|
لا يعجبهم العجب و لا الصيام في رجب
|
يمر السودان هذه الأيام بأهم وأدق مرحلة من عمر تطوره السياسي حيث تدور مفاوضات السلام الكائنة بضاحية مشاكوس بكينيا لوضع نهاية للحرب وذلك من خلال التوصل إلي اتفاق سلام عادل وشامل لكل أهل السودان بإقرار مباديء جديدة تؤسس لسودان جديد لوضع كل شيء في صياغته الصحيحة وتنظيم للعلاقة بين المواطنين أنفسهم وبينهم والدولة علي عقد جديد يراعي الحقوق والواجبات . هذا الحدث الفريد كانت له تداعيات كبيرة وردود فعل داخلية وخارجية فهناك من رحب بها وشكر الله علي ما آلات إليه الأمور والأحداث وهناك من تشكك في كل شيء وهو يسعى بكل ما أوتي من قوة لإثبات صحة تشككه مستعينا بما لديه من خبرات وتقصيه الدقيق لطرق تفكير كل من طرفي التفاوض وكشف نواياهم وما يريدونه من هذه الخطوة التي تأتي في صياغ الضغوط الخارجية حسب زعمهم وهو سبب كافي للوقوف أمامها وإدانتها قبل أن تتحقق الأمور وتصبح واقع لا يقدرون علي مجابهته ساعتها . أنه تيار الرافضين لكل شيء إذا لم يدور في فلكهم ويتماشى مع أهوائهم وهم يحاولون الاصطياد في الماء العكر ولكن نقول لهم بوضوح لا لبس فيه لن نترك لكم ماءاً عكراً تصطادون فيه لأن ماءنا سيكون هذه المرة كنيلنا في فترة الشتاء يعكس صورة من ينظر إليه واضحة كالهلال عندما يكتمل بدراً في كبد السماء . وإذا كان ما يدور هو من لعبة توزيع الأدوار فنحن نفهمه وندرك تماماً كيف نتعامل مع أصحابه حسبما يريدون وكيفما يشاءون تيار تملأه الغيرة والحسد علي المواقف المشرفة للحركة الشعبية لتحرير السودان وما باتت تعرف به قياداتها من حكمة وروّية ونظرة شمولية لحل كل قضايا أهل السودان . سأضرب أمثلة حية من الواقع المعاش فمثلا موقف الحركة الشعبية من المناطق الثلاث أبيي والأنقسنا وجنوب النيل الأزرق وإصرارها علي حق تقرير المصير لهذه المناطق فقام أصحاب هذا التيار ومن دار في فلكهم يطلقون الصيحات والنعيق ويقولون كيف للحركة أن تتجرأ علي قول مثل هذا الكلام كأنها كائن ديناصوري غريب لا يحق له الكلام إلا بإذن . ليعلم الكل أننا نقول ما نعتقد أنه صواب من وجهة نظرنا وسوف نصر عليه مهما كان وعلي استعداد تام للتفاوض إلي أن نتوصل لما يلبي الحقوق ويؤدي إلي نهاية الظلم ورفعه نهائيا فحجة هؤلاء أنها مناطق تابعة للشمال وهي خارج حدود 1956 م هذا قول مردود فأصل الموضوع أن سكان هذه المناطق رفعوا السلاح وانضموا إلي صفوف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بغرض رفع الظلم الذي لحق بهم فماذا يفيد إن كانوا من الشمال أو من غيره والجميع يعلم لولا الحرب للأسف لما تمكنا من فتح ملفات بهذا الحجم عن الظلم والتهميش والتقسيم العادل للثروة والسلطة وغيره من موضوعات . وبما أن القضية هي أمام طاولة المفاوضات وبصرف النظر عما تسفر عنه ولكنه يجب أن يكون حلاً عادلاً يرضي طموح سكان هذه المناطق ويؤدي إلي عدم عودة صوت الرعب من جديد للأسلحة الثقيل منها قبل الخفيف . ودعونا نلقي بالكرة في ملعب هؤلاء فلو كانت الحركة الشعبية تساهلت في هذا الموضوع وفرطت في هذه المناطق و قامت بتهميش دورها في المفاوضات وهضمت حق من قاتلوا في صفوفها كل هذه السنوات العجاف وتم بيع القضية في مزاد سري و قبض المفاوضون الثمن وجعلوه أرصدة في حسابات سرية تابعة لهم علي غرار ما يفعل أصحاب النفوس المريضة في الأنظمة الشمولية ماذا كان سيقول هؤلاء عن الحركة؟؟؟ أترون نقض العهود والمواثيق ليس في الشمال فحسب كما قال فرانسيس دينق بل في الجنوب أيضاً . ولكن الحركة الشعبية أكبر من ذلك بكثير وأن قياداتها تربأ بنفسها أن تكون في مثل هذا الموقف الجبان وأنها تعلمت من التاريخ . وهي تحاول الآن مراعاة حقوق من لم يقاتلوا في صفوفها وتقول علناً المعاناة ليست في الجنوب فحسب بل هي في الشمال أيضاً مثال ما يدور في دارفور العزيزة وشرق السودان من دمار وتقتيل و كردفان الصابرة علي الضيم وسكان النيل الأبيض الذين لا حول لهم ولا قوة ومناطق مجاورة للعاصمة القومية وأحياءها البعيدة تأن هي الأخرى من وطأة الظلم والتقسيم الغير عادل للموارد . علماً بأن الجنوب كان مسرح للعمليات وبدون شك حجم الدمار كان كبيراً فهل يعقل ألاّ تراعي الحركة حقوق من قاتلوا في صفوفها ودفعوا ذات الفاتورة من الأرواح والأنفس الطاهرة لا يتنكر لذلك إلاّ من ليس بأصيل. المثال الآخر الذي أثار دهشة هؤلاء ما تجلت به قيادة الحركة من حكمة وبعد نظر وحنكة في إدارة المفاوضات والقدرة علي المناورة وطرح الموضوع المناسب في التوقيت المناسب والفهم العميق والثر لما يطرح من قضايا ومواضيع والإلمام التام بخفايا الأمور وتفصيلاتها المتشعبة كل ذلك بات معروف لدي كل المراقبين فقامت الدنيا ولم تقعد بسبب ذلك غيرة وحسدا . والله إنه ليحزنني أن أقول ذلك فبدلاً من الشكر والثناء وإدراك أن هذا الأمر فيه خير للسودان أن يكون فيه قيادات علي هذه الشاكلة وهي تسعى بكل طاقتها لتهيئة الظروف وخلق مناخ للتعايش يضم جميع أهل السودان وأنهم إضافة حقيقية لسودان الغد المشرق والمشرّف لنا جميعا لا سودان الشتات والسخط والكراهية فدكتور جون ورفاقه لا يستحقون أن يقابلوا بهذا الارتياب وعدم الثقة بل بالورد والياسمين لأن مرحلة ما بعد السلام لا تقل أهمية عن مرحلة ما بعد الاستقلال بل تفوقها لأنها ستضع العربة أمام الحصان وليس العكس وهي مرحلة التأسيس الحقيقي لسودان كل السودانيين علي اختلاف أعراقهم ودياناتهم و ثقافاتهم والعلاج الجذري لكل المشكلات وليس التعامل معها بانتقائية أو تبعيضية وبدون مجاملة لأحد. لذلك يسر أصحاب تيار الخصم الهزيل أن يكون خائراً حتى ينتصروا عليه بأحد عشر هدفاً أي أن تكون قيادة الحركة ضعيفة ومذبذبة كتذبذبهم حتى ينالوا ما يريدون نقول لهم هيهات هيهات لكم ما تريدون ولكن ليس علي حساب الآخرين بل بجهدكم ووفق القانون والدستور فتعالوا إلي كلمة سواء بيننا و بينكم ألاّ يظلم أحدنا أحداً فالسودان فيه ما يكفي للكل من جميع الخيرات .
معا من أجل سودان جديد
بدر الدين أبو القاسم محمد الحركة الشعبية لتحرير السودان/ ليبيا
|
|
|
|
|
|