|
لكن الوطن لا بواكي له!/أيمن مبارك أبو الحسن
|
لكن الوطن لا بواكي له! شاهدت قبل أيام على إحدى القنوات الفضائية اللبنانية إعلاناً تجارياً يحث المواطنين للوقوف مع منتخبهم القومي لكرة القدم تشجيعاً وموازرة خلال منافسة تصفيات آسيا لكأس العالم في كرة القدم. الإعلان وبثه من خلال تلك الصورة يشير إلى انصراف اللبنانيين عن منتخبهم، وزهدهم في تشجيعه مما حدا بالجهات المهتمة بالشأن الرياضي في لبنان إلى الاهتداء لفكرة ذلك الإعلان الذي شارك فيه عدد من نجوم الغناء والمسرح وأهل الفن. وبلادنا التي لا تختلف كثيراً عن لبنان إن لم تكن تفوقها في انصراف أبنائها عن تشجيع منتخب بلادهم، هذا المنتخب الذي يغرد وحيداً، يحزن لوحده إن أخفق، ويفرح لوحده إن انتصر. المنتخب السوداني الذي شارك الأيام الماضية في بطولة سيكافا للمنتخبات يبدو مثل الطفل اليتيم، لا بواكي له رغم الانتصارات التي حققها في هذه البطولة، فليس هنالك أدنى اهتمام سواء على المستوى الإعلامي أو الشعبي، فقد انصرف الناس عن تشجيع المنتخب القومي وتركوه قائماً لوحده يصارع في هذه المنافسة أو المنافسات قبل ذلك. تراجع اهتمام الناس بالمنتخب القومي لكرة القدم وتوجههم نحو تشجيع فرقهم المحلية أصبح أمراً مقلقاً ويدعو للتأمل. هذه الصورة على بساطتها إلا أنها تشكل نموذجاً مصغراً لما آل إليه الحال العام على جميع مستوياته، لقد هجر الناس -بمحض ارادتهم - الكل وطفقوا يبحثون عن الجزء الصغير، الوطن تقزم أمام الكيانات الصغيرة مثل القبيلة أو العشيرة، لقد أصبحوا أشد ما يكونوا في دفاعهم عن عشيرتهم وقبيلتهم والذود عن حياضها، بينما ضعف اهتمامهم بالوطن الكبير، وليتهم يكتفون بذلك السكوت المخجل لا يحركون ساكناً حين تعصف بالوطن العواصف، بل راحوا يتناوشونه من كل ناحية مثل الذئاب التي تركض خلف فريسة أعياها التعب. انحسار أخلاقي مثير للدهشة ومحفز للتأمل فيما وصل إليه حالنا. تلك الصور القاتمة تتشكل في ممارسات عديدة في حياتنا اليومية لتكشف عن مدى انصراف الناس عن التمسك بالوطن الكبير كقيمة ومعنى شامل، مقابل التشبث والاحتماء بمجموعات صغيرة محدودة. يبدو أننا نحتاج لأكثر من فكرة على شاكلة إعلان الترويج للمنتخب اللبناني كي ما يزرع فينا محبة الوطن ويرسخ لقيمة البيت الكبير ... الوطن الواحد.
|
|
|
|
|
|