لم يكن المرسوم الرئاسي الصادر في العاشر من يونيو ٢٠٠٤ مفاجئاً لأحد.. ذلك المرسوم عزل مبارك الفاضل من منصبه كمساعد لرئيس الجمهورية.. الأزمة بدأت حينما عزم الرجل على زيارة أمريكا باعتباره مساعداً لرئيس الجمهورية.. الحكومة وقتها لم تكن تسمح بالحركة خارج الصندوق الإنقاذي.. خيّر المبارك بين البيت الأبيض الأمريكي والقصر الأبيض بالخرطوم.. انتهى ذاك السّجال بعزل مبارك الفاضل من منصبه السيادي. ربما لم يتعظ مبارك الفاضل من ذاك المصير.. طار مبارك إلى كمبالا ليقارب في الشقة المتسعة بين الحكومة السودانية وخصومها في الحركات المسلحة.. استثمر مبارك في ذاك الجهد صداقةً تجمعه بالرئيس اليوغندي.. تزامن مع مجهودات مبارك تحركات للمبعوث الأمريكي الذي يلعب في الزمن الضائع.. حمل مبارك الفاضل ما يظنه أخباراً سارة للسودانيين معلناً موافقة الحكومة على مقترح نقل بعض المساعدات الإنسانية من معبر أصوصا الإثيوبي.. أخبار الفاضل أكدها وزير الخارجية في تصريح للزميلة "السوداني" ولكن بلغة دبلوماسية حينما أكد الموافقة على المقترح الأمريكي بدخول الإغاثة عبر السودان . بعيْد نحو أربعة وعشرين ساعة دعا الحزب الحاكم لمؤتمر صحافي يخاطبه نائب رئيس الحزب.. بضربة لازب بدَّد الأستاذ إبراهيم محمود مجهودات مبارك الفاضل حينما أعلن في مؤتمر صحافي رفْض الحكومة نقل أي مساعدات من أصوصا إن لم يتم تفتيش الطائرات في الذهاب والإياب.. إمعاناً في حرمان الخصم من أي مزايا، أكد محمود أنهم يقبلون بنقل الإغاثة من أي مكان في العالم بشرط استصحاب رؤية الحكومة في التفتيش والذي يعتبر عملاً سيادياً. في ناحية بعيدة سدد الأستاذ إبراهيم محمود لكمة أخرى للمؤتمر الشعبي الذي يعتبر أحد أعمدة الحوار الوطني.. أوضح إبراهيم محمود، بملء فيه، أن مخرجات الحوار الوطني المتعلقة بالحريات ليس فيها جديد.. كل ما طُرِح في وثيقة الحوار موجود في الدستور الساري.. كان نائب الرئيس يرد على مناداة الشعبي بإنفاذ بنود وثيقة الحريات قبل تكوين الحكومة الجديدة. التبشير بأن لا جديد في الحريات يُبدِّد الآمال التي انتظرت الحوار لأكثر من حوليْن.. في الإعلان الرسمي وإن كان حقيقةً تسفيهاً لمجهودات شخصيات وطنية سهرت الليالي في كتابة توصيات الحوار الوطني، خاصة في محور الحريات.. كما أنه يطرح سؤالاً لماذا عجزت الحكومة في التقيُّد بالدستور.. وما هي الضمانات المستقبلية التي تجعل هذا الدستور أو أي وثيقة وطنية أخرى تحظى باحترام الحكومة التي يشهد الواقع الحالي عدم تقيُّدها بالدستور. في تقديري.. تجريد مجهودات مبارك الفاضل من إطارها يفتقر للحكمة السياسية.. كان بإمكان الرجل الثاني في الحزب أن يشكر مبارك الفاضل على جهوده ويُعلن الموافقة على مقترح نقل بعض المساعدات من أصوصا وفي بند التوضيحات يشترط تفتيش المواعين الناقلة في الذهاب والإياب.. في هذه اللغة المتصالحة كسب وطني يضيف بريقاً لجهود الحوار الوطني. بصراحة.. الموقف من مجهودات مبارك الفاضل بشأن التسوية السياسية أو مساعي المؤتمر الشعبي في ترسيخ الحريات يؤكد أن الحزب الحاكم مازال يحكم بعقله الباطني الذي يستصغر الآخرين. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة