تورد موضوع الصفعة التي سمع بها كل السودان . ولقد لام البعض الممرض لانه ضرب سيدة علي غير عادة السودانيين .
المستشفي . كان مثل الساعة . وللزيارة مواعيد معينة . ولهاذا كانت اغنية الشاعر عبيد عبد الرحمن ، يوم الزيارة ، التي غناها الفنان الكاشف , وكان الحارس لايسمح لاي انسان مهما علي شانه من الدخول بعد المواعيد , ويتحلق النسا ء خارج البوابة ، واذا شاهدن شخصا يطلبن منه تبليغ رسالة او ان يأتـي الشخص المطلوب ويتحدثن معه خلال الدرابزين . وكانت النسوة يترجين الحارس ولا يستجيب لطلباتهن . وفي احد الايام اعطته احدي الزائرات ريال ابو عشرين وتلك كانت ثروة ولكنه رفض . وكنت في الخامسة وعندما سألوني ماذا اريد ان اكون عندما اكبر قلت بدون تردد حراس استبالية . وبعد سنين طويلة في الغربة ، قالت لي احدي الخالات . اها يا ولدي ربنا ما فتح عليك في غربتك فتح وبقيت حراس استبالية ؟؟
المحافظ في جوبا اراد ان يتقرب الي الرئيس الازهري فقام باحضار كثير من الشتول الي المطار . فرفض الطيار صبري من الدفعة العاشرة ومن ابناء الديوم برفض اخذها بسبب صغر الطائرة . وعندما قال المحافظ انها للسيد الرئيس قال الكبتن صيري دي طيارة مش كارو .فطلب المحافظ من الامير نقد الله الذي كان وزبرا للداخلية بالتدخل . وقال الامير نقد الله بانه لن يتدخل في عمل الطيار .
وعندما ذهب بعض رجال لقاوة ومنهم الخال صلاح محمد صلاح وهو من مواليد امدرمان وبمثابة الاخ الاكبر للامير نقد الله وطلبوا رخصا لاسلحة نارية . رفض طلبهم وقال لهم انه وزير حكومة السودان وليس وزير داخلية الانصار . والامير يعرف القانون . فلقد حكم عليه في حوادث اول مارس1954 بسبعة سنوات سجنا . وعندما . اتاة من طلب مساعدة للحصول علي قطعة ارض في امدرمان لانه انصاري يحارب الشيوعية . قال له الامير ,, اذا في قطعة ارض في امدرمان وطلبا السيد عبد الرحمن وبستحقا عبد الخالق محجوب انا بديها لي عبد الخالق .
ع . س . شوقي
|
|
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|