سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة هيثم الفضل أكثر ما يُحزن في تصريح وزير الإعلام بخصوص قناة الجزيرة القطرية ، أن هذه البلاد كانت في يومٍ ما على قائمة السبق العربي والإفريقي في مجال المعرفة والإستنارة وكذلك في الإستقلال والتوهج المهني لأبنائها من الرعيل الأول خصوصاً في دهايز السياسة والدبلوماسية ، كيف لوزير على سبيل الإفتراض من الناحية المنطقية لمنصبه كوزير إعلام ونائب لرئيس الوزراء وناطق رسمي بإسم الحكومة أن لا يكون على حِنكة قاطعة بفن التصريح والإدلاء بمعلومات لأجهزة إعلام إحترافية وتوجِّهها أداة السياسة العامة لبلدانها عبر أحداث مرحلية واجبة الإستيعاب لأبسط الناس من الذين يجبرهم الظرف المهني أن يدلوا بأقوال ووجهات نظر عنها ، فالمصلحة الوطنية العُليا يجب أن تكون على رأس الأولويات ، لا مصلحة الخروج الشخصي من ورطة أو إحراج بسؤالٍ إحترافي تجيده معظم الهيئات الإعلامية عبر مندوبيها في المحافل السياسية الدولية ، كيف لم يتوقع السيد الوزير ومعه حكومتنا الموَّقره أن أهم ما يمكن أن يُجَّر إليه مسئول رفيع يمثِّل حكومة السودان في محفل عربي هذه الأيام هو موضوع الأزمة الخليجية وموقف السودان من قطر ، يبدو أن هناك غياب تام لأداة التنسيق بين وزير الإعلام والناطق الرسمي بإسم الحكومة ووزارة الخارجية ومؤسسة الرئاسة ، وربما كانت مرجعيته مثلنا نحن عامة الناس معتمدة على إستقراءات خاصة منبعها مصادر متعدِّدة كتصريحات وزير الخارجية وخبر حل الرئيس للجنة التفاوض الرسمية مع الولايات المتحدة وربما أضاف على ذلك التحليلات الإعلامية العامة التي يتلقاها عبر مكتبه الصحفي (إن كان هناك مكتب صحفي من حيث المبدأ) .. فإن كان إعتماده بالفعل على مصادر التلقي العادية المذكورة سابقاً فهو لا محالة واقع في البلبلة وعدم الوضوح في الرؤية وإنعدام القدرة على التعبير عن وجهة نظر حكومته في الموضوع ، وذلك ببساطة لأن معظم مصادر الأخبار بل والمعلومات المستقرئة عبر توجهات كافة مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الخارجي هي من حيث الشكل والمضمون (متناقضة) وغير قابلة للتحليل المنطقي ، فإن كان وزير الإعلام قد وقع في فخ الإرتباك التحليلي لما يدور في دولةٍ تميَّز أداء حكومتها بخصوص الشئون الخارجية تحديداً بالتناقض المتتالي في التصريحات والرؤى والتوجهات ، فما عليه إلا أن يستقيل من هذا المنصب الحساس الذي يتطلب قدراً عالياً من (موهبة) المراوغات التصريحية (المُقنعة) ، وبحمد الله فإن حكومتنا لها رهط من الموهوبين الذين يستطيعون أن يوصلوا الظمآن إلى شاطيء النيل وإعادته دون يشرب ، أزمة حقيقية ستستفيد منها كل الأطراف التي كانت تنتظر على إستحياء أن يُبدي السودان موقفه الواضح تجاه الأزمة الخليجية ، وتداعيات جانبية أخرى أدهشت الكثير من المهتمين والمراقبين كان أهمها الخطاب المُسرَّب عبر وسائط النشر الإلكتروني لمدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم والذي يُخاطب فيه رأس الدولة (مباشرةً) ممثلاً في رئيس الوزراء ، يُعرب فيه عن إستياء إدارة ومنسوبي القناة من ما ورد في تصريح وزير الإعلام والمُتعلِّق بإتهام قناة الجزيرة بالعمل على وأد النظام السياسي المصري ومحاربته عبر إمكانياتها الإعلامية ، كما يُطالب مدير مكتب القناة مُعبِّراً عن إدارته العُليا بتفسير حول التصريح ، هكذا سيظل حال السودان فيما يخص كوادره المُختاره لمناصب يتعلَّق أداءها بمصالحه الوطنية العليا طالما لم تكن معايير التكليف هي الكفاءة والخبرة والنزاهة والإنعتاق الحزبي والآيدلوجي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة