|
لماذا يستهين اهل الاسلام السياسي بالذاكرة الجمعية للشعب السوداني؟؟ حسين الزبير
|
لماذا يستهين اهل الاسلام السياسي بالذاكرة الجمعية للشعب السوداني؟؟ حسين الزبير
(1) قبل عدد من السنين اسر لي احد الاصدقاء (و لا بد انه كان مازحا اومبالغا) ان المشروع الحضاري في حقيقته مشروع لتجسيد اعتقاد و حلم عند اهل الاسلام السياسي، انهم خيرة ابناء السودان بعلمهم و ذكائهم و بدينهم، و لذلك في امكانهم اعادة صياغة الانسان السوداني باعداد الاجيال القادمة ليكونوا زراعا و عمالا بتربية و تعليم مناسب لهذه المهام، و يكونوا هم و اولادهم طبقة مميزة حاكمة!! و لما ضحكت مستغربا، قال و الدليل علي ذلك ما تشهده في سياسة التمكين و تدمير المؤسسات التعليمية! و في وقت لاحق كان حريصا ان يحكي لي ما قاله الدكتور الترابي عندما سئل عن تخلف السودانيين عن ثورات الربيع العربي، حيث اجاب بان الشعب السوداني ينسي و في نفس الوقت "خواف"! و الغريب هنا ان الواصف للشعب السوداني بهذه الصفات عالم مشسهود له، فكيف فات عليه استقراء عبر التاريخ؟! (2) في عهد النظام الشمولي الاول كان ابناء جيلي في المدارس الثانوية التي كانت ميدانا للانشطة السياسية المختلفة، و بصفة خاصة نشاط الاخوان المسلمين والشيوعيين. و كانت دعوة الاخوان المسلمين انهم يأملون في تحقيق دولة تعمل بشرع الله ، تساوي بين الناس، لا فضل لاحد علي الآخر الا بالتقوي ، سيجسدون فيها عدالة الفاروق! و رغم انني كنت شخصيا اقف في الضفة اليسري لنهر السياسة، الا انني كنت احاور نفسي، كيف لنا ان نعمل لتطبيق نظرية لبشر مثلنا و هؤلاء يدعون لتطبيق شريعة المولي عز و جل؟.!... و كان بيننا اخوة مثقفون يقرأون كثيرا و يثرون ساحات النقاش في نادي الطلبة بما يقرأون ، و منهم سمعنا عن الشيخ الازهري علي عبد الرازق صاحب كتاب الاسلام و اصول الحكم. و اذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر الزملاء مكي و محمد حاج عمر عليه الرحمة، اتمني ان يكون الزميل مكي علي قيد الحياة. كان هؤلاء الزملاء يؤكدون لنا ان الدين الاسلامي عند الاخوان المسلمين وسيلة و ليست غاية! سأل المرحوم محمد حاج احدهم في ركن نقاش : اي الخلافتين ستتبعون الاموية ام العباسية؟ فرد عليه قائلا : اعرف ما ترمي اليه بسؤالك، و اقول لك ان تلك الخلافات كانت بعيدة كل البعد عن الاسلام، و دولة الاسلام التي نعمل لها ستكون دولة حديثة بروح و عدالة دولة الفاروق عمر بن الخطاب. و لذا ظل الشعب السوداني يرقب تطور الحركة الاسلامية في السودان و اداؤهم السياسي في مسيرة النظم الحاكمة المختلفة ، ديمقراطية كانت او شمولية – و في رأيي الشخصي ظلت نبوءة الزملاء تتحقق كل يوم . و كما انه في كل جماعة سياسية افراد متميزون بالسلوك القويم و الانضباط و الشخصيات القوية ذات الثقافة و الاسلوب المتزن في الحوار ، و كاريزما القيادة ، كان بين الاخوان رجال ظللنا نحترمهم و نحترم اراءهم ، و احيانا نشكي لهم شطط اخوانهم، حتي جاءت حكومة انقلاب 1989 فوجدناهم جميعا في مركب الانقاذ، و كثير من المظالم و الموبقات تمت تحت بصرهم و سمعهم، و تزينت المدينة بما اسميه "خبث" الانقاذ (بفتح الخاء) حيث انتصبت البنايات الزجاجية في "داون تاون" و شيدت الفلل ، رئاسية و فردية ، بعضها تبز قصور هارون الرشيد في الاحياء الراقية من المدينة، و انتشرت مطاعم البيتزا و ركب بعضهم الهمر و البي ام ديليو ، بينما كانت الخدمات الصحية تتدهور و مستشفي الخرطوم العريق "يتفكك" و مستشفي جعفر بن عوف يشمع، و لم نسمع منكم شيئا!! لا ننكر ان بعض الذين خرجوا علينا بعد احداث سبتمبر متبرئين من حكومة المؤتمر الوطني غادروا مركب الانقاذ في وقت مبكر ، اذكر علي سبيل المثال لا الحصر الدكتور زين العابدين و الدكتور التيجاني عبد القادر- اي واحد شارك في العشرية الاولي اكثر من 6 سنوات (اسمه في التاريخ مدون) و لا يحق له اليوم التبرؤ من "خبث" الانقاذ الا باعلان التوبة لله و للشعب السوداني. (3) يقول الدكتور غازي صلاح الدين (نسعى لبناء دولة لا تميز بين أبنائها ومجتمع لا يكبله الاستبداد.) و لماذا لم تنادي بذلك و انت في القيادة عندما تم التمكين و فقد عشرات الآلاف مصدر الرزق و اغتيلت الطبقة الوسطي التي كانت عماد المجتمع السوداني، و لماذا لم نسمع باستقالتك عندما انشأت دولتكم اسوأ السجون في تاريخ البشرية؟؟! اما اهل الحركة الوطنية للتغيير فيقولون: (إن من حق المواطن السوداني البسيط، الذى أكلنا من جهده وصعدنا على أك########، إن من حقه علينا أن نحسّ بأوجاعه، وأن نستجيب لتطلعاته الثابتة والمعروفة على مر الأجيال والعصور: أن يجد فرصة للعمل الشريف فيغادر محطة الفقر والحزن، أن يجد فرصة لتعليم أطفاله، وأن يجد مسكنا يأوي إليه، ومستشفى يتلقى فيه العلاج، وأن تترك له الحكومة فرصة من الوقت ليعبد الله كما يشاء.) لا اريد ان اعلق لكن اترك ذلك لتقدير القارئ – فقط اذكركم بان هؤلاء القادة من الاسلام السياسي يقولون هذا اليوم بعد احداث سبتمبر وكلهم كانوا شهودا علي الآتي: - اغتيالات الصالح العام - بيوت الاشباح - قتل النفس التي حرم الله دون وجه حق - تدمير مؤسسات العلاج لصالح العلاج الخاص - الفساد الذي يعرف تفاصيله طلاب المدارس الم اقل لكم انهم يستهينون بالذاكرة الجمعية للشعب السوداني ، و اخالهم يعولون علي طيبة هذا الشعب و سماحته، و بالتأكيد انه "نساي"!!
(4) و في كل ادبيات الذين يريدون ان يتوضؤوا من مخازي الانقاذ تجد هم يتحدثون عن السلم و السلام و يخوفون حكومة الانقاذ من الثورة الشعبية. و هنا نريد ان نطمئن اهل الانقاذ ان شباب الثورة الواعي لاهدافه و مصلحة وطنه، لن يأخذوا الحق بالفوضي و القتل و التدمير ، و ان فعل الثوار ذلك فهم كأهل الانقاذ لا يعرفون القانون و لا يعرفون حقوق الانسان. كما انهم لن يحرقوا قصور اهل الانقاذ ، لانها ليست قصورهم بل هي قصور بنيت بمال الشعب و ستتحول الي معاهد "بوليتكنك" و مراكز تدريب باذن الله. (5) اما عن انشاؤكم لاحزاب جديدة ، فتأكدوا انكم لن تجدوا من ينضم الي احزابكم هذه غير الموقعين علي بيانات التأسيس، لان الشعب السوداني كله ينظر الي مساعيكم علي انها نوع من المحاولة لانقاذ الاسلام السياسي، و اعادته للساحة السياسية باسماء جديدة. السبيل الي طلب رضاء الشعب السوداني هو اعلان التوبة عن هذا الذي نسميه بالاسلام السياسي و ذلك وفق التوبة المعروفة في شرع الله و رسوله عليه افضل الصلاة و التسليم ، و التي شروطها: 1. الاخلاص 2. الندم علي ما حصل 3. الاقلاع عن المعصية التي تاب منها 4. العزم عل ان لا يعود اليه 5. ان تكون التوبة وقت قبول التوبة (اي قبل الغرغرة) و لست في حاجة الي ان اذكر بان سبتمبر 2013 قبل الغرغرة بقليل. (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىand#1648; إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ and#1754; أُولَand#1648;ئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا and#64831;and#1633;and#1640;and#64830; رب ار عقلاء الاسلام السياسي الحق حقا و ارزقهم اتباعه و ارهم الباطل باطلا و ارزقهم اجتنابه. و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.
|
|
|
|
|
|