|
لقد سنحت الفرصة!!/ إبراهيم سليمان/ لندن
|
صوت من الهامش
[email protected]
منذ إندلاع الأزمة في دارفور لم يصدر تصريح من مسئول اممي أخطر مما أفادت به المتحدثة السابقة لبعثة اليوناميد الدكتورة عائشة البصرى لراديو دبنقا ومجلة فورين بولســي مؤخراً ، تزامن هذا التصريح مع دخول المأساة منعطفها الأخطر منذ إندلاعها ، حيث اعاد النظام إنتاج مليشيات الجنجويد في قالب رسمي تمكنها من القضاء على من تبقى من أهالي المنطقة وتعميق الفتنة بين الأهالي.
خلاصة تصريحات الدكتور عائشة تتمثل في إتهام صريح للمنظومة الأممية ورؤساء بعثة اليوناميد على وجه الخصوص بالتستر على الجرائم والانتهاكات المدنية منذ بدء مهمته الأخيرة في دارفور، وأن النظام قد تحايل على قرار مجلس الامن رقم 1556 لسنة 2004 القاضي بنزع سلاح الجنجويد ومحاكمة قادتهم.
وإزاء هذه الصحوة الإنسانية من مسئولة اممية ملمة ببواطن الأمور، يجب على المنظمات الحقوقية وكافة نشطاء العمل الإنساني من السودانيين وكافة تجمعات قوى الهامش ممارسة اقصى درجات الضغط على مجلس الأمن وعلى السيد بان غي مون للتعامل مع هذه الإفادات بجدية وإتخاذ اللازم للكشف عن حقيقة ما يجري في دارفور، وتحريض وسائل الإعلام الدولي لتقصي واقع ما يدور في هذه البقعة من الكره الأرضية ، ووقف ما يتعرض له إنسان المنطقة من إنتهاكات فظيعة ومستمرة في ظل تستر دولي.
لقد فعلت الدكتورة عائشة البصري ما عليها وأراحت ضميرها ، ولا يجدر بنا السكوت على هذه الإفادات لأننا لم ولن نجد دليل اقوى من تصريحاتها ، لنبرهن للعالم أن قيادات بعثة اليوناميد مرتشية ، أن الدول الأفريقية تتاجر وظيفيا بمحنة اهالي دارفور، وتبيان إن القرار الأخير الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي بموجبه منحت اليوناميد فرصة سنة لإثبات قدرتها على تنفيذ ما اوكل إليها ، ما هو إلا رخصة للنظام للإجهاز على من تبقى من اهالي دارفور، والضغط على الجهات المختصة لإحالة المأساة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون مماطلة.
بعثة اليوناميد تتعمد تضليل المجتمع الدولي عما يدور في دارفور ، لمصالح شخصية لرؤسائها ، ومقابل رشاوى سخية يتلقونها من نظام الخرطوم ، وبان غي مون يمارس "الطناش" عن الإنتقادات المستمرة لتقارير اليوناميد المفبركة ، وبكل تأكيد أن تصريح د. عائشة الأخيرة وضعه في موقف لا حسد عليه ، وجعل الفرصة أكثر من مواتية لتبني الفصل السابع بشأن المأساة الإنسانية في دارفور ، ويجب ألا تضيع هذه السانحة سدا.
الدكتورة عائشة البصري رمت بالكره الملتهبة في ملعب أبناء الإقليم وكافة الناشطين الشرفاء الذين ما لبثوا يطرقون أبواب الجهات الدولية للالتفات إلى إنعدام الضمير لدى رؤساء اليوناميد ، ولفت إنتباههم إلى الرشاوى التي ظلوا يتلقونها من النظام السوداني المجرم ، والآن قيض الله لهم شاهدة من أهل البعثة مستعدة لكشف المستور ، وفضح ما دار ولا يزال يدور ، ولا يجدر بنا أن ننتظر منها أن تكون ملكية أكثر من الملك ، وبما أن الواقع يؤكد أن المجتمع الدولي في كثير من القضايا لا يحرك إلا بالعين الحمرة من منظمات المجتمع المدني ، علينا أن نطرق أبوابها بشدة واستمرار إلى أن يتخذ موقف يتناسب وحجم المأساة. سيما وان الدكتورة عائشه رغم كشفها عما بحوزتها لمجلة فورينغ بولســي على مدى ثلاثة أيام ، قالت لراديو عافية دارفور أنها رهن إشارة الإعلان.
تجدر الإشارة إلى ان الدكتورة عائشة البصري مغربية الأصل ، وقد إستقالت من منصبها كمتحدثة لبعثة اليوناميد في إبريل 2013 قبل عام من إنتهاء مدة تعاقدها ، وأفادت في حينه أنها واجهت مضايقات فيما يختص بتمليك المعلومة بشكل يتماشى مع متطلبات العمل الإعلامي. لذا لا مجال للتشكيك في نواياها او الإرتياب من دوافعها للبوح بما أثقلت كاهلها وأرّقت مضجعها ، فلو إنها أفشت هذه الأسرار بعد إنتهاء مدة عقدها ، ورُفض طلبها للتمديد لفترة اخرى ، لقلنا أنها كيدية.
وفي ردها على راديو عافية عن مبررات تسريبها لوثائق تستر المنظومة الأممية عن عجز اليوناميد فيما اوكل إليها ، وإستمرار نظام الخرطوم في إرتكاب الجرائم في دارفور ، قالت كان أمامها خياران ، إما أن تصمت وتدفن رأسها في الرمال ، وإما ان تبوح بما تعرف وتكسر كل القيود وتخسر مسيرتها المهنية ولقمة عيش ، وارتأت أن اهالي دارفور المدنيين العزل يخسرون أرواحهم ولا مقارنة بين خسارتهم وخسارتها.
يلا يا نشطاء منتظرين شنو؟؟؟
ويلا يا حقوقيون عايزين ايه أكتر من كدا؟؟؟
*********
للإطلاع على المقالات السابقة:
http://suitminelhamish.blogspot.co.uk
//آفاق جديدة//
|
|
|
|
|
|