|
لماذا ستتدخل الولايات المتحدة عسكرياً في جنوب السودان؟ ابراهيم علي ابراهيم المحامي
|
لماذا ستتدخل الولايات المتحدة عسكرياً في جنوب السودان؟ ابراهيم علي ابراهيم المحامي اثارت احداث العنف التي يشهدها جنوب السودان اهتماماً وقلقاً اقليمياً ودولياً على مستقبل هذه الدولة حديثة الاستقلال. ويسود تخوف معقول في هذه الاوساط من ان تتحول الاحتكاكات الشخصية والصراع على السلطة بين قيادات الحركة الشعبية الى حرب اهلية عرقية يتم فيها القتل على اساس الهوية القبلية، حسب ما رشح من اخبار اليوم. ودعا الاتحاد الافريقي والامم المتحدة الاطراف لوقف القتال فوراً. واصدر مجلس الامن العديد من المناشدات للفرقاء للاحتكام لصوت العقل والجلوس على طاولة المفاوضات بدلا من الاقتتال. كما قرر الامين العام للامم المتحدة ارسال المزيد من قوات حفظ السلام لجنوب السودان. ومن جانبه اكد الرئيس الامريكي باراك اوباما للكونغرس انه متابع للاحداث عن كثب، وهدد بانه سيتخذ اجراءات عسكرية اخرى، اذا استمرت التهديدات، لحماية المصالح الامريكية هناك. ريك مشار هو لورد حرب من الطراز الاول، وقد خاض حرباً ضروساً مع رفقائه في الحركة الشعبية استمرت لسبع سنوات خسر فيها الجنوب من الارواح اكثر مما خسره في حربه مع الشمال. وللرجل علاقات قوية مع بريطانيا حيث يعتبر ابنها المدلل في الجنوب، كما له علاقات جيدة من بعض دول الاتحاد الاوروبي ، وله احلام في رئاسة الجنوب تسندها بعض اساطير قبيلة النوير التي يؤمن بها. وفي المقابل فان الولايات المتحدة قد استثمرت وقتاً وجهداً كثيراً في الوصول الى سلام في السودان وفي استقلال جنوب السودان، حيث كانت هي القوة الدافعة لحق تقرير المصير الى طاولة المفاوضات في اعلان المبادئ واطارية مشاكوس. وللولايات المتحدة رجال ونساء لعبوا دوراً كبيراً في استقلال جنوب السودان، مثل السفيرة سوزان بيج التي كانت من كبار المفاوضين في نيفاشا، والسفير ميلينجتون، والمبعوث الخاص السيناتور دان فورث، وخلفهم السفيرة سوزان رايس، وغيرهم، ممن تريطهم علاقات قوية ووجدانية بقيادات الحركة الشعبية خاصة سلفاكير وباقان اموم. اضافة الى مصالح الولايات المتحدة في الامن القومي والدفاع والنفط، فإن هؤلاء الدبلوماسيين الامريكان لن يسمحوا لدولة الجنوب بالانزلاق في اتون الحرب مرة اخرى. على الصعيد الامريكي الداخلي تعاني ادارة الرئيس اوباما من انتقادات حادة بسبب ما يصفه البعض بتدني قيادة الولايات المتحدة للعالم في عهده، وان سمعة الولايات المتحدة قد اضحت بسبب سياساته مهددة باستمرار. فالولايات المتحدة في ظل ادارته جاءت متأخرة للتدخل في دول الربيع العربي، بل دخلت من الباب الخلفي، كما ان سياساتها في هذه الدول اتسمت بدعم الاسلاميين الراديكاليين تارة، والبتخبط تارة اخرى، مثل ما حدث في مصر وغيرها. كذلك تردد اوباما في التدخل العسكري في سورية الذي وعد به مما عدته بعض الدول خذلانا لها، وسبب له حرجاً مع بعض حلفائه العرب. اما تردده في الشأن الايراني قد عرضه لانتقادات كثيرة مما اثار شكوك في مقدراته القيادية لدولة عظمى عادة ما تستخدم السلاح لاثبات قيادتها للعالم. اضف الى ذلك الحرب الدبلوماسية الباردة التي دخلت فيها الولايات المتحدة ولا تزال بسبب فضيحة التجسس على بعض الدول الاوربية وقياداتها، وبسبب اساءة ادارته معاملة الدبلوماسيين الاجانب في اراضيها كردة فعل طبيعي لهذه الفضيحة الكبرى. كل هذه المعطيات تجعل من اوباما عرضة لان ينال منه الحاضر والتاريخ الامريكي كأضعف رئيس امريكي في مجال السياسة الخارجية. وقديماً قالوا ان لكل رئيس امريكي حربه. ويدخل اوباما الان سنته السادسة دون حرب تذكر. توفر هذه الظروف وتجعل من دولة الجنوب فرصة ذهبية في هذا السياق لادارة الرئيس اوباما، حيث يستطيع من خلال تدخل عسكري واضح لحفظ الامن في دولة جنوب السودان ورعاية استقلالها الحديث، ان يغسل ما اقترن به من مذمة الضعف. فمن المرحج الان ان تعمل ادارته من خلال سيناريوهات من بينها قيادة عمل عسكري عبر بوابة مجلس الامن او التدخل الانفرادي في جنوب السودان، وسيتم كل ذلك تحت ذرائع مختلفة، ليس من بينها بالطبع اثبات قدراته القيادية والعسكرية.
|
|
|
|
|
|